أكد وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة أن المناسبات الإسلامية ومنها ذكرى الإسراء والمعراج "فرصة تمنحنا وقفات مع النفس، نرى فيها بعمق واقع الأمة الإسلامية، ونأخذ منها الدروس والعبر والعظات ونستمد منها الحلول لما تواجهه الأمة من تحديات تستهدف منظومة قيمها الأخلاقية الإنسانية السامية".
جاء ذلك خلال الاحتفال السنوي بذكرى ليلة الإسراء والمعراج، إذ أقيم بجامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الأثنين، تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وبتنظيم من إدارة الشؤون الدينية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، بحضور المشايخ والقضاة، والسفراء ورجال السلك الدبلوماسي، وجمع من المواطنين والمقيمين.
وقال الوزير إن معجزة الإسراء والمعراج ودروسها ستمنحنا العزم لتحقيق مزيداً من وحدتنا والعمل على حراسة مكتسباتنا الوطنية ملتفين حول قيادتنا وعلى رأسها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى، أدعو الله أن يطيل في عمره ويحفظه ويوفقه لما فيه خير البلاد والعباد، ورئيس وزرائه صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وفقهم الله جميعاً وهيأ لهم البطانة الصالحة الناصحة".
وأشار إلى أن من يقرأ أحداث السيرة العطرة لنبينا صلوات الله وسلامه عليه فإنه يستنير بهديها فيما يمر بنا من أحداث ومتغيرات لنستوضح معالم الطريق ونسير على هدى من الله مقتدين بنبيه الكريم صلوات الله وسلامه عليه، لقوله تعالى:"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً"، موضحاً بأن "دروس الإسراء والمعراج تأخذ بنا إلى المزيد من الثقة فيما عند الله تعالى من نصر وتأييد وتمكين وأمن وأمان واستقرار، وترسخ فينا اليقين بأن قادم الأيام أفضل بإذن الله تعالى، فالإسراء والمعراج يعلمنا أن قدرة الله العظيمة لا يعجزها شيء حيث تتضاءل وتتصاغر أمامها عظائم الأمور والنواميس الكونية التي لم تقف عائقاً أمام الحركة الإعجازية للمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم جسداً وروحاً دون اعتبار للزمن والمسافة".
واستطرد بأن الإسراء والمعراج يعلمنا أنه مادام الله هو الآمر فلا شك أنه هو الضامن والحافظ والناصر، وأن اليسر مع العسر، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، كما يعلمنا أن الصلاة عماد الدين، وغرة الطاعات، ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات، وهي ركن الأركان، وأساس البنيان، وهي أول ما يحاسب عنه المرء يوم القيامة، فالصلاة بركة من بركات الإسراء والمعراج، علاوة على أن هذه المعجزة تثبت الحق الأبدي للمسلمين في بيت المقدس وتأكيد العمل دون كلل أو هوادة لإعادته لحوزة المسلمين باعتباره أحد أهم مقدسات الأمة الإسلامية".
من جانبه، ألقى خطيب بإدارة الأوقاف السنية الشيخ عبدالناصر الصديقي، كلمة قال فيها: الإسراء والمعراج بلسماً لجراح بشرية محمد؛ فكانت سراجاً أضاء الطريق أمام دعوته، فالإسراء شرف ورفعة، وفضل ومنة، وهي بشرى بانقضاء عهد البلاء والمحن، والاضطهاد والفتن، وفي الحادثة أجل ما أعطيه النبي من الآيات الحسية والكرامات المادية.
وأضاف أن "النبي صلى الله عليه وآله سلم قد أُوتي من المعجزات ما لم يُؤت مثله من نبي أو رسول، وهذه المعجزات ليست للتحدي بل للتشريف والتكريم. منها انشقاق القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وآية تكثير الطعام القليل حتى أشبع العدد الكثير، حنين الجذع، واستجابة الجمادات لدعائه لها وإتيانها له. ولكن التحدي وقع قطعاً بالقرآن الكريم، وآية الإسراء أرفع وأجل آيات التشريف والتكريم ليتيم بني عبدالمطلب. وثبوت الإسراء قائم بالروح والجسد، وهو في أكمل بشريته".
