العقوبة تهدف لمنع وقوع الجريمة.. تحفظت الحكومة على مشروع قانون يطيل مدة عرض مبلغ التصالح على مرتكب المخالفات المرورية إلى 30 يوماً، مع تخفيض مبلغ التصالح من الحد الأدنى للغرامة إلى نصف الحد الأدنى، مشيرة إلى أن هذا يعد إهداراً لمبدأ الردع العام لنصوص التجريم الواردة في قانون المرور.وقالت الحكومة، في مذكرتها الإيضاحية، إن الهدف من التجريم ليس مجرد مجازاة الجاني عن الجريمة التي اقترفها فحسب، وإنما يهدف كذلك إلى منع الجريمة قبل وقوعها، وردع الغير عن ارتكاب مثلها، فالاتجاهات المعاصرة للسياسة الجنائية تتجه إلى أهمية اتخاذ التدابير المانعة لوقوع الجريمة ومن النصوص التي تكفل وقاية المجتمع منها بما يتفق مع شرعية النصوص التي تتخذ كوسيلة لتحقيق هذه الأهداف، وفي هذا السياق، رتب قانون المرور على كل فعل مجرم فيه عقوبة، إما تكون مالية أو عقوبة سالبة للحرية، الغرض منها تحقيق المصلحة العامة التي تتمثل في ضبط السلوك العام لسائقي المركبات، وتحقيق السلامة المرورية. وهو ما يتعين معه أن تكون العقوبة المالية المنصوص عليها في قانون المرور واجبة التنفيذ حتى يتحقق الردع العام.ووفقاً للحكومة، لكي لا تفقد المخالفة المرورية قيمتها المعنوية، فكل تقليل من قيمة الغرامة أو التأخير في دفعها يجعل من العقوبة عبئاً لا طائل منها، ذلك أن غاية العقوبة في الوصول إلى نهاية حاسمة للمخالفة بما يعكس قوة القانون ويحقق الردع بنوعيه.ومراعاة للطبيعة الخاصة للمخالفة المرورية فقد نصت المادة (56) من قانون المرور على جواز إنهاء تلك المخالفات بالتصالح، ومنح الإدارة العامة للمرور سلطة إنهاء الدعوى قبل إحالتها إلى النيابة العامة، وباعتبار أن مبلغ التصالح بديلاً للعقوبة الجنائية يكون واجب الأداء دون تأخير أو تأجيل.ولغرض حث المخالف على سرعة دفع مبلغ التصالح المحدد للمخالفة، جاء النص القائم للفقرة الثالثة من المادة المذكورة بحكم تحفيزي يراعي مبدأ التدرج وسرعة استجابة المتهم للتصالح، وذلك بأنه على المتهم الذي يقبل التصالح أن يدفع مبلغاً يعادل الحد الأدنى للغرامة المقررة للجريمة في ميعاد أقصاه ثلاثون يوماً من تاريخ عرض التصالح عليه، فإذا بادر المتهم بالسداد خلال السبعة أيام التالية لعرض التصالح خفض مبلغ التصالح المذكور إلى النصف.وخلصت الحكومة، إلى أن مشروع القانون المقترح، وفي ضوء ما تم بيانه، يهدر مبدأ الردع العام لنصوص التجريم في قانون المرور ويفقد العقوبة المقررة معقوليتها وغايتها من تحقيق الردع بنوعيه العام والخاص، ويخالف مبدأ التدرج في التصالح الذي وضعه المشرع في نص المادة (56) بفقرتها الثالثة والرابعة على نحو ما سلف بيانه.