شريطة عدم مخالفة النظام واستناداً إلى مبدأ «المعاملة بالمثل»
المصارف مستثناة من القانون ولا فروق بين الدائنة سواء عادية أو إسلامية
«الإفلاس».. حماية أموال الدائنين وفرصة جديدة لشركات في طريقها للإفلاس
تنفيذ القانون يتطلب فهماً مشتركاً من جميع الأطراف
تنوع مصادر القوانين يمنح الدائنين تتبع أموال المدين عبر الحدود
القانون يحمي التاجر المفلس من سوء تقييم أصوله قبل خروجه من السوق
القانون يحظر دخول أموال عقود المبادلات النقدية ضمن نطاق التفليسة
نص القانون على تشكيل لجنة لدعم «الصغيرة» ولم ترَ النور بعد
المشرع البحريني وضع قيوداً تمنع التلاعب واصطناع إفلاس غير حقيقي
الشيكات دون رصيد قد توقف إجراءات إعادة التنظيم وتحتاج لتدخل تشريعي
لا ضير في الاستفادة من التجربة الأمريكية والقانونان يوفران الحماية
عملية إعادة التنظيم تعتبر أكثر تعقيداً من التصفية
الفصل الـ11 يسمح بالتحفظ على الأموال عند الاشتباه في تهريبها
تميز الحياة التجارية بالطابع العالمي ألجأ الدول لإقرار قواعد «الإفلاس عبر الحدود»
القانون البحريني يضم فصلاً عن الإفلاس عبر الحدود وطرق تتبع أموال المدين
أيمن شكل - «تصوير: سهيل وزير» - «فيديو: علي العمايرة»
أكد خبراء قانون أنه يمكن تطبيق قانون إعادة التنظيم والإفلاس الأمريكي في مملكة البحرين شريطة عدم مخالفة النظام، واستناداً إلى مبدأ المعاملة بالمثل، لافتين إلى أن أحكامه لا تتعارض مع المطبق في المملكة، حيث يسمح الفصل الـ11 من القانون الأمريكي بتتبع الأموال دولياً.
وأشاروا إلى أن السياسة التشريعية للقانونين البحريني والأمريكي لا تختلف كثيراً؛ لأن القانونين يهدفان إلى الحفاظ على التوازن بين مصلحة الدائن في اقتضاء دينه وبين الحفاظ على الكيانات التجارية وضمان استمراريتها وحمايتها من التعثر، موضحين أن الإفلاس عبر الحدود تم إيجاده للتصدي لحالات تهريب الأموال بقصد الإضرار بالدائنين، حيث يضم القانون البحريني ذاته فصلاً كاملاً عن الإفلاس عبر الحدود وكيفية تتبع أموال المدين.
ولفتوا في ندوة «الوطن» إلى أن تنوع مصادر القوانين يمنح الدائنين تتبع أموال المدين في أي دولة، فيما دعوا إلى توعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والدائنين بأهمية القانون في حفظ الحقوق ومنح القدرة للمدين على العودة لممارسة نشاطه مرة أخرى وفق خطة إعادة التنظيم، وقالوا إن تنفيذ القانون يتطلب فهماً مشتركاً من جميع الأطراف.
وأشار الخبراء في الندوة التي ناقشت قانون إعادة التنظيم والإفلاس بنطاقيه البحريني والأمريكي، بمشاركة كل من رئيس جمعية المحامين حسن بديوي، والمحامي والشوري علي العرادي، والمحامي الدكتور علي البحار، إلى معضلة تداخل قضايا الشيكات بدون رصيد في وقف الإجراءات.
ما هي أهم أهداف قوانين الإفلاس وإعادة التنظيم؟
- بديوي: بداية يجب الإشارة إلى أهمية قانون إعادة التنظيم والإفلاس الذي يسهم في تعزيز مكانة وبيئة البحرين الاستثمارية، لمساهمته في إعادة التنظيم المالي والإداري للمدين وحفظ حقوق كافة الأطراف ذات العلاقة، بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، بغرض كسب ثقة سوق الائتمان والمعاملات المالية والتجارية المختلفة، وجذب الاستثمار والتأثير الإيجابي على السوق.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا القانون العصري والمتطور يتطلب تنفيذه تحقيق فهم مشترك من جميع الأطراف ذوي العلاقة والمعنيين وأهمية تقديم جميع المستندات المطلوبة قانوناً عند رفع الدعوى، مع توافر جميع الشروط التي يتطلبها القانون.
- البحار: عندما يضع المشرع في أي بلد قانوناً، فإنه لا بد من وجود غاية تشريعية لسن هذا القانون، وفيما يتعلق بقانون الإفلاس وإعادة التنظيم رقم 22 لسنة 2018، فإن المشرع البحريني يهدف من خلاله إلى تحقيق عدة غايات، أهمها: المحافظة على أصول التفليسة وحمايتها. وتعظيم قيمة أصول التفليسة إلى أقصى حد ممكن.
كما يهدف من خلاله، إلى نظر إجراءات الإفلاس بنزاهة وشفافية وفاعلية وعلى نحو عادل ويتسم بالسرعة والتنظيم. وإعادة تنظيم المدين وتجنُّب تصفيته كلما كان ذلك ممكناً على نحو معقول، وكفالة التوزيع العادل على الدائنين، وضمان معاملة الدائنين الذين تتماثل مطالباتهم على قدم المساواة، ومعاملة جميع الأشخاص الذين تكون لهم مصلحة في إجراءات الإفلاس بشكل منصف. وهو ما أكدته المادة الثانية من ذات القانون.
هل إعلان الإفلاس هو إفلات من الدائنين؟
- بديوي: إشهار الإفلاس ليس المقصود منه إفلات المدين من دائنيه، وإنما هو وسيلة لحماية الدائنين المضمون وغير المضمون دينهم، وكذلك أموال المصارف ومؤسسات التمويل من جهة، وحماية للشركة أو التاجر المفلس من سوء تقييم الأصول قبل خروجه من السوق أو اعتزاله العمل التجاري من جهة أخرى، بأقل خسائر ممكنة.
- البحار: لا يمكن اعتبار الحكم الصادر بإعلان إفلاس المدين هو إفلات من الدائنين، وتهرب من سداد الديون، وإنما اللجوء للقضاء لطلب شهر الإفلاس هو حق مكفول لكل مدين توقف عن سداد ديونه أو زادت ديونه عن أصوله، وقد يكون الحكم بشهر الإفلاس هو الحل الأفضل للدائنين والمدين لتوزيع ما عسى أن يكون موجوداً من أصول لدى المدين على الدائنين قبل تآكل جميع رأس المال والأصول، ويوقف نزف الخسائر عن باقي التجار.
ومع ذلك سيبقى باقي الديون في ذمته ويمكن تحصيلها عندما تستجد أموال لدى المدين، فلا يوجد شيء يسمى إفلاتاً من الدائنين.
وقد نظم المشرع البحريني مسألة اللجوء للقضاء لطلب شهر الإفلاس بصورة واضحة وحاسمة منعاً للتفالس والتلاعب واصطناع الإفلاس غير الحقيقي، ونص المشرع على عقوبات رادعة لمن يتعمد إساءة استغلال إجراءات الإفلاس بالغش والاحتيال بقصد الحصول على إجراء من إجراءات الإفلاس.
ما هي أهم بنود الفصل الحادي عشر من القانون الأمريكي الخاص بدعوى الإفلاس؟
- العرادي: الباب الحادي عشر هو الفصل الأهم في قانون الإفلاس الفيدرالي الأمريكي، حيث يحتوي على 3 فصول تضم كافة القواعد العامة التي تحكم قضايا الإفلاس بشكل عام، بالإضافة إلى تضمن ذلك الفصل على شروط وإجراءات تقديم التماس الإغاثة المالية الذي تقدمه الشركة المفلسة، حيث ينظم هذا الباب الإفلاس وقواعد وشروط إعادة التنظيم التي تعتبر أكثر تعقيداً من التصفية، وينطوي على السماح للمدين بالاحتفاظ ببعض ممتلكاته أو كلها واستخدام الأرباح المستقبلية لسداد الدائنين، بالإضافة إلى إمكانية تتبع أموال المفلس دولياً وإصدار أوامر قضائية بالتحفظ على الأموال المشتبه في تهريبها إلى دول أخرى.
