مريم محمد

يكثر الحديث عن ارتفاع تكلفة استقدام عاملات المنازل، ويكاد لا يخلو مجلس من الحديث عن الآثار الاجتماعية وبعض المشاكل المرتبطة بوجود عاملة في المنزل. ومع ذلك يكاد لا يخلو بيت في البحرين من عاملة، إذ بلغ عدد عاملات المنزل في المملكة 98 ألف عاملة حسب إحصائية هيئة تنظيم سوق العمل، ما يقدر بعاملة واحدة لكل أسرة بحرينية.

غير أن استبيان أعدته "الوطن"
وشارك فيه 914 فرداً أظهر أن الجدل المرتبط بضرورة استقدام عاملات المنازل من عدمه يتصاعد في المجتمع البحريني، إذ قال 59% من المستطلعة آراؤهم إنهم يرون ضرورة لاستقدام عاملات المنازل والاستعانة بهن، فيما عارض 41% الاستعانة بعاملة منزل.

ورفضت ربة البيت عائشة أحمد الاستعانة بعاملة منزل سواء في الأعمال المنزلية أو التربية بسبب ما رأته من "تأثير ثقافتهن على الطفل سلباً" وما سمعته من "قصص جرائم يتناقلها المجتمع عن عاملات منازل ارتكبنها في لحظة غضب بسبب عقد نفسية". وقالت عائشة إنها تفضل القيام بأعمال البيت كلها من غسل وتنظيف وترتيب وطبخ بأمان على أن تستعين بعاملة لمساعدتها، وعوضاً عن ذلك تستعين بأبنائها لمساعدتها في أعمال البيت.

وأيدتها ربة البيت زرينة البلوشي، إذ اعتبرت أن أعمال المنزل لا تستدعي الاستعانة بعاملة وبإمكان أفراد الأسرة القيام بها بعيداً عن المشكلات، فبالإمكان تقسيمها على الأبناء.

وكذلك عارضت الموظفة خلود حسن الاستعانة بعاملات منازل، وقالت إنها استعانت مرتين بعاملة تعمل بنظام الساعات لتنظيف البيت وغسل الملابس لكنها أتلفت بعض الملابس وأسرفت في استخدام أدوات التنظيف ولم تنظف البيت جيدًا. وتلجأ خلود حالياً إلى الاستعانة ببناتها لمعاونتها في أعمال المنزل إذ تقوم كل بنت بغسل ملابسها وتنظيف غرفتها فيما تتولى هي بقية أعمال المنزل.

ويرفض الموظف أحمد شكري استقدام عاملات المنزل لعدة أسباب منها "ارتفاع تكلفة استقدامهن وعدم الإحساس بالأمان في وجودهن و اختلاف العادات و التقاليد". ويفضل أحمد الاعتماد على زوجته والتعاون معها في مسؤوليات البيت، إلا أنه قد يضطر إلى الاستعانة بعاملة منزل لانشغاله وزوجته بالعمل و كثرة المسؤوليات.

أما الطالبة وربة البيت عائشة الذوادي فرأت ضرورة الاستعانة بعاملات المنازل في الأمور البيتية كالتنظيف والترتيب، في حين ترفض ترك الأبناء في عهدة العاملة لأن تربية الأبناء من مسؤولية الأم. و قالت إنها ترددت كثيرًا في طلب عاملة منزل بسبب القصص التي تسمعها، إلا أنها طلبت عاملة نتيجة عدم قدرتها على الموازنة بين البيت والجامعة.

وكذلك قالت ربة البيت أمينة جمعة إن وجود عاملة منزل لمعاونتها في أعمال المنزل وتحديداً الطبخ والغسيل أمر مهم إذ لا تستطيع الاستغناء عنها. وذكرت أنها استعانت بعاملة بعد إنجاب ابنتها الثالثة منذ 10 سنوات إذ زادت عليها المسؤوليات في البيت وخارجه، ولم تستبدل العاملة منذ ذلك الوقت حتى الآن نظراً للتفاهم بينهما.

في حين فضلت زينب يوسف العاملات بنظام الساعة، معتبرة أنهن "أفضل وأوفر". إذ لا تحتاج إلى عاملة طوال الوقت. وقالت إن نظام الساة يضمن إتمام العاملة لمهمتها على أكمل وجه بعيداً عن المشاكل.

الأم البديلة

وعن الأثر النفسي الذي تتركه عاملات المنزل على أفراد الأسرة، قالت الاستشارية النفسية د.عائشة الشيخ إن "تأثير عاملات المنزل على الأسر يختلف حسب المسؤولية الملقاة على عاتقهن فالأطفال هم الأكثر تأثراً بهن. والطفل الذي لم يدخل المدرسة يتعلق بالعاملة أكثر خصوصًا إذا كانت أمه موظفة".


وأضافت أن "جنسية العاملة وصحتها النفسية وظروفها كلها عوامل مؤثرة، فالعاملة التي تعطف على الطفل والأسرة تؤدي عملها بشكل يرضي أفراد الأسرة لكن من الممكن التعلق بها واعتبارها أماً بديلة بالنسبة للطفل، ويظهر هذا الأثر عند رحيل العاملة إذ يصاب الطفل بانفصام العواطف وانتكاسات نفسية كعدم الثقة في الذات والإحساس بالفقد".

ولفتت د.الشيخ إلى أن الحالات التي تستقبلها في العيادة من انتكاسات نفسية مصحوبة بفقدان للشهية والتبول اللا إرادي تكون غير مباشرة إذ لا تذكرها الأمهات وإنما تتم الإشارة إليها من خلال التلميحات. ودعت الأمهات إلى إعطاء الأطفال أكبر قدر ممكن من الوقت و الاهتمام و عدم الاتكال كلياً على العاملة، لأن الطفل في مراحله الأولى يحتاج إلى الرعاية النفسية وإشباع الرغبات النفسية والأم هي القادرة على ذلك، ومن جانب آخر فإن كثرة المسؤوليات على العاملة يصيبها بالضغط النفسي فلا تؤدي مهامها بشكل صحيح.