أوصت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس النواب برفضمشروع قانون بشأن الدين العام، والمتضمن على عدم جواز أن يزيد الرصيد القائم للدين العام في أي وقت من الأوقات على 60 % من الناتج المحلي الإجمالي.
وقد سبق وأن صوّت المجلسان على مشروع القانون ورُفع للحكومة التي رفعت المشروع لجلالة الملك، وتم رد مشروع القانون بموجب المرسوم رقم "8" لسنة 2016 إلى مجلسي الشورى والنواب لإعادة النظر فيه، وذلك إعمالاً لحكم المادة "35" فقرة "ج" من الدستور.
وبينت اللجنة أن الاعتراض الملكي السامي لم يأت على مادة أو مواد بعينها من المشروع، وإنما جاء على المشروع في مجمله مما يعد رفضاً له من حيث المبدأ، موضحة أن الظروف قد تغيرت كثيراً في الوقت الحالي الذي يُعاد فيه النظر في مشروع القانون عن الوقت الذي أقر فيه المجلسين مشروع القانون، وخاصة ما ترتب على الانخفاض الحاد في الموارد المالية للدولة بسبب انخفاض أسعار النفط عالمياً، وما ترتب على ذلك من آثار في ظل اقتصاد يقوم في أساسه على القطاع النفطي.
ولفتت اللجنة الى أن من شأن إقرار مشروع القانون بصورته الراهنة الحد من قدرة الحكومة على الاقتراض، حيث أن النسبة المقترحة في القانون لسقف الدين العام "60%" لا تتفق مع الاحتياجات التمويلية للحكومة، مما يؤدي إلى عدم قدرة الحكومة على إعادة تمويل الإصدارات القائمة والتي تستحق في السنوات المقبلة، وبالتالي الإخلال في مواعيد تسديد الديون المستحقة، مما سيكون له تداعيات خطيرة على الوضع الائتماني للدولة، وقدرتها على الاقتراض في المستقبل.
وبينت اللجنة أن اقتراح رفع سقف الدين العام عن النسبة المشار إليها في المشروع عن طريق تعديل المادة "13" من المشروع، سوف يكون له آثاراً سلبية على الاستثمارات في المملكة، والتصنيف الائتماني لها على المستوى الدولي، ويضعف من ثقة الجهات المقرضة، ويرفع من سعر الفائدة على الاقتراض.
وأكدت اللجنة أن التمسك بالمشروع بصورته الراهنة يفقده المصداقية ويبعده عن الواقع، إذ كيف يتم التمسك بالمشروع ومقدمة المادة "13" منه تنص على أنه "لا يجوز أن يزيد الرصيد القائم للدين في أي وقت من الأوقات على 60% من الناتج المحلي الإجمالي وبالأسعار الجارية للسنة الأخيرة التي تتوافر عنها هذه البيانات"، وذلك في حين أن مستوى الدين العام تجاوز هذه النسبة بكثير واقترب من نسبة 78% من الناتج الإجمالي المحلي.
وأوضحت اللجنة إن ما طرحته لجنة الشئون المالية والاقتصادية بالمجلس على اللجنة من نصوص بديلة للمادة "13" تدور كلها في فلك نسبة الـ 60% وما يجب على الحكومة اتخاذه من إجراءات للعودة إلى هذه النسبة أو ما يقل عنها، ولذلك ارتأت اللجنة العدول عن قبول هذه الصياغات بالرغم من تقديرها الشديد للهدف منها، لتجاوز الدين العام النسبة التي تدعو اللجنة المالية للحفاظ عليها، مشيرة إلى أن من شأن إقرار مشروع القانون بصورته الراهنة إعاقة تنفيذ المشاريع التنموية والحفاظ على المكتسبات التي تحققت للمواطنين، وسيؤدي مباشرة إلى وقف الكثير من برامج الدعم التي تحرص الحكومة على استمراريتها رغم المصاعب المالية والاقتصادية، وذلك لما يتطلبه الأمر من تخفيض الإنفاق في بنود الميزانية العامة للدولة.
