وأشار إلى أنه في خضم العالم المتغير الذي نعيشه اليوم، بات من الضروري أن تتوافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، لاسيما وأننا نعيش في عالم تسوده التنافسية العالية في شتى المجلات، نافياً في الوقت ذاته إلى انتهاء عصر التعليم التقليدي ومؤكداً بأن التطور طال الكثير من مفاصل الحياة، والتعليم من ضمنها.
وقال:" إن التعليم عملية مستمرة مدى الحياة، ومايحتاجه الطالب اليوم هو أن يدرك ماهي الأبواب التي يفتحها تخصصه العلمي، فالحصول على وظيفة جيدة تتناسب والمؤهل والتخصص العلمي أصبح مطلباً حتمياً في عالم يسوده التنافس".
وفيما يلي نص اللقاء:
- تحتفل كلية البحرين التقنية (البوليتكنك) بمرور عشر سنوات على تأسيسها، ماهي الإضافة التي أحدثتها هذه المؤسسة التعليمية إلى مؤسسات التعليم العالي في البحرين؟
تأسست كلية البحرين التقنية (بوليتكنك البحرين) بموجب مرسوم ملكي رقم (65) لسنة 2008، ومنذ إنشائها عمدت إلى تعزيز الارتباط مع سوق العمل بحيث نقوم بتصميم البرامج التعليمية وفق احتياجات السوق. كما أن المؤسسة تسعى من خلال البرامج التي تقدمها إلى رفع كفاءة الطلبة إلى المستوى الذي يرتقي به سوق العمل والأداء المطلوب وفق المعايير التي من شأنها أن تدفع بعجلة التنمية وتحقق النماء الاقتصادي وفق رؤية البحرين الاقتصادية 2030.
وتركز (البوليتكنك) على العلوم التقنية والتطبيقات العملية للمواد العلمية، وقد تأسست الكلية لتخدم التنمية الاقتصادية ولتكون بمثابة حلقة وصل بين التحصيل الأكاديمي والمهارات العملية التي يطلبها سوق العمل فضلاً عن أن بعض التخصصات التي تقدمها المؤسسة هي مطلوبة اليوم.
وعلى هذا الأساس ، نعمل على تزويد الطلبة بالمهارات اللازمة والتي تجعل من اندماجهم في سوق العمل أمراً أكثر سهولة من غيرهم، وذلك لأنهم قد تزودوا بالمعرفة وزاد إدراكهم لطبيعة المهنة التي يعملون بها حال مغادرتهم مقاعد الدراسة، خاصة وأنهم قد تلقوا التعليم والتدريب اللازم الذي تتطلبه الوظائف المختلفة في سوق العمل بناء على تخصصاتهم. وفي كل الأحوال ، فإن توفير مخرجات ذات معايير عالية في التعليم والتدريب يصب في مجال تنمية البحرين وتنويع سلة الاقتصاد وتوفير المزيد من الوظائف في القطاع الخاص.
- كيف تقومون بقياس نجاح مخرجاتكم في سوق العمل ؟
نقوم بمتابعة الخريجين بعد تخرجهم خلال فترة من 6 إلى 12 شهراً ، للتعرف على أوضاعهم. ونحن فخورون بأن نجد أن الغالبية العظمى منهم قد التحقوا بالعمل ضمن تخصصاتهم الأكاديمية.
نرى أن البوليتكنك قد نجحت في تحضير الطلبة لسوق العمل، حيث أن أكثر من 80% ينخرطون في سوق العمل في فترة تتراوح مابين 6 – 12 شهراً، كما تصلنا معلومات بأنهم يتولون مسؤوليات ووظائف ويرتقون فيها، الأمر الذي يؤكد بأن العلم الذي تلقوه في الكلية كان نافعاً ومجدياً للحصول على الوظيفة.
كما أننا نقوم باختيار الهيئة التعليمية بعناية فائقة، حيث يتم اختيارهم وفق ضوابط ومعايير معينة من أهمها أن تكون لديهم خبرة عملية في ميدان التخصص، عوضاً عن توظيف مدرسين أكاديميين لم يخوضوا تفاصيل التخصص في الحياة العملية أو المهنية.
وتستخدم بوليتكنك البحرين نهجاً يركز على الطالب خلال عملية التعليم، حيث يطور المدرسون الدروس بحيث ينخرط الطلبة في عملية التعلم. ويتم تشجيعهم بطرح الأسئلة واستخدام استراتيجيات التعلم القائمة على حل المشكلات.