ما هو الفرق بين الفصول 7-10-11-12-13 من القانون الأمريكي للإفلاس؟
- العرادي: الفصل السابع ينظم «تصفية الشركة» وهي الطريقة الأكثر شيوعاً في تقديم طلب الإفلاس، حيث يتم تقييم ممتلكات وأصول الشركة، تمهيداً لبيعها وتوزيع حصيلة البيع على الدائنين بحسب أنصبتهم في حجم المديونية «قسمة الغرماء»، على أن تكون الأولوية لأصحاب الديون المضمونة «الديون الممتازة كالرهن وصاحب حق الامتياز»، وينظم البابان السابع والعاشر إفلاس الأفراد، بينما ينظم البابان الـ12 والـ13 إفلاس الشركات.
ما هي الفروق بين قانون الإفلاس البحريني ونظيره الأمريكي؟
- البحار: مما لا شك فيه أن قانون الإفلاس الأمريكي يعد المصدر التاريخي لقانون الإفلاس البحريني، ولا ضير من الاستفادة من التجربة الأمريكية والمبادئ التي أرساها القضاء الأمريكي في مجال الافلاس وإعادة التنظيم، وكلا القانونين يوفر الحماية القانونية اللازمة للدائن والمدين تحقيقاً للمصلحة الفضلى لهم.
- العرادي: قانون الإفلاس البحريني لم يفرق بين إفلاس التاجر الفرد وإفلاس الشركة، كما أنه على الرغم من اشتراك القانون البحريني والقانون الأمريكي في تنظيم إعادة الهيكلة للشركات المتعثرة «إعادة التنظيم»، فإن القانون البحريني استند إلى النظام القانوني اللاتيني الذي يتميز بوجود نصوص مكتوبة لكافة القوانين، حيث افتتح المشرع البحريني قانون الإفلاس بالإشارة إلى القوانين الرئيسة ذات العلاقة بالموضوع نفسه كقانون التجارة وقانون الشركات وقانون المحال التجارية وغيرها من القوانين، على عكس القانون الأمريكي الذي ينتمي إلى النظام الأنجلوسكسوني الذي يعتمد على تجميع المبادئ القضائية المتتابعة ومنحها قوة القانون الملزم.
كما أن القانون الأمريكي توسع في منح الصلاحيات لهيئات الرقابة المالية، لتتمكن من المشاركة في إدارة عمليات التصفية وإعادة التنظيم، بعكس القانون البحريني الذي ترك تنظيم هذه العمليات للإرادة المشتركة للمدين والدائنين وأمين التفلسية ولجنة الدائنين، تحت رقابة المحكمة المختصة، وذلك وفق ضوابط القانون.
هل هناك تعارض بين القانونين؟
- العرادي: لا يوجد تعارض بين القانون البحريني والقانون الأمريكي؛ فعلى الرغم من أن قواعد الاختصاص الدولي تمنع من إصدار محكمة محلية في دولة ما أوامر قضائية لتنفيذها في دولة أخرى إلا في حال وجود اتفاقيات ثنائية أو إقليمية أو دولية تنظم ذلك، فإن طبيعة دعاوى الإفلاس وتميز الحياة التجارية بالطابع الدولي جعلا الدول تلجأ إلى إقرار قواعد «الإفلاس عبر الحدود» للتصدي لحالات تهريب الأموال بقصد الإضرار بالدائنين، بل إن القانون البحريني ذاته يضم فصلاً كاملاً عن الإفلاس عبر الحدود وكيفية تتبع أموال المدين.
ما مدى إلزامية الأحكام الصادرة بناءً على الفصل الـ11 في التنفيذ بمملكة البحرين؟
- البحار: كل الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الأجنبية سواء كانت وفقاً لقانون الإفلاس أو غيره من القوانين يمكن تنفيذها في مملكة البحرين وفقاً لإجراءات خاصة بتنفيذ الأحكام الأجنبية.
وفيما يتعلق بموضوع الإفلاس وإعادة التنظيم عادة ما تتناول قوانين الإفلاس وإعادة التنظيم موضوع الإفلاس العابر للحدود وبالتالي يمكن أن تمتد آثار إشهار إفلاس شركة في أي مكان في العالم إلى باقي الدول لوجود فروع أو تعاملات لهذه الشركة فيها، وهذا شيء طبيعي وبالتالي يمكن طلب تنفيذ الأحكام الأجنبية في هذه الدول.
- العرادي: الأوامر الصادرة عن المحاكم الأمريكية تخضع في تطبيقها لما نصت عليه المادة السادسة عشرة من قانون التنفيذ البحريني، حيث يتم الأمر بتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي بذات الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في مملكة البحرين، وذلك شريطة ألا تخالف النظام العام.
ولا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق مما يأتي:
1- أن محاكم البحرين غير مختصة في المنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر، وأن المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة بها طبقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانونها.
2- أن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم قد كُلفوا بالحضور ومُثلوا تمثيلاً صحيحاً، وذلك بعد إعلانهم قانوناً.
3- أن الحكم أو الأمر قد اكتسب الدرجة القطعية طبقاً لقانون المحكمة التي أصدرته.
4- أن الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو أمر سبق صدوره عن محاكم مملكة البحرين ولا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب فيها.
فيما يتعلق بالصيرفة الإسلامية وتعاملها مع الفصل الـ11 هل عالج القانون البحريني التعامل مع قضايا الإفلاس الخاصة بالمصارف الإسلامية؟
- بديوي: المصارف الإسلامية جزء من المنظومة المصرفية العالمية ولها علاقات بالمؤسسات الإنتاجية والخدمية والمصارف العالمية، فإن تأثر هذه المؤسسات قد يؤدي إلى تأثر المصارف الإسلامية بحكم أنها جزء من هذه المنظومة، ولقد أظهرت النتائج عدم وجود فروق ذات دلالة لمؤشري الربحية والملاءة المالية للمصارف الإسلامية.
ولا غرو من الإشارة إلى أن كافة المؤسسات الخاضعة لقانون المصرف المركزي والتي يتطلب عملها وفق ذلك ترخيصاً منه باعتبارها مؤسسات ذات علاقة، لا تخضع بطبيعتها لذلك. حيث استثناها القانون بموجب الفقرة (ج) من المادة (3) منه.
- البحار: المصارف الإسلامية قد تكون دائنة في أي قضية إفلاس وإعادة تنظيم ويتم معاملتهم كأي دائن آخر وفقاً لطبيعة الدين إن كان عادياً أو ممتازاً، أما فيما يتعلق بموضوع إفلاس البنك ذاته، فإن قانون الإفلاس وإعادة التنظيم البحريني رقم 22 لسنة 2018 قد استثنى المصارف الإسلامية وغيرها من البنوك المرخص لها من قبل مصرف البحرين المركزي، وتخضع في إجراءات الإفلاس للأنظمة والقوانين الخاصة بها.
كيف يضمن الدائنون حقوقهم أمام تنوع مصادر القوانين؟
- بديوي: تنوع مصادر القوانين لا يؤثر سلباً على حقوق الدائنين الدوليين، وإنما يمنحهم ميزة إضافية بتتبع أموال المدين عبر الحدود، إلا أن هذا التنوع قد يؤثر على الدائن المحلي الذي يفاجأ بوجود دائن أجنبي مزاحم له في أصول التركة المدينة (أصول التفليسة).
وضماناً لأولوية تحصيل الدين من أموال التفليسة، فإن طريق الدين الممتاز يكون هو الأنسب للحماية، بحيث يربط الدائن دينه عند التعاقد برهن أو ترتيب حق امتياز على ما يعادل مبلغ المديونية.
