"العمل المؤقت" وسيلة الشاب لتحمل المسؤولية أو التغلب على البطالة، إذ تتوافر للشباب فرص عدة في تنظيم المؤتمرات والفعاليات أو في سد الاحتياجات الجزئية لبعض الشركات.

ويختلف نظام الدفعات في هذه الوظائف بين نظام الساعات، حيث يتراوح أجر الساعة بين دينارين و8 دنانير حسب طبيعة العمل وعدد الأيام، وبين الوظائف الجزئية في الشركات برواتب ثابتة تبدأ من 100 دينار وتعتمد على عدد أيام وساعات العمل.

ورغم أن العمل المؤقت يعتبر مساعداً مهماً للشباب في تحمل مصاريف الدراسة مثلاً، فإنه لا يخلو من مشاكل كتأخير الدفع وضياع حقوق بعض العاملين.

من مستهلكين إلى منتجين

يقول الخبير الاقتصادي د.أكبر جعفري إن "نشاط العمل المؤقت ظاهرة حميدة، ومن العوامل التي تسهم في نمو الاقتصاد ومحاربة البطالة"، مضيفاً "يمكن تقسيم المواطنين والمقيمين إلى قسمين: منتج ومستهلك. والمواطن الجيد هو المواطن المنتج. فتأثير الأفراد على الاقتصاد يمكن تلخيصه في معادلة بسيطة يعتبر فيها الوضع مثالياً اذا زادت إنتاجية الفرد عن معدل استهلاكه وسيئاً اذا زاد الاستهلاك عن معدل الإنتاج، ولا ضرر من تساوي الإنتاجية مع الاستهلاك في أسوأ الحالات. لذلك فإن اتجاه فئة الشباب سواء من الطلبة الجامعيين أو حديثي التخرج إلى العمل في الوظائف ذات الدوام الجزئي ونظام الساعات عامل إيجابي يخرجهم من فئة المستهلكين إلى المنتجين فيكون لهم دور مؤثر في دعم الاقتصاد ومحاربة البطالة. كما أن العمل المؤقت بوابة يدخل منها الشاب ويتعرف على طبيعة سوق العمل لتؤهله لحياة التوظيف وريادة الأعمال".

وعن حقوق العاملين، يقول جعفري "بالتأكيد توجد حالات عديدة تعرض فيها الشباب لأنواع من النصب والمضايقات وتأخير الدفعات المستحقة لغياب العقود الرسمية في معظم الأحيان. لذلك فإن حماية حقوق العاملين في هذا المجال مسؤولية وطنية. ونناشد الجهات المسؤولة حماية حقوق الشباب العاملين عن طريق إجبار المؤسسات والأفراد على توقيع عقود مع العاملين لديهم ولو كانت فترة العمل قصيرة لضمان عدم حدوث أي تلاعب. وأدعو الشباب إلى ضرورة طلب عقود واتفاقيات حتى لو كانت مكتوبة بخط اليد بهدف حماية حقوقهم".

وينبه جعفري إلى حالات عدة يتخلف فيها صاحب العمل عن دفع مبالغ بسيطة للعاملين معتمداً على ضعف احتمالية تقديم شكوى ضده لطول الإجراءات والرسوم الإدارية بحيث يجد العامل نفسه في موقف يجبره على التنازل عن المبالغ البسيطة لتفادي الانتظار في قاعات المحاكم، لكن جعفري يعتبر الوضع في البحرين أفضل بكثير من معظم الدول وخصوصاً المجاورة.

القانون يحمي


ومن الناحية القانونية، تقول أستاذة القانون المساعد د.نورة الشملان إن القانون يضمن حقوق جميع العاملين في أي من الوظائف المؤقتة، موضحة "حتى في حال العمل دون عقد فإن القانون كفل جميع حقوق العامل حيث أجاز له إثبات قيامه بالعمل بأي من طرق الإثبات. وهناك جهاز لفض منازعات العمل الفردية في وزارة العمل يتولى مسائل التسوية الودية للنزاعات الفردية بين العامل وصاحب العمل بموافقة الطرفين قبل اللجوء إلى القضاء".

وتضيف أن "القانون شرط لعقد العمل أن يكون ثابتاً بالكتابة ومحرراً باللغة العربية بوجود نسخة لكلا طرفي العقد. وفي حال وجود لوائح داخلية وجب إرفاقها بالعقد مع إلزام طرفي العقد بالتوقيع عليه. أما البيانات الأساسية التي يتضمنها العقد فتشمل طبيعة ونوع العمل ومدة العقد إذا كان محدد المدة، وكل ما يتعلق بالأجر المتفق عليه وغيرها من أمور متصلة به."

