- الملك أدرك حاجة البلاد عقب استقلالها إلى قوة عسكرية مسلحة
- العاهل قاد الجهود المبذولة لعملية الإنشاء والتطوير لقوة دفاع البحرين
- بناء قوة الدفاع وفق أحدث أنظمة التدريب والتسليح إنجاز وطني مشرف
..
بدأ التأسيس الفعلي للجهاز الدفاعي لدولة البحرين منذ قبل إعلان استقلالها الرسمي، وذلك من خلال إنشاء نواة أولية سميت في أواخر ستينيات القرن الماضي بـ"الحرس الوطني"، حيث كلف حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى آنذاك بإدارة هذا الكيان الوليد باعتباره من أوائل الخريجين العسكريين في البحرين في تلك الفترة.
وأدرك جلالته بحكم طبيعة نشأته ودراسته وخبراته التي اكتسبها والتوجيهات التي كُلف بها من سمو أمير البلاد الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، حاجة البلاد عقب استقلالها إلى قوة عسكرية مسلحة خاصة بها تتجاوز حدود هذه الفكرة الأولية والتسمية المرحلية التي سبقت الإعلان الرسمي عن إنشاء القوة، خاصة أن "الحرس الوطني" في المفهوم العسكري يعتبر رديفاً وسنداً للقوة العسكرية الأساسية، ووجوده لا يغني عن ضرورة العمل من أجل بناء قوة مسلحة خاصة بالبحرين.
لذلك، وعقب توليه هذه المهمة الوطنية الجبارة التي ستفضي لرسم وصياغة صورة القوات المسلحة البحرينية، باشر حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى آنذاك ومنذ توليه مسؤولية حمل أمانة التأسيس واجباته ومهامه الوطنية، حيث تم فتح باب التجنيد للدفعة العسكرية الأولى في تاريخ البحرين الحديث، وذلك في الربع الأخير من عام 1968م، وتقدم للتجنيد الطوعي وقتها أعداد غفيرة من أبناء هذا الوطن الأبي الذي آمنوا بأنهم وحدهم الأقدر على حماية سياج الوطن.
ونظراً للإقبال المتزايد من الشباب على الانضمام للنواة الأولى للقوات المسلحة البحرينية، صدرت الأوامر السامية بتغيير مسماه ليصبح المسمى الجديد لهذه النواة العسكرية "قوة دفاع البحرين"، حيث قاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى الجهود المبذولة لعملية الإنشاء والتطوير لهذه القوة الوليدة، وقام بالتخطيط لبنائها وفق أحدث أنظمة بناء الجيوش الحديثة وأحدث النظريات العسكرية سعياً منه لخلق قوة مؤهلة قادرة على النهوض بدورها الوطني الهام سواء في الداخل أو بالتعاون مع أشقائها أو أصدقائها.
ومع تراكم الخبرات العسكرية لجلالة العاهل المفدى الذي شارك إخوانه في الأردن الشقيق تجربتهم في مجال القوات المسلحة أوائل سبعينيات القرن الماضي، ومع حصوله على الدورة الخاصة بالقيادة والأركان التي عقدت بالولايات المتحدة عام 1971، تمكن جلالته من بناء أول مركز تدريب شبه متكامل في البحرين، وكان مقراً للقيادة العامة لقوة الدفاع آنذاك رغم صغره النسبي، وقام بإعداد العدة المناسبة لكي يؤدي هذا المركز عمله المناط به، كما زوده بالأسلحة الخفيفة المطلوبة لتدريب الدفعة الأولى من المجندين، وذلك في غضون ثلاثة أشهر تقريباً.
توالت عقب ذلك الخطوات لإنجاز هذا العمل الوطني الضخم، وهو بناء قوة دفاع البحرين وفق أحدث أنظمة التدريب والتسليح، وذلك لضمان تحقيق الإنجازات تلو الأخرى التي شهدتها البحرين في تلك الفترة الخصيبة التي شهدت إعادة بناء الدولة عقب استقلالها، حيث تم وبعناية خاصة من جلالته وضع أنظمة التجنيد لانخراط أبناء الوطن في سلك العسكرية.