ويوجد طريق آخر للضمانات يتمثل في إبرام عقود المبادلات النقدية التي يحظر القانون دخول أموالها ضمن نطاق التفليسة سواء كانت تصفية أو إعادة تنظيم.
- البحار: مسألة ضمان الديون هي مرحلة سابقة على إبرام المعاملة مع المدين، فكل شركة أو دائن عليه أن يضع الضوابط والإجراءات اللازمة داخل شركته لضمان حقوقه مع المدين وفقاً لطبيعة المعاملة وبما يعطيه الأولوية في تتبع أموال المدين والتنفيذ عليها في حال التخلف عن السداد، أو التعثر وطلب الإفلاس، وخصوصاً مع دخول قانون التنفيذ الجديد حيز التنفيذ أصبحت الإجراءات واضحة فيما يتعلق بالتنفيذ.
هل يحمي الإفلاس الأمريكي أو البحريني المدين ويضيع حقوق الدائنين، أم العكس؟
- العرادي: قانون الإفلاس الأمريكي به ميزة مهمة تتمثل في إقرار قانون منع إساءة استعمال حق الإفلاس، وهو يهدف إلى ضمان حقوق الدائنين وعدم إفلات المدين من التزاماته. ومقابل هذه الميزة فإن القانون البحريني نظم العقوبات الجنائية ضد جرائم «التفالس» التي يقصد منها التصدي لحالات اصطناع الإفلاس، أو تسبب المدين بإهماله الشديد في الإضرار بدائنيه وخسارة أصوله التجارية.
ويمكن القول إن السياسة التشريعية للقانونين البحريني والأمريكي لا تختلف كثيراً، لأن كلاً من القانونين يهدف إلى الحفاظ على التوازن بين مصلحة الدائن في اقتضاء دينه وبين الحفاظ على الكيانات التجارية وضمان استمراريتها وحمايتها من التعثر.
- البحار: لا يمكن القول إن قوانين الإفلاس في أمريكا أو البحرين تضيع حقوق الدائن أو المدين؛ فهي تسعى لتحقيق المصلحة الفضلى للطرفين، من خلال إجراءات قضائية تنظر بنزاهة وشفافية وفاعلية وعلى نحو عادل ويتسم بالسرعة والتنظيم، ومعاملة جميع الأشخاص الذين تكون لهم مصلحة في إجراءات الإفلاس بشكل منصف.
هل يمكن أن تكون تبعات جائحة كورونا ذريعة لاستخدام القانون الأمريكي للحصول على إفلاس؟
- العرادي: توقف التاجر عن سداد ديونه و التزاماته بسبب وباء كورونا ليس سبباً في حد ذاته لإشهار الإفلاس؛ لأن هذا التأثير الطارئ قد لا يصل إلى درجة تعجز التاجر عن استعادة مركزه المالي في وقت مناسب بعد انتهاء الجائحة، وحتى في وجود القانون الأمريكي الذي يعتبر الجائحة ظرفاً قهرياً، فإن مدى اعتبار التوقف عن الدفع ناشئاً عن جاحة كورونا يظل خاضعاً للسلطة التقديرية للمحكمة الوطنية التي تنظر مسألة الإفلاس.
لذلك، فإن التاجر الذي يتم طلب شهر إفلاسه أو طلب إعادة هيكلة تجارته بسبب تأثر أعماله بجائحة كورونا، له أن يدفع برفض الطلب لكون التوقف عن الدفع هو توقف طارئ ومؤقت لن يؤثر على ائتمانه، وهو في هذه الحالة يناقش طلب الإفلاس من ناحية الواقع، كما له أن يدفع بأن التوقف عن الدفع -كشرط من الشروط القانونية لطلب الإفلاس او إعادة الهيكلةـ لم يتحقق قانوناً؛ لأن التوقف لم يكن بسبب اضطراب أعمال التاجر المالية ودخوله في ضائقة مستحكمة بما ينتفي معه وجود خطر على دائنيه.
- البحار: نعم يمكن أن تكون جائحة كورونا سبباً من أسباب تعثر المدين التي تؤدي إلى شهر إفلاسه أو إعادة تنظيمه وهذا سبب واقعي ومشروع يمكن لأي مدين أن يستند إليه كسبب خارج عن إرادته في تعثره عن سداد الديون، إذا ما انطبقت عليه باقي شروط رفع دعوى الإفلاس.
قوانين الإفلاس تجمد الدعاوى ضد المدين في أي محكمة، فهل يحدث ذلك مع الدعاوى المرفوعة في البحرين ضد شركات لجأت للفصل الـ11 في أمريكا؟
- بديوي: قانون الإفلاس البحريني تضمن نصاً صريحاً على تجميد الدعاوى والإجراءات المتخذة ضد المدين طيلة نظر دعوى الإفلاس، ولا حاجة لتمسك الشركات بالفصل الحادي عشر من القانون الأمريكي.
- البحار: نعم، يجوز للمحكمة، بناءً على طلب المدين أو الدائن أو أيِّ طرف له مصلحة في الدعوى، أن تتخذ تدابير مؤقتة قبل الموافقة على افتتاح إجراءات الإفلاس، وذلك إذا كانت تلك التدابير ضرورية لحماية أموال المدين أو مصالح الدائنين في الفترة بين تقديم دعوى افتتاح إجراءات الإفلاس والبتِّ في افتتاح الإجراءات، ويجوز أن تشتمل التدابير المؤقتة على وقف أيٍّ من الإجراءات المنصوص عليها في الفقرة (أ) من المادة (51) من هذا القانون.
وفي كل الأحوال هذا وقف مؤقت، الهدف منه هو حماية أموال المدين ومصالح الدائنين، وتسهيل إجراءات إعداد خطة إعادة التنظيم وعدم جعل الإجراءات التنفيذية عائق أمام تحقيق مصلحة الدائنين.
هل هناك قوانين أخرى في دول العالم للإفلاس يمكن أن تسري أحكامها في البحرين؟
- بديوي: الاتجاه العالمي لقوانين الإفلاس يقوم على فكرة تبادل التعاون الدولي في مجال مكافحة حالات وجرائم الإفلاس، وهو ما يفتح الباب أمام تطبيق القوانين الأجنبية في حدود الاتفاقيات المتبادلة بين بلد وآخر، لذلك ليس من المستغرب السماح بسريان نص قانوني أجنبي محدد بعينه وفق قواعد الاختصاص الدولي، وبما لا يخالف النظام العام في أي بلد، وبشرط وجود مبدأ المعاملة بالمثل.
ما هو الأثر الاقتصادي على إعلان الإفلاس سواء الأثر الخاص أو العام؟
- بديوي: بالنسبة للمستوى الخاص، فإن الإفلاس هو بمثابة غل يد من إشهار إفلاسه عن جميع الأموال التي يمتلكها والأموال التي تؤول إليه ملكيتها منذ يوم إصدار حكم الإشهار بالإفلاس، تلك المتعلقة منها بأعمال تجارته، سواء له أو لإحدى الشركات التي يعد مساهماً فيها.
أما على المستوى العام، فإن إشهار الإفلاس يؤدي إلى دخول الدائنين في قسمة الغرماء بحسب نصيب كل دائن، كما أنه يؤمن البنوك من الوقوع في مشكلة تمويل لشركات غير قادرة على السداد.
- البحار: بلا شك أن هناك أثراً اقتصادياً مباشراً وغير مباشر على إعلان إفلاس أي شركة على المستويين الخاص والعام، فعندما يتم إشهار إفلاس الشركة يتم تسريح العمال البحرينيين والأجانب وهو ما سيؤثر على المستوى المعيشي اللائق لهم ولأسرهم ويخلق أزمات اجتماعية واقتصادية وسياسية في البلد.
كما أن إفلاس أي شركة قد يؤدي إلى إفلاس شركات أخرى مرتبطة بها بعقود ومعاملات قد تمتد إلى خارج الدولة، ويؤثر على السمعة التجارية للبلد ويقوض عملية جذب رؤوس أموال والتنمية الاقتصادية في البلد، لذلك تسعى قوانين الإفلاس دائماً إلى إعادة تنظيم المدين وتجنب تصفيته كلما كان ذلك ممكناً على نحو معقول.
