يشكل تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه بافتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي السادس لمجلسي الشورى والنواب، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة في مسيرة الحياة الديمقراطية والتشريعية في مملكة البحرين.. مرحلة هدفها استكمال عملية الإصلاح والتحديث التي تشهدها المملكة في ظل قيادة جلالته الحكيمة، ومواصلة لجهود العطاء الوطني، بما يلبي تطلعات الوطن والمواطنين.
وتمثل التوجيهات الملكية السامية الأساس الذي تنطلق منه مسيرة العمل الوطني لكل السلطات والمؤسسات في مملكة البحرين، وفي مقدمتها السلطة التشريعية، التي تحظى بكل التقدير من جلالته حفظه الله، وهو ما تجسد في كلمة جلالته السامية خلال افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي السادس لمجلسي الشورى والنواب، حيث قال جلالته حفظه الله ورعاه: "إننا لننظر بعين الثقة والتقدير لدور السلطة التشريعية في سن وتطوير التشريعات اللازمة والمجسّدة لقيم الوحدة والعدالة، وللحفاظ على ثبات مسيرة التنمية الشاملة بإنجازاتها المضيئة، ليتم توارثها جيلاً بعد جيل".
وانطلاقًا من هذا الدعم الملكي السامي، نجحت السلطة التشريعية خلال دور الانعقاد الثاني (8 أكتوبر 2023 ـ 8 مايو 2024) في تقديم نموذج متميز للعطاء الوطني، والتعاون المثمر سواء بين مجلسي الشورى والنواب، أو التعاون مع الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، وهو الأمر الذي شكل دافعًا قويًا ومساهمًا رئيسيًا في دعم جهود التنمية المستدامة من أجل مملكة البحرين وشعبها، وكانت منظومة العمل تنطلق من روح الفريق الواحد "فريق البحرين"، لتتعاظم المنجزات والمكتسبات الوطنية في مختلف المجالات.
وعلى مدى فترة دور الانعقاد الثاني قامت السلطة التشريعية بدورها في عمليتي الرقابة والتشريع بكفاءة وفق الآليات الدستورية، وناقشت وأقرت العديد من مشروعات القوانين التي غطت جميع القضايا الوطنية، وكل ما يتعلق بتحسين الأوضاع المعيشية والحياتية للمواطنين في كل القطاعات ومن بينها الصحة والتعليم والإسكان والضمان الاجتماعي والبنية التحتية، والعمل، والشباب، والمرأة، والثقافة والرياضة وغيرها، إلى جانب الاهتمام بتطوير منظومة العمل الحكومي والإداري، وتحديث القوانين بما يتناسب مع روح العصر، ويسهم في دعم منظومة العمل الوطني في مجال التنمية.
كما لعبت السلطة التشريعية خلال دور الانعقاد الثاني دورًا مهمًا في دعم جهود مملكة البحرين ومساعيها الخيرة في نشر السلام والأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، وشهدت المسيرة التشريعية خلال هذه الفترة دبلوماسية برلمانية نشطة، من خلال المشاركات في الاجتماعات والمؤتمرات والمنتديات البرلمانية الإقليمية والدولية، والزيارات الخارجية واستقبالات الوفود من الدول الشقيقة والصديقة.
إن لغة الأرقام والإحصائيات لخير شاهد ودليل على حجم الإنجازات التي حققتها السلطة التشريعية خلال دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي السادس، ومدى الجهد الوطني الذي بذل من خلال المجلسين ولجانهما، إذ على صعيد مجلس الشورى، فقد عقدت 29 جلسة اعتيادية، وناقش المجلس 6 مراسيم بقانون وافق على 5 منها، و19 مشروعًا بقانون وافق على 11 منها، ووافق على موضوعين يتعلقان بالميزانيات العامة وحساباتها الختامية، إلى جانب مناقشة 17 اقتراحًا بقانون وافق على 12 منها، فضلا عن أن أعضاء المجلس وجهوا 29 سؤالاً إلى الوزراء.
وعقدت اللجان النوعية الدائمة بمجلس الشورى خلال دور الانعقاد، 121 اجتماعًا ناقشت فيها 18 مشروعًا بقانون، و17 اقتراحًا بقانون، و6 مراسيم بقانون، و45 تقريرًا، وقدمت 40 رأيًا قانونيًا واقتصاديًا وماليًا.
