تُعدّ صحة المرأة جزءاً محورياً من صحة المجتمع، فهي الأساس الذي تقوم عليه الأسرة، وحالتها الصحية تنعكس بشكل مباشر على جودة حياة من حولها. ومع تزايد انتشار الأمراض المزمنة في السنوات الأخيرة، يظهر مرض السكري كأحد أبرز التحديات الصحية التي تواجه النساء في مختلف المراحل العمرية. فالسكري ليس مجرد ارتفاع في مستويات السكر، بل هو حالة صحية قد تؤثر على أعضاء متعددة، مما يجعل فهمه والتعامل معه بوعي أمراً ضرورياً.
ويؤثر السكري على المرأة بطرق قد تختلف عن الرجل، وذلك نتيجة تركيبة الجسم الهرمونية والبيولوجية. فالنساء المصابات بالسكري أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، حيث ترتفع احتمالية حدوث الجلطات والنوبات القلبية لديهن مقارنة بالرجال. كما يؤثر السكري على الهرمونات الأنثوية، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في الدورة الشهرية أو زيادة في أعراض ما قبل الحيض. بالإضافة إلى ذلك، تعاني الكثير من النساء المصابات من التهابات المسالك البولية والفطريات بشكل متكرر بسبب ارتفاع مستويات السكر التي تخلق بيئة مناسبة لنمو البكتيريا.
ويمتد تأثير السكري ليشمل الخصوبة أيضاً؛ فقد تواجه المرأة صعوبة في الحمل إذا لم يكن مستوى السكر لديها ضمن المعدل الطبيعي. أما خلال الحمل، فيصبح التحكم بالسكر أكثر أهمية لحماية الأم والجنين من المضاعفات مثل الولادة المبكرة، أو ارتفاع وزن الجنين، أو خطر سكر الحمل. لذلك يُنصح بأن تخضع المرأة لبرنامج متابعة دقيقة قبل الحمل وخلاله لضمان مرور هذه المرحلة بأمان واستقرار صحي.
وتلعب الوقاية دوراً أساسياً في الحد من مخاطر السكري، إذ يمكن لنمط حياة صحي أن يخفّض نسبة الإصابة أو يقلل من المضاعفات بشكل كبير. فالالتزام بغذاء متوازن منخفض السكر، وممارسة الرياضة بانتظام، مثل المشي لمدة نصف ساعة يومياً، يساعد في تحسين استجابة الجسم للأنسولين. ولا يقل النوم الجيد وإدارة التوتر أهمية، حيث إن التوتر المستمر يرفع هرمونات تؤثر سلباً على مستوى السكر في الدم.
كما يُعد الفحص المبكر والمتابعة الدورية من أهم خطوات السيطرة على السكري، إذ يساعد الكشف المبكر في التعامل مع أي تغيّر قبل أن يتحول إلى مشكلة خطيرة.
إن تمكين المرأة بالمعرفة الصحية يساهم في تعزيز قدرتها على الوقاية والسيطرة على المرض، مما يحسن جودة حياتها ويضمن مستقبلاً صحياً أفضل لها ولأسرتها.
* عضو جمعية السكري البحرينية