وبينت اللجنة أن النص في المادة "4" من المشروع على أن يكون كل إصدار لإذون الخزانة وسندات التنمية عن طريق قانون أمر يصعب التعامل معه عملياً، وذلك لكثرة عدد الإصدارات في هذا الشأن والتي تتجاوز في السنة الواحدة ما يفوق 120 إصداراً على نحو ما أفصحت عنه الوزارة المعنية خلال اجتماعاتها مع اللجنة، منتهية الى وجاهة المبررات التي ذكرتها الجهات المعنية في مذكراتها المرافقة لتقرير اللجنة.
ويستهدف مشروع القانون إدارة وتنظيم الدين العام وتحديد مستوياته بما يحقق حسن استخدام الأموال المقترضة وخفض التكلفة النسبية لها بالإضافة إلى تعزيز مبدأ الشفافية والإفصاح المالي وتعزيز الاستقرار الاقتصادي الكلي.
وكانت الحكومة بررت ردها المشروع للسلطة التشريعية بإن إصدار مشروع القانون سيؤدي الى عدم قدرة الحكومة على تنفيذ الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين 2015/2016، كما مشروع القانون سيؤدي إلى إعاقة تمويل النفقات الخاصة بالخدمات الاجتماعية التي تمس المواطن بشكل مباشر، اضافة لتعارض مشروع القانون مع المرسوم بقانون رقم "30" لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم "15" لسنة 1977 بإصدار سندات التنمية.
من جهتها بينت وزارة المالية ان المصروفات العامة الإجمالية يتم تغطيتها من "الإيرادات العامة النفطية وغير النفطية"، وفقاً للتقديرات الواردة في قوانين اعتماد الميزانية العامة للدولة المتعاقبة وقد درج النص على الاقتراض لتغطية عجز الميزانية.
وذكرت أن مشروع قانون الدين العام في المادة "13/أ" حدد سقف الدين العام عند 60% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية للسنة الأخيرة التي تتوافر عنها البيانات، وأشارت الفقرة "ب" من ذات المادة إلى ضرورة اتخاذ الحكومة لإجراءات وترتيبات وقائية ، لمنع وصول الرصيد الى النسبة المشار إليها ولذلك فإن سقف الاقتراض الذي يجب الالتزام به في السنة المالية 2016 كان "7,022" مليون دينار ، بينما مديونية الحكومة بلغت بالفعل في نهاية السنة المالية 2015 بلغت نسبة 62% من الناتج المحلي الإجمالي، مؤكدة أن هناك تعارض واضح بين مضمون مشروع القانون وبين قانون اعتماد الميزانية، مما يجعل الحكومة بين خيارين إما الالتزام بسقف الدين العام وعدم تنفيذ الميزانية المقررة للسنة المالية 2016 أو الالتزام بالميزانية وتجاوز السقف المحدد في القانون.
وأكدت الوزارة أن إن الالتزام بسقف الدين العام المحدد في مشروع قانون الدين العام الذي تم إقراره من السلطة التشريعية يؤثر على قدرة الحكومة على تنفيذ الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2016، وفقأً للمبالغ التي تم إقرارها بموجب القانون رقم "14" لسنة 2015 باعتماد الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين 2015 و 2016.
وبينت أن المادة الخامسة من مشروع القانون نصت على أن إصدار سندات التنمية بكافة أشكالها، وأذون الخزانة وغيرها من أدوات التمويل الأخرى المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لا يمكن إصدارها إلا بقانون، وتنفيذاً لذلك فإن الحكومة ملزمة عند كل إصدار من إصدارات أدوات التمويل وسندات التنمية أن تلجأ للسلطة التشريعية لإصدار قانون خاص بالموافقة على كل إصدار، الأمر الذي يستحيل تطبيقه إزاء مائة وعشرون إصدار سنوياً.
