بخيوط متداخلة وغرز ذهبية تشكل الجمال، وبأنامل ماهرة تبدع في الصناعة، جمعت الحرفية عواطف البلوشي بين ثنائية الحرف، لم تكتف بالنسيج بل زادت عليه فن النقدة، لتجلس في مشغلها وتحيك قطعًا فنية دخلت بها السوق لتنافس على الإبداع وتراهن على الربح.

بألوان النقدة الذهبية والفضية ثمة تاريخ وابتكار متعدد الأشكال لم يكتف بدخول السوق المحلية فقط، بل وصل إلى السوق الخليجية، وبدأ طرق أبواب العالمية، فالحرفيات البحرينيات تفنن بصناعة خوص النقدة، فأنتجن نقوشا مميزة منها "الدانة، الدبلة، المعين، الشجرة، درب الحية، النجمة، السعفة والبانكة".. وهي بعض من تسميات النقوش المستخدمة في حرفة النقدة، ولا تتوقف التسميات عند هذه المجموعة، فحسب الحرفية عواطف البلوشي تمتد الأنواع لغيرها أكثر تفصيلاً وتعقيدًا مثل "العقربة والكازوه وحبات المطر ورأس السكر والفرخ الكبير والفرخ الصغير"، وكل هذه الأنواع لن تتشكل إلا من خلال الغرزة الأساسية الصغيرة التي تعتبر أساس النقدة.

3 سنوات مضت على تعلم الحرفية البلوشي لفن النقدة في مجمع العاصمة لمنتجات الأيدي البحرينية التابع لوزارة التنمية الاجتماعية، ثم لحقته بتعلم حرفة النسيج، حيث مضت سنة على الجمع بينهما، مؤكدة وجود أفكار كثيرة يمكن تطبيقها من خلال المزج بين الحرفتين، لاسيما وأن النقدة عادت للرواج في مملكة البحرين والدول الخليجية أيضًا، وبينت جمال النسيج المصنوع من خيوط اللنن والكتان ، لما له من رونق خاص.

القيمة الحرفية والتطريز اليدوي لا يستقيما إلا بتكامل مفاتيح نجاح الصنعة، تقول البلوشي إن النسيج والنقدة لن يتشكلا بإتقان دون الصبر والتحلي بالدقة ، فهذه الصفات تعتبر أساس العمل في أي حرفة، يتم الجلوس خلف آلة (النُّول) واستخدام السدا واللحمة، وبحساب الخيوط ووضع فكرة الشكل والألوان يتشكل النسيج المميز بجودته العالية، ويكمن سر التميز في نوع الخيط المستخدم وعدد الغرز وكيفية اختيار الألوان ودمجها، ليأتي بعدها دور خوصة النقدة حيث تتفنن الإبرة في صناعة الجمال.

تعمل البلوشي على صناعة نسيج مطرز بالنقدة وتصدره لخارج مملكة البحرين، وتتطلع لجلب خيوط جديدة من الصوف والحرير الخاص من أجل صناعة (غتر) للرجال، وترى أن هذه الفكرة ستمثل عملاً مميزًا وخاصًا، إذ ستجلب الخيوط من المغرب وهي صناعة محلية مميزة هناك، وستعمل على نسج الخيوط وإيجاد منتج ذي جودة عالية.

وأشارت إلى وجود أفكار كثيرة مبتكرة يمكن عملها من خلال صناعة النسيج المحلية، التي تطورت كثيرا بدأ من الأدوات المستخدمة وصولا إلى المنتج، تقول البلوشي :"أدرب حاليا 5 سيدات في المستوى الأول وسنواصل بعده المستوى الثاني لتطبيق النقدة على المنتجات وإدخالها على القطع المختلفة، فبالتدريب يصبحن متقنات للحرفة خلال 6 أشهر فقط".

وعن تفاصيل الصنعة تقول: "تبلغ تكلفة التولة الواحدة من خيوط النقدة التي تسمى خوصا قرابة 25 دينارا ، فالنقدة بوزنها، وهي توزن كالذهب، ويعتمد سعر النقدة على نوع النقشة المستخدمة، فهناك نقوش سريعة وأخرى تحتاج إلى جهد ودقة ووقت، وبشكل عام عملت على إدخال حرفة النقدة على المنتجات المختلفة بأسلوب حديث ، فقد أدخلت النقدة على قمصان الشباب والبنات، ووظفتها في العبايات إذ فازت بأجمل تصميم في جائزة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة لتشجيع الأسر المنتجة، وذلك عن جائزة أفضل منتج، حيث بلغ سعر العباءة أكثر من 400 دينار ، وتم بيع التصميم لدار أزياء خارج مملكة البحرين".