عقد معالي الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية صباح اليوم السبت اجتماع عمل مع فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين في مقر إقامة فضيلته، وذلك بحضور أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وعدد من علماء الأزهر الشريف وأساتذته، وسفير جمهورية مصر العربية لدى مملكة البحرين.

وألقى معاليه كلمة في الاجتماع جدد فيها ترحيبه بفضيلة الإمام الأكبر في بلده الثاني مملكة البحرين، مثمنًا دعم فضيلته ومساندته لإقامة ملتقى البحرين للحوار، وتلبيته لدعوة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه للمشاركة في الملتقى، وإقامته الاجتماع الدوري لمجلس حكماء المسلمين على أرض البحرين.

وأعرب معاليه عن سعادته بهذا اللقاء التاريخي الذي يجمع فضيلة الإمام الأكبر مع أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، معتبرًا اللقاء دَفعةً أخرى إلى الأمام في مسار تعزيز العلاقات التاريخية الوثيقة مع الأزهر الشريف.

وأشار معاليه إلى أن مملكة البحرين تعتز بعلاقاتها التاريخية منذ عشرات السنين مع الأزهر الشريف وشيوخه وعلمائه، وترى أنَّه يمثل منارةً للعلم والفضيلة، ورمزًا للوسطية والتعايش، ومركزًا للوحدة والتآخي بين المسلمين، فقد اضطلع على مدى أكثر من عشرة قرون بدورٍ رائدٍ ورشيدٍ في نشر سماحة ديننا الحنيف، وتأصيل الفكر والخطاب، والحرص على وحدة الأمة والأوطان والشعوب وأمنها وسلامها.

وأبدى تقديره لمبادرات الإمام الطيب وجهوده الخيرة ومساعيه الحميدة لنشر السماحة والوسطية والتعايش، والتأصيل الرصين لمتطلبات العصر ومستجداته، والدفاع عن ديننا وقيمنا وثوابتنا ووحدة أمتنا. مؤكدًا أن يد المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمملكة البحرين مشدودةٌ على يد الأزهر الشريف،

وتجمعهما نفس الرؤية والرسالة والأهداف، ونفس الهموم والتحديات والآمال.

وذكر معاليه أن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية من أهم المؤسسات الوطنية التي تُعنى بالتقريب بين المذاهب وتعزيز الوحدة بين المسلمين، والمحافظة على القيم والتقاليد الإسلامية السمحة وترسيخها، وإبراز روح الإسلام السمحة، وتفرده بالوسطية والاعتدال. وأنه يعتبر نموذجًا فريدًا في تشكيلته؛ بما يجعله تجسيدًا عمليًّا للوحدة الإسلامية، وتأكيدًا لوحدة الهدف والمصير بين المسلمين.

واختتم معاليه كلمته بالقول: "إننا لعلى يقينٍ يا فضيلة الإمام الأكبر بأنَّ المضيَّ في مسار تعزيز علاقاتنا مع الأزهر الشريف يدعم توجهات الجانبين في أداء رسالتهما ومهمتهما، وفي تحقيق أهدافنا وتطلعاتنا المشتركة، بما يخدم الشريعة الغراء، والقيم الأصيلة، والفطرة السليمة، والأخلاق السامية".

بعد ذلك، ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف محمود آل محمود عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية كلمة بهذه المناسبة قال فيها: "إنه لشرف عظيم لمملكة البحرين أن تستقبل فضيلتكم بفضائلكم الشخصية، وقيامكم بقيادة مؤسسة الأزهر الشريف الشرعية والعلمية والعملية والقيادية على المستوى الإسلامي-الإسلامي، والإسلامي مع مختلف الأديان، وعلى الخصوص مع قيادات الدين المسيحي".

وأضاف فضيلته أن انعقاد ملتقى الحوار بين الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني على أرض البحرين برعاية صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه بمشاركة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف والحبر الأعظم فرنسيس بابا الفاتيكان هو ثمرة من ثمار مواقف الوسطية لشيخ الأزهر الشريف التي تنبع من مصدري التشريع الأساسيين لهذا الدين.

وحمل الشيخ آل محمود لفضيلة شيخ الأزهر تحيات الكثيرين من خريجي الأزهر الشريف في مملكة البحرين، وتمنياتهم لفضيلته بطول العمر وبالقوة في إقامة الحق وردع الباطل.

