دراسة لإعادة النظر في «قانون التنفيذ»..قال الباحث السياسي نواف كمال إن دستور مملكة البحرين أتاح تطوير التشريعات من خلال السلطة التشريعية مما يعد من الجوانب الهامة في النهوض بقوانين مملكة البحرين بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن، واقترح إدخال تعديلات على قانون التنفيذ بحيث تساهم في معالجة الملفات العالقة بسبب التعثر المادي لطرف القضية، وربط الحلول ببرنامج جديد شبيه بقانون العقوبات البديلة بحيث يتم توظيف المتعثر وفق حالات واشتراطات محددة في وظائف تتعلق بزيادة الإنتاج للسلع والمواد التي يتم تصديرها من مملكة البحرين إلى دول العالم وفيها خطوط إنتاج كبيرة، وذلك بالتنسيق بين عدد من الهيئات والجهات الحكومية، وذلك لتجنيب المتعثر في الدفع إجراءات «المنفّذ الخاص» وصلاحياته، وكذلك الغرامة التهديدية وحجز المنقولات وأثرها عليه.حرية الرأيوالبحث العلميوقدم الباحث نواف كمال عدداً من المقترحات والملاحظات كي تساهم في تطوير قانون التنفيذ وتحقق الأهداف المرجوة منه والذي يأتي كثمرة عمل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، مشيراً إلى أن «المرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2021 بإصدار قانون التنفيذ في المواد المدنية والتجارية تضمن عدداً من المواد التي يمكن إعادة النظر فيها لمنع تعثر إجراءات التنفيذ والسعي نحو استحصال أموال المنفّذ لهم ومن ضمنها المادة (6) وما بعدها المتعلقة بالمنفّذ الخاص».وقال: «أثبت الواقع العملي وجود ملاحظات في التطبيق والتي من ضمنها تعارض المصالح، إذ إن المنفّذ الخاص في الأساس يعمل محامياً ومن هنا يظهر التعارض، فقد ينحاز لأحد طرفي التنفيذ دون الطرف الآخر، خاصة إذا كان التنفيذ يتعارض مع مصالح المنفّذ الخاص، وقيامه باتخاذ إجراءات التنفيذ يترتب عليه إلغاء روح القانون التي تظهر جلياً خلال عرض الموضوع على قاضي التنفيذ وتقديره للإجراءات المتخذة سواء لصالح المنفّذ له أو ضد المنفّذ ضده، وهو الأمر الذي يدفع نحو إلغاء المنفذ الخاص من إجراءات التنفيذ وجعل قاضي التنفيذ هو المسؤول المباشر في اتخاذ الإجراءات منعاً لعدم الحيادية لدى المنفذ الخاص».الوسيط الجنائي وتعارض المصالحوفي نفس الإطار فقد ذكر الباحث أن الوساطة الجنائية، وبالرغم من الجهود الجبارة المبذولة من النيابة العامة والسلطة القضائية، فيمكن إعادة النظر في مسألة التصالح بين المتقاضين من خلال دور الوسيط الجنائي وما قد يترتب عليه من تعارض المصالح كون الوسيط محامياً ومن الوارد تعارض مصالحه مع مصالح أحد الخصوم، وهو الأمر الذي يوجب إلغاء الوسيط الجنائي منعاً لانحياز أحد الأطراف وذلك تحقيقاً للعدالة.وفيما يتعلّق بإجراءات الحجز في قانون التنفيذ قال: «إن اتخاذ إجراءات الحجز على منقولات المنفّذ ضده المتعلقة بمسكن المنفّذ ضده سوف يترتب عليه العديد من الأضرار بأسرته حيث يؤدي الإجراء إلى تشتت الأسرة وضياعها، ويعارض المادة (5) من الدستور البحريني على أن «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانـها الشرعي، ويقوي أواصرها وقيمها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة، ويرعى النشء، ويحميه من الاستغلال، ويقيه الإهمال الأدبي والجسماني والروحي»، مما يؤكد على أحقية الأسرة في المسكن والملبس والمشرب ومن هذا المنطلق فيتطلب الوضع معالجة لإجراء الحجز على المنقولات».مقابلات إلكترونية مع قاضي التنفيذوأشار الباحث إلى مسألة أخرى تواجه طرفي التقاضي؛ سواء المنفّذ له أو المنفّذ ضدّه، والتي تتمثل في عدم قدرتهم على مقابلة قاضي التنفيذ مباشرة نظراً لكثرة ملفات التنفيذ والأعباء الواقعة على قضاة المحاكم التنفيذية، إلا أن تلك المشكلة يوجد لها حل من خلال ترتيب مقابلات إلكترونية محددة الموعد مسبقاً بين المتقاضين وقاضي التنفيذ يتم من خلالها مناقشة وبحث الموضوع المتعلق بالتنفيذ أو الإجراءات المتخذة، ومن مزايا ذلك الإجراء توفير الوقت والجهد وإمكانية المتقاضين للوصول إلى قضاة التنفيذ وشرح وجهة نظرهم مباشرةً لقاضي التنفيذ.