إن التطورات التكنولوجية الحديثة التي شهدها العالم وحصول طفرة نوعية في عالم الشبكات والاتصالات أدى إلى انتشار الشبكة العنكبوتية، الأمر الذي ساعد على ظهور شبكات التواصل الاجتماعية والتي تعتبر من أكثر الوسائل استخداماً للتواصل بين الناس في الوقت الحاضر لما لها من أهمية بالغة من حيث سهولة الاستخدام وقدرة مستخدميها للوصول إلى المعلومات خلال وقت قصير حيث تعتبر وسيلة التواصل الأكثر ذكاءً من حيث استقطاب مستخدميها.
ولا يخفى على أحد مدى أهمية وسائل التواصل الاجتماعي الحالية واعتمادها على تلقي المعلومات من قبل مستخدميها وثقافاتهم الشعبية في التواصل الاجتماعي مع بعضهم البعض ضمن سياق الأحداث لذا سميت بالشبكات الاجتماعية وتعتبر شبكة الفيس بوك، والتوتير أكثر هذه الشبكات شعبية واستخداماً، وتتسم هاتان الشبكتان بقدرتيهما على الوصول إلى آلاف من الأشخاص خلال ثوانٍ معدودة، وقد وصل عدد المستخدمين لهذه الشبكات ما يقارب 2 مليار مستخدم، وهذا يعكس مدى أهميتها.
تكمن أهمية شبكات التواصل الاجتماعي في سرعة التواصل مع الآخرين عبر شبكاتها المتنوعة سواء أكانت توتير أو فيس بوك أو سناب شات بالإضافة إلى طبيعة عرض المعلومة سواء من خلال الصورة، الصوت، الفيديو، أو أي وسيلة أخرى من وسائل الوسائط المتعددة وهذا ما نمى شعبيتها في الآونة الأخيرة حيث استطاعت التأثيرعلى فئات متنوعة من مستخدميها واستطاعت أن تغطي أحداثاً كثيرة سواء في المجالات الاجتماعية، التعليمية، السياسية، الاقتصادية أو أي مجالات أخرى وقد أصبحنا في وقتنا الحاضر ليس فقط مستخدمين لهذه الشبكات وإنما صرنا مغذين لها وأشخاص مؤثرين فيها بالأحداث المحيطة بنا مهما اختلفت تسمياتها.
وفي هذا السياق نشرت دراسة علمية حديثة في المجلة الأمريكية Journal of Cases on Information Technology من قبل باحثيْن في كلية تقنية المعلومات جامعة البحرين حيث ارتكزت الدراسة على التحليل الموضوعي لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي من قبل طلبة الجامعة ودراسة تأثيراتها الإيجابية والسلبية على آداء الطالب الأكاديمي والسلوكي.
وأهم ما توصلت إليه الدارسة أن هناك تأثيراً إيجابياً وسلبياً لمواقع التواصل الاجتماعي على الآداء الأكاديمي للطالب وأيضاً على سلوكه من حيث أن الطالب الجامعي ينجذب لمواقع التواصل الاجتماعي لأسباب عديدة من أهمها البحث عن المعلومات التي يمكن الوصول إليها بسهولة وبطريقة غير آمنة وغير موثوق بها. هذا الأمر من شأنه أن يقلل من قدراته على التعلم والبحث الأكاديمي الفعال. بالإضافة إلى ذلك، فإن الطلاب الذين يشاركون بكثرة في أنشطة مواقع التواصل أثناء الدراسة لديهم نقص في التركيز وتشتت الذهن. أثبتت الدراسة أيضاً أن هؤلاء الطلبة يفقدون جانباً مهماً من مهارات الاتصال البشرية الحقيقية كما يهدرون أوقاتاً طويلة فيما لا ينفعهم بل وقد يتأثرون سلبياً وجسدياً وعقلياً.