كيف ترى إعلان الإفلاس والدعاوى الخاصة به ومدى الشفافية في كشف تفاصيلها للعامة؟
- بديوي: نظم القانون البحريني قواعد الشفافية المتعلقة بدعاوى الإفلاس، حيث نص على إنشاء وزارة التجارة سجلاً يسمى «سجل الإفلاس» لكل دعـوى إفلاس، ويكون عبارة عن سجل ورقي أو إلكتروني تُدرَج فيه البيانات والمعلومات المتعلقة بالدعـوى، وصورة من المحاضر والأوراق والمستندات المتعلقة بالوقائع، وحجج الأطراف وطلباتهم ودفاعهم واعتراضاتهم، وما استندوا إليه من أدلة، وما تقدَّموا به من طلبات، وما اتُّخِـذ من أوامر أو قرارات أو أحكام أو تدابير، وغير ذلك من معلومات وبيانات ومستندات.
ويكون هذا السجل متاحاً للاطلاع عليه من الجمهور دون مقابل، واستخراج صورة مصدَّقة من البيانات والمعلومات والمستندات المدرجة فيه، أو شهادة سلبية بعدم إدراج أمر أو إيداع مستند معيَّن فيه، وذلك بعد سداد الرسم الذي يصدر بتحديده قرار من الوزير بعد موافقة مجلس الوزراء.
إلا أنه يجـوز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب من أيِّ طرف له مصلحة، وبعد الموازنة بين حمـايـة الأسـرار التجاريـة وحـق اطِّـلاع الكـافة، أن تحظُـر الاطلاع على بيانات أو معلومات أو مستندات معيَّنة إذا كان ذلك ضرورياً لحماية الأسرار التجارية، أو تكون ذات طابع حساس تجارياً أو تتضمن إساءة أو تشهيراً.
- البحار: قضايا الإفلاس وإعادة التنظيم من القضايا العلنية التي يجوز لكل شخص حضورها ومتابعتها، ويوجد سجل خاص للإفلاس على موقع وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف تنشر فيه جميع القضايا المرفوعة وفقاً لقانون الإفلاس وإعادة التنظيم، ويجب على المدين أن يرفق بدعوى الإفلاس جميع البيانات والمستندات التي تثبت صحة ادعائه، وترسل جميع هذه المستندات إلى جميع الدائنين للاطلاع عليها والتعليق عليها، وهو ما يجعل إجراءات الإفلاس تتمتع بكامل معايير النزاهة والعلانية والفاعلية والتنظيم.
في ظل انكشاف المدين أمام دائنيه في دعاوى الإفلاس، هل يحمي قانون الإفلاس الأسرار التجارية للمدين؟
- البحار: نعم، نص المشرع البحريني في قانون الإفلاس وإعادة التنظيم على موضوع حماية الأسرار التجارية وحظر المشرع على المدين والدائنين وأمين التفليسة ولجنة الدائنين وكافة الأطراف ذات الصلة بإجراءات الإفلاس إفشاء أي معلومات أو بيانات أو حسابات تتعلق بالمركز المالي للمدين أو بعلاقاته التجارية أو بأسرار عمله التي وصلت إليهم في أثناء أو بسبب مشاركتهم في إجراءات الإفلاس، أو استخدام أيّ من هذه المعلومات أو البيانات أو الحسابات لمصلحتهم الشخصية.
وتشمل تلك المعلومات والبيانات دون حصر، الأسرار التجارية والمعلومات ذات الطابع الحساس كقوائم العملاء والمورِّدين ومعلومات البحث والتطوير والأسرار المهنية وغير ذلك من معلومات مماثلة.
إلى أي مدى يحمي القانون السمعة التجارية للمدين؟
- البحار: أكد المشرع البحريني مسألة في غاية الأهمية، هي حماية السمعة التجارية للمدين عندما يلجأ لطلب الحماية وفقاً لقانون الإفلاس وإعادة التنظيم، وجرم أي فعل أو تصرف يصدر عن الدائنين يكون الغرض منه تشويه سمعة المدين والإضرار به.
هل يطبق قانون الإفلاس على صغار المدينين من التجار أم يختص بالشركات التجارية الكبرى؟
- البحار: يسري قانون الإفلاس وإعادة التنظيم على صغار المدينين من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بل إن المشرع وضع أحكاماً خاصة لحالات إفلاس صغار المدينين رعايةً لظروف هذه المؤسسات وإمكاناتها المادية.
كما نص القانون على تشكيل لجنة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرض تقديم الدَّعم المالي لتغطية رسوم ونفقات وتكاليف إجراءات الإفلاس عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمدينين الذين ليست لديهم أصول كافية غير مضمونة لتحَمُّل أعباء إجراءات الإفلاس. إلا أنه إلى اليوم لم تشكل هذه اللجنة ونأمل أن ترى هذه اللجنة النور في القريب العاجل وخصوصاً مع بدء نفاذ قانون التنفيذ الجديد الذي يلزم المدين برفع دعوى الإفلاس في حال عدم قدرته على السداد. كما أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بحاجة إلى توعية بقانون الإفلاس وإعادة التنظيم للاستفادة من الإيجابيات التي جاء بها القانون والاستمرار في السوق بدلاً من التصفية.
هل يتوقف المدين عن الاستمرار في إدارة أعماله عند رفع دعوى الإفلاس؟
- البحار: من أهم الإيجابيات التي جاء بها القانون السماح للمدين بالمشاركة في إجراءات الإفلاس، وأن يستمر في إدارة أعماله وتسيير منشأته واستخـدام أمواله وإجراء التصرفات في السياق المعتاد للأعمال بعد افتتاح إجراءات الإفلاس، ما لم تقرِّر المحكمة خـلاف ذلك بعد إجـراء الإعلان وإعطاء فرصة سماع الـرأي. وهو ما قد يساعد المستثمرين ورواد الأعمال وكل من تتعرض تجارته للكساد بسبب تقلبات السوق في إعادة تنظيم أمورهم تحت إشراف المحكمة وأمين التفليسة المعين من قبل المحكمة بعيداً عن قضبان السجون.
ما هي أهم الصعوبات والمعوقات التي تواجه أمناء إعادة التنظيم في دعاوى الإفلاس؟
- البحار: تعد خطة إعادة التنظيم هي طوق نجاة المدين، ومن أهم الصعوبات التي قد تواجه أمين إعادة التنظيم في مثل هذه الدعاوى هو العدد الكبير من الديون والدائنين في بعض القضايا وعليه أن يتواصل معهم لمعرفة حجم الديون ونوعها وتأكيدها وإشراكهم في خطة إعادة التنظيم، وتصنيفهم إلى فئات، والاجتماع مع ممثليهم، والحاجة إلى الاستعانة بالخبراء والمستشارين في إدارة أعمال المدين ومساندته في تصحيح أوضاعه لنوعية بعض الشركات، وعدم قدرة هذه الشركات على تحمل هذه التكاليف، إلى جانب عدم تعاون المدين نفسه في بعض الأوقات مع أمين التفليسة أو إعادة التنظيم والدائنين لتعزيز مفهوم الرقابة والشفافية والنزاهة في إدارة أعمال المدين والإشراف عليها.
بالإضافة إلى ذلك، عدم قدرة المدين على توفير الضمانات والسيولة اللازمة للنهوض بأعماله التجارية مرة أخرى، ناهيك عن تقلبات السوقين المحلي والعالمي التي قد تأتي عكس الإستراتيجية التي توقعها المدين قبل رفع الدعوى لإعادة تنظيم أموره، ومحاولات بعض الدائنين اتخاذ المسار الجنائي في رفع دعاوى شيكات بدون رصيد والتي لا يمكن تجميدها مثل الدعاوى المدنية، وهذه الإشكالية يجب أن يتم إيجاد حل لها من قبل المشرع لكي يكتمل الهدف الأسمى لقانون إعادة التنظيم والإفلاس.