وحول الدروس والعبر المستفادة من هذه الحادثة، قال الصديقي "الإسراء والمعراج درس إلهي في صقل عزائم الدعاة، وجاء استجابة لنداء عبده وحبيبه، بعد طول معاناة، وصبر على البلاء، كما تعلمنا هذه المعجزة أن للمحن والمصائب حِكماً، منها أن تسوق أصحابها إلى باب الله تعالى، وتلبسهم رداء العبودية، وأنه لا ينبغي للمحن أن تصدنا أو تعيقنا عن متابعة السير في ثبات وعزيمة، فالله هو الآمر وهو الضامن. مشيراً إلى أنه لولا الصبر والجهاد لما انتشر الإسلام ، وأنه لا ينبغي للدعاة أن يلتفتوا إلى المثبطين للعزائم، والمترددين الذين يخشون على مصالحهم ومكتسباتهم، فلابد بعد العسر من يسر، وأن الفرج مع الكرب، وأن المسلم الحق هو من يحمل هموم المسلمين، ويسعد بسعادتهم، ويتألم لتألمهم. فالمسلمون كالجسد الواحد".
بعدها، ألقى عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الشيخ محمد عبدالمهدي، كلمة قال فيها "إنه لشرف لي أن أتحدث في هذه الليلة المحفوفة بالرحمة والبركات في هذا الحفل المبارك عن معجزة وآية من آيات الله العظيمة، التي تتطلع القلوب المؤمنة لنيل رضوان الله وغفرانه ورحماته في تفيي ظلالها والاستنارة بما دار فيها مما حارت فيه العقول وعجز عن فهمه ذوو الألباب، فهي آية شريفة نطق القرآن الكريم بفضلها، فقال تبارك وتعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آيتنا إنه هو السميع البصير".
وأوضح أن "كلمة المسلمين اتفقت على أن الإسراء والمعراج حادثة ومعجزة وقعت حتماً ولا مجال لنكرانها وإن اختلفوا في تفاصيلها، وما يتعلق بها مما ترشح عنها إلا أنهم مجمعون على وقوعها ولا حاجة للتدليل على وقوعها بأدلة العقل مع وجودها ووفرتها وقوتها، إلا أن الحديث في هذا المقام مع المؤمنين بها والمسلِّمين بوقوعها ويكفينا هذا الدليل النقلي فهو المقدم عندنا، كيف لا وقد ثبتت بالدليل النقلي القطعي الصدور وهو كتاب الله الناطق بحدوثها ووقوعها وتواتر السنة المطهرة بأحاديثها وتفاصيل ما جرى فيها، فسبحان من أنعم علينا بهذه النعمة التي تثبت القلوب الصالحة على شريعة رسول رب العالمين".
واشار إلى أنه "يُستفاد من حادثة الإسراء والمعراج، عدة أمور، أبرزها: ابتداء الرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهما محل ديانات سماوية، دليل على وحدة الديانات ومصدريتها العليا ووحدة هدفها ما ينفعنا في سبيل الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أن صلاته عليه أفضل الصلاة والسلام بالأنبياء فيها دلالة على الرتبة والمنزلة العالية له عليه أفضل الصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين فهو سيدهم وإمامهم وخاتمهم وأن شريعتهم مهيمنة على الدين كله، كما إن في الإسراء والمعراج دعوة لأن يلتف الإنسان حول هذا النبي العظيم الذي كرمه الله بأن حمله إلى تلك المواضع الغامضة من سماواته وملكوته وتشرفت الكائنات بالسلام عليه واستبشرت باستقباله، فضلاً عن أن هذه الحادثة فيها دعوة للتأمل في عظمة الله وقدرته ودعوة للنظر إلى ملكوت الله وسعته وللتفكر في مقامات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لنزداد له حباً وبه إيماناً ومعرفة وتمسكاً بشريعته".