وأوضحت أن مشروع القانون يثير التساؤل حول علاقته بالتشريعات المالية الحالية أو المستقبلية، فمشروع الدين العام يتعارض في تحديده لسقف الدين العام مع ما تضمنه قانون اعتماد الميزانية في المادة السادسة منه من تغطية العجز المقدر في الميزانية العامة للدولة بالاقتراض من المؤسسات المالية والصناديق العربية والإسلامية، ويتعارض مع قانون سندات التنمية فيما يتعلق بتحديد سقف قيمة إصدارات أدوات التمويل بكافة أشكالها عند عشرة آلاف مليون دينار.
وأوضحت أن التقارير السابقة تصب في إطار بيان الحالة المالية والاقتصادية للدولة ومالها من آثار على تنفيذ الميزانية العامة للدولة خلال الفترة القادمة، مردة أنها تعدّ وزارة بياناً عن الحالة المالية للدولة والتدابير المتخذة لتنفيذ اعتمادات الميزانية الحالية وما لذلك من آثار على مشروع الميزانية الجديدة.
وبينت اللجنة أن جميع البيانات المالية يتم دراستها ومراجعتها في اللجان الوزارية المعنية حسب اختصاصها قبل إقرارها من مجلس الوزراء، وعليه فإن مضمون كافة البيانات والتقارير المالية سوف ترسل للمجلس ضمن البيانات المالية المرافقة لمشروع قانون اعتماد الميزانية.
من جانبه، أوضح مصرف البحرين المركزي أن ما نصت عليه المادة "4" من مشروع القانون حول سبل الاقتراض المتاحة للحكومة غير عملي لما يتطلب من إجراءات تمتد لفترات زمنية طويلة، وبالأخص عند إصدار أدوات الدين العام قصيرة الأجل والتي يتم إصدارها بشكل أسبوعي وشهري، وبالتالي تحتاج لسرعة في اتخاذ القرار.
وبين أن مشروع القانون يحد من قدرة مملكة البحرين على الاقتراض وبالأخص ما نصت عليه المادة "13"، والتي تشير إلى تحديد سقف لنسبة الرصيد القائم للدين العام من الناتج المحلي الإجمالي، حيث إن النسبة المقترحة في القانون "60%" لا تتفق مع الاحتياجات التمويلية للحكومة، كما سيؤدي ذلك إلى عدم القدرة على إعادة تمويل الإصدارات القائمة والتي تستحق في السنوات القادمة وبالتالي الإخلال في مواعيد تسديد الديون المستحقة مما سيكون له تداعيات خطيرة على الوضع الائتماني للدولة وقدرتها على الاقتراض مستقبلاً.
ويتألف مشروع القانون فضلاً عن الديباجة من "18" مادة وذلك على النحو التالي:
المادة الأولى تضمنت التعاريف والمصطلحات والمواد "2-3"، حيث نظمت إنشاء السجلات الحكومية، والقيود المتعلقة بتداول السندات الحكومية، وبالنسبة للمادة الرابعة فقد نظمت حق الحكومة بالاقتراض المباشر أو عن طريق إصدار سندات التنمية، وبأدوات تمويل متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
أما المادة الخامسة فقد نصت على عدم جواز عقد القرض العام إلا لتحقيق الأغراض المنصوص عليها حصراً في هذه المادة أما المادة السادسة فقد نظمت اختصاصات مصرف البحرين المركزي بكل ما يتعلق بإصدار أدوات الدين العام.
والمواد "7- 12" نظمت طرح إصدارات أدوات الدين العام للاكتتاب، وتحديد القيم الاسمية الإجمالية، والوفاء، والتداول، وتبادل المعلومات بشأن أدوات الدين العام.
ونصت المادة "13" على عدم جواز أن يزيد الرصيد القائم للدين العام في أي وقت من الأوقات على 60 % من الناتج المحلي الإجمالي، أما المادة "14" فقد نصت على رصد المبالغ الكافية في قانون الميزانية للوفاء بتقديرات الفوائد وأقساط القروض، والمواد "15 – 18" جاءت متضمنة أحكام ختامية وتنفيذية.