كما وُضع تحت إشراف جلالته البرامج الضرورية لتدريب عناصر القوة سواء داخل البلاد أو خارجها، واستطاع جلالته بتوجيهات من القيادة الراحلة توفير مصادر التمويل المادي واللوازم العسكرية وغير ذلك من اللوائح العسكرية التي وفرت للقوة الإطار القانوني الذي تعمل به، وإن كان استكمال القوانين العسكرية المطلوبة استمر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر قوة الدفاع.
يشار هنا إلى أن هذه الإنجازات التي حققتها قوة دفاع البحرين في غضون هذه الفترة القصيرة نسبياً مرجعها إلى الخبرات العسكرية التي كانت تتوفر بأهل البحرين في تلك الفترة، فضلاً بالطبع عن الحرص والرغبة الدفينة التي ملكت عقول وقلوب القيادة الرشيدة وأبناء هذا الوطن الكريم لبناء قوة مسلحة جديدة مزودة بكل مستجدات العصر وقادرة على التعامل معها.
وإدراكاً من حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى لأهمية المرحلة الأولى من عملية البناء والتأسيس التي سيتوقف عليها مدى الإنجاز المحقق للقوة بعد ذلك، أولى جلالته عناية خاصة بالدفعة الأولى من المجندين البحرينيين، التي تخرجت في مناسبة خاصة وعزيزة على كل قلب مواطن بحريني حتى هذه اللحظة، وهي في الـ5 من فبراير عام 1969م، التي تمثل عيداً لقوة الدفاع، حيث وفر جلالته لهذه الدفعة كل ما تحتاجه من مستلزمات مادية ومعنوية، كما تابع جلالته بنفسه برامج تدريبهم، وأشرف عليها شخصياً، بل وشارك في مختلف النشاطات انطلاقا من إيمانه بضرورة أداء الواجب المقدس كقائد عام لقوة الدفاع.
وفقاً للخطط الموضوعة لضمان أن تصل القوة للمكانة المرموقة التي يرجوها لها الجميع، واعتمدت عليها مسيرة إنجازات القوة طوال الخمسين عاماً الماضية، استمر تخريج دفعات المجندين، واستقبال الخريجين منهم لينضموا للفئات والسرايا التي شُكلت، وتم انتخاب ضباط الكليات العسكرية ليبدأوا بالعمل التنفيذي الفعلي، كما تم إعداد كوادر صف الضباط، واختير عدد من خريجي الجامعات ممن تم تجنيدهم وتدريبهم عسكرياً لملء الشواغر الفنية والإدارية بفروع القيادة العامة التي انتقلت لمقر جديد مؤقت يتناسب مع تنامي القوة ومهامها المنوطة بها، وهو ما اعتبر نقلة نوعية في أهم خطوات بناء وتأسيس القوات المسلحة البحرينية.
ومن الطبيعي في فترة السبعينيات من القرن الماضي أن يتحدد الهيكل التنظيمي الأول للقوة، والإطار العام لبنائها، فضلاً بالطبع عن بلورة الأدوار المطلوبة منها، والتي تمثلت في الدفاع عن حدود الوطن وحمايته والمحافظة على أمنه واستقلاله وسيادته ضد أي تهديد خارجي، ومساندة الأجهزة المعنية في المحافظة على النظام وسيادة القانون والمساعدة في حالات الكوارث والأزمات، والمساهمة في تطوير البناء الحضاري للبلاد بالإضافة إلى المساهمة مع القوات المسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي في الدفاع عن دول المجلس في إطار اتفاقية الدفاع المشترك لدول المجلس، والمساهمة مع القوات المسلحة للدول العربية في الدفاع عن أي دولة عربية شقيقة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك العربية، والتعاون مع الدول الصديقة والحليفة في إطار اتفاقيات التعاون الثنائية والدولية لحماية الحدود الإقليمية، الأمن الدولي، العمليات الإنسانية ومكافحة الإرهاب.
