ياسمين العقيدات

صارت كاميرا الموبايل عيناً تسجل كل شيء بل وتنشره على نطاق واسع. ويلاحظ التوسع في استخدامها لتوثيق ما يعتقد صاحبها بأنه مخالفة قانونية أو حتى جريمة. فهل يعتبر هذا التوثيق قانونياً؟ وهل دخل الدليل الإلكتروني حيز الأدلة المعترف بها في المحاكم؟

المحامي أرحمة خليفة يقول إن بعض الأدلة المستخلصة من مواقع التواصل كالواتس آب أو الرسائل النصية لا تعتبر دليلاً قاطعاً لكنها قرينة تؤخذ بعين الاعتبار عند القاضي في الإثبات، ويكون للقاضي الحرية في أن يستمد قناعته من اي دليل الكتروني.

ويضيف أرحمة "من إيجابيات الدليل الإلكتروني عدم إفلات المتجاوز من العقاب، إضافة إلى احترام القانون في كل الأوقات والأماكن فغياب الجهه الأمنية والكاميرات الأمنية في منطقة معينة لا يعني أن من الممكن تجاوز القانون والإفلات من العقاب، فأفراد المجتمع أصبحوا أكثر وعياً في إثبات المخالفة إلكترونيا وتقديمها للجهة الامنية المختصة لاتخاذ اللازم، حيث اصبحت الأجهزة الالكترونية معتداً بها من قبل الجهات الامنية في البحث عن الفاعل".



تكوين رأي عام

فيما يقول المحامي علي القطاف إن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في رصد الجرائم وتكوين رأي عام يدفع المتلقين من جميع الأعمار والفئات إلى تبني آراء ربما تكون متطابقة.

ويضيف "لا يعتبر المحتوى المنشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي دليل إدانة بحق المتهم دون اعتراف منه، كون أدلة الإثبات يجب أن تتسم بالمشروعية مع القوانين التي خلت من تقنين محتوى وسائل التواصل الاجتماعي واعتباره دليلاً لدى القضاء. لكن من إيجابيات رصد وسائل التواصل الاجتماعي لجريمة ما هو "السرعة الملحوظة" في جمع الاستدلالات عنها والتحقيق بها من قبل الجهات القانونية المختصة".

وعن السلبيات، يقول القطاف "يجب الوقوف عند محتوى وسائل التواصل كثيراً كونه ذو تأثير على رأي المجتمع ويصور الواقع بأنه خطر أو غير آمن في حين أن أطراف المحتوى الذي يكون غالباً بضع ثوان هم من تعرضوا للإخلال بأحد حقوقهم المصانة وفق القوانين والعادات المرعية دون غيرهم من أفراد المجتمع. وربما تنتهي تلك الجريمة المرصودة بوسائل التواصل الاجتماعي بالتصالح بين أطرافها وبالتالي ينبغي عدم التوسع في نشر الجرائم في وسائل التواصل".



جريمة يعاقب عليها القانون

ويؤكد المحامي محمد الذوادي أن نشر بعض الجرائم عبر وسائل التواصل الاجتماعي يسهم في تفعيل دور النيابة وممارسة حقها في تحريك الدعوى الجنائية ما لم يتطلب القانون لرفعها إذناً من الجهه المختصة أو شكوى من المجني عليه. انتشرت هذه القضايا في الآونة الاخيرة وعاصرنا عدداً منها ويتم التعامل مع هذه القضايا مثل القضايا الاخرى دون تفرقة. يجب مراعاة سلامة الدليل القانوني، وذلك يعني أنه لا يمكن اعتبار ما ينتشر عبر وسائل التواصل هو بحد ذاته دليل إدانة في القضية، نظرا لما ينص عليه القانون من إجراءات ومعايير لسلامة الدليل الجنائي وبالتالي فلا يمكن اعتبار ما ينتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من مقاطع فيديو أو محادثات أو غيرها أدلة قاطعة في الدعوى خصوصاً أنها في الغالب الأعم لا تتوافر فيها شروط سلامة الإجراء سواء بصدور إذن من الجهة المختصة أو غيرها من المعايير الأخرى".

ويضيف الذوادي أن "نشر مثل هذه المقاطع أو المحادثات يعد بحد ذاته جريمة يعاقب عليها القانون، ويجب التعامل مع هذه الحالات بحذر وإيصالها للجهات المختصة للقيام باللازم. ولا يخفى على أحد أن وسائل التواصل الاجتماعي وتطور التكنولوجيا سلاح ذو حدين له إيجابيات وسلبيات، لذا يجب التعامل معه بحذر في إطار القانون".