نور خالد

يعتقد كثيرون من أولياء الأمور أن برامج الأطفال والأجهزة اللوحية تساعد الطفل على تعلم اللغة في سنوات عمره المبكرة. فهل هو اعتقاد صحيح؟

تروي والدة الطفل عبدالرحمن (3 سنوات ) ما حدث مع طفلها حين بلغ عامه الثاني ولم ينطق، تقول "ذهبت به لطبيب العائلة فطلب تحويله لاختصاصي نطق. وعندما ذهبنا كانت العيادة ممتلئة بالألعاب التي شتت ذهنه إلى أن خاطبه الاختصاصي محاولاً جذب انتباهه بحركة تشبه النفخ، فحاول عبدالرحمن تقليده مراراً وتكراراً. انتهى الموعد الأول بإرشادات تضمنت منعه من استخدام الاجهزة الالكترونية وكثرة الحديث معه ومساعدته في حفظ أسماء بعض الفواكه والحيوانات ومحاولة دمجه مع أقرانه ليتعلم منهم. وفعلاً منذ عدنا إلى المنزل أبدى تفاعلاً كبيراً في محاولة ترديد أسماء الحيوانات. وبعد مدة صار يشير إلى ما يريد وهكذا حتى بدأ بالكلام بالتدريج. المختصون شخصوا سبب تأخره بكثرة متابعة الرسوم المتحركة واستخدام "الايباد" الذي يكفيه عن محيطه وينفذ له ما يريد بلمسة واحدة".

اختصاصي النطق واللغة حسين النشيط يؤكد أن نطق الأطفال يتأثر عندما يشاهدون الرسوم المتحركة بكثرة في مرحلة التطور اللغوي والنطقي منذ الولادة وحتى السابعة فيعتمدون على التلفاز باكتساب اللغة، موضحاً أن اللغة قد تكون سليمة ولكن نطق الطفل سيتأثر فاكتساب النطق الصحيح يكون عن طريق تقليد الطفل لأبويه من حيث مخارج الحروف، بينما الرسوم المتحركة لا تظهر مخارج الحروف الصحيحة المتوافقة مع الصوت.

وينبه النشيط إلى أن اللغة الفصحى مفقودة في يومنا وليست وسيلة تواصل يومية بين الأفراد لذلك سيتحدث الطفل بلغة مختلفة عن البقية ما يجعل اختلافه ظاهراً فيصعب عليه القدرة على الحديث والتواصل.

لا آيباد قبل السنتين

تشير الدراسات إلى أن متوسط العمر الطبيعي لنطق الطفل هو عام وأربعة شهور، فهل هناك إشارات تحذيرية يتوجب على العائلة الانتباه لها؟

تقول اختصاصية علاج اضطرابات النطق والسمع زهراء درويش إنه لا بد من تصحيح المصطلح الشائع "تأخر النطق"، مبينة أنه يسمى "التأخر اللغوي" وأسبابه متعددة مثل ضعف أو فقدان حاسة السمع أو أن يكون ناتجاً عن الوراثة أو أن لا يتعرض الطفل للغة بالقدر الكافي وربما يأخذنا التأخر اللغوي ليشير لأعراض اضطراب التوحد أو التأخر النمائي.

وتؤكد درويش ضرورة وجود بيئة محفزة سليمة تساعد الطفل على اكتساب اللغة كمجالسة الأم له فترة أطول و الحديث معه دون تعريضه للعاملات الأجنبيات غير الناطقات بنفس اللغة المستخدمة في المنزل، مشددة على سلبية دخول الألواح الإلكترونية إلى حياة الطفل قبل العامين من عمره -حسب الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال- إذ تحرمه من التواصل الحقيقي.