أجرى فريق بحثي من جامعة الخليج العربي قاده الدكتور أحمد محمد العباسي، رئيس قسم تربية الموهوبين بكلية الدراسات العليا بالجامعة، بالتعاون مع باحثين من جامعتي أوريغون وفلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية أكبر دراسة من نوعها حول الفروق في الإمكانية الإبداعية شملت 213 دراسة سابقة وعينة عددها 115 ألف من الذكور والإناث تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 70 سنة، موزعين على 30 دولة حول العالم في 4 قارات.

وخلافاً للاعتقاد السائد توصلت نتائج البحث إلى ان أن الذكور أكثر إبداعاً من الإناث، حيث أشارت نتائج هذه الدراسة أن الإناث سجلن درجات أعلى بقليل من الذكور في الاختبارات التي تقيس الإمكانية الإبداعية، والتي يطلق عليها علمياً باختبارات التفكير التباعدي Divergent Thinking Tests.

هذا، وعلى الرغم من تفوق الذكور تاريخياً فيما يتعلق بالإنجاز الإبداعي، إلا أن نتائج هذه الدراسة كشفت أن ذلك لا يرجع لوجود فروق في القدرة على الإبداع، أو أن الذكور أكثر إبداعاً من ناحية التفكير الإبداعي، حيث عرض الباحثون مجموعة من الأسباب لتفوق الذكور تاريخياً كما يظهر في الاختراعات والاستكشافات التاريخية خاصة بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر، حيث أن أغلب الاستكشافات كالمصباح والمحركات البخارية، والسيارات، وأجهزة الكمبيوتر وغيرها توصل إليها مجموعة من العلماء الذكور.

ويقول الدكتور أحمد محمد العباسي: "لعل أبرز أسباب وجود فجوة في الإنتاجية الإبداعية تاريخياً يرجع إلى ثلاث نقاط هي الفرص، والتوقعات، والمصادر، فيما يتعلق بالفرص، فتشير أغلب المصادر إلى عدم تساوي الفرص بين الذكور والإناث. وتتجاوز الفرص توفير الأدوات المناسبة للإبداع في مجال ما إلى الفرص في التعليم، الاطلاع على المعرفة، استكشاف العالم، الحصول على البعثات العلمية، والفرص في التوظيف. أما التوقعات فكما لخصها أحد علماء الإبداع، دين كيث سايمونتون: عندما لا يتوقع من المرأة أن تقوم بأعمال إبداعية، هل سوف يلاحظها أو يدعمها أحد حتى لو كانت مبدعة بالفعل؟ أما المصادر كالمكتبات والمختبرات فكانت حكراً على الذكور دون الإناث حتى منتصف القرن العشرين".

إضافة لذلك، فهنالك معيقات أسرية تسببت في عدم بروز المرأة تاريخياً حيث أشارت الدراسة أن النساء اللاتي ذكرت سيرتهن في موسوعة Who’s Who كانت احتمالية عدم ارتباطهن 4 مرات أكثر من نظرائهم الذكور الذين ذكروا في الموسوعة، وحتى أولئك الذين نجحوا في الجمع بين الحياة الاجتماعية وأعمالهم الإبداعية، فكانت احتمالية أن يكونوا بدون أولاد (Childless) أكثر بثلاثة أضعاف من نظرائهم الذكور المتزوجين.

أخيراً، أشار القائمون على البحث أن هنالك خطأً كبيراً في تفسير الإنجاز الإبداعي، ففي حين يركز الذكور على الإنتاجية الإبداعية والتي تكون ظاهرة لدى المجتمع، فإن تعبير الإناث عن الإبداع يكون من خلال ممارسة الإبداع اليومي والذي لا تتم ملاحظته أو تقديره لدى المجتمع.

وأشارت النتائج إلى أن الإناث تفوقن على الذكور في بُعد الطلاقة وهي عدد الأفكار والحلول التي يتم توليدها لحل مشكلة ما، كما أن إبداعهن كان أكثر وضوحاً عند تطبيق اختبارات الإبداع اللفظية مقابل تلك التي تقاس من خلال الأشكال والرسوم.

تجدر الإشارة إلى أن البحث هو قيد النشر في أرقى مجلة في مجال الإبداع وهي Psychology of Aesthetics Creativity and the Arts والتي تصدر عن الجمعية الأمريكية لعلم النفس، وتصنيفها Q1 وهي من أعلى 99% من المجلات في مجال علم النفس والإبداع.