وتفاعل مجلس الشورى من الأحداث المحلية والعربية، وأصدر خلال دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الثالث 18 بيانًا شملت عدة موضوعات من بينها: يوم المرأة البحرينية، يوم الشرطة البحرينية، الأعياد الوطنية، ذكرى يوم الشهيد، ذكرى تأسيس الحرس الوطني، اليوم الدبلوماسي لمملكة البحرين، ذكرى تأسيس قوة دفاع البحرين، ذكرى إقرار ميثاق العمل الوطني، ومناسبة مرور 25 عامًا على تولي جلالة الملك المعظم حفظه الله مقاليد الحكم، واليوم العالمي لحقوق الإنسان، وتطورات القضية الفلسطينية، وغيرها.
وعلى صعيد الدبلوماسية البرلمانية، كان لمجلس الشورى حضور بارز في المؤتمرات والاجتماعات العربية والخليجية والدولية، ومن بينها الاجتماع 17 لرؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والاجتماع البرلماني الدولي ضمن الدورة 28 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP28)، والمؤتمر السادس للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات الخليجية والعربية، كما شاركت الشعبة البرلمانية بمجلس الشورى في عدد من المؤتمرات الدولية والدورات والاجتماعات الخليجية والعربية والدولية، من بينها أعمال الجمعية 147 للاتحاد البرلماني الدولي.
أما على صعيد مجلس النواب فقد عقدت 34 جلسة عامة منها 32 جلسة عادية وجلستان استثنائيتان، ونظر المجلس ما مجموعه 657 موضوعًا منها 12 مرسومًا بقانون، و128 اقتراحًا بقانون، و274 اقتراحًا برغبة، و166 سؤالاً تم رفعها للحكومة، وتم التعقيب على 103 أسئلة، بجانب 12 مناقشة عامة، كما تم تشكيل 4 لجان تحقيق برلمانية خلال دور الانعقاد.
وبلغ عدد الموضوعات التي وافق عليها مجلس النواب في المجالين التشريعي والرقابي 340 موضوعًا، منها 244 موضوعًا في المجال الرقابي، و96 موضوعًا في التشريعي، فيما بلغ عدد الموضوعات التي توافق عليها مجلسي الشورى والنواب ورفعت للحكومة خلال دور الانعقاد 19 موضوعًا، إلى جانب موافقة المجلس على عدد من الموضوعات التي أحالها لمجلس الشورى وهي 5 مراسيم بقوانين، و19 مشروع قانون، وتقريرين لديوان الرقابة المالية والإدارية، كما أصدر المجلس 25 بيانًا، ووافق على 124 اقتراحًا برغبة، و72 اقتراحًا بقانون، تم رفعها جميعًا إلى الحكومة لتسلك مسارها التشريعي وفق الدستور.
لقد أسهم التعاون والتكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية خلال دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي السادس في تحقيق العديد من الإنجازات الوطنية في كل المجالات، وكان له أثره الواضح في تعزيز جهود مملكة البحرين في القطاعات التنموية، وهو ما تؤكده المؤشرات والأرقام، حيث تحسن أداء مملكة البحرين ضمن تصنيف التنافسية العالمية الصادر في العام 2024 عن مركز التنافسية العالمية ـ المعهد الدولي للتنمية الإدارية، وتقدمت المملكة بواقع 9 مراتب منذ إدراجها في العام 2022، وبواقع 4 مراتب منذ العام 2023، لتحتل المركز 21 عالميًا ضمن تصنيف 2024.
كما تقدمت مملكة البحرين لتصبح في المركز الخامس عالميًا والثالث عربيًا من أصل 170 دولة ضمن مؤشر تنمية تقنية المعلومات والاتصالات 2024 الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات، وتبوأت المملكة المرتبة الرابعة عربيًا و58 عالميًا في مؤشرات تنمية السفر والسياحة للعام 2024 في التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (TTDI).
وعزز التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية النمو الاقتصادي في مملكة البحرين، إذ سجل الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 3.3% بالأسعار الثابتة في الربع الأول من 2024، وحقق الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية نموًا بنسبة 3.4% على أساس سنوي، مدعومًا بأداء القطاع النفطي بنسبة 7.4%، بينما حقق القطاع غير النفطي نموًا بنسبة 2.8%، فيما سجل قطاع الأنشطة المالية والتأمين نموًا بالأسعار الثابتة بنسبة 7.4% خلال الربع الأول من عام 2024، وسجل قطاع المعلومات والاتصالات نموًا بنسبة 6.6%، وقطاع النقل والتخزين نما بنسبة 5.3%، مدعومًا بارتفاع عدد المسافرين عبر مطار البحرين الدولي بنسبة 11%، بالإضافة إلى ارتفاع حركة الطيران الإجمالية في مطار البحرين الدولي بنسبة 10%.
