وزير الخارجية: حل الدولتين القضية المحورية للأمن في المنطقة

شدّد وزير الخارجية د.عبداللطيف الزياني، على أهمية التوصل إلى حل الدولتين باعتباره القضية المحورية للأمن والاستقرار في المنطقة، داعياً المجتمع الدولي إلى دعم المبادرات العربية التي تعزز الحوار وتدفع نحو حلول شاملة ودائمة.

واختتمت أمس، فعاليات منتدى حوار المنامة 2024، قمة الأمن الإقليمي في نسختها العشرين، بعقد الجلسة الختامية، والتي كانت بعنوان "إلى أين يتجه التعاون الاستراتيجي الإقليمي"، بمشاركة الزياني، ووزير الشؤون الخارجية الهندي الدكتور سوبرامانيام جاي شانكار، ومستشار الأمن القومي في جمهورية التشيك توماس بوجار، وأدار الجلسة المدير العام والرئيس التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية د.باستيان غيغرج، وبحضور شخصيات سياسية وعسكرية وأمنية وأكاديمية.

وأضاف الزياني أن التحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط، تتطلب تعميق التعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار، بما ينعكس إيجاباً على جودة حياة شعوب المنطقة، مشدّداً على أن هذه القضايا تعد محورية لرسم مسار مستقبل المنطقة، متسائلاً عما إذا كانت ستصبح أكثر استقراراً وقدرة على تجاوز الصراعات والأزمات.

وأشار الوزير إلى أن العالم العربي أرسى قواعد التعاون الإقليمي منذ تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ أكثر من أربعين عاماً. وأضاف أن التعاون العربي والدولي أثمر العديد من المبادرات البناءة، مثل مبادرة السلام العربية لعام 2002، والجهود الخليجية لحل الأزمة اليمنية، والاتفاقيات الإبراهيمية، التي عكست التزام المنطقة بإرساء السلام والتنمية المستدامة.

وأوضح أن الجهود الأكثر حداثة، هي تلك المبادرات التي اقترحتها البحرين بصفتها الرئيس الحالي لجامعة الدول العربية، وتعاون المملكة العربية السعودية مع الاتحاد الأوروبي والنرويج من أجل تأسيس التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين.

وأكد أهمية المبادرات الابتكارية، مثل اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل بين البحرين والولايات المتحدة، التي تعكس نموذجًا للتعاون الذي يعزز الاستقرار والتنمية.

وأضاف وزير الخارجية أن المشاريع الجديدة، مثل "الممر الهندي"، ستعزز موقع المنطقة ضمن الاقتصاد والأمن العالميين، مما يعكس تحولاً عربياً نحو تحقيق التكامل الإقليمي والدولي.

وأكد أن التركيز لا يقتصر على التعاون الإقليمي بل يتجه نحو وضع الشرق الأوسط في سياق عالمي أوسع، بهدف بناء استدامة السلام والتنمية عبر شراكات استراتيجية مستدامة.

وأضاف أن المنطقة تزخر بإمكانات التعاون الإقليمي، على الرغم من التحديات المعقدة. وأشار إلى أهمية التعامل مع الأمن بمفهومه الشامل، الذي يشمل الأمن السيبراني وحماية البنية التحتية، لمواجهة التهديدات المستجدة.

كما أكد الزياني أهمية دعم التعاون الإقليمي ضمن الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، مشيراً إلى دور مجلس التعاون الخليجي في حل النزاعات الإقليمية مثل الأزمة اليمنية. وأوضح أن الأمم المتحدة يمكنها تعزيز هذه الجهود عبر دعم المنظمات الإقليمية، مما يسهم في تحقيق السلام العالمي.

ولفت إلى أهمية المرونة في العمل المشترك، مشيراً إلى أن نماذج التعاون المصغرة يمكن أن تتوسع تدريجياً وفقاً للظروف. ودعا إلى استغلال الفرص لتحقيق شراكات استراتيجية أعمق، مثل اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل، التي تتوسع بمشاركة شركاء جدد لتعزيز الاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط وخارجه.

فيما أكد وزير الشؤون الخارجية الهندي، على أهمية تعزيز التعاون الاستراتيجي الإقليمي مع دول الخليج والشرق الأوسط، مشيراً إلى الروابط التاريخية والثقافية العميقة التي تجمع الهند مع دول المنطقة، والتي تضم نحو 60 مليون نسمة يعيشون في منطقة الخليج، إلى جانب الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للشرق الأوسط.

