لا يأتي الحديث عن قرب موعد حلول شهر رمضان الكريم إلا ويمتعض المدخنون نفسياً حول كيفية قيامهم بالصوم دون الاستغناء عن ذلك الشعور المحبب لديهم مما يضعهم في مأذق يفكرون فيه طويلاً، بعضهم يلجأ للمسلسلات والأفلام لقتل الوقت، وبعضهم الآخر يفضل النوم، في حين يذهب آخرون إلي أدوات أكثر إيجابية كاستخدام الأدوات الرياضية.."الوطن" التقت عدداً من المدخنين وتعرفت معهم على كيف يقضون نهار رمضان...
في البداية قال أبو علي "52 سنة" مدخن عتيق إنه لا يمر يوم دون أن تجد السيجارة إليه سبيلاً، وهو بالمثل لا يدخر سبباً أو عذراً ليلبي نداءها المتواصل إليه، يصف علاقته معها بأنها شعلة موقودة رغم اللقاء المتكرر بينهما، لكن في رمضان تتحول هذه العلاقة إلى شعلة متطايرة الشرر، فأمزجة المدخنين تتقلب وسريعة الفوران، والشوق إليها يصبح عنيف، فيعتقد الناس أننا حادو الطباع ويصفنا آخرون بالقنابل الموقوتة، إلا أن هذه الحدة والعنف مجرد نتاج لرهافة أحاسيسنا وعشقنا اللطيف للسيجارة.
من جانبه، قال حسين عبدالله "26 سنة" إنه يجد في النوم في نهار رمضان ملجأ فاستراتيجيته الابتعاد عن الناس فيجعله يبدو في نظر البعض منطوي ولا اجتماعي، وكلما تقدم زمن الفطور زادت اللهفة إلى وصال المعشوقة، ويفيد أن لحظة الإفطار لديه تبدأ بشفة الوصل، كما إن ساعة السحر لديه تنتهي بشفة إعلان الهجر، وهكذا يقع هو بين الوصل والهجر، ويصف هذا الوضع بالمعاناة.
وكشف محمد صالح "35 سنة" عن حقيقة بذل الجهد في الفترة الواقعة بين لحظة الإفطار وساعة السحر للتعويض عن زمن الحرمان، فهو يقر أن استهلاكه اليومي من السجائر في رمضان تزيد مقارنة بغيره، ويعترف أحمد صالح "32 سنة" بأنه يستهلك تقريبا ثلاث أضعاف استهلاكه الطبيعي من علب السجائر في رمضان "تقريباً ثلاث علب سجائر = أي 63 سيجارة، ويرى أن استهلاك السجائر يرتبط بطبيعة الليل الرمضاني بما فيه من مسلسلات وسمر وسهر تختلف عن سواها من الليالي، فطبيعتها تدفع لاستهلاك أكثر للسجائر، وأجمعا أن مجرد معرفة المدخن بقرب الحرمان تدفعه إلى التدخين بشراهة عله وعسى يشبع منها إلى حين مرور فترة الحرمان، وهو ما لا يتحقق لكنه يواظب عليه.
وأكد أن المدخن هنا يشبه وضع العاشق الذي يعرف وضعه و يعرف ما ستؤول إليه الأمور، لكنه رغم ذلك يقدم عليها بكل سذاجة، بل ويعيد الفعل المرة تلو الأخرى مكرراً نفس النتائج، ولن يكتفي إلا إذا ترك العشق، وكذلك حال المدخن لن يكتفي إلا إذا ترك التدخين.
وعن أسباب تعلق المدخن بالسيجارة، يعزو الطبيب سيد علي نعمة الأمر إلى إدمان النيكوتين، وهو مركب يحدث تغييرات بجهاز عصبي الجسم ذا أثر فعال على مراكز الشعور بالإيجابية والسعادة، وفي حال أقلع الفرد عن التدخين لا تحدث انعكاسات سلبية على وظائف الأعضاء، فما يحدث هو انقطاع في أعراض الانقطاع، لكن لا أضرار على الصحة، فألم الرأس والمزاج السيئ والأرق والسعال أعراض الانقطاع لكنها مؤقتة.