أيمن شكل


البحرين تملك منظومة قانونية متكاملة لتحقيق العدالة الجنائية

البحرين ماضية في تطوير آليات الحماية الوطنية والعدالة الإصلاحية

أهمية كبيرة للبرنامج التدريبي لتعزيز قدرات المعنيين بحماية حقوق الإنسان

٪90 من المتحدثين في البرنامج خبراء بحرينيون


بمناسبة انطلاق البرنامج التدريبي الوطني لتعزيز قدرات المعنيين بحماية حقوق الإنسان في منظومة العدالة الجنائية والذي تنظمه وحدة التحقيق الخاصة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والأكاديمية الملكية للشرطة ومعهد الدراسات القضائية والقانونية، التقت الوطن مع القائم بأعمال المحامي العام رئيس وحدة التحقيق الخاصة محمد الهزاع الذي كشف عن أن انطلاق هذا البرنامج التدريبي يُبرهن على تضافر الجهود الوطنية لتحقيق رؤية المملكة المستقبلية للارتقاء بحقوق الإنسان، والعمل على تحقيق أهداف الخطة الوطنية لحقوق الإنسان لمملكة البحرين (2022-2026) فيما يتعلق بتطوير أدوار آليات الحماية الوطنية والعدالة الإصلاحية؛ سعياً للتطبيق الفعال للسياسة التشريعية الحديثة، التي تقوم على التطوير والتحديث لمنظومة العدالة وفق الممارسات الدولية المعتمدة.

وفيما يأتي نص الحوار:

بدايةً ما هي طبيعة وحدة التحقيق الخاصة واختصاصاتها القانونية؟


- وحدة التحقيق الخاصة هي جهة قضائية مستقلة ضمن النظام القضائي بالمملكة، أنشئت بموجب قرار النائب العام د. علي البوعينين رقم (8) لسنة 2012 باختصاصات التحقيق والتصرف في كافة ادعاءات التعذيب وإساءة المعاملة التي تقع من أعضاء قوات الأمن العام بمناسبة أو بسبب أو أثناء تأديتهم لأعمال وظائفهم، وفقاً للمعايير الدولية المعتمدة شاملةً كعنصر أهم بروتوكول إسطنبول لتقصي وتوثيق حالات التعذيب؛ بهدف الكشف عن حقيقة تلك الوقائع وتحديد المسؤولين عن ارتكابها في ظل مبدأ مسؤولية القيادة ومتابعة ملاحقتهم قضائياً.

ما هي إجراءات الوحدة في التعامل مع المجني عليهم؟

- من منظور الحرص الدائم على مصلحة المجني عليهم والشهود وتمتعهم بكافة الضمانات القانونية خلال مراحل الدعوى الجنائية، فقد أُنشئت شعبة متخصصة بمسمى شعبة «شؤون المجني عليهم والشهود» وهذه الشعبة لها عدة اختصاصات، من بينها التواصل مع المجني عليهم وذويهم والشهود وكل من يدلي بمعلومات في القضايا التي تختص بها الوحدة، وذلك لتعريفهم بالإجراءات القانونية المتخذة ومجريات سير التحقيق والتصرف النهائي فيها، إضافة إلى تلقي ودراسة طلبات فرض تدابير الحماية المنصوص عليها قانوناً وتنفيذ الأوامر الصادرة بالحماية، وذلك على النحو الذي يضمن سلامة الفئات المذكورة من أي مخاطر قد تحدق بهم، مع المساهمة في رفع الأضرار النفسية والمادية التي قد تلحق بهم عن طريق تقديم الدعم اللازم.

في مجال تطبيق قانون العدالة الإصلاحية وتحقيق المصلحة الفضلى للأطفال.. ما هي الإجراءات التي تتبعها الوحدة في التعامل معهم؟

- فور صدور قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة استحدثت إجراءات خاصة تتبع مع الأطفال المجني عليهم، توجب ضرورة اطلاع الوحدة على التقارير الاجتماعية والنفسية الخاصة بالطفل المجني عليه والصادرة عن مركز حماية الطفل، واستطلاع رغبة الطفل في حضور شخص معين معه التحقيق قبل البدء في سؤاله، مع وجوب الاستعانة بخبير اجتماعي أو نفسي أثناء التحقيق، ومراعاة أن تكون إجراءات التحقيق مع الطفل بلغة ولهجة يفهمهما، كما يجب على المحققين من أعضاء الوحدة إظهار الدعم والمؤازرة للأطفال كي يشعروا بالثقة والاطمئنان لإبداء أقوالهم وتفهم مطالبهم، مع مراعاة خصوصية الأطفال في إجراءات التحقيق، وضرورة مبادرة الوحدة بإخطار نيابة الأسرة والطفل بما يردها من شكاوى الأطفال لاتخاذ شؤونها نحو توفير الدعم والرعاية اللاحقة لهم، بالاشتراك مع شعبة شؤون المجني عليهم والشهود بوحدة التحقيق الخاصة.

