ثامر طيفور
محامي: عقود شركات الاتصالات «عقود إذعان» من حق القاضي إبطالها
تلقى مواطن فاتورة لأحد هواتفه بمبلغ 456 ديناراً، رغم أن الخط يكلفه ما يقارب 18 ديناراً شهرياً، وأنه طالب بفصل الخط فعلياً قبل 3 أشهر، ولم يستخدم الخط ولم ينتفع بالخدمة، منها 90 ديناراً بدل استخدام «تواصل اجتماعي».

وقال المواطن الذي لجأ لـ»الوطن»: «إن بعض شركات الاتصال تأتي أفعالاً لا تليق بها ولا بسمعتها الإقليمية والعالمية، وتحاول بشكل انتهازي إلزام العملاء بمبالغ غير شرعية، وبالغالب تكون تلك المبالغ كبيرة جداً نظير الخدمة».

ويقول المواطن: «كنت أستخدم الرقم منذ 16 عاماً، وقبل 3 أشهر قمنا بعمل تسوية مع الشركة وفصل الخط، وتركت الشريحة ولم أفعلها أو أستخدمها، وكنت أدفع عليها 18 ديناراً شهرياً، ورغم ذلك صدمت بفاتورة كبيرة جداً وغير مفهومة بلغت 456 ديناراً نظير إنهاء الخدمة، بحجة الوقت المتبقي للعقد، وخلال الثلاثة أشهر لم أتسلم أي فواتير ولا اتصال ولا بريد ولا أي شيء».

ويضيف المواطن: «فوجئت باتصال من مكتبهم، اللغة لم تكن جيدة، بها تهديد ووعيد باتخاذ إجراءات «منع سفر» ومحاكم، إذا لم أبادر بتسديد المبلغ كاملاً، ما دفعني إلى التواصل معهم على مختلف الأصعدة، وبدون أي فائدة تذكر».

من جانبه قال المحامي عمير صلاح إن سبب المشكلة يرجع إلى طبيعة العقود التي يضطر المستهلك للخدمة إلى التوقيع عليها وقبولها على النحو المقدم له مسبقاً، والتي قد تحتوي في مضمونها على بنود تعسفية غير قابلة للتفاوض بين المستهلك ومزود الخدمة، ويطلق على هذه العقود في القانون «عقود الإذعان».

وبين عمير صلاح أن المتعارف عليه في مثل هذه العقود أنها لا تراعي حقوق المستهلك لما تتسم به من عدم التكافؤ بين طرفي التعاقد، فدائماً ما نرى في هذه العقود طرفاً قوياً وهو (مزود الخدمة) وهو من يفرض الشروط في العقد، وطرفاً ضعيفاً وهو (المستهلك أو طالب الخدمة) الذي يقبل الشروط كما هي دون وجود صلاحية لديه للتعديل أو التغيير عليها، ويرجع ذلك إلى مدى احتياجه للخدمة لما تمثلها له من ضرورة لا غنى عنها في حياته.

وتابع المحامي:» من الأمثلة على تلك العقود (عقود شركات الاتصالات)، فقد لاحظنا في مجال عملنا كثيراً من مثل هذه الشكاوى التي يتعرض لها المستهلكون بشكل متكرر، نظراً إلى ما تتضمنه تلك العقود من بنود يضطر المستهلك إلى قبولها مكرهاً فنلاحظ أن بند (فصل أو إنهاء الخدمة) في هذه العقود غالباً ما ينص على إلزام المستهلك أو المشترك حال إنهاء العقد أو فصل الخدمة قبل تاريخ انتهاء العقد بتحمله كامل مبلغ المدة المتبقية من العقد».

وأضاف: «على سبيل المثال إذا كان عقد تزويد الخدمة قد أبرم لمدة سنتين وكان المشترك قد استخدم الخدمة لمدة شهر أو شهرين وحال به الأمر إلى إنهاء العقد، فإنه يكون ملتزماً بموجب هذا الشرط بدفع كافة المبالغ عن كامل مدة العقد المتبقية لمدة السنتين كاملتين بالرغم من عدم انتفاع المشترك بالخدمة لتلك الفترة».

وتابع: «الأمر الذي يؤكد مدى خطورة مثل هذه العقود أن لها أثراً على المستهلكين فيما يتعلق بغياب قدرتهم على مناقشة بنود العقد ولا سيما أن طبيعة هذه العقود تكون معدة مسبقاً بنموذج موحد».

وأضاف:»ويرجع ذلك إلى مدى قوة الطرف المزود للخدمة بصفته الطرف الذاعن في العقد، لما يمتاز به من احتكاره للخدمة المقدمة للجمهور وغالباً ما تكون هذه الخدمة هي من الضروريات الماسة باحتياجات المستهلك أو طالب الخدمة والتي لا غنى عنها».

وأكد المحامي أنه بالرغم من أن توقيع هذه العقود يعتبر بمثابة إقرار من المستهلك أو المشترك برضاه بكافة بنود العقد وهو ما يستند إليه الذاعن في أثناء مطالبة المستهلك قضائياً إعمالاً لما نصت عليه المادة رقم (128) من القانون المدني بأن العقد شريعة المتعاقدين، فإنه بالرغم من إقرار القانون لمثل هذه العقود بحسب ما نصت عليه المادة رقم (57) من القانون المدني على أن: (لا يمنع من قيام العقد أن يجيء القبول من أحد طرفيه إذعاناً لإرادة الطرف الآخر، بأن يرتضي التسليم بمشروع عقد وضعه الطرف الآخر مسبقاً ولا يقبل مناقشة في شروطه) إلا أن المشرع البحريني لم يغفل ما قد يترتب على الطرف المذعن في العقد من إجحاف بحقه فقد أجاز في نص المادة رقم (58) لمن لحقه ضرر من مثل هذه العقود ناتجاً عن شروط تعسفية في العقد أن يلجأ إلى القاضي وأجاز للقاضي الحق في أن يعدل من هذه الشروط برفع ما فيها من إجحاف».

وأضاف: «كما يجوز للقاضي أن يعفي الطرف المذعن كلياً منها ولو ثبت علمه بها، وذلك كله وفقاً لما تقتضيه العدالة، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك، فنرى أن المشرع البحريني قد منح السلطة للقضاء أن تعيد التوازن في مثل هذه العقود برد الالتزام الواقع على الطرف المذعن أو بتعديله بما يتناسب ومصلحة جميع أطراف العقد بما تقتضيه العدالة».