فيما أعرب فضيلة الشيخ الدكتور سليمان الشيخ منصور الستري عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية عن سعادة أعضاء المجلس بهذا اللقاء التاريخي مع فضيلة الإمام الأكبر، مؤكدًا اعتزاز المجلس بعلاقاته الوثيقة مع المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بالشأن الإسلامي، وعلى رأسها الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين، مشيدًا بالدور الكبير الذي يقوم به فضيلة شيخ الأزهر في خدمة الإسلام والمسلمين. لافتًا في هذا السياق إلى أهمية تعزيز العمل المشترك بين المؤسسات الإسلامية، وتعزيز أطر التنسيق حول مختلف القضايا العامة بما يقوِّي جانب المسلمين، ويُعلي كلمتهم، ويعزز موقفهم.

وأضاف فضيلة الشيخ الستري: "لا يخفى عليكم حجم التحديات الكبيرة التي تواجه الأمة الإسلامية وجمهور المسلمين حول العالم؛ سواء على المستوى العقائدي أو الفكري أو الثقافي أو التربوي أو الاجتماعي". داعيًا إلى تضافر الجهود واتحادها، وإلى إقامة دراساتٍ جادة وعلمية تؤصِّل لتلك القضايا والتحديات، وتقترح حلولًا لها، ثم تصوغها في برامج ومشروعات عملية تحفظ للأمة عقيدتها وهويتها وقيمها، وتحفظ للمجتمعات استقرارها، وللأسرة كيانها، وللبشرية فطرتها، وللفرد إنسانيته.

وأشاد فضيلته بالمضامين السامية في الكلمة التي ألقاها فضيلة الإمام الأكبر في الجلسة الختامية لملتقى البحرين للحوار، وخصوصًا نداء فضيلته المخلص لاجتماع كلمة المسلمين ووحدتهم.

ثم ألقى فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين كلمة بالمناسبة عبر فيها عن شكره وعرفانه لمقام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه على ما لقيه فضيلته من لدن جلالته من حفاوة واستقبال ومشاعر أخوية صادقة. مقدرًا الجهود المخلصة والدؤوبة للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية برئاسة معالي الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة.

وأشار فضيلته إلى أن مملكة البحرين واحة التعددية، وشعبها مفطور على التعايش، ومؤهل بطبعه لذلك، مؤكدًا أن البحرين من أنسب الأماكن لتجسيد الوحدة الإسلامية بقيادة صاحب الجلالة الملك المعظم رعاه الله، بفضل ما تتمتع به من تاريخ أصيل في الثقافة والفكر، وفي مسارعتها دومًا إلى نصرة الحق.

وتحدث فضيلته مع أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس عن هموم الأمة والتحديات المتربصة بها، لافتًا إلى أن الأعداء يعملون ليل نهار على إعداد برامج تحارب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وتستهدف الدين والأسرة باعتبار تلك الأركان أهم ما يميز الأمة. مشددًا في هذا السياق على أن الأمة لن تستطيع مواجهة تلك التحديات مادام أبناؤها متشرذمين.

وشدد على ضرورة العمل الدؤوب على وحدة المسلمين، محذرًا من خطورة الفتن المذهبية التي تقف وراءها مشروعات خبيثة أرادت أن تكون منطقتنا بؤرًا للتوتر والصراع يُروج فيها السلاح وينتشر الموت.

وقال فضيلته إنه لا مشكلة في التعدد المذهبي، وإن أمتنا أمة واحدة ولديها كل مقومات الاتحاد والائتلاف، مؤكدًا أن الأزهر الشريف جزء من هذه الأمة سنةً وشيعةً، وأن التعدد مطبق عمليًّا فيه.

وحذر فضيلة الإمام الأكبر من تخندق العلماء ومن الحوار في العقائد باعتباره يؤدي إلى الصراع، داعيًا أصحاب الفضيلة علماء المذاهب الإسلامية إلى استشعار التحديات والهموم، وإلى تفويت الفرصة على من لا يريد وحدة الأمة.

بعد ذلك بحث أصحاب الفضيلة من الجانبين عددًا من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها قضية الوحدة الإسلامية، مؤكدين تضامنهم التام مع دعوة فضيلة الإمام الأكبر على قيام حوار إسلامي يرسخ من لغة الاحترام المتبادل، وبحثوا عددًا من المقترحات والأفكار في هذا الشأن، متفقين على أهمية تعزيز العلاقة في هذا الصدد بين المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين.

وفي نهاية اللقاء، قدَّم فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين درع مجلس حكماء المسلمين لمعالي الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية تقديرًا لجهود معاليه المخلصة في دعم قيم السلام والتعايش والأخوة الإنسانية.