ولذلك، فإن فترة ثمانينات وتسعينات القرن الماضي عبرت عن مرحلة جديدة من مراحل إنجاز قوة دفاع البحرين، فإضافة إلى استكمال مقومات بنائها، وتوفير الموارد المختلفة لكي تعمل وفق أحدث ما توصلت إليه الجيوش النظامية الحديثة سواء على مستوى العنصر البشري أو التجهيزات أو الخطط الاستراتيجية والتكتيكية، فإن القوة انتقلت إلى مرحلة طولبت فيها بمشاركة شقيقاتها الخليجيات والعربيات في أتون المشكلات التي واجهتها، وهي مرحلة عكست مستوى الثقة في قدرات القوة ومستوى تأهيل رجالاتها.
لقد روعيت العديد من الأسس في عملية بناء قوة الدفاع، وهي تفسر إلى حد كبير حقيقة ومدى إنجازاتها الواسعة المحققة حتى الآن وبعد مرور 50 عاماً على عملية الإنشاء، حيث كانت هذه الأسس التي حددها جلالة العاهل المفدى وفق منهاج سليم نبراساً تهتدي به القوة في تحقيق منجزاتها ومكتسباتها التي ضمنت بها وللبحرين وللقاطنين فوق أرضها الأمن والاستقرار والحماية.
وكان من أبرز أسس هذه المنجزات التي انبنت عليها قوة دفاع البحرين، وقادها حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى: الاستثمار الدائم في العنصر البشري، حيث واصلت القوة تخريج دوراتها العسكرية والأكاديمية، وتخريج العديد من الدورات التعبوية والمتقدمة، وإقامة الندوات المتخصصة والاجتماعات الفنية الرامية إلى تنمية وصقل قدرات منسوبي قوة دفاع البحرين والارتقاء بمستواهم وتطوير قدراتهم في المجال العسكري، كما تم تأسيس العديد من المؤسسات التدريبية والهياكل التنظيمية والكليات والمعاهد العسكرية لرفع الكفاءة التدريبية لأفراد قوة الدفاع، فضلاً بالطبع عن الابتعاث للخارج.
يضاف إلى ذلك أحد أهم أركان منجزات القوة في العصر الحديث، والتي عزم جلالة العاهل المفدى على ترسيخ جذورها، وهو وعي واستيعاب القائمين عليها طبيعة العلم العسكري بكافة معارفه ومهاراته ومعانيه ودلالاته، ونقل كل ذلك لأفراد قوة الدفاع وحتى هذه اللحظة، وكأن جيلاً يسلم لجيل آخر راية العلم والمعرفة والفهم والدراية، هؤلاء الذين تمكنوا من تطبيق مبادئ ما تعلموه وما تدربوا عليه في الكثير من جبهات القتال والميادين، ونقلوه لأجيال لاحقة داخل القوة، بل وخارجها أيضاً، الأمر الذي أتاح للقوة ليس فقط القدرة على تنفيذ أدوارها باحترافية وكفاءة شهد بها القاصي والداني، وإنما استخدام التقنيات الحديثة والأجهزة المتطورة التي سهلت من إجراءات عملها بداخل أروقتها ورفعت من كفاءته.
ولعل من أبرز منجزات القوة أيضاً في عهد حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى، هو: قدرتها على مراعاة وتوفير الظروف المناسبة لكل أفرادها، النفسية منها والروحية، فضلاً عن المعيشية، وذلك بهدف تمكينهم من استخدام وتوظيف ملكاتهم في أقصى حدود ممكنة لها، وبحيث تتناسب مع تطلعاتهم وطموحاتهم، وبما يتوافق أيضا مع أهداف القوة في تطوير أجهزتها وقدرات الأفرع المختلفة بها وكفاءة المنتسبين لها.
