حسن الستري
تحديد سقف الاستقدام يفتح باب السوق السوداء ويزيد التكاليف..
تحفّظت الحكومة على مشروع قانون شوري يحدّد أسعار استقدام خدم المنازل، ومن في حكمهم، لأسباب بينها تنافي جعل هيئة تنظيم سوق العمل مراقباً تجارياً مع أحكام قانون تنظيمها، إضافة إلى أن مشروع القانون قد يزيد الأعباء المالية على المواطنين، ويفتح المجال لـ»سوق سوداء»، قبل أن تؤكد أنها تقوم بمبادرات بينها، تطوير منصة إلكترونية لتفعيل الرقابة على مكاتب التوظيف والأسعار، ودراسة إلزام المكاتب بتقديم بيانات مالية مدققة، وإبرام مذكرات تفاهم مع الدول المصدّرة للعمالة لتقليل تكاليف الاستقدام وتسهيل إجراءات الاستقدام المباشر.
وطبقاً للمشروع تحدّد هيئة تنظيم سوق العمل بصفة دورية الحد الأقصى لتكاليف استقدام خدم المنازل ومن في حكمهم من كل جنسية بشكل مفصّل، بما يشمل بدل الأتعاب الذي يتقاضاه مكتب التوظيف، ولا يجوز للمكتب أن يتقاضى من صاحب العمل ما يجاوز هذه التكاليف، كما يحظر الحصول على أية منفعة أو مزية أو تقاضي أية مبالغ من صاحب العمل تزيد على المبالغ التي تحددها الهيئة في هذا الشأن.
وتخلص الغاية من مشروع القانون المقترح في مواجهة مغالاة مكاتب الاستقدام في تحديد مبالغ استقدام خدم المنازل ومن في حكمهم، وذلك بأن تحدد هيئة تنظيم سوق العمل الحد الأقصى لهذه المبالغ باعتبار أن قانون تنظيم سوق العمل رقم (19) لسنة 2006 قد حولها كافة المهام والصلاحيات اللازمة لتنظيم سوق العمل بالمملكة، وتنظيم تراخيص وكالات توريد العمال ومكاتب التوظيف، وتعمل الهيئة كجهة مركزية يتم من خلالها مراقبة مدى الالتزام بأحكام هذا القانون، إلا أن قيام هيئة تنظيم سوق العمل بتحديد الحد الأقصى لتكاليف وأسعار الاستقدام، يدخلها في عملية تحديد أسعار وقيمة تلك الخدمة المقدمة من مكاتب التوظيف كمراقب تجاري بطبيعته، وهذا لا ينسجم مع طبيعة أحكام قانون تنظيم سوق العمل وغاياته التنظيمية، فيما يتعلق بالتراخيص التي تصدرها الهيئة، ويترتب على ذلك آثار سلبية تتحدد فيما يلي:1) إن تحديد حد أقصى الأسعار الاستقدام قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار التي كانت تقل عن الحد الأقصى (قبل تحديد الأسعار) وبالتالي سيقع على عاتق المواطن سداد مبالغ تفوق المبالغ التي يؤديها في الوضع الحالي خاصة في ظل تفاوت الأسعار بين مكاتب التوظيف وجنسيات العمالة المنزلية.
2) قد يؤثر تحديد حد أقصى لأسعار الاستقدام على مستوى ومهارة العمالة المنزلية التي يتم استقدامها، فمن المتوقع أن تلجأ العمالة الماهرة وذات الخبرة إلى الدول الأخرى ذات الحد الأعلى لتكاليف الاستقدام، بينما سيقتصر الاستقدام إلى مملكة البحرين على العمالة ذات الكفاءة المتدنية.
3) يترتب على مشروع القانون المقترح خلق سوق سوداء لاستقدام العمالة - خاصة خدم المنازل ومن في حكمهم. وبكلفة أقل من الأسعار المحددة، كما قد يوقف الاستقدام من جنسيات معينة نتيجة لارتفاع التكلفة الأمر الذي قد يخلق سوق سوداء أخرى نتيجة لقلة تدفق بعض العمالة من جنسيات معينة.
وذكرت أن مشروع القانون المقترح قد يؤثر على تنافسية مكاتب التوظيف فيما يتعلق بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والمميزات التي توفرها مكاتب الاستقدام والتي تتفاوت من مكتب لآخر بحسب مستوى الخدمة المقدمة، كما قد يؤدي إلى قيام مكاتب التوظيف بتحديد الاستقدام بجنسيات معينة والتي تكون تكاليف استقدامها منخفضة وهامش الربح أعلى.وعليه، فإن مشروع القانون المقترح لا يحقق فائدة إيجابية حقيقة لأصحاب العمل ومكاتب التوظيف، حيث إن له من الآثار السلبية التي قد تؤثر على طبيعة الاختصاصات التي تؤديها هيئة تنظيم سوق العمل، كما أن إقراره لا يحقق الغاية المرجوة منه لأصحاب العمل وهي خفض أسعار وتكاليف استقدام العمالة، مما لا يتحقق معه المصلحة الاجتماعية من إقراره - ويثير صعوبة في تطبيق مشروع القانون المقترح -حال إقراره- من حيث ضمان الامتثال لأحكامه وتطبيقها على النحو المراد.
ونوهت الحكومة إلى أنها تقوم من خلال هيئة تنظيم سوق العمل بالمبادرات الآتية:
1- تطوير منصة إلكترونية يتم من خلالها تفعيل آليات الرقابة على كافة المعاملات والإجراءات المتعلقة بالاستقدام والتي تقوم بها مكاتب التوظيف.
2- تفعيل الرقابة على أسعار الاستقدام التي تفرضها مكاتب التوظيف، وفي حال وجود زيادة في الأسعار بنسبة معينة يتم تكليف مكتب التوظيف بتقديم المبررات ومن ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة والتي قد تصل إلى إلغاء المكتب.
3- دراسة إلزام مكاتب التوظيف بتقديم بيانات مالية مدققة بشكل دوري.
4- النظر في إبرام مذكرات تفاهم مع الدول المصدرة للعمالة والذي قد يسهم في تقليل تكاليف الاستقدام وتسهيل إجراءات الاستقدام المباشر.
وذكرت الحكومة أن مشروع القانون المقترح تضمّن إضافة مقترحة للفقرة (د) من المادة (23)، وهذه الإضافة في جوهرها هي ذات الحكم الذي تضمنه عجز البند (6) من الفقرة (1) من المادة (4) من مشروع القانون المقترح، والذي بمقتضاه لا يجوز لمكتب التوظيف أن يتقاضى من صاحب العمل ما يجاوز الحد الأقصى لتكاليف الاستقدام لخدم المنازل ومن في حكمهم، وعدم جواز تقاضي ما يجاوز الحد الأقصى من تكاليف الاستقدام، فنطاق الحظر هو تجريم الحصول على أية منفعة أو مزية أو تقاضي أية مبالغ من صاحب العمل تزيد على المبالغ التي تحددها هيئة تنظيم سوق العمل -حال إقرار مشروع القانون المقترح- وهذه المبالغ لا يتقاضاها سوى مكتب التوظيف، وبالتالي تكون أمام تكرار لحكم الحظر في المادتين محل التعديل ويغني أحدهما عن الآخر.