آلاء عبدالله

عشت الأسبوع الماضي في العالم الجديد، النسخة المطورة والمحسّنة جداً من عالم اليوم والتي يُدعى لها الشباب والشابات من قِبَل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، عالم «النزعة الفردية» و«أنا ومن بعدي الطوفان».

في العالم المحدّث، ينجو الفرد من القلق، إذ إنه يتخلّص من جميع أعباء الآخرين ويحمل عبء نفسه وحسب، كما أنه ينجو من الآخرين أنفسهم أيضاً، ويتخلص من أفكارهم وأصواتهم فيصحو صباحاً ويسمع الصوت الوحيد الذي يملأ الفراغ الوجودي الذي يعيشه، صوته!

تقلّ احتمالية الإصابة بالعدوى الفيروسية، وتقل احتمالية حدوث الخطأ أيضاً، لا تخطئ في حق أحد، ولا أحد يخطئ في حقك!

بيد أن الزيادة تكون على حساب الوحشة، تزيد احتمالية الشعور بالخواء، يتآكل الفرد في الوِحدة التي لم يكفوا أبداً عن وصفها بالرائعة ثم يتلاشى شيئاً فشيئاً.

الفردانية تجيءُ على حساب الدفء والألفة، تستبدلهم بالبرد القارس، رعشة الأطراف التي لا تجد من يُمسك بها، والأكتاف التي لا تجد من يُربت عليها.

تجيء فتحوّلك من كائن خُلق في أمّة ليتعرّف ويعرف، إلى وحدةٍ عاملةٍ جوفاء تُرهبها فكرة البذل والعطاء والتجربة، وفكرة الشباب وعيشه.

أعزائي شباب اليوم، إن أفضل ما يمكننا فعله بشبابنا، هو أن نهبه للحياة، أن نعيشه مع كلّ ما هو حيّ، أن تغمرنا لذّة المشاركة وروعتها وأن تُفضي إلينا بالخبرات التي نحتاجها لجعل غدٍ أفضل، غد الأمم التي تتعارف وتتشارك.