يمثل يوم المعلم في البحرين مناسبة خاصة، تقوم فيها المملكة وأبناؤها الطلاب بالاحتفال بالجهود الدؤوبة والمساهمات القيمة للمعلمين في مملكة البحرين، إذ يسلط هذا الحدث السنوي الهام الضوء على الدور المحوري الذي يؤديه المعلمون في تشكيل مستقبل الأمة، وتعزيز المعرفة، والمساهمة في تطوير المشهد التعليمي في البحرين.

في الخامس من أكتوبر من كل عام، تدشن الاحتفالات، وتقام المراسم، في جميع الأنحاء لنحتفل بالمعلم ونستكشف إنجازات المملكة في مجال التعليم التحويلي، فهو يوم نعبر فيه عن امتنانا للمعلمين لالتزامهم الثابت برعاية عقول الجيل القادم في البحرين.

فالمعلمون هم العمود الفقري لأي نظام تعليمي، وهم من يؤدون دوراً حاسماً في نقل المعرفة وغرس القيم وإلهام الطلاب لتحقيق إمكاناتهم الكاملة، ولا يقوم المعلمون بتعليم طلابهم فحسب، بل يقومون أيضاً بتوجيه وتشكيل شخصياتهم، فتأثير هؤلاء المعلمين يمتد لما هو أبعد من الفصول الدراسية، الأمر الذي يجعلهم مساهمين رئيسيين في التنمية الاجتماعية والثقافية في المملكة.

وفي إطار رؤية مملكة البحرين 2030، والتي تعكس الرؤية الحكيمة للقيادة الرشيدة في بناء مستقبل مشرق واعد، تولي التعليم أهمية خاصة على جميع مستوياته، بما في ذلك التعليم العالي. فقد أبرزت الرؤية بوضوح أن تحقيق ازدهار المملكة يتوقف على قدرتها على إحداث تغيير جذري على مستويات متعددة لمواكبة التطورات العالمية الحديثة. وأول ما تعني هذه الرؤية تعني ضرورة تحديث الاقتصاد الوطني واكتساب المهارات الضرورية، وزيادة الإنتاجية وتعزيز الابتكار، ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، يتعين على المواطنين البحرينيين الحصول على أعلى مستوى ممكن من التعليم المتقدم الذي يمكنهم من اكتساب المهارات اللازمة لمواصلة تحقيق أهدافهم وطموحاتهم في هذا العالم المتغير بسرعة.

إن هذه الرؤية تسعى إلى تمكين الشباب والمجتمع من الاستفادة القصوى من إمكانياتهم وتطوير قدراتهم من خلال التعليم. وتزويدهم بالأدوات والمعرفة التي تمكنهم من المشاركة الفعّالة في تطوير الاقتصاد وتعزيز التنمية المستدامة للمملكة.

تطورات وإنجازات

لقد شهدت المملكة تطورات كبيرة في قطاعها التعليمي على مر السنين، إذ أعطت حكومة المملكة باستمرار الأولوية للتعليم كوسيلة لتعزيز التقدم والابتكار، وإذا ما أردنا أن نعدد جوانب هذا التقدم وذاك التطوير فيمكننا سرد بعض التطورات الرئيسية التي منها:

- البنية التحتية الحديثة: فقد استثمرت البحرين في البنية التحتية التعليمية الحديثة، وتمثل ذلك في إنشاء المدارس والكليات والجامعات الحديثة، الأمر الذي وفر للطلاب إمكانيات هائلة للوصول إلى بيئات تعليمية ذات مستوى عالمي.

- تحسين جودة التعليم: ركزت المملكة طيلة السنوات الماضية على تحسين جودة التعليم، وذلك من خلال تطبيق أساليب التدريس المبتكرة، وتحسين معايير المناهج الدراسية، وتعزيز ثقافة التعلم المستمر.

- الشراكات الدولية: أقامت المملكة علاقات تعاون مع مؤسسات تعليمية دولية شهيرة ومعتبرة، ما أدى إلى تعزيز التميز الأكاديمي وتشجيع التبادل بين الثقافات.

- التحول الرقمي: لقد كانت المملكة من أوائل البلدان التي تبنت استخدام وإدماج التكنولوجيا في التعليم، كما عززت التعلم الإلكتروني، والموارد عبر الإنترنت، والأدوات الرقمية لتعزيز تجربة التعلم.

الاستثمار في التعليم العالي

ركزت البحرين بشدة على التعليم العالي وتطوير القوى العاملة الماهرة، ولذلك نفذت الحكومات العديد من المبادرات المختلفة لدعم التعليم العالي وتحقيق التميز فيه وتوسيع الوصول إليه، فقد عمدت الحكومة بناء على توجيهات جلالة الملك المعظم، إلى تخفيض الحد الأدنى للقبول بجامعة البحرين، فضلًا عن دعم الرسوم الدراسية بنسبة عالية كمكرمة ملكية من جلالة الملك المعظم، وإعفاء غير القادرين من دفع هذه الرسوم. كما تم التوسع في إنشاء مؤسسات التعليم العالي.

ونذكر هنا بعض المبادرات التي توضح التزام المملكة بتعزيز جودة التعليم العالي وتوفير بيئة مثلى للتعليم والبحث مثل:

- برامج المنح الدراسية: إذ تقدم البحرين منحًا دراسية للطلاب الموهوبين لمتابعة تعليمهم العالي في الخارج، وتزويدهم بوجهات نظر وخبرات عالمية.

- البحث والابتكار: تشجع المملكة البحث والابتكار من خلال تمويل المشاريع البحثية، وإنشاء مراكز البحوث، واستضافة المؤتمرات الأكاديمية.

- التدريب المهني: توفر البحرين فرصًا للتطوير المهني من خلال برامج التدريب المهني وورش العمل والشهادات المعتمدة، مما يضمن وجود قوة عاملة جيدة الإعداد.

- قابلية التوظيف: تتعاون الحكومة مع الصناعات لمواءمة البرامج التعليمية مع احتياجات سوق العمل، مما يزيد من قابلية توظيف الخريجين.

ولذلك تسعى جامعة البحرين - الجامعة الوطنية الأكبر في المملكة، إلى تنمية رأس المال البشري، والابتكار، والإبداع، والدفع بعجلة التنمية الاقتصادية للبلاد، وهي تسعى في ذلك سعيًا حثيثًا مكنها من تبوء المراتب الأولى بين الجامعات الرائدة في المنطقة، إذ تحتل المرتبة الأولى في البحرين والمرتبة الخامسة والعشرين على مستوى المنطقة العربية في تصنيف QS للجامعات العربية لعام 2021، متسلحة بتشجيعها المستمر للبحث العلمي، خاصةً ما يتصل بالأولويات البحثية الوطنية والقضايا التنموية. وتواصل الجامعة مسيرتها في تطوير الكفايات والمهارات اللازمة لكادرها التعليمي ودفعه نحو التميز في التعليم والتعلم والأبحاث العلمية المبتكرة وإنتاج المعرفة ونشرها، وذلك بهدف تحسين مخرجات التعليم بالجامعة، من خلال الانخراط في برنامج وورش وحدة التميز في التعليم ومهارات القيادة.

* مديرة وحدة التميز في التعليم ومهارات القيادة بجامعة البحرين د. أمل محمد الريس