وعلى ضوء ذلك، فقد خرجت البوليتكنك عن الإطار المتعارف عليه في الجامعات التقليدية. نوظف مدرسين ممن لديهم خبرة ميدانية ، وبعضهم يقومون بتطوير أنفسهم أكاديمياً ويرتقون بكفاءتهم، وهذه ميزة في (البوليتكنك).
- ماهي المعايير التي يقوم عليها اختياركم للبرامج الأكاديمية والتعليمية في الكلية ؟
نختار البرامج التعليمية والأكاديمية بعناية، بحيث ندرس احتياجات سوق العمل، وعلى ضوء ذلك نقوم باختيار البرنامج.
تقدم الكلية تخصصات بكالوريوس إدارة الأعمال، بكالوريوس تكنولوجيا الهندسة، بكالوريوس التصميم المرئي، شهادة الإعداد الأكاديمي، بكالوريوس إدارة اللوجستيات العالمية، البكالوريوس في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبكالوريوس الإعلام الإلكتروني.
نختار البرامج بعناية فائقة، وفي السنوات المقبلة سنضيف الكثير من البرامج في الإعلام الرقمي بالإضافة إلى تصميم الألعاب وجميعها تخصصات واعدة ونرى الإقبال عليها من سوق العمل وأمن الإنترنت والهندسة الكهربائية.
لايمكن أن نقدم برامج لامستقبل لها، لأن (البوليتكنك) وجدت للمساهمة في بناء البحرين والاقتصاد في البحرين، ولذلك لايمكن أن نقدم برامج تعليمية لايوجد لها صناعة أو وظائف.
- ماالذي حققته كلية البحرين التقنية خلال السنوات العشر الماضية في تجويد مخرجات التعليم ؟ وماذا قدمت من مساهمة للارتقاء بمنتج التعليم العالي المقدم في البحرين؟
مضت عشر سنوات على إنشاء كلية البحرين التقنية، ومن أهم النقاط التي عملنا عليها هي الاعتراف الدولي والاعتمادية للبرامج المقدمة.
وعلى الرغم من أننا لانزال مؤسسة صغيرة نسبياً، حيث يبلغ عدد الطلبة فيها حوالي 2000 طالب، نتلقى الكثير من طلبات التسجيل للالتحاق ببرامج الكلية، ونأمل في أن نتمكن من توسعة المؤسسة التعليمية لتضطلع بدورها المحوري الذي أنشئت من أجله وتحقق الأهداف المرجوة منها.
خلال السنوات الماضية، استطعنا أن نعزز من قيمة البرامج المقدمة ، من خلال الحصول على الاعتماد الدولي من أفضل المؤسسات التعليمية في العالم.
بالنسبة لبرنامج إدارة اللوجستيات العالمية، فإن البرنامج معتمد ومسجل من قبل أحد أفضل المؤسسات المعتمدة والرائدة عالمياً في هذا المجال. كما أن برنامج المحاسبة يتيح للطالب فرصة الإعفاء من حوالي 9 امتحانات من أصل 12 امتحاناً للحصول على شهادة مزاولة المهنة.
وضمن العلاقات التي تربطنا مع الكثير من القائمين والمسؤولين عن الشركات والمصانع في القطاع الخاص وكذلك المسؤولون في عدد من المؤسسات الحكومية، نتبادل الآراء والأفكار حول مدى الرضا عن مخرجات (البوليتكنك) وماهية الأساليب التي من الممكن اتباعها لضمان جودة التعليم الذي يتلقونه وحاجة السوق للتخصصات التي تخرجها الكلية.
- ماهي المهارات التي تقومون بتزويدها الطالب خلال مرحلة الدراسة ؟ وما مدى التشابه بين تلك القيم والقيم التي يتلقاها طلبة (البوليتكنك) حول العالم ؟
أسلوب التعليم الذي تتبعه البوليتكنك هو ما يجعل منها مؤسسة ذات قيمة مضافة، فنحن لا نكتفي بتقديم المناهج العلمية، ولكننا نتعدى ذلك إلى تدريب الطلبة على كيفية إيجاد الحلول والعمل مع حالات واقعية من سوق العمل. كما نقوم بتدريب الطلبة على المهارات التي يبحث عنها أرباب الأعمال في المتقدمين لملء الشواغر، وهم بالعادة يبحثون عن الأشخاص المبادرين والذين يعملون ضمن روح الفريق الواحد إلى جانب العديد من المهارات التي لابد أن يتحلى بها شباب اليوم ممن يطمح إلى الحصول على وظيفة جيدة تؤمن له التقدم في حياته المهنية.
