أكدت استشارية الطب النفسي والخبيرة الدولية في مجال علاج الإدمان عند النساء، د. منى الصواف، أن إدمان المخدرات مرض يمكن منعه، وأن مليون شخص بين سن الـ 12 و13 عاماً جربوا المخدرات لأول مرة عام 2015، مبينة أن الدول العربية أصبحت مقراً نهائياً للمخدرات وليست مجرد ممر لها كما كانت سابقاً، وأن 28 مليون سنة حياة ضاعت في 3 سنوات نتيجة التعاطي، فضلاً عن ضياع 17 مليون سنة إنتاجية، مشددة على خطورة تلك المؤشرات التي تدق ناقوس الخطر.
وأضافت الصواف في ورقتها البحثية خلال انطلاق فعاليات مؤتمر وسائل الاعلام بين الواقع والتطلعات في الوقاية من المخدرات، والذي يقام في الفترة بين 26-28، بفندق الكراون بلازا، تحت رعاية وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، شددت على وجود ارتباط بين الإدمان ومرض نقص المناعة، خاصة بالنسبة للمتعاطين عن طريق الحقن، لأنها تكون مشتركة بين الأشخاص، وتجارة الجنس، حيث يستخدم المتعاطي جسده كسلعة للحصول على الأموال، مبينة أنه في العالم 12 مليون متعاطٍ عن طريق الحقن 10% منهم مصابين بالإيدز.
برنامج الحفل بدأ بقراءة آيات من الذكر الحكيم، ثم كلمة رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن، فيما تناول برنامج اليوم الأول من المؤتمر، جلستين حواريتين طرح خلالهما المشاركون أوراق عمل تتطرق إلى دور وسائل الإعلام وأثر التطور التكنولوجي في مشكلة المخدرات سواء بالسلب أو بالإيجاب حيث تضمنت الجلسة الحوارية الأولى "دور الإعلام الإقليمي والدولي في الوقاية من المخدرات"، والمتحدثون من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، بمشاركة الخبير د.إبراهيم الدبل من المملكة المتحدة، والخبيرة د. منى الصواف من المملكة العربية السعودية، والمقدم فيصل القاسم من دولة الإمارات العربية المتحدة، فيما أدار الجلسة العقيد خالد خليفة.
وأكدت د. الصواف في ورقتها بعنوان "دور المملكة العربية السعودية الإعلامي في الوقاية من المخدرات" ازدياد أعداد النساء المتهمين بالاتجار في المخدرات والترويج لها بين فئات المجتمع، مشددة على أن ذلك يتطلب تكاتف بين جهات عدة منها وزارة الداخلية، وزارة الإعلام، الجمارك، مؤسسات التعليم"، ومشيرة إلى ضرورة رقابة الأدوية من قبل وزارة الصحة لكون العديد منها تعد مواد مخدرة، فلابد من توعية الأفراد بخطورتها.
وأوضحت الصواف كل مستشفيات الأمل في السعودية، لديها قسم لعلاج النساء، مشيرة إلى فتح المجال للعلاج دون التجريم والإدانة، كما تضمن السرية والأمان، مبينة أن العلاج يتضمن ثلاث مراحل من بينها إعادة التأهيل والدمج في المجتمع، والمنع من لانتكاسة، وهذه البرامج تكون مقننة وشاملة.
وتابعت "هناك أشخاص يأتون للعلاج بأنفسهم، لعدة أسباب أهمها نقص المادة المخدرة وحاجته لمواد طبية تساعد على التخلص، أو تعرضه لاصابات أخرى من مضاعفات الإدمان مثل التهاب الكبد الفيروسي، أو نقص المناعة "الايدز"، وأحياناً بعد مروره بتجربة قاسية من مشاكل اجتماعية وأسرية.
من جانبها، قالت الملازم أول من الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية، ورئيسة شعبة الجودة الشاملة بالإدارة العامة حصة الحمر، يعد هذا المؤتمر، الأول من نوعه في مملكة البحرين، ويأتي تزامناً مع اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، وأعدت وزارة الداخلية هذا المؤتمر ليكون نقلة نوعية، في عملية الاحتفال.
وتابعت "أنا ضمن فريق العمل القائم على التنظيم، وبلغ عدد المشاركين حوالي 320 من مختلف المؤسسات، فيما يهدف المؤتمر إلى صقل الوعي الامني للمؤسسات الاعلامية، والتأكيد على أهمية الشباب ودورهم معالجة هذه القضية".
كما تحدث المقدم فيصل القاسم في ورقته حول كيفية مواجهة الإعلام للمخدرات، مبيناً أن المعرفة أقوى من المال وهي الركيزة الأولى في الإعلام، وأحد عناصر قوته، مبيناً أن تأثير الإعلام يعتمد على العاطفة، والإقناع، والكوميديا، ومؤشرات تأثيره تتضح في قدرته على قيادة الرأي العام والتأثير فيه، وتغيير سلوك الأفراد والمجتمعات، مشيراً إلى أن أصحاب العقول يسخرهم الإعلام لمواجهة هذه الظاهرة، بينما تجار المخدرات يستهدفون البسطاء غير الواعين، والإعلام يستخدم سرعته لتوصيل الرسالة المناسبة المؤثرة والفاعلة لخدمة هذه القضية.