المصارف مستثناة من القانون ولا فروق بين الدائنة سواء عادية أو إسلامية
«الإفلاس».. حماية أموال الدائنين وفرصة جديدة لشركات في طريقها للإفلاس
تنفيذ القانون يتطلب فهماً مشتركاً من جميع الأطراف
تنوع مصادر القوانين يمنح الدائنين تتبع أموال المدين عبر الحدود
القانون يحمي التاجر المفلس من سوء تقييم أصوله قبل خروجه من السوق
القانون يحظر دخول أموال عقود المبادلات النقدية ضمن نطاق التفليسة
نص القانون على تشكيل لجنة لدعم «الصغيرة» ولم ترَ النور بعد
المشرع البحريني وضع قيوداً تمنع التلاعب واصطناع إفلاس غير حقيقي
الشيكات دون رصيد قد توقف إجراءات إعادة التنظيم وتحتاج لتدخل تشريعي
لا ضير في الاستفادة من التجربة الأمريكية والقانونان يوفران الحماية
عملية إعادة التنظيم تعتبر أكثر تعقيداً من التصفية
الفصل الـ11 يسمح بالتحفظ على الأموال عند الاشتباه في تهريبها
تميز الحياة التجارية بالطابع العالمي ألجأ الدول لإقرار قواعد «الإفلاس عبر الحدود»
القانون البحريني يضم فصلاً عن الإفلاس عبر الحدود وطرق تتبع أموال المدين
أيمن شكل - «تصوير: سهيل وزير» - «فيديو: علي العمايرة»
أكد خبراء قانون أنه يمكن تطبيق قانون إعادة التنظيم والإفلاس الأمريكي في مملكة البحرين شريطة عدم مخالفة النظام، واستناداً إلى مبدأ المعاملة بالمثل، لافتين إلى أن أحكامه لا تتعارض مع المطبق في المملكة، حيث يسمح الفصل الـ11 من القانون الأمريكي بتتبع الأموال دولياً.
وأشاروا إلى أن السياسة التشريعية للقانونين البحريني والأمريكي لا تختلف كثيراً؛ لأن القانونين يهدفان إلى الحفاظ على التوازن بين مصلحة الدائن في اقتضاء دينه وبين الحفاظ على الكيانات التجارية وضمان استمراريتها وحمايتها من التعثر، موضحين أن الإفلاس عبر الحدود تم إيجاده للتصدي لحالات تهريب الأموال بقصد الإضرار بالدائنين، حيث يضم القانون البحريني ذاته فصلاً كاملاً عن الإفلاس عبر الحدود وكيفية تتبع أموال المدين.
ولفتوا في ندوة «الوطن» إلى أن تنوع مصادر القوانين يمنح الدائنين تتبع أموال المدين في أي دولة، فيما دعوا إلى توعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والدائنين بأهمية القانون في حفظ الحقوق ومنح القدرة للمدين على العودة لممارسة نشاطه مرة أخرى وفق خطة إعادة التنظيم، وقالوا إن تنفيذ القانون يتطلب فهماً مشتركاً من جميع الأطراف.
وأشار الخبراء في الندوة التي ناقشت قانون إعادة التنظيم والإفلاس بنطاقيه البحريني والأمريكي، بمشاركة كل من رئيس جمعية المحامين حسن بديوي، والمحامي والشوري علي العرادي، والمحامي الدكتور علي البحار، إلى معضلة تداخل قضايا الشيكات بدون رصيد في وقف الإجراءات.
ما هي أهم أهداف قوانين الإفلاس وإعادة التنظيم؟
- بديوي: بداية يجب الإشارة إلى أهمية قانون إعادة التنظيم والإفلاس الذي يسهم في تعزيز مكانة وبيئة البحرين الاستثمارية، لمساهمته في إعادة التنظيم المالي والإداري للمدين وحفظ حقوق كافة الأطراف ذات العلاقة، بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، بغرض كسب ثقة سوق الائتمان والمعاملات المالية والتجارية المختلفة، وجذب الاستثمار والتأثير الإيجابي على السوق.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا القانون العصري والمتطور يتطلب تنفيذه تحقيق فهم مشترك من جميع الأطراف ذوي العلاقة والمعنيين وأهمية تقديم جميع المستندات المطلوبة قانوناً عند رفع الدعوى، مع توافر جميع الشروط التي يتطلبها القانون.
- البحار: عندما يضع المشرع في أي بلد قانوناً، فإنه لا بد من وجود غاية تشريعية لسن هذا القانون، وفيما يتعلق بقانون الإفلاس وإعادة التنظيم رقم 22 لسنة 2018، فإن المشرع البحريني يهدف من خلاله إلى تحقيق عدة غايات، أهمها: المحافظة على أصول التفليسة وحمايتها. وتعظيم قيمة أصول التفليسة إلى أقصى حد ممكن.
كما يهدف من خلاله، إلى نظر إجراءات الإفلاس بنزاهة وشفافية وفاعلية وعلى نحو عادل ويتسم بالسرعة والتنظيم. وإعادة تنظيم المدين وتجنُّب تصفيته كلما كان ذلك ممكناً على نحو معقول، وكفالة التوزيع العادل على الدائنين، وضمان معاملة الدائنين الذين تتماثل مطالباتهم على قدم المساواة، ومعاملة جميع الأشخاص الذين تكون لهم مصلحة في إجراءات الإفلاس بشكل منصف. وهو ما أكدته المادة الثانية من ذات القانون.
هل إعلان الإفلاس هو إفلات من الدائنين؟
- بديوي: إشهار الإفلاس ليس المقصود منه إفلات المدين من دائنيه، وإنما هو وسيلة لحماية الدائنين المضمون وغير المضمون دينهم، وكذلك أموال المصارف ومؤسسات التمويل من جهة، وحماية للشركة أو التاجر المفلس من سوء تقييم الأصول قبل خروجه من السوق أو اعتزاله العمل التجاري من جهة أخرى، بأقل خسائر ممكنة.
- البحار: لا يمكن اعتبار الحكم الصادر بإعلان إفلاس المدين هو إفلات من الدائنين، وتهرب من سداد الديون، وإنما اللجوء للقضاء لطلب شهر الإفلاس هو حق مكفول لكل مدين توقف عن سداد ديونه أو زادت ديونه عن أصوله، وقد يكون الحكم بشهر الإفلاس هو الحل الأفضل للدائنين والمدين لتوزيع ما عسى أن يكون موجوداً من أصول لدى المدين على الدائنين قبل تآكل جميع رأس المال والأصول، ويوقف نزف الخسائر عن باقي التجار.
ومع ذلك سيبقى باقي الديون في ذمته ويمكن تحصيلها عندما تستجد أموال لدى المدين، فلا يوجد شيء يسمى إفلاتاً من الدائنين.
وقد نظم المشرع البحريني مسألة اللجوء للقضاء لطلب شهر الإفلاس بصورة واضحة وحاسمة منعاً للتفالس والتلاعب واصطناع الإفلاس غير الحقيقي، ونص المشرع على عقوبات رادعة لمن يتعمد إساءة استغلال إجراءات الإفلاس بالغش والاحتيال بقصد الحصول على إجراء من إجراءات الإفلاس.
ما هي أهم بنود الفصل الحادي عشر من القانون الأمريكي الخاص بدعوى الإفلاس؟
- العرادي: الباب الحادي عشر هو الفصل الأهم في قانون الإفلاس الفيدرالي الأمريكي، حيث يحتوي على 3 فصول تضم كافة القواعد العامة التي تحكم قضايا الإفلاس بشكل عام، بالإضافة إلى تضمن ذلك الفصل على شروط وإجراءات تقديم التماس الإغاثة المالية الذي تقدمه الشركة المفلسة، حيث ينظم هذا الباب الإفلاس وقواعد وشروط إعادة التنظيم التي تعتبر أكثر تعقيداً من التصفية، وينطوي على السماح للمدين بالاحتفاظ ببعض ممتلكاته أو كلها واستخدام الأرباح المستقبلية لسداد الدائنين، بالإضافة إلى إمكانية تتبع أموال المفلس دولياً وإصدار أوامر قضائية بالتحفظ على الأموال المشتبه في تهريبها إلى دول أخرى.
