في ختام ورشة العمل الوطنية "تقييم الوضع الحالي لقطاع المياه في مملكة البحرين ومراجعة وتحليل استراتيجيات المياه القطاعية في مملكة البحرين"، التي استضافتها جامعة الخليج العربي مؤخرا ناقش مجموعة من المسؤولين الحكوميين المعنيين بقطاع المياه في مملكة البحرين أبرز التحديات التي تواجه قطاع المياه في مملكة البحرين، وذلك في سياق مشروع تطوير الاستراتيجية الوطنية للمياه في مملكة البحرين وخطتها التنفيذية 2030.
وقال مدير مشروع الاستراتيجية الوطنية للمياه وأستاذ إدارة الموارد المائية بجامعة الخليج العربي الدكتور وليد زباري إن مملكة البحرين تواجه تحدياً اساسياً يتمثل في الندرة الشديدة في المياه والزيادة المطردة في عدد السكان، حيث تعتمد مملكة البحرين بشكل أساسي على تحلية مياه البحر بنسبة 57% من أجمالي مصادر المياه، وهذه التقنية هي التقنية الأساسية التي توفر المياه لمملكة البحرين، معتبرا أن هذه التقنية مصحوبة بتكاليف مالية عالية وتتطلب الدعم الحكومي وهو الأمر الذي يزيد الضغوطات على الموازنة العامة للملكة بسبب تراجع أسعار النفط، و تستنزف قدرا كبيرا من الطاقة مما يؤدي إلى تراجع مخزون مملكة البحرين من الغاز الذي يعتبر مصدر الطاقة الرئيسي لتحلية المياه، وكذلك مصحوبة بتكاليف بيئية متفاوتة تتعلق بتلوث الهواء نتيجة الانبعاثات الغازية وتلوث البيئة البحرية بسبب صرف مياه رجيع التحلية، وهذا يجعلنا نفكر جدياً في سياسات تكفل تقليل الهدر في استهلاك المياه قدر المستطاع لتقليل هذه التكاليف، لافتا أن انخفاض معدلات استهلاك المياه في القطاع البلدي سيكون له تأثير مباشر على قطاع الصرف الصحي من حيث تخفيض كميات مياه الصرف الصحي الناتجة وبالتالي تخفيض تكاليف التجميع والمعالجة وتقليل مشاكل الأحمال الهيدروليكية التي تتعرض لها محطة توبلي والتي تؤدي على صرف المياه غير المعالجة أو المعالجة جزئيا إلى البيئة البحرية.
وأكد زباري أن الدراسات العلمية المتعلقة بتغير المناخ قد بينت أن البحرين ستكون معرضة لحالات متطرفة من هطول الأمطار بحيث تهطل كميات عالية جداً منها في فترات قصيرة في يوم أو يومين، مما سيؤدي إلى وجود كميات مياه سطحية عالية نسبيا على السطح، وهو ما يدعو إلى دراسة إمكانية استثمار هذه المياه في تغذية المياه الجوفية من خلال حقنها في خزانات المياه الجوفية في مملكة البحرين، داعيا إلى زيادة الاعتماد على القطاع الخاص في عملية إنتاج وتشغيل محطات التحلية لتقليل التكاليف المالية لتوفير المياه.
إلى ذلك أكد تقرير تقييم قطاع المياه في مملكة البحرين على ضرورة الاهتمام في قطاع مياه الصرف الصحي والاستثمار في إعادة استخدام الصرف الصحي المعالجة كونه المورد المائي الوحيد الذي يتزايد مع تزايد أعداد السكان، والذي لديه قدرة كبيرة في تخفيف الضغط على الموارد المائية في مملكة البحرين بشكل كبير، مشيرا إلى أن مملكة البحرين اتبعت مؤخراً سياستين رئيسيتين في قطاع الصرف الصحي وهما سياسة اللامركزية وسياسة الخصخصة ومن المتوقع أن يكون لهاتين السياستين مردود عالي في الكفاءة الاقتصادية والتقنية لقطاع الصرف الصحي، منبها إلى الحاجة لاتخاذ حلول مبتكرة في إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة واسترجاع التكاليف لها، وأن لا يقتصر استخدامها فقط في الري الزراعي وإنما ليشمل القطاع الصناعي وإنشاء الحدائق الترفيهية وغيرها من الأنشطة التي يمكن استخدام هذه المياه فيها وتحمل مخاطر قليلة جدا على الصحة والبيئة.
وفي جانب متصل أشاد التقرير بالخطوات التي اتخذتها حكومة مملكة البحرين في مراجعة تعرفة استهلاك المياه، وبين أن هذه الإجراءات قد أدت إلى انخفاض في الطلب على المياه وبالتالي تقليل التكاليف المصاحبة وكذلك إلى ارتفاع معدلات استرجاع التكلفة مما يضمن الاستدامة المالية لقطاع مياه الشرب وضمان جودة الخدمة الحالية، لافتا إلى أهمية مراجعة الدعم الحكومي ليكون موجها للفئات الأقل استهلاكاً للمياه.
يشار إلى أن ورشة العمل أقيمت بمشاركة جميع الجهات الحكومية الوطنية ذات العلاقة بقطاع المياه، بهدف عرض مخرجات تقرير تقييم قطاع المياه في مملكة البحرين على جميع الجهات ذات العلاقة بقطاع المياه في المملكة لمناقشته وإبداء الرأي حول محتوياته والاتفاق على التحديات الرئيسية التي تواجه قطاع المياه في مملكة البحرين، وهي خطوة أساسية لتنفيذ صياغة الاستراتيجية الوطنية للمياه (أي المحور الثالث من المشروع)، ولضمان موائمة الاستراتيجية الوطنية الشاملة مع التوجهات الاستراتيجية لقطاعات المياه المختلفة في مملكة البحرين.
ويذكر أن جامعة الخليج العربي وقعت مع مجلس الموارد المائية التابع لحكومة مملكة البحرين اتفاقية لإعداد الاستراتيجية الوطنية للمياه وخطتها التنفيذية للفترة من 2017-2030. وتقضي الاتفاقية بإعداد الاستراتيجية الوطنية للمياه وخطتها التنفيذية لمملكة البحرين للفترة 2017-2030.
وتهدف الاستراتيجية لإنشاء نظام متكامل لإدارة موارد المياه يكون مستداماً، وعادلاً، وآمناً وذا كفاءة يساهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة لمملكة البحرين.