دعت دراسة علمية محكمة ، نُشرت من قبل دار النشر العالمية Springer، للباحثة البحرينية منة مسعود، إلى

تطوير ميثاق شرف رقمي حديث يشمل التحديات المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي، والتلاعب بالخوارزميات، لجانب إدماج مساقات متخصصة في أخلاقيات الإعلام الرقمي ضمن المناهج الجامعية وبرامج تدريب الإعلاميين.

وكانت دار النشر العالمية Springer نشرت دراسة علمية محكمة للإعلامية الباحثة البحرينية منة مسعود، وذلك في خطوة علمية تعكس الحضور البحريني في المحافل البحثية الدولية.

وتناولت الدراسة موضوعًا محوريًا في الإعلام المعاصر، يتمثل في "أخلاقيات الإعلام الرقمي والممارسة المهنية"، في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم الرقمي وتأثيرها العميق على بنية العمل الإعلامي.

والدراسة، التي لاقت اهتمامًا أكاديميًا بسبب عمقها وراهنية موضوعها، ناقشت بشكل معمق أهمية ترسيخ القيم الأخلاقية في بيئة الإعلام الرقمي، التي أصبحت تتسم بالتداخل بين الإنسان والتقنية، وبالسرعة في تداول المعلومات، الأمر الذي فرض تحديات غير مسبوقة على الممارسات المهنية، خصوصًا في ظل تزايد الاعتماد على الخوارزميات والذكاء الاصطناعي في صناعة وتوجيه المحتوى.

وسلطت الباحثة الضوء على اتساع رقعة الانتهاكات الرقمية، بدءًا من خرق الخصوصية الشخصية، وصولًا إلى ترويج المعلومات المضللة، مؤكدة أن هذه الظواهر لم تعد أخطاء عابرة، بل تحولات هيكلية تفرض على الإعلاميين مسؤوليات أخلاقية مضاعفة. وبيّنت الدراسة أن غياب الأطر الأخلاقية أو تجاهلها في بيئة الإعلام الرقمي يؤدي إلى تآكل ثقة الجمهور، وانهيار القيم المهنية، ما يُهدد سلامة الفضاء العام والمجتمعات على حد سواء.

وقد أظهرت الدراسة، من خلال تحليلها لأدوات الممارسة الإعلامية الحديثة، أن المسؤولية الأخلاقية في الإعلام الرقمي لا تقتصر على المؤسسات، بل تشمل العاملين الأفراد، وصانعي المحتوى، والمستخدمين، فضلًا عن المنصات الرقمية نفسها. كما أكدت أن المهنية الإعلامية لا تكتمل إلا بالالتزام بمعايير الشفافية والمصداقية، واحترام الخصوصية، ومراعاة العدالة في تمثيل التنوع، والابتعاد عن الانحياز والتضليل.

وفي هذا السياق، دعت الدراسة إلى تطوير ميثاق شرف رقمي حديث يتماشى مع الواقع التكنولوجي الجديد، ويتجاوز المفاهيم التقليدية للأخلاق الإعلامية، ليشمل التحديات المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي، والتلاعب بالخوارزميات.

كما أوصت بضرورة إدماج مساقات متخصصة في أخلاقيات الإعلام الرقمي ضمن المناهج الجامعية وبرامج تدريب الإعلاميين، لتعزيز الوعي المهني في مواجهة الانزلاقات الأخلاقية التي قد تحدث عن قصد أو غير قصد.

وأشارت الدراسة إلى أن الإعلام الرقمي، رغم ما يتيحه من إمكانيات هائلة للتواصل والانفتاح، إلا أنه يتطلب وعيًا مضاعفًا بمخاطره، والتزامًا أخلاقيًا صارمًا، كي لا يتحول إلى أداة لتفكيك القيم أو إنتاج العنف الرمزي. فالممارسات الإعلامية التي تهمل أخلاقيات العمل تؤدي إلى إضعاف الثقة بين الجمهور ووسائل الإعلام، وتُكرّس مناخًا من الفوضى المعلوماتية التي يصعب ضبطها.

واختتمت الباحثة دراستها بالتأكيد على أن الالتزام بالأخلاق في البيئة الرقمية لم يعد ترفًا مهنيًا، بل هو شرط وجودي لحماية المجتمعات من آثار المعلومات المضللة، وانتهاك الحقوق الرقمية، وتسليع الإنسان وتحويله إلى مجرد بيانات قابلة للاستغلال. وأضافت أن بناء إعلام رقمي مسؤول يتطلب شراكة حقيقية بين الإعلاميين، وصناع السياسات، والمؤسسات التعليمية، والمجتمع المدني، بما يضمن بيئة إعلامية تضع الإنسان وكرامته في صميم اهتمامها.

ويعد نشر هذه الدراسة المحكمة في واحدة من أعرق دور النشر العالمية ليس فقط تتويجًا للمجهود البحثي للإعلامية الباحثة البحرينية منة مسعود، بل يُعد أيضًا مساهمة معرفية نوعية في النقاش العالمي حول مستقبل الإعلام وأخلاقياته في العصر الرقمي، ويؤكد على قدرة الباحثين البحرينيين على تصدير الفكر والموقف العلمي إلى فضاءات التأثير الدولي.