وأوضح أن المنطقة، التي شكلت عبر التاريخ جسراً بين أوروبا وآسيا، تلعب دوراً حيوياً في رسم ملامح المستقبل، خاصة فيما يتعلق بالطاقة النظيفة، مثل الهيدروجين الأخضر، الذي يمكن أن يشكل جزءاً رئيساً من المبادرات البيئية العالمية.

وأشار إلى أن العلاقات بين الهند ودول مجلس التعاون تتجاوز مجرد التجارة والطاقة لتشمل الاستثمار والتكنولوجيا والزراعة، موضحاً أن حجم التجارة بين الجانبين يبلغ 80 مليار دولار سنوياً، فيما يعيش نحو 9 ملايين هندي في دول الخليج، مما يعكس أهمية الشراكة المتبادلة.

وذكر أن المنطقة العربية والبحر الأبيض المتوسط تتمتع أيضاً بأهمية استراتيجية كبيرة للهند، حيث تشمل التعاون في مجالات البنية التحتية والتكنولوجيا والصناعات العسكرية، لافتاً إلى أن نصف مليون هندي يعملون في منطقة البحر الأبيض المتوسط، مع وجود شركات هندية رائدة تعمل في مشاريع كبيرة مثل بناء المطارات.

وفيما يتعلق بالتعاون السياسي والدبلوماسي، شدّد وزير الشؤون الخارجية الهندي على ضرورة العمل المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية، مؤكداً دعم الهند للاتفاقيات الإبراهيمية، معرباً عن أمله في تعزيز الشراكات الجديدة مثل مجموعة I2U2 التي تضم الهند والإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة.

وأشار إلى أهمية تعزيز الأمن الإقليمي، حيث تعمل الهند مع الشركاء الدوليين لمواجهة التحديات الأمنية وحماية مسارات التجارة البحرية، مشيداً بالدور الذي تلعبه القوات البحرية الهندية في هذا الصدد.

بينما أكد مستشار الأمن القومي في جمهورية التشيك، على أهمية التصدي الجاد لحالة الفوضى التي يشهدها العالم اليوم، مشدّداً على ضرورة العمل الموحد لتعزيز الأمن والسلام والاستقرار العالمي.

وأشار إلى أن أوروبا تواجه حالياً واحدة من أكبر الأزمات منذ الحرب العالمية الثانية، والمتمثل في الحرب الروسية الأوكرانية، مع استمرار حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا، غزة، لبنان، اليمن، والسودان، بالإضافة إلى التوترات التي تشهدها مناطق أخرى في العالم، وإن لم تتحول بعضها إلى صراعات مسلحة. وأكد أن هذا الوضع يتطلب تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتحقيق الأمن والاستقرار.

كما شدّد مستشار الأمن القومي التشيكي على أهمية تحديد المسؤوليات في الصراعات العالمية، مشيراً إلى ضرورة التمييز بين المعتدي والضحية، ومحاسبة من يساهمون في دعم الإرهاب وتمكينه من السيطرة، باعتبار أن الإرهاب يشكل عائقاً أمام ازدهار أي منطقة أو دولة.

وفيما يتعلق بمبادرات وقف إطلاق النار، أشار إلى أهمية ضمان أن تؤدي هذه الخطوات إلى تحقيق سلام مستدام، مع ضرورة ربطها بتوفير المساعدات الإنسانية بشكل عادل، بحيث تصل إلى المدنيين دون أن تستغلها الجماعات المسلحة أو الأنظمة المستبدة، مما يزيد من معاناة المتضررين.

وتطرق إلى مساهمات جمهورية التشيك في تعزيز الأمن العالمي، مشيداً بدورها في تحرير الكويت واستقبال آلاف اللاجئين من دول البلقان، إلى جانب مشاركتها في قوات حفظ السلام في مختلف المناطق. كما أوضح أن بلاده استقبلت أكثر من 400 ألف لاجئ أوكراني منذ اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، مشيرًا إلى الأعباء الكبيرة التي تحملتها بلاده دون دعم دولي كافٍ.

وأكد استعداد جمهورية التشيك للمشاركة في إعادة إعمار غزة ولبنان، داعياً إلى تبني نهج دولي مشترك لتوزيع المسؤوليات وضمان تحقيق التنمية.