ما هو الفرق بين الفصول 7-10-11-12-13 من القانون الأمريكي للإفلاس؟
- العرادي: الفصل السابع ينظم «تصفية الشركة» وهي الطريقة الأكثر شيوعاً في تقديم طلب الإفلاس، حيث يتم تقييم ممتلكات وأصول الشركة، تمهيداً لبيعها وتوزيع حصيلة البيع على الدائنين بحسب أنصبتهم في حجم المديونية «قسمة الغرماء»، على أن تكون الأولوية لأصحاب الديون المضمونة «الديون الممتازة كالرهن وصاحب حق الامتياز»، وينظم البابان السابع والعاشر إفلاس الأفراد، بينما ينظم البابان الـ12 والـ13 إفلاس الشركات.
ما هي الفروق بين قانون الإفلاس البحريني ونظيره الأمريكي؟
- البحار: مما لا شك فيه أن قانون الإفلاس الأمريكي يعد المصدر التاريخي لقانون الإفلاس البحريني، ولا ضير من الاستفادة من التجربة الأمريكية والمبادئ التي أرساها القضاء الأمريكي في مجال الافلاس وإعادة التنظيم، وكلا القانونين يوفر الحماية القانونية اللازمة للدائن والمدين تحقيقاً للمصلحة الفضلى لهم.
- العرادي: قانون الإفلاس البحريني لم يفرق بين إفلاس التاجر الفرد وإفلاس الشركة، كما أنه على الرغم من اشتراك القانون البحريني والقانون الأمريكي في تنظيم إعادة الهيكلة للشركات المتعثرة «إعادة التنظيم»، فإن القانون البحريني استند إلى النظام القانوني اللاتيني الذي يتميز بوجود نصوص مكتوبة لكافة القوانين، حيث افتتح المشرع البحريني قانون الإفلاس بالإشارة إلى القوانين الرئيسة ذات العلاقة بالموضوع نفسه كقانون التجارة وقانون الشركات وقانون المحال التجارية وغيرها من القوانين، على عكس القانون الأمريكي الذي ينتمي إلى النظام الأنجلوسكسوني الذي يعتمد على تجميع المبادئ القضائية المتتابعة ومنحها قوة القانون الملزم.
كما أن القانون الأمريكي توسع في منح الصلاحيات لهيئات الرقابة المالية، لتتمكن من المشاركة في إدارة عمليات التصفية وإعادة التنظيم، بعكس القانون البحريني الذي ترك تنظيم هذه العمليات للإرادة المشتركة للمدين والدائنين وأمين التفلسية ولجنة الدائنين، تحت رقابة المحكمة المختصة، وذلك وفق ضوابط القانون.
هل هناك تعارض بين القانونين؟
- العرادي: لا يوجد تعارض بين القانون البحريني والقانون الأمريكي؛ فعلى الرغم من أن قواعد الاختصاص الدولي تمنع من إصدار محكمة محلية في دولة ما أوامر قضائية لتنفيذها في دولة أخرى إلا في حال وجود اتفاقيات ثنائية أو إقليمية أو دولية تنظم ذلك، فإن طبيعة دعاوى الإفلاس وتميز الحياة التجارية بالطابع الدولي جعلا الدول تلجأ إلى إقرار قواعد «الإفلاس عبر الحدود» للتصدي لحالات تهريب الأموال بقصد الإضرار بالدائنين، بل إن القانون البحريني ذاته يضم فصلاً كاملاً عن الإفلاس عبر الحدود وكيفية تتبع أموال المدين.
ما مدى إلزامية الأحكام الصادرة بناءً على الفصل الـ11 في التنفيذ بمملكة البحرين؟
- البحار: كل الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الأجنبية سواء كانت وفقاً لقانون الإفلاس أو غيره من القوانين يمكن تنفيذها في مملكة البحرين وفقاً لإجراءات خاصة بتنفيذ الأحكام الأجنبية.
وفيما يتعلق بموضوع الإفلاس وإعادة التنظيم عادة ما تتناول قوانين الإفلاس وإعادة التنظيم موضوع الإفلاس العابر للحدود وبالتالي يمكن أن تمتد آثار إشهار إفلاس شركة في أي مكان في العالم إلى باقي الدول لوجود فروع أو تعاملات لهذه الشركة فيها، وهذا شيء طبيعي وبالتالي يمكن طلب تنفيذ الأحكام الأجنبية في هذه الدول.
- العرادي: الأوامر الصادرة عن المحاكم الأمريكية تخضع في تطبيقها لما نصت عليه المادة السادسة عشرة من قانون التنفيذ البحريني، حيث يتم الأمر بتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي بذات الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في مملكة البحرين، وذلك شريطة ألا تخالف النظام العام.
ولا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق مما يأتي:
1- أن محاكم البحرين غير مختصة في المنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر، وأن المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة بها طبقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانونها.
2- أن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم قد كُلفوا بالحضور ومُثلوا تمثيلاً صحيحاً، وذلك بعد إعلانهم قانوناً.
3- أن الحكم أو الأمر قد اكتسب الدرجة القطعية طبقاً لقانون المحكمة التي أصدرته.
4- أن الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو أمر سبق صدوره عن محاكم مملكة البحرين ولا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب فيها.
فيما يتعلق بالصيرفة الإسلامية وتعاملها مع الفصل الـ11 هل عالج القانون البحريني التعامل مع قضايا الإفلاس الخاصة بالمصارف الإسلامية؟
- بديوي: المصارف الإسلامية جزء من المنظومة المصرفية العالمية ولها علاقات بالمؤسسات الإنتاجية والخدمية والمصارف العالمية، فإن تأثر هذه المؤسسات قد يؤدي إلى تأثر المصارف الإسلامية بحكم أنها جزء من هذه المنظومة، ولقد أظهرت النتائج عدم وجود فروق ذات دلالة لمؤشري الربحية والملاءة المالية للمصارف الإسلامية.
ولا غرو من الإشارة إلى أن كافة المؤسسات الخاضعة لقانون المصرف المركزي والتي يتطلب عملها وفق ذلك ترخيصاً منه باعتبارها مؤسسات ذات علاقة، لا تخضع بطبيعتها لذلك. حيث استثناها القانون بموجب الفقرة (ج) من المادة (3) منه.
- البحار: المصارف الإسلامية قد تكون دائنة في أي قضية إفلاس وإعادة تنظيم ويتم معاملتهم كأي دائن آخر وفقاً لطبيعة الدين إن كان عادياً أو ممتازاً، أما فيما يتعلق بموضوع إفلاس البنك ذاته، فإن قانون الإفلاس وإعادة التنظيم البحريني رقم 22 لسنة 2018 قد استثنى المصارف الإسلامية وغيرها من البنوك المرخص لها من قبل مصرف البحرين المركزي، وتخضع في إجراءات الإفلاس للأنظمة والقوانين الخاصة بها.
كيف يضمن الدائنون حقوقهم أمام تنوع مصادر القوانين؟
- بديوي: تنوع مصادر القوانين لا يؤثر سلباً على حقوق الدائنين الدوليين، وإنما يمنحهم ميزة إضافية بتتبع أموال المدين عبر الحدود، إلا أن هذا التنوع قد يؤثر على الدائن المحلي الذي يفاجأ بوجود دائن أجنبي مزاحم له في أصول التركة المدينة (أصول التفليسة).
وضماناً لأولوية تحصيل الدين من أموال التفليسة، فإن طريق الدين الممتاز يكون هو الأنسب للحماية، بحيث يربط الدائن دينه عند التعاقد برهن أو ترتيب حق امتياز على ما يعادل مبلغ المديونية.