من جهته، أشار الخبير الدكتور إبراهيم محمد الدبل من الأمم المتحدة، في ورقته البحثية " كيف يواجه الإعلام المخدرات" إلى الاستراتيجيات التي يجب على الدول تنفيذها لتواجه هذه الظاهرة، مبينا ان البحرين تعد الدولة العربية الوحيدة التي طبقت استراتيجية لمكافحة المخدرات وفق معايير الأمم المتحدة، وأثبتت هذه الاستراتيجية فاعليتها في التقليل من نسب الإدمان وتوعية أفراد المجتمع بخطورة الإدمان داعيا الى ضرورة توعية أفراد المجتمع من خلال المؤتمرات والبرامج المتنوعة التي تصل لمختلف شرائح المجتمع، حيث إن أكثر من 548 تجربة عالمية تم إدراجها وفق معايير الأمم المتحدة.
وتابع "لا توجد أي تجربة عربية تم اعتمادها كتجربة علمية يمكن الاعتداد بها سوى تجربة مملكة البحرين، وهناك حاجة لدمج طاقات جميع الجهات المعنية كلاً في تخصصه، وتوظيفها لمحاربة إدمان المخدرات".
وتابع "نعيش حالة عدم سيطرة على الإعلام، الحمدلله لدينا دعم حكومي، إلا أن المشكلة تكمن في العمل الميداني سواء من جانب مكافحة المخدرات أو جانب الإعلاميين، رجال مكافحة المخدرات غير إعلاميين، والإعلاميين غير متخصصين في مجال مكافحة المخدرات أمنياً".
وتضمنت الجلسة الحوارية الثانية عدة أوراق عمل بحثية، حيث شارك فيها أساتذة الإعلام بجامعة البحرين والجامعة الأهلية، ومن إدارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية د.أحمد السليمي.
وتحدث د. أحمد السليمي في ورقته حول آليات توظيف تكنولوجيا الاتصال في وقاية النشء من المخدرات، بينما تحدثت دكتورة علم الاجتماع بجامعة البحرين أحلام القاسمي عن المخدرات والإعلام الجديد، أخطاء مستجدة وفرص سانحة.
وتطرق أستاذ الإعلام في جامعة البحرين د. عدنان بومطيع في ورقته البحثية بعنوان "نحو سياسة اقتصادية جديدة لحماية الشباب في مملكة البحرين" إلى الجهد المبذول من قبل الجهات المعنية لمكافحة المخدرات والنتائج الملموسة التي تم التوصل إليها بناءً على هذه الجهود، حيث توجد تجربة بحرينية خاصة لاحتواء هذه الظاهرة والاضطلاع عليها بدليل تراجع الكميات المهربة من المخدرات، وتراجع أعداد المتورطين بهذه الجريمة.
وأشار إلى التنظيمات في العديد من الدول التي تحمي جماعات الاتجار بالمخدرات، وما يجنيه هؤلاء التجار سنوياً ما يقارب 700 مليار دولار، مبيناً أن تقرير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات في 2017 يشير إلى وجود ربع مليار نسمة لهم علاقة بالمخدرات، أي 6% من سكان العالم يتعاطون المخدرات داعياً إلى مضاعفة الجهود الإعلامية لمكافحة المخدرات بدل من الترويج لها.
وقدم أستاذ الإعلام في جامعة البحرين د.عبدالكريم الزياني مقاربة إعلامية وقائية نحو تحصين الشباب من مخاطر المخدرات الرقمية، وتمثل هذه المؤتمرات النوعية خطوة إيجابية في إظهار مدى خطورة الظاهرة، بالإضافة إلى الرغبة الأكيدة عند صناع القرار في مملكة البحرين، من خلال دق ناقوس الخطر، حول التعاطي وأشكاله الجديدة.
من جانبها قالت د. أحلام القاسمي، من قسم العلوم الاجتماعية بجامعة البحرين، في ورقتها البحثية "المخدرات والإعلام الجديد : الأخطار المستجدة والفرص السانحة" أن التحول الكبير في الإعلام قد يسخره الناس لصالحهم وقد يكون له آثار سلبية، فعلى سبيل المثال قضية المخدرات، تجار المخدرات سخروا وسائل الإعلام الجديد لصالحهم، وعلى الجانب الآخر يسعى المجتمع لمحاربة المخدرات من خلال وسائل الإعلام الجديد من خلال التفاعلية واللاتزامنية والحرية الإعلامية، فلابد للمجتمع بمختلف أفراده أن ينشر الوعي منه ما قامت به البحرين من تنفيذ برنامج "معاً" لمكافحة المخدرات، وسهولة المراقبة والرصد لمراقبة مروجي المخدرات، ففي الرياض في العام 2016 تم القبض على 21 مروج مخدرات من خلال برنامج "سناب شات".
وأوصت القاسمي بضرورة وضع قواعد استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لحل هذه المشكلة ولردع المروجين وتجار المخدرات، ولحماية أفراد المجتمع.