وتوضح الأرقام أيضًا أن قطاع الصناعات التحويلية في مملكة البحرين سجل نموًا بنسبة 3.9% ، حيث شهدت شركة بابكو للتكرير زيادة في الإنتاج بنسبة 25.3%، وارتفع إنتاج شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) بنسبة 1.9% ، فضلاً عن قطاع الأنشطة العقارية الذي حقق نموًا بنسبة 0.9%، وارتفعت قيمة التداولات العقارية بنسبة 22.8%، إلى جانب استمرار انخفاض نسبة البطالة بفضل تحسن معدلات النمو الاقتصادي، وقد جرى توظيف 12.554 ألف مواطنًا في الفترة ما بين يناير ويونيو 2024.
وحرصت السلطة التشريعية خلال دور الانعقاد الثاني على التنسيق الدائم والمستمر مع السلطة التنفيذية في كل الموضوعات التي تخص الأوضاع المعيشية للمواطنين، وعملت بشكل مستمر على متابعة أداء الحكومة في المجال الإسكاني، ولا سيما فيما يتعلق بتعزيز برنامج التمويلات الإسكانية وفي مقدمتها برنامج "تسهيل"، ومدى التقدم في تنفيذ مشاريع المدن الإسكانية وتنفيذ مشاريع الوحدات والقسائم الإسكانية، وغيرها فيما يخص الطاقة والصحة والبنية التحتية والعمل والتعليم والتعليم العالي.
كما كان للتفاهم والتعاون بين السلطتين دورًا كبيرًا في الإنجازات المالية والاقتصادية التي حققتها مملكة البحرين، إذ تمكن فريق البحرين التابع لمجلس التنمية الاقتصادية من استقطاب استثمارات تتجاوز 1.7 مليار دولار، واستقطاب العديد من الشركات العالمية لتأسيس وتوسعة أعمالها في مملكة البحرين، وهو ما مكن البحرين من أن تكون ضمن أفضل 20 دولة عالميًا في جذب الاستثمارات المباشرة، وذلك وفقًا لمرصد الاستثمارات المباشرة التابع للفاينانشيال تايمز ـ مؤشر أداء "غرينفيلد" للاستثمارات المباشرة، ولقد لعب قطاع الخدمات المالية دورًا مؤثرًا في نمو البحرين الاقتصادي، إذ تجاوز قطاع النفط والغاز باعتباره المساهم الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 18.1% في العام 2023.
هذا إلى جانب المنجزات التي حققتها مملكة البحرين في مجالات الثقافة والإعلام والمرأة والطفولة والرياضة، ومن بينها إنهاء المملكة لدورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 في المركز الأول عربيًا و 33 عالميًا من بين حوالي 204 دولة مشاركة في البطولة، بحصولها على 4 ميداليات ملونة (2 ذهبية، فضية، برونزية)، وفوز سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب قائد الفريق الملكي للقدرة بالمركز الأول "فارس العالم" في منافسات بطولة العالم للقدرة للمرة الثانية على التوالي لمسافة 160 كم في مونبازير بالجمهورية الفرنسية.
مع انطلاقة أعمال دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي السادس لمجلسي الشورى والنواب، تتزايد الآمال في أن تواصل السلطة التشريعية دورها الدستوري في الرقابة والتشريع، وأن تزيد وتيرة التعاون مع السلطة التنفيذية في كل ما يخدم مسيرة التنمية المستدامة في مملكة البحرين، وأن يكون التنسيق مستمرًا نحو مزيد من التطوير للأنظمة والتشريعات والقوانين التي تعزز نمو الاقتصاد الوطني بما يلبي أهداف رؤية البحرين الاقتصادية 2030.
وإن ما تحظى به السلطة التشريعية من دعم من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، ومن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، وما يوفره لها الدستور من أدوات وصلاحيات في الرقابة والتشريع يمثل مرتكزًا مهمًا لأن تسهم مخرجات دور الانعقاد التشريعي الجديد في إنجاز مكتسبات تعود بالخير على المواطنين، وتسهم في تعزيز ريادة وتقدم مملكة البحرين في مختلف المجالات، لتظل راية البحرين شامخة في المحافل الإقليمية والدولية.