أكد السيد نبيل ين يعقوب الحمر مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام ان الحرب الاوكرانية المستعرة حتـى هـذه اللحظـة هـي بدايـة تشكـل نظـام عالمـي جديــد ، وبغـض النظـر عـن مـن ينتصـر فيهـا اليـوم فـإن العالـم أمـام حقبـة سياسيـة جديـدة سـوف تتغيـر فيهـا الموازيـن وتتعـزز مواقـع بعـض القـوى وتفقــد أخرى مواقعها .
وقال السيد الحمر خلال مشاركته كمتحدث رئيسي في الندوة التي نظمها منتدى اصيلة بالمملكة المغربية الشقيقة تحت عنوان " ندوة الخليج العربي بين الشرق والغرب " ان الحرب الاوكرانية كشفت الكثير من مواقف العالم الغربي وخاصة ما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية والمبادئ والمفاهيم والإعلام الحر التي ذهبت كلها ادراج الرياح عندما لامست الحرب العالم الغربي .
واضاف قائلا .. كونه رجل إعلام فانه لايعرف حتى الآن كيف سوف تصنف المنظمات الغربية كمراسلون بلا حدود ومنظمة العفو ما مارسه الإعلام الغربي من مصادرة للآراء وعنصرية وحجب المواقع الإعلامية خلال الحرب فيما كانت طوال السنوات الماضية تدين وتشجب وتستنكر وتحمل علينا وعلى إعلامنا .
ورأى السيد الحمر ان أهم ما كشفته الحرب الدائرة في اوكرانيا، هو ان العالم الغربي لم يستطع ان يجر العرب إلى جانبه في ساحة الحرب، وهذه كانت علامة بارزة جداً في مسيرة التحولات التي شهدتها منطقتنا العربية بين الشرق والغرب .
وأشار الى ان الغـرب قد مارس ضغوطــات كبيــرة علــى دول الخليــج خاصــة مــن أجــل إحـــداث تحولات رئيسية في مواقفها بالنسبة للحـــرب ، وتنوعت هذه الضغوطــات بيــن العسكريــة والاقتصاديــة والسياسيـــة والإعلاميـــة وحتــى المثليــة ، والأهــم هــو قيــام الغرب بفتــح الساحــة العربيــة لإيــران مــن أجــل ان تعيث فيها إرهابا ودماراً.
وقال المستشار نبيل الحمر انه لم يكن من مصلحة دول الخليج ان تدخل طرفاً في هذه الحرب أو في الصراع الدائر بين الدول الكبرى، فهذه الدول تملك تاريخاً طيباً وعلاقات اقتصادية مستقرة سواء مع روسيا أو الصين أو سائر الدول الشرقية، وطوال تاريخها فإن دول الخليج حاولت ان تتجنب الصراعات وسياسات الاستقطاب من أية جهة كانت، واحتفظت بعلاقات متوازنة قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية مع الجميع.
واضاف قائلاً .. فاذا ما كانت هناك حسنة لما كان يطلق عليه الربيع العربـي والذي خطـط له من قبـل الـدول الغربيـة لتدميـر الدول العربية وانهيارها.. ، فإنها خلقت تحولات إيجابية جديدة في عالمنا العربي، فيما يخص تعزيز الجبهة الداخلية العربية والنأي بها عن التدخلات الخارجية، وتكثيف الاتصالات والتنسيق فيما بين دولنا من أجل خلق مواقف أكثر إنسجاماً في الحديث مع الخارج إلى جانب الوعي العربي العام الذي تشكل في اعقاب ذلك.
وأكد ان الاستقرار والأمن الذي رسخته دول الخليج لعقود طويله خلق نهضة تنموية كبيرة ومثالية انعكست إيجابياً على الشعوب التي زاد التحامها والتفافها حول أنظمتها مما فوت فرص كثيرة لضرب هذه الأنظمة المستقرة، فيما كانت الشقة تتباعد أكثر وأكثر بين النظام الإيراني والشعب الذي عانى من فقر مدقع وذلك لقيام هذا النظام بصرف مدخرات ايران على منظماته المواليه وأهدافه التوسعية في الخليج وزعزعة الأمن والاستقرار فيه ، هذا الأمن والاستقرار والتنمية شهدت أيضا عبثا من قبل أطراف دولية متعدده ساعدتها في ذلك أحزاب ومنظمات تعتنق ايدلوجيات هرئه وكانت يوما ما في سدة الحكم ولم تستطع ان تخلق أي مجتمع مثالي، فانهارت بعد ان انقلبت على ما ادعته من مبادئ تقدمية.
