يتابع "معرض البحرين الدولي 18 للكتاب" فعله الثقافي، الذي يجيء مكملاً لكل فعل ثقافي آخر تشهده المملكة، ليكون مرسى للمعرفة بكل تنوعها وثرائها. وهو لا يكتفي بأن يكون محطاً للكتاب فقط، بل يفرض كعادته، فعلاً ثقافياً يمتاز بنشاطه وبتحريكه للمشهد الثقافي، عبر الأنشطة والفعاليات التي ينظمها بشكل يومي، إذ شهد الأربعاء توليفة ثقافية، بدءاً بالوقوف من أجل السلام، مروراً بالندوات، والمحاضرات، وبتوقيع أحدث الإصدارات، وصولاً للشعر والموسيقى، والسينما.

بهدف إرسال رسالة سلام ومحبة من مملكة البحرين لكل العالم، نظمت "جمعية البيارق البيضاء"، بالتعاون مع "هيئة البحرين للثقافة والآثار"، فعالية "وقفة سلام" بالشموع، أمس الأربعاء (4 أبريل)، بجوار "قلعة عراد"، شاركت فيها الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة الهيئة، والقس هاني عزيز، وممثلين عن مختلف الأديان والطوائف المتعايشة في المملكة، للدعوة للسلام والتعايش العالمي، ولتفعيل دور المحرق كـ "عاصمة للثقافة الإسلامية 2018م".

وفي إطار توثيق وحفظ الإرث البحريني، وقع الباحث مبارك عمرو العماري، كتابه الثاني، المعنون بـ "نوادر وقصص من البحرين"، مساء اليوم الأربعاء، بعد أن وقع، في وقت سابق، كتابه "دليل شعراء الموال في المحرق". ويتتبع العماري في كتابه الجديد أبرز القصص المرتبطة بتاريخ الغوص في البحرين والمنطقة.

هذا الاشتغال الذي يحفر في الماضي، لتوثيقه وتدوينه، ليس وليد اليوم لدى الباحث العماري، إذ مارس اشتغاله هذا منذ العام (1970)، عبر نشر حلقات تحت عنوان "نوادر وقصص من بلادنا"، مسجلاً فيها التفاصيل الدقيقة، ومتتبعاً تسلسل الأحداث التاريخية، وقد جمع هذه الحلقات، لتصير في متناول القارئ، ولتكون مرجعاً للدراسات المرتبطة بالثقافة الشعبية وإرث المنطقة.

ونجد العماري في هذا الكتاب يوثق لحقبة مهمة من تاريخ البحث عن اللؤلؤ في البحرين وفي المنطقة، وتحديداً حقبة التلاشي والاحتضار، وتحول المجتمع المحلي من عصر الغوص الذي استمر كمهنة أساسية منذ آلاف السنين، إلى عصر النفط والاقتصاد التجاري. كما يسرد في كتابه هذا تلك الحوادث المرتبطة بالغوص، وأهم شخوصه وقاماته خلال القرن العشرين المنصرم.

ولأن البحرين تحتفي دائماً بمنجزها، تزامنت نسخة هذا العام من "معرض البحرين الدولي للكتاب"، مع احتفاء "مجلة البحرين الثقافة" بمناسبة مرور ربع قرن على تأسيسها وإصدارها، إذ قدم د.محمد الخزاعي، مساء الأربعاء، ندوة حوارية، حول المجلة، التي ما زالت تواصل رهانها الثقافي والفكري دون انقطاع، طارحاً الأبعاد العميقة التي أسست للمحتوى الفكري والتوجه المعرفي الذي تميز بالرصانة.

كما تناول الدور الذي عملت عليه المجلة طوال تاريخها، من تعميق التبادل الثقافي مع العديد من الأقلام النخبوية، في البحرين والعالم العربي، مستعرضاً بتفصيل، سيرة المجلة، وما نقلته، وما كونته من سجل ثقافي يحتفي بالنتجاجات السردية الإنسانية.

وشهد اليوم الثامن من المعرض إقامة حفل موسيقي، على "مسرح الفعاليات"، خارج أروقة المعرض، أحيته "فرقة محمد بن فارس"، مستعيدةً فيه ذاكرة البحر، وأغنيات البلاد، حيث دفء الإيقاع البحريني والشجن المتجذر في الصوت الخليجي. ومن خلال هذا الحفل تقاسمت الفرقة مع جمهور المعرض ما تنفرد به الموسيقى البحرينية من هوية، وما تصنعه المحبة من صوت ينادي ويستدعي عمق الإصغاء.

