زكية البنعلي

القرقاعون والمدفع والمسحر عادات تراثية يتم إحياؤها في الشهر الكريم كل عام، فهذه العادات وغيرها تتشارك فيها البحرين مع دول الخليج في إحيائها خلال أيام وليالي رمضان.

وتعد (النقصة) تبادل الصحون من العادات الرمضانية أيضاً، حيث يرسل كل بيت صحناً للبيوت المجاورة له أو للأهل، ومازلت قائمة إلى يومنا هذا في بعض المناطق، حيث يفرح أفراد العائلة بهذه النقصة انطلاقاً من المثل: " لقمة الغريب حلوة ".

ولا يقتصر الأمر على العادات الرمضانية بل يظهر التقليد في المطبخ الرمضاني، فلسفرة رمضان أطباقها الخاصة مثل (الهريس، المضروبة، الثريد، الأرز، الساقو، المحلبية، اللقيمات، الخنفروش، الكباب، الفيمتو، البلاليط، الشوربة، السمبوسة).

تقول فتحية عبدالله وهي سيدة في عقدها الخمسين: "هذه العادة مازالت موجودة في منطقة الحد حيث أسكن، ففي الماضي يرسل صحن واحد إلى بيت الجيران أما الآن فترسل البيوت 3 إلى 4 أطباق للجيران، ودخلت عليها بعض الأطباق الجديدة من الحلويات والأكلات الحديثة".

أما فاطمة محمد وهي فتاة شابة في العقد العشرين من عمرها فتقول: "إن تناول الفطور على المائدة يعد من العادات الشعبية التي تجمعني بأسرتي في شهر رمضان، ففي الماضي كنا نجتمع مع العائلة جميعاً في وقت الغداء، أما الآن فنجتمع فقط في الإجازة، ولكن في رمضان يعود تجمع العائلة من جديد على مائدة الإفطار".

يوسف البنعلي في العقد الستين من عمره يبدي رأيه قائلاً: "يعتبر المسحر من العادات القديمة في رمضان "يطوف" في (الأحياء والفرجان) ويقرع الطبول بوقت كافٍ قبل الأذان قائلاً: ""سحور يا عباد الله" لإيقاظ الناس لتناول السحور، ومن العادة الرمضانية في أول ليلة من رمضان يتسحر الناس بلاليط وهي تعتبر من الأكلات الشعبية المفضلة على الإطلاق".

ويضيف البنعلي: "إضافة للمسحر فقد كان المدفع وسيلة أخرى لتنبيه الناس لوقت السحور في الماضي، أما الآن فيستخدم للفطور فقط للتنبيه بدخول وقت المغرب، حيث يجتمع فئة من الناس لسماع صوت المدفع والاستمتاع بالمنظر الجميل، ومازالت هذه العادة موجودة كتراث تورثه المملكة للأبناء والأحفاد".

وبعد الإفطار يستعد الناس لصلاة العشاء والتراويح، وهي أيضاً لا تخلو من العادات التراثية، وعنها تتحدث نيلة عبدالرحمن وهي في العقد الخمسين من عمرها: "يتم تبخير المساجد "بعود المسجد" قديماً لاستقبال المصلين، أما الآن فيتم تبخيره بالبخور المعطر أو العادي مع بعض المشموم.

وتضيف نيلة: "أذكر أنه عند الانتهاء من التراويح تبدأ "الغبقة" وهي عبارة عن تجمع العائلة أو الأصدقاء على مائدة الطعام، فتجتمع النساء مع بعضهن في البيوت أو مجالس النساء ويجتمع الرجال في المجالس، وتقام أيضاً فيها المحاضرات الدينية لتبادل الأحاديث مما يزيد من صلة الأرحام والعلاقات الاجتماعية، وغالباً ما تكون الغبقة مكونة من أرز وسمك، وتزداد الغبقات في بداية رمضان وتقل في نهايته لانشغال الناس بالعبادة في العشر الأواخر للشهر الفضيل".

وتزيد نيلة قائلة: "في النصف من رمضان يأتي "القرقاعون" حيث ترتدي الفتيات ملابس خاصة لهذه المناسبة وغطاء للرأس (البخنق) وكيس يجمعون فيه الحلوى والمكسرات ويقرعون البيوت للحصول على القرقاعون وينشدون "قرقاعون عادت عليكم هويا الصيام من بين قصير ورمضان، عطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم"، أما الصبيان فيرتدون الثوب ويحملون معهم كيساً للقرقاعون، والبعض منهم يرتدي مجسماً على شكل فرس مغطى بالأقمشة الملونة يسمى "الفريسة"، فيفرح أهل البيت بمجيء الأطفال ويطلبون منهم أن يغنون على فلان (ولدهم أو ابنتهم) ويبدؤون بالغناء عليه ومن ثم يقدمون لهم القرقاعون".

وتختم قائلة: "هكذا كانت عوايدنا، وهكذا نريدها أن تكون مستمرة جيلاً بعد جيل".