كما أكد السيد الحمر أن الخليج العربي يقود اليوم حراكاً دبلوماسياً لا شرقياً ولا غربياً، بل يضع مصالح شعوبه ومصالح الأمة العربية في المقدمة ، وانتهج سياسات لم تعد قائمة على رد الفعل بل الفعل، والعمل بما يحصن جبهته الداخلية إزاء أي محاولات لا تتماشى مع مصالحه .
وقال ان الايدولوجيات والأحزاب التي أضرت بدولنا وشعوبنا قد ولت.. وانتهت.. وانكشفت شعاراتها الزائفة أمام الرأي العام.. ولم يبقى غير فلول تلفظ أنفاسها.. متسائلا .. أين أحزاب الإسلام السياسي كالإخوان.. وأين الأحزاب التي ادعت التقدمية ونصبت نفسها مدافعة عن قضايا الأمة العربية كحزب البعث وغيرهم من الأحزاب مدعية التقدمية والديمقراطية وحملت لواء العروبة والقومية ولكن في نفس الوقت تعقد التحالفات مع صنيعة إيران وما يطلق عليه حزب الله وتصمت عن جرائمه المخزية في دولنا العربية وما يرتكبه من مذابح واغتيالات.
وأضاف قائلا ان زعماء من الشرق وزعماء من الغرب زاروا الخليج في الآونة الأخيـرة فـي أكبـر وأحـدث دليـل علـى تأثيـر السياســات الخليجيـة فـي العالم الذي أصبح يخطب ود هذه الدول، وكذلك هي بعض الدول التي كانت تتخذ موقفاً عدائياً من الخليج ولكنها سرعان ما أدركت ان ذلك ليس من مصلحتها ولا يخدم مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية.منوهاً في هذا الجانب بأن ما يشهده الخليج من تحولات هي نابعة من إرادته الذاتية، مع تراجع قناعات غربية كثيرة بأن سياسة الضغوطات لم تعد تجدي مع هذه الدول التي برهنت في أكثر من موقف ان هذه الممارسات مصيرها الفشل، وكان ما يسمى بالربيع العربي وفشلة أكبر دليل على ذلك .
ورأى السيد الحمر في كلمته أمام منتدى اصيلة ان الخليج العربي يشهد اليوم تحولات تسير في نسق طبيعي وسريع فاجأ الكثيرين ، بل وفاق توقعاتهم، هذه التحولات تختلف عن الصورة النمطية السابقة، لتشق اليوم طريقها بقوة وثبات وثقة وتصبح رقماً صعباً في السياسات الدولية .
وأشار الى إن الخليج جغرافيا عرف انه بين الشرق والغرب بموقعه المميز ، واليوم فإنه يعزز هذه المسألة سياسياً واقتصادياً وفق موقف مستقل ومتوازن يرفض بشدة محاولات التدخل في شئونه الداخليةأو ممارسة أية ضغوطات عليه مهما كانت أشكالها .
واضاف ايضاً بأن الخليج عرف كذلك بمساعيــه الخيــرة نحــو تعزيز التقارب والتسامح والتلاقي وتعزيز ثقافــة الحــوار والتعايــش بين الشرق والغرب ، مشيراً في هذا الخصوص الى الزيــارة التاريخيـة غيـر المسبــوقة التي سيقــوم بها قداســة البابا فرانســيس بابا الفاتيكان للبحرين في الثالث من نوفمبر القادم ولمدة أربعــة أيــام تلبيــة لدعــوة مــن حضــرة صاحــب الجلالــة المــلك حمــد بن عيســـى آل خليفــــة عاهـــل البلاد المعظــم حفظه الله ورعاه للمشاركـــة فــي ملتقــى البحريــن "حوار الشرق والغرب من أجل التعايش الانساني".