ماهي أبرز إحصائيات وحدة التحقيق الخاصة خلال هذا العام؟

- تلقت الوحدة 36 شكوى خلال الثلثين الأول والثاني من العام الجاري، واستمعت إلى أقوال 51 شاكياً وشاهداً و74 متهماً ومشتبهاً به من أعضاء قوات الأمن العام، وعرضت الوحدة 15 شاكياً على شعبة الطب الشرعي والدعم النفسي.

أشير مؤخراً إلى انخفاض عدد شكاوى التعذيب وإساءة المعاملة.. كيف أسهمت الوحدة في ذلك؟

- إن انخفاض عدد الشكاوى بنسبة 70% ناتج عن تعامل الوحدة بشفافية وحزم مع كافة التجاوزات القانونية والحقوقية التي بسطت يدها عليها على مدار سنوات عملها، وكذا التواصل الدائم بينها وبين كافة الآليات والمؤسسات الوطنية المعنية بتحقيق العدالة الجنائية، إضافة إلى الوعي القانوني والحقوقي لأعضاء قوات الأمن العام في ظل الأسس والمبادئ الدستورية والإنسانية التي يقوم عليها التطور الحضاري لمجتمعنا.

كيف تطور التواصل بين المؤسسات والجهات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان على مدار السنوات العشر الماضية؟

- إن التواصل بين الوحدة وكافة الآليات والمؤسسات الوطنية سواء الأمانة العامة للتظلمات أو المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أو مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، ومكتب المفتش العام بجهاز المخابرات الوطني، مستمد من القوانين والقرارات المعنية أو مذكرات التفاهم والتعاون المشترك التي تم توقيعها خلال العقد المنصرم، والتي تهدف إلى بناء منظومة متكاملة تسهم في تحقيق العدالة الجنائية، عبر سرعة تلقي الشكاوى وجمع الأدلة وتبادل المعلومات، وصولاً إلى تحقيقات فعالة ومنتجة تؤدي إلى تحقيق الغايات القانونية والحقوقية المنظورة.

نظمت الوحدة مؤخراً البرنامج التدريبي الوطني لتعزيز قدرات المعنيين بحماية حقوق الإنسان في منظومة العدالة الجنائية، فما هي الجهات المتعاونة والمشاركة في هذا البرنامج الوطني؟

- انعقاد هذا البرنامج التدريبي يعد إحدى ثمار التعاون المشترك بين الآليات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان في منظومة العدالة الجنائية، بمشاركة فعالة من القائمين على إنفاذ القانون، بالاشتراك مع العديد من الوزارات والهيئات والمجالس واللجان المتخصصة في إطار من التعاون المشترك بين الأكاديمية الملكية للشرطة ومعهد الدراسات القضائية والقانونية، في ظل الدعم المستمر للوحدة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، من أجل تعزيز وتنمية القدرات واكتساب الخبرات وصولاً إلى منظومة عمل متكاملة.

ويستهدف هذا البرنامج الوطني الجهات المعنية بتحقيق العدالة الجنائية وكذا حماية وتعزيز الحقوق والحريات العامة للإنسان؛ إذ يشارك في هذا البرنامج لفيف قانوني وحقوقي من القضاة وأعضاء النيابة العامة وأعضاء ومنتسبي المؤسسات والآليات والأجهزة الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان، ومنها الأمانة العامة المستقلة للتظلمات، والمفوضية المستقلة لحقوق السجناء والمحتجزين، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ومكتب المفتش العام بجهاز المخابرات الوطني، وذلك بحضور العديد من أعضاء قوات الأمن العام من مختلف الإدارات والمراكز الأمنية والإصلاحية، فضلاً على مشاركين من مجلسي الشورى والنواب، ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، ووزارة الخارجية، ووزارة التنمية الاجتماعية، وهيئة التشريع والرأي القانوني، والمجلس الأعلى للمرأة، والعديد من اللجان الحقوقية والمجالس التخصصية ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة، حيث يصل عدد المشاركين في هذا البرنامج إلى 1000 مشارك من بين 35 جهة مختلفة.

كيف ترى رعاية النائب العام لهذا البرنامج الوطني؟

- تأتي رعاية النائب العام الدكتور علي البوعينين في إطار العمل على تحقيق أهداف الخطة الوطنية لحقوق الإنسان لمملكة البحرين (2022-2026) فيما يتعلق بتطوير أدوار آليات الحماية الوطنية والعدالة الإصلاحية، وفي ظل دعمه اللامحدود لوحدة التحقيق الخاصة، وإيمانه بأهمية العمل على تعزيز حقوق الإنسان في منظومة العدالة الجنائية كونه السبيل لسيادة القانون؛ لأن المساس بها يَعْظُم حينما يتماس بشكل أو بآخر مع إجراءات العدالة، في ظل النهج القائم على التثقيف والتوعية لكافة القائمين على إنفاذ القانون باستمرار وبلا انقطاع.