ووفقاً لهذا الأساس، تمكنت القوة من صياغة العقيدة الحاكمة لتحركاتها ورؤاها ومواقفها الوطنية، ما أهلها لمواكبة كل مستجدات العسكرية الحديثة سواء في التجهيز والتمرين أو التخطيط والتسليح، فضلا بالطبع عن التدريب، وهو ما ساهم في إحداث تطور هائل في كفاءة وجاهزية القوة واستعداداتها القتالية وتطورها على كافة المستويات.
يمكن القول إنه بعد مرور 5 عقود على إنشاء قوة دفاع البحرين، فإنها استطاعت تحقيق العديد من المنجزات سواء على صعيد بنيانها أو على صعيد موردها البشري الأهم أو على صعيد تجهيزاتها ومستوى تسليحها الأكثر تطوراً في المنطقة.
لذلك، أنيط بالقوة العديد من الواجبات، وقامت بما مطلوب منها في الداخل والخارج على السواء، ونجحت في معدلات أدائها بكفاءة واقتدار، بل وتمكنت بفضل حرص القيادة الرشيدة عليها، وتوجيهاتها السديدة لتطويرها وتزويدها بما يلزمها ويلزم أفرادها من احتياجات، من تحقيق العديد من المنجزات.
ومن بين أبرز هذه المنجزات الإضافية: متابعة مسيرة تطويرها الشاملة، وتعزيز قدراتها لمواجهة متطلبات الحروب الحديثة، والمهام العديدة المنوطة بها سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل، وضمان تكامل منظومتها التي تقوم على أسس علمية حديثة ووفق بناء وتنظيم بسيط ومرن في الوقت ذاته.
علاوة على استمرار التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات بينها وبين غيرها من الأجهزة المعنية سواء في داخل المملكة أو في خارجها، ولا سيما مع الدول الشقيقة والصديقة، الأمر الذي عبر عن مستوى الثقة المتميز بأداء أفرادها ورجالاتها، وقدراتهم واستعداداتهم وجاهزيتهم القتالية.
{{ article.visit_count }}
- العاهل قاد الجهود المبذولة لعملية الإنشاء والتطوير لقوة دفاع البحرين
- بناء قوة الدفاع وفق أحدث أنظمة التدريب والتسليح إنجاز وطني مشرف
..
بدأ التأسيس الفعلي للجهاز الدفاعي لدولة البحرين منذ قبل إعلان استقلالها الرسمي، وذلك من خلال إنشاء نواة أولية سميت في أواخر ستينيات القرن الماضي بـ"الحرس الوطني"، حيث كلف حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى آنذاك بإدارة هذا الكيان الوليد باعتباره من أوائل الخريجين العسكريين في البحرين في تلك الفترة.
وأدرك جلالته بحكم طبيعة نشأته ودراسته وخبراته التي اكتسبها والتوجيهات التي كُلف بها من سمو أمير البلاد الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، حاجة البلاد عقب استقلالها إلى قوة عسكرية مسلحة خاصة بها تتجاوز حدود هذه الفكرة الأولية والتسمية المرحلية التي سبقت الإعلان الرسمي عن إنشاء القوة، خاصة أن "الحرس الوطني" في المفهوم العسكري يعتبر رديفاً وسنداً للقوة العسكرية الأساسية، ووجوده لا يغني عن ضرورة العمل من أجل بناء قوة مسلحة خاصة بالبحرين.
لذلك، وعقب توليه هذه المهمة الوطنية الجبارة التي ستفضي لرسم وصياغة صورة القوات المسلحة البحرينية، باشر حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى آنذاك ومنذ توليه مسؤولية حمل أمانة التأسيس واجباته ومهامه الوطنية، حيث تم فتح باب التجنيد للدفعة العسكرية الأولى في تاريخ البحرين الحديث، وذلك في الربع الأخير من عام 1968م، وتقدم للتجنيد الطوعي وقتها أعداد غفيرة من أبناء هذا الوطن الأبي الذي آمنوا بأنهم وحدهم الأقدر على حماية سياج الوطن.