وتخدم بوليتكنك البحرين، بوصفها الوحيدة في المملكة التي تقدم خدمات التعليم المهني التطبيقي والفني والدورات قصيرة الأجل، وكذلك خدمات الاستشارات والأبحاث التطبيقية، باتباع منهج التعليم القائم على حل المشكلات المعروف عالميًّا.
ونسعى من خلال ذلك، إلى إعداد خريجين مؤهلين للعمل يتمتعون بمهارات القرن الحادي والعشرين اللازمة قبيل دخولهم إلى عالم الأعمال؛ سواء أكان ذلك في سوق العمل المحلية أم الإقليمية أم الدولية.
- هل ترون أننا في خضم التحديات العالمية الجديدة، بحاجة إلى تغيير أساليب أنماط التعليم التقليدية ؟
برأيي ، لم ينتهِ التعليم التقليدي بالكامل بعد، ولكنني شهدت عبر الثلاثين عاماً الماضية في قطاع التعليم العالي الكثير من التغيرات التي باتت اليوم أمراً محتوماً. فعلى سبيل المثال، التحول إلى العالم الرقمي اليوم لم يعد خياراً وإنما مطلب. ولابد لنا من مواكبة التغيرات التي تطال الكثير من مفاصل الحياة ومن ضمنها التعليم.
من أحد الأمور التي تتغير في يومنا هذا هي نظرة المرء إلى التعليم ومدى جدوى التحاقه بتخصص دون آخر، حيث بات من المهم أن تحقق له العملية التعليمية مطلباً مهماً اليوم ، وهو الحصول على وظيفة جيدة ومجزية في نهاية المطاف. فنحن نعيش في عالم يعج بالتنافسية، ولم تعد الوظيفة العادية كافية، بل الجميع يتطلع إلى الاستفادة من التخصص العلمي والأكاديمي الذي تلقاه البعض في سنوات التحصيل الدراسي.
وفي سبيل تحقيق هذه المهمة، نضع مناهجنا بما يتوافق مع جميع متطلبات سوق العمل، واضعين نصب أعيننا الحاجات الفردية لمختلف الطلبة والشركات والمجتمع ككل. وتنتج عن ذلك بيئة تعليمية ديناميكية تنبض بالحياة؛ بيئة تفتح أمام شعب البحرين آفاقاً واسعة من فرص العمل الجديدة والقدرة على التعلم المستمر مدى الحياة.
في عالم اليوم، لابد من التأكد من أن التعليم الذي تتلقاه سيؤمن لك وظيفة في آخر المطاف، فلم يعد العالم كما كان في السابق. والاستثمار في التعليم هو أحد أفضل الاستثمارات تحصد ثمارها على المدى القريب والبعيد.
وقد بات من المهم أن يحصل الشخص على وظيفة تناسب مؤهلاته العلمية، ولكن نرى الكثير من النماذج المرهونة بالظروف الاقتصادية المتغيرة، حيث تتلاشى وظائف وتبزغ أخرى، ومن المهم في هذا المجال أن ندرك أن الوظيفة لا تدوم طول الدهر، وعلى المرء أن يزود نفسه بالمهارات المختلفة التي تمنحه مرونة الاستجابة لسوق العمل ذو الاحتياجات والفرص المتجددة دائماً.
- كم عدد الطلبة من خريجي الكلية؟
لقد تم تخريج أربعة أفواج بواقع 1600 طالب، الأمر لا يقاس بالكم والعدد، وإنما بمدى فاعلية الخريجين والاختلاف الذي أحدثوه في مواقع عملهم. فكما ذكرنا أننا مؤسسة صغيرة بالعدد نسبياً إذ تحتضن (البوليتكنك) حوالي 2000 طالب وطالبة من مختلف التخصصات. ولكن احتفالنا بمضي عشر سنوات على إنشاء الكلية، يتزامن مع مشاريع توسعية ستساهم في تعزيز أداء الكلية وقدرتها على خدمة البحرين والمساهمة في التنمية الاقتصادية.
ولعله من الجيد الإشارة إلى أنني وخلال مرحلة التحصيل العلمي، كنت طالباً في إحدى كليات (البوليتكنك) وكما تدرجت بالعمل في عدد من كليات (البوليتكنك) في أكثر من دولة، واليوم أدير كلية البحرين التقنية التي أرى فيها الكثير الإمكانيات وفق المعطيات المطروحة في سوق العمل. وأتطلع خلال الأعوام المقبلة أن تضاف البرامج التي من شأنها أن تعزز من كفاءة الأفراد وتمكنهم ليس فقط من الالتحاق بالوظائف في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص فقط، بل تساهم في توسيع القطاع الخاص والأهلي عبر إدارة أعمالهم الخاصة التي تعود بالنفع على الاقتصاد البحريني.