أكد عضو في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة (دراسات)، والزميل الزائر في جامعة كامبريدج، د. خليفة علي الفاضل، في مقال له، أن العدوان القطري على ضحال الديبل، كان حلقة أخرى في سلسلة انتهاكات قطر للقواعد الأساسية للقانون الدولي، مبيناً أن قطع العلاقات مع الدوحة يحظى بدعم من الدول المحبة للسلام. وفيما يلي نص المقال:

قامت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر بقطع علاقاتها السياسية والدبلوماسية مع قطر بسبب دعمها المباشر وأحيانا الضمني للإرهابيين والجماعات المتطرفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. لقد حظيت الدول العربية الأربع بدعم العديد من الدول المحبة للسلام التي أكدت من جديد تمسكها بالحرب العالمية على الإرهاب، كما أكدت إدارة ترامب في العديد من المناسبات على التزامها بحماية السلم والأمن الإقليميين من خلال التزامها بالقضاء على التطرف الإسلامي ككل، وليس فقط الاقتصار على سياستها الواضحة ضد إيران والاتفاق النووي المثير للجدل. وفي هذا السياق، تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطاً على النظام القطري للتخلي عن طموحاته الأثيمة.

ومع ذلك، يجب على المرء أن يدرك بأن المشكلة القطرية ليست أمراً طارئاً بل هي متجذرة في عمق مياه الخليج. لقد دخلت قطر منذ القدم في نزاعٍ بحريٍ مضنٍ مع جارتها البحرين، حيث ضمت العاصمة التاريخية الزبارة (شمال غرب شبه جزيرة قطر) لها في عام 1937 في ما يمكن اعتباره في ذلك الوقت عدواناً بموجب القانون الدولي. وقتها، قامت قطر بتشريد سكان الزبارة الأصليين قسراً حيث أُجبرت القبائل العربية الموالية لملك البحرين على الفرار بعد اقتراف مذبحة ضد السكان المحليين. هذه الأعمال التي يمكن اعتبارها في نظر نظام حقوق الإنسان هذه الأيام انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان كانت ستتطلب تدخل المجتمع الدولي. ومع ذلك، فإن هذه الجرائم تعتبر مجرد "تاريخ" بالنسبة للكثيرين، وربما فقط قصة نحكيها للأجيال القادمة عن عدوانية النظام القطري.

بعد أن أصبحت البحرين وقطر عضوين في الأمم المتحدة عام 1971، وهما أيضاً عضوان مؤسسان مع المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان في الكيان الإقليمي الوليد، مجلس التعاون الخليجي، شنت قطر هجوماً عسكرياً على فشت (ضحال) الديبل – أرض صغيرة في المياه الضحلة على بعد بضعة أميال من ساحل البحرين – في عام 1986. وفي هذا الاعتداء خطف الجيش القطري عدداً من العمال الهولنديين كانوا يقومون بتركيب محطة أمنية ساحلية سبق أن وافق مجلس التعاون الخليجي على بنائها بموجب قرار اتخذ بالإجماع قبل سنتين. كان الغرض من إنشاء المحطة هو مراقبة نشاطات إيران البحرية التي يمكن أن تهدد أو تؤثر على مصالح جميع دول الخليج العربية خاصة أن تلك الفترة تلت نجاح الثورة الإسلامية بقيادة آية الله الخميني في إيران. لم تقم البحرين بالرد على الغزو تقديراً منها لجهود الوساطة والمساعي الحميدة التي قامت بها دول الجوار وأدت إلى انسحاب قطر من ضحال الديبل بعد بضعة أسابيع.

لم يتوقف النظام القطري عند هذا الحد، بل تمادى في غيه ورفع القضية إلى محكمة العدل الدولية. قدمت قطر للمحكمة وثائق مزورة بخصوص ضحال الديبل وغيره من الجزر المتنازع عليها، ثم تخلت عن هذه الأوراق بعد تأكيد زيفها من قبل خبراء دوليين. هذه الأحداث توضح نمط سلوك قطر العدائي تجاه جارتها الرصينة والمتحلية بضبط النفس البحرين، رغم أن البحرين هي التي كانت صاحبة السيادة على شبه جزيرة قطر في وقت مبكر يعود إلى عام 1762.

لقد كان غزو الديبل حلقة أخرى في سلسلة انتهاكات قطر للقواعد الأساسية للقانون الدولي. لقد احتجزت قطر مدنيين هولنديين لم يكونوا سوى عمال بناء مسالمين، ولا تزال قطر تسيء معاملة العمال الأجانب خاصة في مواقع بناء الملاعب والمرافق الأخرى التي تعدها لدورة كأس العالم (الفيفا) التي تطمح الدوحة في استضافتها عام 2022. بناء على تصرفات قطر، يمكن القول بأنه لا يوجد ضمان أو أمل بأن تحد قطر من سلوكها العدواني تجاه جيرانها، خاصة مع استمرار تعاونها العلني مع إيران التي هي في حد ذاتها دولة راعية للإرهاب.

***

محمد