ويوجد طريق آخر للضمانات يتمثل في إبرام عقود المبادلات النقدية التي يحظر القانون دخول أموالها ضمن نطاق التفليسة سواء كانت تصفية أو إعادة تنظيم.
- البحار: مسألة ضمان الديون هي مرحلة سابقة على إبرام المعاملة مع المدين، فكل شركة أو دائن عليه أن يضع الضوابط والإجراءات اللازمة داخل شركته لضمان حقوقه مع المدين وفقاً لطبيعة المعاملة وبما يعطيه الأولوية في تتبع أموال المدين والتنفيذ عليها في حال التخلف عن السداد، أو التعثر وطلب الإفلاس، وخصوصاً مع دخول قانون التنفيذ الجديد حيز التنفيذ أصبحت الإجراءات واضحة فيما يتعلق بالتنفيذ.
هل يحمي الإفلاس الأمريكي أو البحريني المدين ويضيع حقوق الدائنين، أم العكس؟
- العرادي: قانون الإفلاس الأمريكي به ميزة مهمة تتمثل في إقرار قانون منع إساءة استعمال حق الإفلاس، وهو يهدف إلى ضمان حقوق الدائنين وعدم إفلات المدين من التزاماته. ومقابل هذه الميزة فإن القانون البحريني نظم العقوبات الجنائية ضد جرائم «التفالس» التي يقصد منها التصدي لحالات اصطناع الإفلاس، أو تسبب المدين بإهماله الشديد في الإضرار بدائنيه وخسارة أصوله التجارية.
ويمكن القول إن السياسة التشريعية للقانونين البحريني والأمريكي لا تختلف كثيراً، لأن كلاً من القانونين يهدف إلى الحفاظ على التوازن بين مصلحة الدائن في اقتضاء دينه وبين الحفاظ على الكيانات التجارية وضمان استمراريتها وحمايتها من التعثر.
- البحار: لا يمكن القول إن قوانين الإفلاس في أمريكا أو البحرين تضيع حقوق الدائن أو المدين؛ فهي تسعى لتحقيق المصلحة الفضلى للطرفين، من خلال إجراءات قضائية تنظر بنزاهة وشفافية وفاعلية وعلى نحو عادل ويتسم بالسرعة والتنظيم، ومعاملة جميع الأشخاص الذين تكون لهم مصلحة في إجراءات الإفلاس بشكل منصف.
هل يمكن أن تكون تبعات جائحة كورونا ذريعة لاستخدام القانون الأمريكي للحصول على إفلاس؟
- العرادي: توقف التاجر عن سداد ديونه و التزاماته بسبب وباء كورونا ليس سبباً في حد ذاته لإشهار الإفلاس؛ لأن هذا التأثير الطارئ قد لا يصل إلى درجة تعجز التاجر عن استعادة مركزه المالي في وقت مناسب بعد انتهاء الجائحة، وحتى في وجود القانون الأمريكي الذي يعتبر الجائحة ظرفاً قهرياً، فإن مدى اعتبار التوقف عن الدفع ناشئاً عن جاحة كورونا يظل خاضعاً للسلطة التقديرية للمحكمة الوطنية التي تنظر مسألة الإفلاس.
لذلك، فإن التاجر الذي يتم طلب شهر إفلاسه أو طلب إعادة هيكلة تجارته بسبب تأثر أعماله بجائحة كورونا، له أن يدفع برفض الطلب لكون التوقف عن الدفع هو توقف طارئ ومؤقت لن يؤثر على ائتمانه، وهو في هذه الحالة يناقش طلب الإفلاس من ناحية الواقع، كما له أن يدفع بأن التوقف عن الدفع -كشرط من الشروط القانونية لطلب الإفلاس او إعادة الهيكلةـ لم يتحقق قانوناً؛ لأن التوقف لم يكن بسبب اضطراب أعمال التاجر المالية ودخوله في ضائقة مستحكمة بما ينتفي معه وجود خطر على دائنيه.
- البحار: نعم يمكن أن تكون جائحة كورونا سبباً من أسباب تعثر المدين التي تؤدي إلى شهر إفلاسه أو إعادة تنظيمه وهذا سبب واقعي ومشروع يمكن لأي مدين أن يستند إليه كسبب خارج عن إرادته في تعثره عن سداد الديون، إذا ما انطبقت عليه باقي شروط رفع دعوى الإفلاس.
قوانين الإفلاس تجمد الدعاوى ضد المدين في أي محكمة، فهل يحدث ذلك مع الدعاوى المرفوعة في البحرين ضد شركات لجأت للفصل الـ11 في أمريكا؟
- بديوي: قانون الإفلاس البحريني تضمن نصاً صريحاً على تجميد الدعاوى والإجراءات المتخذة ضد المدين طيلة نظر دعوى الإفلاس، ولا حاجة لتمسك الشركات بالفصل الحادي عشر من القانون الأمريكي.
- البحار: نعم، يجوز للمحكمة، بناءً على طلب المدين أو الدائن أو أيِّ طرف له مصلحة في الدعوى، أن تتخذ تدابير مؤقتة قبل الموافقة على افتتاح إجراءات الإفلاس، وذلك إذا كانت تلك التدابير ضرورية لحماية أموال المدين أو مصالح الدائنين في الفترة بين تقديم دعوى افتتاح إجراءات الإفلاس والبتِّ في افتتاح الإجراءات، ويجوز أن تشتمل التدابير المؤقتة على وقف أيٍّ من الإجراءات المنصوص عليها في الفقرة (أ) من المادة (51) من هذا القانون.
وفي كل الأحوال هذا وقف مؤقت، الهدف منه هو حماية أموال المدين ومصالح الدائنين، وتسهيل إجراءات إعداد خطة إعادة التنظيم وعدم جعل الإجراءات التنفيذية عائق أمام تحقيق مصلحة الدائنين.
هل هناك قوانين أخرى في دول العالم للإفلاس يمكن أن تسري أحكامها في البحرين؟
- بديوي: الاتجاه العالمي لقوانين الإفلاس يقوم على فكرة تبادل التعاون الدولي في مجال مكافحة حالات وجرائم الإفلاس، وهو ما يفتح الباب أمام تطبيق القوانين الأجنبية في حدود الاتفاقيات المتبادلة بين بلد وآخر، لذلك ليس من المستغرب السماح بسريان نص قانوني أجنبي محدد بعينه وفق قواعد الاختصاص الدولي، وبما لا يخالف النظام العام في أي بلد، وبشرط وجود مبدأ المعاملة بالمثل.
ما هو الأثر الاقتصادي على إعلان الإفلاس سواء الأثر الخاص أو العام؟
- بديوي: بالنسبة للمستوى الخاص، فإن الإفلاس هو بمثابة غل يد من إشهار إفلاسه عن جميع الأموال التي يمتلكها والأموال التي تؤول إليه ملكيتها منذ يوم إصدار حكم الإشهار بالإفلاس، تلك المتعلقة منها بأعمال تجارته، سواء له أو لإحدى الشركات التي يعد مساهماً فيها.
أما على المستوى العام، فإن إشهار الإفلاس يؤدي إلى دخول الدائنين في قسمة الغرماء بحسب نصيب كل دائن، كما أنه يؤمن البنوك من الوقوع في مشكلة تمويل لشركات غير قادرة على السداد.
- البحار: بلا شك أن هناك أثراً اقتصادياً مباشراً وغير مباشر على إعلان إفلاس أي شركة على المستويين الخاص والعام، فعندما يتم إشهار إفلاس الشركة يتم تسريح العمال البحرينيين والأجانب وهو ما سيؤثر على المستوى المعيشي اللائق لهم ولأسرهم ويخلق أزمات اجتماعية واقتصادية وسياسية في البلد.
كما أن إفلاس أي شركة قد يؤدي إلى إفلاس شركات أخرى مرتبطة بها بعقود ومعاملات قد تمتد إلى خارج الدولة، ويؤثر على السمعة التجارية للبلد ويقوض عملية جذب رؤوس أموال والتنمية الاقتصادية في البلد، لذلك تسعى قوانين الإفلاس دائماً إلى إعادة تنظيم المدين وتجنب تصفيته كلما كان ذلك ممكناً على نحو معقول.