ونظراً للإقبال المتزايد من الشباب على الانضمام للنواة الأولى للقوات المسلحة البحرينية، صدرت الأوامر السامية بتغيير مسماه ليصبح المسمى الجديد لهذه النواة العسكرية "قوة دفاع البحرين"، حيث قاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى الجهود المبذولة لعملية الإنشاء والتطوير لهذه القوة الوليدة، وقام بالتخطيط لبنائها وفق أحدث أنظمة بناء الجيوش الحديثة وأحدث النظريات العسكرية سعياً منه لخلق قوة مؤهلة قادرة على النهوض بدورها الوطني الهام سواء في الداخل أو بالتعاون مع أشقائها أو أصدقائها.
ومع تراكم الخبرات العسكرية لجلالة العاهل المفدى الذي شارك إخوانه في الأردن الشقيق تجربتهم في مجال القوات المسلحة أوائل سبعينيات القرن الماضي، ومع حصوله على الدورة الخاصة بالقيادة والأركان التي عقدت بالولايات المتحدة عام 1971، تمكن جلالته من بناء أول مركز تدريب شبه متكامل في البحرين، وكان مقراً للقيادة العامة لقوة الدفاع آنذاك رغم صغره النسبي، وقام بإعداد العدة المناسبة لكي يؤدي هذا المركز عمله المناط به، كما زوده بالأسلحة الخفيفة المطلوبة لتدريب الدفعة الأولى من المجندين، وذلك في غضون ثلاثة أشهر تقريباً.
توالت عقب ذلك الخطوات لإنجاز هذا العمل الوطني الضخم، وهو بناء قوة دفاع البحرين وفق أحدث أنظمة التدريب والتسليح، وذلك لضمان تحقيق الإنجازات تلو الأخرى التي شهدتها البحرين في تلك الفترة الخصيبة التي شهدت إعادة بناء الدولة عقب استقلالها، حيث تم وبعناية خاصة من جلالته وضع أنظمة التجنيد لانخراط أبناء الوطن في سلك العسكرية.
كما وُضع تحت إشراف جلالته البرامج الضرورية لتدريب عناصر القوة سواء داخل البلاد أو خارجها، واستطاع جلالته بتوجيهات من القيادة الراحلة توفير مصادر التمويل المادي واللوازم العسكرية وغير ذلك من اللوائح العسكرية التي وفرت للقوة الإطار القانوني الذي تعمل به، وإن كان استكمال القوانين العسكرية المطلوبة استمر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر قوة الدفاع.
يشار هنا إلى أن هذه الإنجازات التي حققتها قوة دفاع البحرين في غضون هذه الفترة القصيرة نسبياً مرجعها إلى الخبرات العسكرية التي كانت تتوفر بأهل البحرين في تلك الفترة، فضلاً بالطبع عن الحرص والرغبة الدفينة التي ملكت عقول وقلوب القيادة الرشيدة وأبناء هذا الوطن الكريم لبناء قوة مسلحة جديدة مزودة بكل مستجدات العصر وقادرة على التعامل معها.
وإدراكاً من حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى لأهمية المرحلة الأولى من عملية البناء والتأسيس التي سيتوقف عليها مدى الإنجاز المحقق للقوة بعد ذلك، أولى جلالته عناية خاصة بالدفعة الأولى من المجندين البحرينيين، التي تخرجت في مناسبة خاصة وعزيزة على كل قلب مواطن بحريني حتى هذه اللحظة، وهي في الـ5 من فبراير عام 1969م، التي تمثل عيداً لقوة الدفاع، حيث وفر جلالته لهذه الدفعة كل ما تحتاجه من مستلزمات مادية ومعنوية، كما تابع جلالته بنفسه برامج تدريبهم، وأشرف عليها شخصياً، بل وشارك في مختلف النشاطات انطلاقا من إيمانه بضرورة أداء الواجب المقدس كقائد عام لقوة الدفاع.