ما هي المحاور والموضوعات التي ستطرح خلال البرنامج التدريبي الوطني؟

- يتضمن البرنامج التدريبي العديد من الموضوعات المتعلقة بحقوق الإنسان وأثرها في تحقيق العدالة الناجزة، ومن بينها المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وشواهدها في التشريعات الوطنية، واختصاصات وسلطات الآليات الوطنية في تحقيق العدالة الجنائية، وحدود وضوابط شرعية الإجراءات القانونية تجاه الأشخاص وما يتصل بها من حقوق إبان مراحل الدعوى الجنائية حتى تنفيذ العقوبات القانونية، وذلك من خلال العديد من المحاضرات والندوات وورش العمل التي يتحدث فيها نخبة من الخبراء الوطنيين والدوليين في مجال حقوق الإنسان، حيث يشكل الخبراء الوطنيون حوالي 90% من المحاضرين في البرنامج، فضلاً على العديد من القضاة وأعضاء النيابة العامة والقائمين على إنفاذ القانون؛ سعياً نحو إعلاء حقوق الإنسان مفهوماً وواقعاً، ومن ثم ضبط الممارسات القانونية وتحقيق الغايات العملية والتثقيفية والتوعوية، وسيستمر هذا البرنامج التدريبي ستة أشهر، لينتهي منتصف مارس 2023.

ما هي الأهداف المنظورة من هذا البرنامج التدريبي والمستمر بإذن لمدة ستة أشهر؟

- يهدف هذا البرنامج التدريبي إلى تعزيز الوعي القانوني والحقوقي لكافة المشاركين عبر تبادل الأفكار والرؤى والعمل على تطوير الأداء واكتساب الخبرات اللازمة، التي تعمل على ضمان الحقوق والحريات العامة للإنسان، سعياً للتطبيق الأمثل لأعلى معايير ومبادئ حقوق الإنسان، للوصول إلى التعامل الأمثل مع الموقوفين أو المحكوم عليهم وفقاً للقوانين واللوائح والقرارات الوطنية والمدونات والاتفاقيات الدولية، وهو ما يسهم بطريقة مباشرة في مجابهة كافة صور التعذيب وإساءة المعاملة ومن ثم تحقيق العدالة الناجزة.

ماذا تخطط الوحدة بعد الانتهاء من هذا البرنامج التدريبي الوطني؟

- البرنامج الوطني وإن كان الأول من نوعه فإنه لن يكون الأخير بإذن الله تعالى، حيث إن التدريب والتطوير سواء لأعضاء ومنتسبي الآليات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان أو للقائمين على إنفاذ القانون هو نهج مستمر لوحدة التحقيق الخاصة؛ نظراً إلى أهميته في الارتقاء بمنظومة العمل عبر الوصول إلى أفضل المستويات العلمية والعملية التي تعمل على صون واحترام حقوق الإنسان؛ كونه الركيزة الأساسية لنهضة المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة في البلاد في شتى جوانبها حيث إن التكامل بين الآليات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان بات من مرتكزات العمل الوطني في مملكة البحرين، وهو ما يتأتى عبر التواصل الفعلي والقانوني بينهم وبين كافة الجهات الدولية المعنية بالاهتمام بحقوق الإنسان، بغية التدريب والتطوير على أفضل الممارسات الدولية المعتمدة التي تعمل على دعم وتنمية القدرات القانونية والفنية لأعضائها ومنتسبيها، إضافة إلى تبادل الخبرات في مجال التقصي والتوثيق لجرائم التعذيب وإساءة المعاملة.

ما هي نظرة المجتمع الدولي إلى وحدة التحقيق الخاصة باعتبارها مؤسسة فريدة في المنطقة ؟

- وحدة التحقيق الخاصة بطبيعتها القضائية المستقلة ضمن المنظومة القضائية وما تقوم به تعاون مع كافة الجهات الدولية المعنية بحماية وتعزيز حقوق الإنسان عبر قنوات الاتصال الرسمية المعتمدة، تحظى بالعديد من الإشادات الدولية في المحافل الوطنية أو الدولية التي نظمتها أو شاركت بها، إذ وصف المنسق المقيم للأمم المتحدة في البحرين وحدة التحقيق الخاصة بأنها تجربة فريدة على الصعيد الإقليمي، كما أثنى الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على الجهود المبذولة من وحدة التحقيق الخاصة التي تعتبر من منجزات مملكة البحرين الداعمة لسيادة القانون ودعا إلى استنساخ تجربة البحرين في دول المنطقة باعتبار البحرين سباقة في مجال حماية وتعزيز الحقوق والحريات العامة.