كيف ترى إعلان الإفلاس والدعاوى الخاصة به ومدى الشفافية في كشف تفاصيلها للعامة؟
- بديوي: نظم القانون البحريني قواعد الشفافية المتعلقة بدعاوى الإفلاس، حيث نص على إنشاء وزارة التجارة سجلاً يسمى «سجل الإفلاس» لكل دعـوى إفلاس، ويكون عبارة عن سجل ورقي أو إلكتروني تُدرَج فيه البيانات والمعلومات المتعلقة بالدعـوى، وصورة من المحاضر والأوراق والمستندات المتعلقة بالوقائع، وحجج الأطراف وطلباتهم ودفاعهم واعتراضاتهم، وما استندوا إليه من أدلة، وما تقدَّموا به من طلبات، وما اتُّخِـذ من أوامر أو قرارات أو أحكام أو تدابير، وغير ذلك من معلومات وبيانات ومستندات.
ويكون هذا السجل متاحاً للاطلاع عليه من الجمهور دون مقابل، واستخراج صورة مصدَّقة من البيانات والمعلومات والمستندات المدرجة فيه، أو شهادة سلبية بعدم إدراج أمر أو إيداع مستند معيَّن فيه، وذلك بعد سداد الرسم الذي يصدر بتحديده قرار من الوزير بعد موافقة مجلس الوزراء.
إلا أنه يجـوز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب من أيِّ طرف له مصلحة، وبعد الموازنة بين حمـايـة الأسـرار التجاريـة وحـق اطِّـلاع الكـافة، أن تحظُـر الاطلاع على بيانات أو معلومات أو مستندات معيَّنة إذا كان ذلك ضرورياً لحماية الأسرار التجارية، أو تكون ذات طابع حساس تجارياً أو تتضمن إساءة أو تشهيراً.
- البحار: قضايا الإفلاس وإعادة التنظيم من القضايا العلنية التي يجوز لكل شخص حضورها ومتابعتها، ويوجد سجل خاص للإفلاس على موقع وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف تنشر فيه جميع القضايا المرفوعة وفقاً لقانون الإفلاس وإعادة التنظيم، ويجب على المدين أن يرفق بدعوى الإفلاس جميع البيانات والمستندات التي تثبت صحة ادعائه، وترسل جميع هذه المستندات إلى جميع الدائنين للاطلاع عليها والتعليق عليها، وهو ما يجعل إجراءات الإفلاس تتمتع بكامل معايير النزاهة والعلانية والفاعلية والتنظيم.
في ظل انكشاف المدين أمام دائنيه في دعاوى الإفلاس، هل يحمي قانون الإفلاس الأسرار التجارية للمدين؟
- البحار: نعم، نص المشرع البحريني في قانون الإفلاس وإعادة التنظيم على موضوع حماية الأسرار التجارية وحظر المشرع على المدين والدائنين وأمين التفليسة ولجنة الدائنين وكافة الأطراف ذات الصلة بإجراءات الإفلاس إفشاء أي معلومات أو بيانات أو حسابات تتعلق بالمركز المالي للمدين أو بعلاقاته التجارية أو بأسرار عمله التي وصلت إليهم في أثناء أو بسبب مشاركتهم في إجراءات الإفلاس، أو استخدام أيّ من هذه المعلومات أو البيانات أو الحسابات لمصلحتهم الشخصية.
وتشمل تلك المعلومات والبيانات دون حصر، الأسرار التجارية والمعلومات ذات الطابع الحساس كقوائم العملاء والمورِّدين ومعلومات البحث والتطوير والأسرار المهنية وغير ذلك من معلومات مماثلة.
إلى أي مدى يحمي القانون السمعة التجارية للمدين؟
- البحار: أكد المشرع البحريني مسألة في غاية الأهمية، هي حماية السمعة التجارية للمدين عندما يلجأ لطلب الحماية وفقاً لقانون الإفلاس وإعادة التنظيم، وجرم أي فعل أو تصرف يصدر عن الدائنين يكون الغرض منه تشويه سمعة المدين والإضرار به.
هل يطبق قانون الإفلاس على صغار المدينين من التجار أم يختص بالشركات التجارية الكبرى؟
- البحار: يسري قانون الإفلاس وإعادة التنظيم على صغار المدينين من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بل إن المشرع وضع أحكاماً خاصة لحالات إفلاس صغار المدينين رعايةً لظروف هذه المؤسسات وإمكاناتها المادية.
كما نص القانون على تشكيل لجنة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرض تقديم الدَّعم المالي لتغطية رسوم ونفقات وتكاليف إجراءات الإفلاس عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمدينين الذين ليست لديهم أصول كافية غير مضمونة لتحَمُّل أعباء إجراءات الإفلاس. إلا أنه إلى اليوم لم تشكل هذه اللجنة ونأمل أن ترى هذه اللجنة النور في القريب العاجل وخصوصاً مع بدء نفاذ قانون التنفيذ الجديد الذي يلزم المدين برفع دعوى الإفلاس في حال عدم قدرته على السداد. كما أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بحاجة إلى توعية بقانون الإفلاس وإعادة التنظيم للاستفادة من الإيجابيات التي جاء بها القانون والاستمرار في السوق بدلاً من التصفية.
هل يتوقف المدين عن الاستمرار في إدارة أعماله عند رفع دعوى الإفلاس؟
- البحار: من أهم الإيجابيات التي جاء بها القانون السماح للمدين بالمشاركة في إجراءات الإفلاس، وأن يستمر في إدارة أعماله وتسيير منشأته واستخـدام أمواله وإجراء التصرفات في السياق المعتاد للأعمال بعد افتتاح إجراءات الإفلاس، ما لم تقرِّر المحكمة خـلاف ذلك بعد إجـراء الإعلان وإعطاء فرصة سماع الـرأي. وهو ما قد يساعد المستثمرين ورواد الأعمال وكل من تتعرض تجارته للكساد بسبب تقلبات السوق في إعادة تنظيم أمورهم تحت إشراف المحكمة وأمين التفليسة المعين من قبل المحكمة بعيداً عن قضبان السجون.
ما هي أهم الصعوبات والمعوقات التي تواجه أمناء إعادة التنظيم في دعاوى الإفلاس؟
- البحار: تعد خطة إعادة التنظيم هي طوق نجاة المدين، ومن أهم الصعوبات التي قد تواجه أمين إعادة التنظيم في مثل هذه الدعاوى هو العدد الكبير من الديون والدائنين في بعض القضايا وعليه أن يتواصل معهم لمعرفة حجم الديون ونوعها وتأكيدها وإشراكهم في خطة إعادة التنظيم، وتصنيفهم إلى فئات، والاجتماع مع ممثليهم، والحاجة إلى الاستعانة بالخبراء والمستشارين في إدارة أعمال المدين ومساندته في تصحيح أوضاعه لنوعية بعض الشركات، وعدم قدرة هذه الشركات على تحمل هذه التكاليف، إلى جانب عدم تعاون المدين نفسه في بعض الأوقات مع أمين التفليسة أو إعادة التنظيم والدائنين لتعزيز مفهوم الرقابة والشفافية والنزاهة في إدارة أعمال المدين والإشراف عليها.
بالإضافة إلى ذلك، عدم قدرة المدين على توفير الضمانات والسيولة اللازمة للنهوض بأعماله التجارية مرة أخرى، ناهيك عن تقلبات السوقين المحلي والعالمي التي قد تأتي عكس الإستراتيجية التي توقعها المدين قبل رفع الدعوى لإعادة تنظيم أموره، ومحاولات بعض الدائنين اتخاذ المسار الجنائي في رفع دعاوى شيكات بدون رصيد والتي لا يمكن تجميدها مثل الدعاوى المدنية، وهذه الإشكالية يجب أن يتم إيجاد حل لها من قبل المشرع لكي يكتمل الهدف الأسمى لقانون إعادة التنظيم والإفلاس.