من ناحية أخرى، مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تساعد الطلاب في التنمية الذاتية، والإبداع، وتعزيز المعرفة وتبادل المعلومات وزيادة مهارات التقنية. من خلال الاستخدام الأمثل لمواقع التواصل الاجتماعية، يستطيع الطالب أن يصل إلى أكبر قدر من المعرفة والمعلومات المفيدة له والتي تعزز قدراته على الأداء الأكاديمي والتفوق في الدراسة. ولعل أهم الاستنتاجات للدراسة أن طلبة جامعة البحرين أجابوا بأن هناك تأثيراً إيجابياً على مستواهم الأكاديمي من خلال الاستخدام المفيد والأمثل لمواقع الشبكات الاجتماعية. وأظهر تحليل الدراسة أن الطلاب على دراية ومستوى وعي جيد باستخدام شبكات التواصل الاجتماعية للأغراض الأكاديمية. وأعربت نسبة كبيرة من الطلاب عن ارتياحها لاستخدامها كوسيلة مفيدة لجمع البيانات والبحث عن معلومات مفيدة. وبالإضافة إلى ذلك، ساعد ت شبكات التواصل الاجتماعية الطلبة على الانضمام إلى الشبكات التعليمية، والتفاعل مع زملائهم والحصول على موارد التعليم الإلكتروني الإضافية.
وتوضح نتائج الدراسة أيضاً أن شبكات التواصل الاجتماعي مفيدة جداً إذا كانت مصممة بشكل جيد لاحتياجات الطلاب التعليمية. وفي هذا الصدد، يجد الطلاب أن هذه الشبكات تساعدهم في القيام بعملهم الأكاديمي، وتعزيز أدائهم وزيادة إمكانات الحصول على المعرفة والمهارات بشكل أفضل.
تعد جامعة البحرين من الجامعات الرائدة في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية للطلبة وأيضاً البحثية حيث يعتمد نظام التعليم الإلكتروني في الجامعة على نظام البلاك بورد والموودل وأيضاً أغلب مقررات الجامعة مدعومة بمواقع التواصل الاجتماعي مثل التوتير والإنستغرام واليوتيوب وجميع كليات الجامعة وأقسامها لها حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي للتواصل مع الطلبة. ومن أهم توصيات الدراسة ضرورة زيادة الوعي المعرفي للطلبة بأهمية شبكات التواصل الاجتماعية وإمكانية تأثيرها السلبي في حالة استخدامها بشكل غير مفيد لتجنب خطرالفشل الدراسي. وينصح أيضاً بعدم قضاء وقت كبير في هذه المواقع لأنه سيكون على حساب الوقت اللازم للدراسة. كما يجب أيضاً توفير التوجيه الصحيح للطلاب في سن مبكرة من خلال النظام التعليمي ووسائل الإعلام الاجتماعية الأخرى لضمان فهمهم لنتائج هذه التقنيات على الأداء التعليمي. وينبغي تخصيص جزء من الوقت الذي يقضيه الطالب في الإبحار في شبكات التواصل الاجتماعية في أنشطة ترفيهية بعيدة عن استعمالات التكنولوجي كممارسة الرياضة والفنون وتبادل الزيارات بين الأهل والأصدقاء. أخيراً أوصت الدراسة بضرورة توسيع نطاق استخدام شبكات التواصل الاجتماعي وإنشاء تطبيقات وأنظمة جديدة لتعزيز الأنشطة الأكاديمية لتجنب الانتكاسات في الأداء الأكاديمي للطلاب.
إن شبكات التواصل الاجتماعية تنمو بشكل كبير ومخيف وبمميزات متنوعة وبرمجيات متعددة ويجب أن ندرك أن بعضها له مخاطر وآثار سلبية وهذا ما يؤثر على مستخدميها وخاصة فئة الشباب وهذا يضع على عاتقنا مسؤولية كبيرة لتوحيد الجهود الأكاديمية مع المؤسسات المجتمعية لدراسة هذه المخاطر وحماية شبابنا من هذه الأفكار السلبية وتنمية مهاراتهم التوعوية لخلق جيل مثقف وواعد وملهم ومدرك لاستخدام الشبكات الاجتماعية لخدمة مجتمعنا بما ينعكس على رفاهية الحياة وصناعة السعادة لأفراد المجتمع.