وفقاً للخطط الموضوعة لضمان أن تصل القوة للمكانة المرموقة التي يرجوها لها الجميع، واعتمدت عليها مسيرة إنجازات القوة طوال الخمسين عاماً الماضية، استمر تخريج دفعات المجندين، واستقبال الخريجين منهم لينضموا للفئات والسرايا التي شُكلت، وتم انتخاب ضباط الكليات العسكرية ليبدأوا بالعمل التنفيذي الفعلي، كما تم إعداد كوادر صف الضباط، واختير عدد من خريجي الجامعات ممن تم تجنيدهم وتدريبهم عسكرياً لملء الشواغر الفنية والإدارية بفروع القيادة العامة التي انتقلت لمقر جديد مؤقت يتناسب مع تنامي القوة ومهامها المنوطة بها، وهو ما اعتبر نقلة نوعية في أهم خطوات بناء وتأسيس القوات المسلحة البحرينية.
ومن الطبيعي في فترة السبعينيات من القرن الماضي أن يتحدد الهيكل التنظيمي الأول للقوة، والإطار العام لبنائها، فضلاً بالطبع عن بلورة الأدوار المطلوبة منها، والتي تمثلت في الدفاع عن حدود الوطن وحمايته والمحافظة على أمنه واستقلاله وسيادته ضد أي تهديد خارجي، ومساندة الأجهزة المعنية في المحافظة على النظام وسيادة القانون والمساعدة في حالات الكوارث والأزمات، والمساهمة في تطوير البناء الحضاري للبلاد بالإضافة إلى المساهمة مع القوات المسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي في الدفاع عن دول المجلس في إطار اتفاقية الدفاع المشترك لدول المجلس، والمساهمة مع القوات المسلحة للدول العربية في الدفاع عن أي دولة عربية شقيقة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك العربية، والتعاون مع الدول الصديقة والحليفة في إطار اتفاقيات التعاون الثنائية والدولية لحماية الحدود الإقليمية، الأمن الدولي، العمليات الإنسانية ومكافحة الإرهاب.
ولذلك، فإن فترة ثمانينات وتسعينات القرن الماضي عبرت عن مرحلة جديدة من مراحل إنجاز قوة دفاع البحرين، فإضافة إلى استكمال مقومات بنائها، وتوفير الموارد المختلفة لكي تعمل وفق أحدث ما توصلت إليه الجيوش النظامية الحديثة سواء على مستوى العنصر البشري أو التجهيزات أو الخطط الاستراتيجية والتكتيكية، فإن القوة انتقلت إلى مرحلة طولبت فيها بمشاركة شقيقاتها الخليجيات والعربيات في أتون المشكلات التي واجهتها، وهي مرحلة عكست مستوى الثقة في قدرات القوة ومستوى تأهيل رجالاتها.
لقد روعيت العديد من الأسس في عملية بناء قوة الدفاع، وهي تفسر إلى حد كبير حقيقة ومدى إنجازاتها الواسعة المحققة حتى الآن وبعد مرور 50 عاماً على عملية الإنشاء، حيث كانت هذه الأسس التي حددها جلالة العاهل المفدى وفق منهاج سليم نبراساً تهتدي به القوة في تحقيق منجزاتها ومكتسباتها التي ضمنت بها وللبحرين وللقاطنين فوق أرضها الأمن والاستقرار والحماية.
وكان من أبرز أسس هذه المنجزات التي انبنت عليها قوة دفاع البحرين، وقادها حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى: الاستثمار الدائم في العنصر البشري، حيث واصلت القوة تخريج دوراتها العسكرية والأكاديمية، وتخريج العديد من الدورات التعبوية والمتقدمة، وإقامة الندوات المتخصصة والاجتماعات الفنية الرامية إلى تنمية وصقل قدرات منسوبي قوة دفاع البحرين والارتقاء بمستواهم وتطوير قدراتهم في المجال العسكري، كما تم تأسيس العديد من المؤسسات التدريبية والهياكل التنظيمية والكليات والمعاهد العسكرية لرفع الكفاءة التدريبية لأفراد قوة الدفاع، فضلاً بالطبع عن الابتعاث للخارج.