وسيشهد المعرض الخميس، العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية، بدءاً بتوقيع كتاب "شيء من التراث" للباحثة البحرينية نورة الشيراوي، التي ستوقعه عند الساعة 6:00 مساءً بجناح هيئة البحرين للثقافة والآثار والذي توثق فيه للإرث الغنائي، والشعري، فتنتقل عبر الفصول من أغاني ليلة الزفاف، وأغاني الفرح، إلى أغنيات الطفولة، وأغاني المراداة، بالإضافة إلى الأغاني الخاصة بالرجال، وتلك الخاصة بالنساء والأطفال، وأغاني البحر والغوص وأغاني الفقد!

من جانبها تعلن "مؤسسة بحرين ترست"، في السادسة من مساء الخميس، عن فكرة جائزتها والمواضيع المقترحة، في فعالية بعنوان "قصص المدارس المصغرة"، التي تتجه فيها المؤسسة لخلق طرق مبتكرة في التعليم، وذلك بالتنسيق مع مجموعة من المدارس المصغرة، إذ تحفز من خلال جائزتها الشباب البحريني على تأليف مجموعة من القصص المصورة والتي ترتبط بأحد المشروعات في منهج تلك المدارس.

وتنظم "هيئة الشارقة للكتاب"، عند الساعة 7:00 من ذات اليوم، ندوة حوارية حول "صورة المرأة في الرواية الإماراتية"، بمشاركة الروائيتين الإماراتيتين باسمة يونس، ومريم الزعابي، اللتين تسلطان الضوء على حضور المرأة في الرواية الإماراتية، إلى جانب نبش الاحتمالات والرؤى والغوايات الأنثوية التي تبطن تلك النصوص الروائية، في محاولة للتعمق في حالة الإلهام التي قد تغدقها أنثى سواء كانت كاتبة أم من شخوص الرواية، وتعد هذه الفعالية هي الثانية التي تتم بالتعاون ما بين الهيئتين خلال المعرض

أما الساعة الثامنة فموعد ثقافي آخر، يوقظ فيه الشاعر الشيخ خالد بن عيسى آل خليفة الحياة، بلغةً شعرية جميلة، وبفكرة تصير في روحه قصائد، يتقاسمها مع الجمهور، ليصير الشعر هو الفضاء المشترك، الذي يقول عنا الأشياء وما نشعر حيالها.

وتتزامن مع هذه الأمسية الشعرية، أمسية تتخذ من الموسيقى لغةً، إذ تقدم "فرقة هارموني"، التابعة لمهرجان "تاء الشباب"، حفلاً موسيقياً بعنوان "من محبة تولد في المحرق وإليها"، تقدم فيه باقة من الذاكرة الموسيقية، والأغاني البحرينية التي تشبه حكايات أهل المحرق، عبر استعادة لتفاصيل الأغانية الحميمة، بموسيقاها التي لا تشبه سواها، وبما قاله أهل الغناء عن المحرق، وما كتب بهيئة شعر عنها.

يذكر أن النسخة الثامنة عشرة من معرض البحرين الدولي للكتاب تأتي بالتزامن مع مهرجان ربيع الثقافة الثالث عشر، إذ يستضيف المعرض في هذه النسخة أكثر من 400 دار ومؤسسة ثقافية وفكرية محلية وعربية وعالمية من 26 دولة مختلفة. ويتخذ موقعه بالقرب من موقع قلعة عراد، وذلك في تصدير للفعل الثقافي من قلب المحرق عاصمة الثقافة الإسلامية 2018م. من جهتها، تتقدم هيئة البحرين للثقافة والآثار بالشكر لكل المساهمين في هذا المحفل الثقافي والحضاري، وتحديدًا شركة فيفا البحرين الراعي الذهبي للمعرض، والرعاة الفضيين وهم: شركة بابكو، وإي إي لتأجير السيارات. كما تتقدم بالشكر للرعاة الإعلاميين، وهم: وزارة شؤون الإعلام، وصحيفتي البلاد والوطن.