قال الباحث د. نوح خليفة إن عهدي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جسدا أسمى درجات التضامن والوحدة العربية قاسمهما الواحد المصير العربي المشترك ويختلفان في أن الأول شعبي تحرري وحد الشعوب العربية ضد عدوان عسكري أغار على مصر وهدد المصير العربي والثاني تنموي وحدوي يصون الشعوب والأمة العربية عبر التماسك السياسي الرفيع بينه وبين زعماء العرب والتخطيط الاستراتيجي الاستباقي العسكري والسياسي والاقتصادي المكافئ للتحديات التي تعترض الأمة والمتسق مع السياسات العالمية المعززة للسلام والتجاذب التنموي العصري.
وأضاف د. نوح خليفة أن الرئيس المصري قائد فذ استطاع بجدارة الموازنة بين مسالك متعددة أعادت مصر إلى مركزها السياسي والاقتصادي المتقدم وتمكن من تحقيق تجاذب اقتصادي وسياسي وأمني إيجابي رفيع ومحفز بينه وبين الدول العربية وكذلك الغربية وموائمة بين مختلف المصالح في سياق سياسي رائد ومتقدم مكن مصر من الدفاع عن حقوقها المشروعة والانخراط في النمو العالمي بكافة أشكاله وصوره واستعادة الوئام المصري العربي - الخليجي - العالمي، مؤكدا أن مصر عوملت من قبل الدول العربية والخليجية عموما ومملكة البحرين خصوصا بالتفاف رسمي كبير جدد عهود التضامن العربي التاريخي ووجه العلاقات إلى أسمى درجات التضامن في وجه الارهاب وكل التحديات المهددة لأمن واستقرار مصر قيادة وشعبا مضيفا أن العلاقات المصرية البحرينية في عهد الزعيمان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة بلغ أسمى مراتب التضامن ووحدة الصف حيث تعكس أخبار البلدين حجم التضامن الخليجي العربي على أرض الواقع ومدى التنسيق الاستباقي الميداني العسكري والسياسي والاقتصادي وتجلت بوضوح عبر كثافة زيارات ملك البحرين لمصر وتعدد الأنشطة التدريبية والتنسيقية العسكرية بين مصر والبحرين.
واسترسل د. خليفة قائلا: إن تحول الأدوار المصرية البحرينية يشهد نقلة نوعية من جهود تتصدى إلى أزمات أمنية وسياسية في بعض الدول مثل فلسطين والعراق وايران وكذلك لدى حرب الكويت تجلت عبر أدوار دبلماسية تشاورية وتنسيقية لاستعادة الاستقرار لدول عربية لتشهد على المستوى المعاصر تنسيق أمني سياسي شامل شكل في مجمله تضامن عربي موسع لحماية المنطقة من الاخطار المحدقة بها وتقوية جبهاتها الداخلية العسكرية والمجتمعية وتقوية ادوارها السياسية الموجهة للخارج وكذلك على الجانب الاخر تشهد العلاقات تماسكا عسكريا رفيعا تمثل في التدريبات المشتركة في عدد من مواقع القيادة العسكرية والأمنية بين البلدين .
واعتبر د. نوح خليفة أن وثائق إنتاجه العلمي مصر والبحرين: مسار العلاقات بين 1952 - 2016 كشفت أن الانتماء للعروبة عظم في نفوس الشعب البحريني في حقبة جمال عبد الناصر الذي أعلن آنذاك عن تجنيد نفسه للقتال في صف الجمهورية العربية المصرية ثم انتقلت مواقفهم بجانب مصر الى مشاركة جمهورية مصر العربية أفراحها واحياء أعيادها في ذات الحقبة التي عاشت خلالها أن منطقة الخليج العربي افراح متصلة باعياد مصر الثلاثة عيد الجلاء وعيد انتخاب جمال عبد الناصر برئاسة الجمهورية وعيد استفتاء الشعب في الدستور.
واستطرد أن الوثائق التاريخية تكشف أنه بهذه المناسبة أقيمت المظاهرات ورددت خلالها هتافات شعب البحرين بحياة الرئيس المصري جمال عبد الناصر وارتفعت أعلام التحرير في كل منزل وفي كل ناد ورفع الأطفال صور الرئيس جمال وتدثر الناس بأعلام التحرير كمظهر من مظاهر الأخوة الأصيلة التي جمعت بين شعب مصر وشعب البحرين والقيت الخطب الكثيرة متضمنة تأييد مصر في خطتها ونضالها التحرري.
وذكر د. خليفة أن الوئاثق تضمنت تضامن البحرين رسميا مع مصر في التخلص من آثار الدمار الذي خلفه العدوان على مصر وكان سمو الشيخ محمد بن مبارك نائب رئيس مجلس الوزراء قام بزيارة لمصر حاملا رسالة من الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة حاكم إمارة البحرين وتوابعها آنذاك واستقبل بالمطار من طرف الأستاذ فرج وكيل وزارة الارشاد وهدف الزيارة هو تسليم مليون دولار من الشعب العربي في البحرين للمساهمة في إزالة آثار العدوان بالجهورية المصرية في يوليو عام 1967.
وأوضح أن تلك الزيارة التي قام بها الشيخ محمد بن مبارك كانت تعبر عن الدعم السياسي الاستراتيجي والمالي بحيث كان سموه قد قدم شيكا بربع مليون دولار الى السيد محمد فائق قيمة مساهمة البحرين في تدعيم المجهود العربي للجمهورية العربية.
وبين د. نوح خليفة أن مسار العلاقات بين مصر والبحرين في عهد جمال عبد الناصر طبعت بأسمى درجات التضامن الشعبي والحكومي ومساندة البحرين بشكل قوي لمصر، لافتا أنه بعد الحقبة الوسطى التي أعقبت حكم جمال عبد الناصر ظلت العلاقات المصرية العربية عامة والمصرية البحرينية خاصة تتأرجح بين الجمود وإعادة البعث بعد معاهدة كامب ديفد إلا أن البحرين سرعان ما دافعت عن عودة مصر إلى محيطها العربي بعد مواقف مصر المساندة والمستمرة والثابتة في الدفاع عن خطها القومي إلى جانب العرب خلال العدوان الايراني على العراق وحرب الكويت خلال عهد حسنى مبارك الذي ظل يعتبر البحرين مركزا ومنطلقا للتشاور وتوحيد الرؤى والمواقف واتخاذ المواقف الموحدة، والذي حظي بمساعدة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة امير البحرين واتوابعها أنذاك الذي صرح في محافل كثيرة أن غياب مصر شكلي ومصر تمسكت بخطها القومي في مواقفها المصيرية.
وأردف أنه بعد حقبة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر التي بلغت أسمى مراتب التضامن والاشتراك في وحدة المصير عايشت العلاقات المصرية البحرينية عقودا من التضامن لكن عبر أنور السادات وحسني مبارك سيطرت عليها أجواء المهادنة مع الغرب تثبيتا للسلام بعد انقضاء الحرب إلا أن مصر شاركت البحرين علاقات تضامنية أخرى حيال قضايا عصفت بالعراق إبان عدوان إيران وكذلك حرب العراق والكويت. وهذا ما طبع العلاقات بحالة من التقارب والتشارك في توحيد الصف وتبني مواقف دفاعية مشتركة للتصدي لأحوال الحرب التي تطال تأثيراتها وتداعياتها الوطن العربي عامة.