يضاف إلى ذلك أحد أهم أركان منجزات القوة في العصر الحديث، والتي عزم جلالة العاهل المفدى على ترسيخ جذورها، وهو وعي واستيعاب القائمين عليها طبيعة العلم العسكري بكافة معارفه ومهاراته ومعانيه ودلالاته، ونقل كل ذلك لأفراد قوة الدفاع وحتى هذه اللحظة، وكأن جيلاً يسلم لجيل آخر راية العلم والمعرفة والفهم والدراية، هؤلاء الذين تمكنوا من تطبيق مبادئ ما تعلموه وما تدربوا عليه في الكثير من جبهات القتال والميادين، ونقلوه لأجيال لاحقة داخل القوة، بل وخارجها أيضاً، الأمر الذي أتاح للقوة ليس فقط القدرة على تنفيذ أدوارها باحترافية وكفاءة شهد بها القاصي والداني، وإنما استخدام التقنيات الحديثة والأجهزة المتطورة التي سهلت من إجراءات عملها بداخل أروقتها ورفعت من كفاءته.
ولعل من أبرز منجزات القوة أيضاً في عهد حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى، هو: قدرتها على مراعاة وتوفير الظروف المناسبة لكل أفرادها، النفسية منها والروحية، فضلاً عن المعيشية، وذلك بهدف تمكينهم من استخدام وتوظيف ملكاتهم في أقصى حدود ممكنة لها، وبحيث تتناسب مع تطلعاتهم وطموحاتهم، وبما يتوافق أيضا مع أهداف القوة في تطوير أجهزتها وقدرات الأفرع المختلفة بها وكفاءة المنتسبين لها.
ووفقاً لهذا الأساس، تمكنت القوة من صياغة العقيدة الحاكمة لتحركاتها ورؤاها ومواقفها الوطنية، ما أهلها لمواكبة كل مستجدات العسكرية الحديثة سواء في التجهيز والتمرين أو التخطيط والتسليح، فضلا بالطبع عن التدريب، وهو ما ساهم في إحداث تطور هائل في كفاءة وجاهزية القوة واستعداداتها القتالية وتطورها على كافة المستويات.
يمكن القول إنه بعد مرور 5 عقود على إنشاء قوة دفاع البحرين، فإنها استطاعت تحقيق العديد من المنجزات سواء على صعيد بنيانها أو على صعيد موردها البشري الأهم أو على صعيد تجهيزاتها ومستوى تسليحها الأكثر تطوراً في المنطقة.
لذلك، أنيط بالقوة العديد من الواجبات، وقامت بما مطلوب منها في الداخل والخارج على السواء، ونجحت في معدلات أدائها بكفاءة واقتدار، بل وتمكنت بفضل حرص القيادة الرشيدة عليها، وتوجيهاتها السديدة لتطويرها وتزويدها بما يلزمها ويلزم أفرادها من احتياجات، من تحقيق العديد من المنجزات.
ومن بين أبرز هذه المنجزات الإضافية: متابعة مسيرة تطويرها الشاملة، وتعزيز قدراتها لمواجهة متطلبات الحروب الحديثة، والمهام العديدة المنوطة بها سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل، وضمان تكامل منظومتها التي تقوم على أسس علمية حديثة ووفق بناء وتنظيم بسيط ومرن في الوقت ذاته.
علاوة على استمرار التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات بينها وبين غيرها من الأجهزة المعنية سواء في داخل المملكة أو في خارجها، ولا سيما مع الدول الشقيقة والصديقة، الأمر الذي عبر عن مستوى الثقة المتميز بأداء أفرادها ورجالاتها، وقدراتهم واستعداداتهم وجاهزيتهم القتالية.