دعت أطروحة دكتوراه في جامعة البحرين، لتكريس التأسيس الموضوعي لمضمون العقد، بناءً على نظرية التوازن في أداءات العقد بما يحقق المنفعة للأطراف وبما يتّسق مع عدالة التعاقد.
وكانت كلية الحقوق بالجامعة، ناقشت مؤخراً أطروحة الطالب في برنامج دكتوراه الفلسفة في الحقوق علي الصديقي التي وسمت بعنوان "مضمون العقد بين النزعة الشخصية والموضوعية.. دراسة مقارنة".
وعن الأطروحة قال الصديقي إن الدراسة تعالج فكرة "مضمون العقد بين النزعة الشخصية والموضوعية، والتي تنظمها المادة "127" من القانون المدني البحريني، حيث يتشكل مضمون العقد في اتجاهين متضادين، الاتجاه الأول يتأتى من خلال النزعة الشخصية في تحديد مضمون العقد، وتتجلى فيه الإرادة التعاقدية في تحديد ذلك المضمون، والاتجاه الثاني يتمحور حول النزعة الموضوعية التي لا تخضع لإرادة المتعاقدين، بل تساق فيها الالتزامات التعاقدية إلى معايير موضوعية تتمثل في أحكام القانون وقواعد العرف والاجتهادات القضائية".
وبين الباحث، أهمية الموضوع وإشكالياته وأسباب اختياره وخطة البحث فيه، ثم استعرض خطة البحث، قائلاً "تنقسم الأطروحة إلى بابين: يتناول الباب الأول الشطر الأول من مضمون العقد وهو النزعة الشخصية في تحديد مضمون العقد، ويتوّن من فصلين يتعرض الأول لتأصيل النزعة الشخصية من خلال ظروفها التاريخية وسياقاتها التأسيسية والتطورات التي أثرت في مدى استقرارها كمحدد لمضمون العقد".
وأضاف "يبحث الفصل الثاني الإشكاليات التي تواجه النزعة الشخصية والمتمثلة في الاختلاف حول مدى كفايتها لتحديد مضمون العقد ومدى تحقيقها للتوازن العقدي، لينتهي هذا الباب باستعراض أبرز الجهود الفقهية والقضائية التي ظهرت في محاولة معالجة إشكالياتها في إطار فكرة الإرادة التعاقدية، وضمن حدود النزعة الشخصية ذاتها".
ونوه الصديقي إلى أن الباب الثاني يتناول النزعة الموضوعية في تحديد ذلك المضمون، وبالمثل فإنه يتناول في فصله الأول تأصيلاً للنزعة الموضوعيّة في تحديد مضمون العقد بالرجوع إلى الجذور التاريخية لها، ومن ثم محاولة تأسيسها في مختلف النظم القانونية، وتحديد آلياتها المتمثلة في نظرية "تكميل العقد" التي برزت وترعرعت في الفقه في الآونة الأخيرة بوصفها الإطار المنظم لعمل القاضي إزاء التحديد الموضوعي لمضمون العقد.
وذكر أن الفصل الثاني يتناول الجوانب التطبيقية للنزعة الموضوعيّة، وعرضاً لآليات توظيف المعايير الموضوعية في تكميل العقد وتحديد مضمونه، فيعرض للمعيار الموضوعية المتمثلة في القاعدة القانونية والعرف والاجتهاد القضائي، من حيث التأسيس الفقهي والتطبيق العملي.
وتوصل الباحث في أطروحته، إلى عدد من النتائج والتوصيات التي من شأنها – بحسب الصديقي - الإسهام في تعزيز الفهم بمضمون القانون المدني البحريني، حيث أوصى بإجراء تعديلات تطال نصوصاً في القانون المدني البحريني، على الرغم من أن القوانين المدنية معروفة باستقرارها النسبي عن التعديل، مقترحاً أن تنال إجراء التعديلا في الصياغة والمضمون للمواد "43" و"127" و"129" من القانون المدني البحريني.
ودعا الباحث، المشرّع البحريني إلى تعديل نص المادة "127" من خلال حذف عبارتي "حسن النية وشرف التعامل"، مع بعض التعديلات في صياغة النص ليصبح النص بعد تعديله كالآتي: "لا يقتصر العقد على ما يرد فيه من شروط، وإنما يتضمن كذلك ما يعتبر من مستلزماته وفقاً لأحكام القانون وما تجري عليه العادة وما تمليه العدالة، ومع مراعاة طبيعة العقد".
كما دعا إلى تعديل نص المادة "129" من القانون المدني عبر استبدال مصطلح "شرف التعامل" والاستعاضة عنه بمصطلح "عرف التعامل" على نحو ما ورد في عجز المادة "157" من القانون المدني الألماني، والاستفادة من سياقات النص الألماني في أخذه بالمعيارين الشخصي والموضوعي، ليصبح النص المقترح بعد التعديل كالتالي: "يجب تنفيذ العقد طبقاً لما يتضمنه من أحكام، وبطريقة تتفق مع ما يقتضيه حسن النية وعرف التعامل".
وكانت لجنة امتحان ناقشت الباحث في أطروحته في مدرج كلية الحقوق مؤخراً، وتكونت اللجنة من: أستاذ القانون المدني في جامعة البحرين د.صبري خاطر مشرفاً، وأستاذ القانون المدني بكلية الحقوق في جامعة الكويت د.بدر اليعقوب ممتحناً داخلياً، وأساتذة القانون المدني بكلية الحقوق بجامعة البحرين د.محمد الزعبي، ود. ضحى النعمان، ود. ناصر العساف ممتحنين داخليين.