في إطار سلسلة حوارات حصرية تجريها (بنا) مع عدد من أعضاء اللجنة الوطنية العليا لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني
أشاد البروفيسور عبد الله الحواج، الرئيس المؤسس رئيس مجلس أمناء الجامعة الأهلية، بالجهد الجبار الذي بُذل في صياغة ميثاق العمل الوطني بمشاركة نخبة مختارة من ممثلي المجتمع البحريني بكافة تخصصاته وقطاعاته، ما أدى إلى خروج هذه الوثيقة بالشكل المتكامل والشامل ليحظى بموافقة شعب البحرين باكتساح.
وبصفته ممثلاً لقطاع التعليم في اللجنة الوطنية العليا لإعداد مشروع الميثاق عام 2000م؛ أكد البروفيسور الحواج على أن التعليم لابد وأن يكون عموداً اساسياً في أي مسيرة إصلاحية وتنموية، وهذا ما حرص عليه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وتضمين قضايا التعليم في ميثاق العمل الوطني، وتوجيه جلالته بأهمية التركيز على قطاع التعليم والبحث العلمي في إعداد هذه الوثيقة الوطنية التاريخية.
وفي حوار حصري مع وكالة أنباء البحرين (بنا) تحدث البروفيسور عبد الله الحواج عن المكتسبات الكبيرة التي حققها ميثاق العمل الوطني خلال 23 عاماً، لاسيما على صعيد الطفرة في التطور العلمي والتكنولوجي ومقارنتها بمخرجات التعليم في سوق العمل، كما تحدث عن مُستشرفات المستقبل فيما يخص استدامة العمل في الحياة النيابية بعد التعديلات الدستورية التي أقرها الميثاق، والتي ساهمت بشكل كبير في دعم وتعزيز المسيرة التنموية والديمقراطية التي دشنها جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه.
وفيما يلي نص الحوار ...
-البروفيسور الحواج بتمثيلكم لقطاع التعليم في لجنة إعداد مشروع ميثاق العمل الوطني في الفترة من (2000-2001)، ماهي أهم القضايا التعليمية الملحة المعنية بالتعليم في المملكة والتي كانت محل بحث مستفيض أثناء صياغة مسودة ميثاق العمل؟
- أهم ما كان يعنينا في بحث قضايا التعليم هو ضمان حق التعليم والحصول على المعرفة للمواطن البحريني منذ الصغر بما يتماشى مع ثوابت الدولة، والتي أيضاً أكد عليها ميثاق العمل الوطني عبر كفل إلزامية التعليم الأساسي ومجانيته بحسب ماورد في البند ثامناً من الفصل الأول من الميثاق. كما كان التفكير في كيفية العمل على تعزيز ريادة البحرين ومركزها الطليعي والطبيعي كمنارة للعلم والمعرفة وأرضاً للتعليم والذي طالما تفردت فيه وتميزت خليجياً منذ مطلع القرن الماضي.
وبالفعل وخلال العقدين الماضيين أصبحت المملكة تحتضن عدداً كبيرا من الجامعات الأهلية والخاصة ذات تصنيفات وجودة تعليمية متميزة واعتمادات متقدمة من كبرى المؤسسات التعليمية في الخارج.
- كيف تنظرون للتجربة والشوط الذي قطعه التعليم والبحث العلمي في البحرين استرشاداً بميثاق العمل الوطني وما تحقق من مكتسبات ملموسة؟
- التعليم من القطاعات المتطورة بسرعة كبيرة ومستدامة، ولذلك فإن الدور التعليمي للجامعات ومراكز التدريب والبحوث في البحرين أثبت تميزه عاماً تلو الآخر خاصة في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي حتى بدانا في فتح مسارات حديثة كعلوم الفضاء والطاقة والذكاء الاصطناعي والعلوم الدقيقة المعقدة، وهذا أتاح لمملكة البحرين التحول من دولة مستهلكة للعلوم والمعرفة إلى دولة مُنتجة ومُصدرّة للعلم بجودة رفيعة، وهذا لم يكن ليتحقق لولا توجيهات جلالة الملك المعظم بضرورة الاستثمار في أهم وأسمى مواردنا الوطنية وهو التعليم.
كذلك لا يمكن إغفال ما حققته التكنولوجيا الحديثة والتحول الرقمي في جميع القطاعات الحيوية وقطاعات الأعمال وهو ما فتح لنا باب منافسة مجتمعات كبيرة وأكثر تقدماً ذات تاريخ طويل في مجالات البحث العلمي والمعرفة وإثبات التواجد بنجاح على الخارطة العالمية للدول التي تحظى بجودة التعليم والبحث العلمي وفق تصنيفات منظمة اليونيسكو الدولية.