الغرامة التهديديةلا تحلّ المديونيةكذلك أكد أن (المادة 25) المتعلقة بالغرامة التهديدية التي توقّع على المنفّذ ضده، فقد تبين من خلال التطبيق العملي لها عدم جدوى حث المنفّذ ضده على السداد خاصة أن الغرامة التهديدية لا تؤدي إلى سداد المبلغ الأساسي للمنفّذ له ولا تقلّل من الدَّيْن على المنفّذ ضده، وبالتالي أصبحت تمثل عبئاً على كاهل المنفّذ ضده وتضع موانع للوفاء بسداد المديونية، من خلال تحديد 10 أيام لعدم السداد والتي يصبح بعدها المنفّذ ضده ممتنعاً عن السداد، وقال: «لا يوجد فرق أمام المادة القانونية بين المتعسّر في الدفع والمتعمّد بعدم الدفع، ومن بين هذه الملفات العالقة في التنفيذ المتضررون من جائحة كورونا وخسارتهم المادية الكبيرة التي تتطلب إعادة النظر في المادة بحيث تكون أكثر فعالية في التنفيذ أو إلغاؤها في حال عدم الجدوى منها بناء على الواقع العملي».حجزالحسابات البنكيةوأضاف: «المبلغ الذي يتم الحجز عليه في الحسابات البنكية للمنفّذ ضده ما يزيد عن 400 دينار، وهو أمرٌ يعرّض أُسرة المنفّذ ضده إلى العديد من الأضرار لأنه لا يكفي للمتطلّبات المعيشية، وهو الأمر الذي يدعو لإيجاد حلول بديلة تساعد المنفّذ ضده على السداد وتساهم في تحصيل المنفّذ له لأمواله العالقة بملف التنفيذ».وحول المقترح الذي طرحه الباحث بما يشبه برنامج العقوبات البديلة، قال: «يهدف تطبيق البرنامج الجديد في إطاره المدني إلى استثمار الطاقة البشرية من خلال المنفذ ضدهم في قانون التنفيذ بتوفير فرص عمل لهم أو حتى لمن يملكون وظائف من خلال نظام النوبات والتركيز على الجانب الصناعي مقابل أجر شهري يُستقطع جزء منه لصالح صندوق المشروع لتسوية ملفات التنفيذ وتوفير جزء من الأجر الشهري للمنفذ ضده في حال كان عاطلاً عن العمل لتوفير المتطلبات المعيشية ومن مزايا الإجراءات الجديدة بين كافة الهيئات والوزارات الحكومية منها وزارات العدل، والداخلية، والمالية والاقتصاد الوطني، والصناعة والتجارة، والعمل، وهيئة تنظيم سوق العمل من خلال قانون التفويض التشريعي».وأضاف: «استثمار الموارد البشرية سوف يساهم بشكل كبير في زيادة الخطوط الإنتاجية بمملكة البحرين وبالتالي زيادة العائدات وذلك من خلال زيادة الإنتاج والصادرات وبالتالي حدوث طفرة في النمو الاقتصادي لمملكة البحرين، ومن جهة أخرى فإن الدولة هي المسؤول الأول عن المواطن وبالتالي تعتبر ملفات التنفيذ ثقل على كاهل، ويمكن الاستفادة من مخرجات المشروع إنشاء صندوق استثماري كفيل بسداد ملفات التنفيذ للمنفذ ضدهم المعسرين فعلياً وذلك بعد دراسة كل حالة على حدة ومدى توافر الشروط التي تسمح لهم بالاستفادة من الصندوق الاستثماري».جهود دبلوماسية لاستحصال مديونيات خارج البحرينوفي سياق متصل، قال كمال إن «إجراءات المنع من السفر تحتاج لإعادة نظر إذ تترتب عليها خسارة المنفّذ له لرسوم المنع من السفر التي يدفعها لإصدار قرار المنع من السفر ضد المنفّذ ضده، خاصة أنه طبقاً لنص المادة (40) من قانون التنفيذ ونصها «لقاضي محكمة التنفيذ بناءً على طلب المنفذ له أن يصدر أمراً بمنعه من السفر لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر قابلة للتجديد لمدد أخرى مماثلة، وبحد أقصى ثلاث مرات» أي أنه في حال عدم التزام المنفّذ ضده بالسداد خلال فترة المنع من السفر فإن هذا الإجراء ليس له أي قيمة ولا يترتب عليه سوى خسارة المنفّذ له حقوقه بخلاف مبلغ التنفيذ، خاصة أن منع المواطن أو المقيم من السفر يتعارض مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحرية التنقل، وهو الأمر الذي يوجب إلغاء تلك المادة مع ضرورة التنسيق من خلال الجهود الدبلوماسية لاستحصال مبالغ التنفيذ ممن هم خارج البحرين».
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90