وتؤكد "رغم ضرورة وجود العقود سواء الدائمة أو المؤقتة التي تشمل العمل الجزئي أو بنظام الساعات، فإن غيابها لا يعني أن تهضم حقوق العامل فيما يتعلق بالمقابل وفترة التجربة وغيرها، ذلك أنه تم وضع ضوابط بهذا الخصوص في القانون وعقوبات توقع على صاحب العمل اذا ما أخل بهذه البنود إذ يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن مائتي دينار ولا تزيد على خمسمائة كل من يخالف القانون حسب المادة 185 من قانون العمل. وتتعدد العقوبة بتعدد العمال الذين تقع في شأنهم المخالفة ويتم مضاعفة العقوبة وفقا للمادة 194. وجميع أطراف العقد مساءلين عن أي مخالفة نص عليها قانون العمل إذا تمت هذه المخالفة باسمهم أو لحسابهم أو لمنفعتهم وكانت المخالفة نتيجة تصرف أو إهمال جسيم أو موافقة أو تستر من أي عضو مجلس إدارة أو مدير أو أي مسؤول آخر، مع عدم الاخلال بالمسؤولية الجنائية للأفراد في حال ارتكابهم تلك المخالفات".

مهم جداً للشباب ولكن!

إذا كان هذا حال القانون، فما حال الواقع؟

يقول المقيم العشريني حسام حمدي "عملت كثيراً في وظائف مؤقتة خصوصاً في تنظيم الفعاليات والمؤتمرات وذلك أهلني للاعتماد على نفسي و تحمل مصاريفي طوال فترة دراستي الجامعية (..) العمل المؤقت بوابة جيدة يتعرف من خلالها الشباب على سوق العمل". لكنه يشير إلى "مشاكل كبيرة في هذا القطاع بسبب عدم وجود أي ضمانات تحمي حقوق العاملين فمنذ أكثر من عام أنتظر مع مجموعة كبيرة مبالغ مقابل تنظيم أحد المؤتمرات فصاحب العمل سافر بمجرد انتهاء العمل واكتشفنا أنه استلم جميع الدفعات من الجهة المسؤولة دون أن يعطينا حقوقنا".

في حين يعتبر حمد الياسي، شاب ثلاثيني، الدوام الجزئي في الشركات "مضيعة للوقت في الوطن العربي بسبب غياب التقدير والمضايقات المستمرة من الموظفين بدوام كامل في الشركة". يقول حمد "في بعض الدول الأوروبية يتمكن الشاب من تحمل مصاريف الدراسة والسكن عن طريق العمل بدوام جزئي، أما في الدول العربية فلا تتناسب الدفعات مع العمل المطلوب إضافة الى محاولة الموظفين الدائمين إبعاده عن العمل خوفاً من أن يشكل تهديداً لمواقعهم. ما يجعل العمل عبارة عن استنزاف للوقت والمجهود من دون فائدة".

ويقول الشاب العشريني محمد المحاسنة إن العمل المؤقت "وسيلة ممتازة يرفع بها الطالب مستوى دخله ومعيشته. شخصياً أستفيد من الدفعات بصرفها في توفير مختلف أنواع الرفاهية وشراء الاحتياجات المختلفة. لذلك أشجع الشباب البحريني على التوجه إلى هذا المجال. لكن المشكلة الوحيدة التي واجهتني هي تأخير الدفعات لوقت طويل ومحاولة بعض الشركات التملص من دفع المبالغ الصغيرة."

وتصف أسماء جميل المقيمة العشرينية تجربتها الأولى في العمل بتنظيم سباق للفورمولا 1 هذا العام بأنها "تجربة جيدة". وتشجع الشباب على تحمل مسؤوليتهم الشخصية والاعتماد على أنفسهم في توفير مصاريفهم لمساعدة الاهل في تحمل أعباء الحياة وفي نفس الوقت التعرف على أخلاقيات وأجواء العمل .

وتلفت الشابة عشرينية بسنت وجيه إلى أن العمل المؤقت غير حياتها وأكسبها عدداً من المهارات. وتدعو الشباب إلى ممارسة العمل في الوظائف المؤقتة والاستفادة من أوقات الفراغ في تطوير أنفسهم".