ولعل من أهم البصمات الأخرى التي ساهم التطور التعليمي والمعرفي في إنجازها، تمكين الشباب ومنحهم الفرصة والدعم والتشجيع للمشاركة في بناء الوطن بعقول واعية متخصصة وكوادر كفؤة، متسلحة بأفضل الشهادات والتخصصات العلمية، ومؤهلة ومدربة عملياً استكمالاً لمشوار "الاستثمار في العلم".
ومما لا شك فيه أن جميع ما سبق تعد من مخرجات حققتها المملكة في قطاع التعليم، تعد من المكتسبات العظيمة التي أفرزها ميثاق العمل الوطني وساهمت في إثراء سوق العمل وتعزيز دعائم الاقتصاد الوطني ومسارات النهضة والتنمية في مختلف المجالات المتخصصة.
-ميثاق العمل الوطني تضمن باباً أخيراً حمل عنوان (استشرافات المستقبل) اقتضى بموجبه إجراء تعديلات دستورية تُمكن من تنفيذ ما وافق عليه الشعب في الاستفتاء أبرزها تعديل احكام السلطة التشريعية، واستحداث العمل بنظام المجلسين الشورى والنواب.. إلى ماذا ارتكنت اللجنة في هذا الاستشراف لضمان استمرارية واستقرار الحياة النيابية في مملكة البحرين والذي بدوره انعكس على شتى مناحي الحياة؟
- اكدت اللجنة في عملها على ضرورة الاسترشاد بنماذج مختلفة للديمقراطيات العالمية العريقة وتجربتها التشريعية والسياسية الناجحة، وكان جلالة الملك المعظم خير داعم ومساند لعمل اللجنة في هذا الإطار عبر توجيه جلالته الدائم بضمان مراعاة تحقيق مناخ ديمقراطي حر يحقق تطلعات الشعب البحريني واستقراره، ولله الحمد وُفقنا في الوصول بعد عام من جلسات الحوار والبحث والدراسة المستفيضة إلى صيغة توافقية ترسي مبادئ دولة القانون والمؤسسات الدستورية القائمة على الفصل بين السلطات. ومن هذا المنطلق توصلت اللجنة إلى ضرورة أن يشتمل العمل التشريعي على نظام الغرفتين أو المجلسين (الشورى والنواب) لضمان استدامة عمل هذه السلطة بمزيد من الديمقراطية والشفافية، واستقرار الحياة السياسية بالشكل الذي يحقق الأمن ولا يتعارض مع القانون، والحريات الشخصية، وحرية التعبير، والرأي.
ولله الحمد البحرين اليوم تشهد ثمار هذا الجهد الطويل باستمرار عمل المجلس التشريعي منذ عودة الحياة النيابية في عام 2002 وحتى الآن، بل وتطور آلية العمل التشريعي والرقابي للمجلس تأكيداً على احترام قيم القانون والعدالة والديمقراطية.
-إلى أي مدى تكاملت رؤية البحرين 2030 مع استشرافات المستقبل التي تضمنها ميثاق العمل الوطني قبل 23 عاماً من حيث مواكبة متغيرات العصر وتحدياته، وتلبية تطلعات شعب البحرين؟
- بالتأكيد هناك مؤشرات لقياس ما تم إقراره وصياغته في هذه الوثيقة التاريخية وما تم تحقيقه على أرض الواقع وما هو مؤمل في المستقبل، ونستطيع التأكيد على أن ميثاق العمل الوطني حقق في استشرافه لقضايا ومتطلبات المستقبل تكاملاً كبيراً مع رؤية البحرين 2030 التي توافقت مع الجذور والهوية والإطار العام للميثاق والدستور وهي تستشرف المستقبل وتسعى لامتلاك أدواته، ولعل تمكين المرأة البحرينية في العمل السياسي والتشريعي والدبلوماسي والقضائي وسوق العمل وأكثر، أبرز شاهد على أن الرؤية الثاقبة والحكيمة لجلالة الملك المعظم كانت صائبة تماماً، كما أن حرص جلالته على أن تشارك 6 سيدات في عضوية عمل اللجنة الوطنية العليا لإعداد الميثاق والاسهام في صياغة مستقبل الوطن، يؤكد على مكانة المرأة البحرينية، وأنها كانت ولا زالت وستظل شريكاً أساسياً للرجل في الماضي والحاضر والمستقبل، لتحقيق التنمية والاستدامة للوطن الغالي.