يحرص كثير من الطلاب على إتمام الدراسة عن بُعد، فيتجهون إلى التعليم المفتوح لما يقدمه من فرص جديدة للتعلم والتحصيل المعرفي، وهو طريقة ما يسمى بـ "التعليم الثوري" المعتمد في دول كثيرة من العالم، يحدوهم الأمل في تحصيل معرفي معمق يتوج بنيل شهادة علمية، ولكنه أمل يشوبه هاجس الخوف والتوجس من عدم معادلة الشهادة الجامعية، رغم تأكيد وزارة التربية والتعليم بالبحرين في موقعها الإلكتروني أنه قبل الدراسة في أية جامعة خارج مملكة البحرين يمكن للطالب مراجعة وحدة المعلومات الجامعية وتقييم المؤهلات بإدارة البعثات والملحقيات، حتى يتعرف على ما إذا كان التخصص الدراسي الذي يرغب في دراسته معترف به من قبل وزارة التربية والتعليم أم لا.
فقد اعتبرت التربية أن اللجنة الوطنية لتقويم المؤهلات العلمية تحكمها هذه القواعد الاسترشادية التي توحد الاشتراطات الخاصة بمعادلة أي مؤهل علمي تعتمده البحرين.
وبقدر حرص التربية على وضع ضوابط ومعايير عامة وتخصصية استرشادية للالتحاق بالدراسة في مؤسسات التعليم العالي خارج البحرين، تبقى أزمات معادلة الشهادات العلمية تتوالد ولا ينقطع نسلها، مثلما وقع في عام 2013 حيث ظهرت أزمة جديدة بسبب رفض الوزارة اعتماد شهادات عدد من الطلاب، الذين تخرجوا من جامعات مصرية وسودانية، رغم أن القرار أشار إلى السماح للطلاب الذين التحقوا بالجامعات قبل تاريخ صدوره باستمرار الدراسة ومنحهم حق الاعتراف بشهاداتهم، وبلغت القضية عدة مرات البرلمان وعتبات المحاكم أيضاً.
فهل ينفع تقيد المبتعث ببرنامج دراسي وانتظامه في جامعة معترف بها من قبل الجهات المختصة، وأخذ الموافقة المسبقة على الدراسة من وزارة التعليم والتعليم، واشتراط إثبات مدة الدراسة بالخارج لمعادلة الشهادات؟
وإذا كان من الضروري الاستئناس بالدليل الإرشادي للدراسة بالخارج، والحصول على الموافقة المسبقة إن لزم الأمر من وزارة التربية والتعليم، لمن لديه الرغبة في الدراسة بالخارج على حسابه الخاص، فهل أن حصول الطالب على الشهادة الجامعية يعني حتمية معادلتها من لجنة المعادلات، أم أن قرار لجنة معادلة الشهادات الجامعية يجري على غير ما يشتهي الطالب، بناء على سبب من الأسباب العلمية والموضوعية الوجيهة، فيكون عدم معادلة الشهادة بسبب انحدار سمعة الجامعة العلمية ورداءتها، أو بسبب ضعف البرنامج وقلة مواد التخصص، أو لعدم الاعتراف بجميع الشهادات التي حصل عليها الدارس قبل حصوله على الشهادة الأخيرة المراد معادلتها أو بسبب قصر المدة التي حصل فيها المبتعث على الشهادة، أو لعدم موافقة الوزارة المسبقة على دراسته، وغيرها من الأسباب.
ويشعر سيد هاشم بالمرارة لعدم تمكنه من استكمال متطلبات الدكتوراه في الوقت الذي أصبح فيه الكثير من زملائه دكاتره بالجامعة ومسؤولين كبارا بالتعليم. يقول تحمست في البداية، وكنت من الذين لديهم التزمات عائلية ومهنية ويبحثون عن سبل استكمال تعليمهم الجامعي في فترات مسائية وخلال العطل، رغم تكلفتها التي قد تصل لأكثر من 5000 دولار أميركي لكل فصل دراسي، وهي تكلفة مرتفعة كثيراً مقارنة بالدراسة في مؤسسات أجنبية.
ويضيف هاشم: "حاولت التسجيل بجامعة عربية للتعليم المفتوح، لكن الوزارة في البحرين قالت إن شهادتي لن يتم الاعتراف بها مما يعني أنني سأنفق أموالاً بدون جدوى"، لافتا أنه منذ عام 2010، أصدرت وزارة التربية والتعليم بالبحرين قراراً أوقفت بموجبه معادلة وتقويم الشهادة الجامعية التي تمنحها مؤسسات التعليم الأجنبية عن طريق نظام التعليم المفتوح ونظام الدراسة بالانتساب ونظام التعليم عن بعد، الذي لا تعترف الوزارة بنظام شهاداته ولن تتم معادلتها، وذلك بناءً على توصية اللجنة الوطنية لتقويم المؤهلات العلمية بشأن إيقاف الاعتراف بجميع المؤهلات العلمية الممنوحة عن طريق التعلم عن بعد، لافتا أنه لا يزال هناك محاذير تتعلق بشهادات نظام التعليم عن بعد، ومبرر ذلك أنه يفترض أن تكون نسبة حضور طلبة الجامعات 45% داخل المؤسسات التعليمية، وأن الوزارة ترفض الموافقة على الشهادات التي تمنحها النظم التعليمية "غير النظامية" بسبب "سوء مخرجات تلك المؤسسات"، وهو رأي وجيه في نظر كثير من الدارسين. ويتساءل سيد هاشم ألا تعيد الجهات المسؤولة بالتعليم العالي العمل بالدراسة الجامعية عن طريق الانتساب وفق معايير وضوابط تقررها اللجنة المعنية بمعادلة الشهادات لضمان الجودة واستيفاء المخرجات التعليمية؟
يقول هاشم: عدد كبير يعنيهم إكمال الدراسة الجامعية، سواء عن طريق الالتحاق بجامعات خارجية أو مواصلة الدراسة عن بعد بجميع صورها وأشكالها، مثل التعليم عبر الإنترنت، التعليم الإلكتروني، التعليم المدمج والمرن، التعليم المفتوح والانتساب، فهم يرغبون في استزادة التحصيل العلمي والعملي أو في الانفتاح على الخبرات العالمية والإفادة منها باستحداثها في مجالات حيوية بالبحرين، مستشهدا في ذلك ببعض الدراسات الأكاديمية التي بينت أن "الدارسين عن طريق الانتساب من البلدان النامية يُحققون فوائد ملموسة أكثر من نظرائهم في الدول المتقدمة، وأن الدورات التعليمية المفتوحة تعيد صقل المهارات، وتساعد في البحث عن وظائف جديدة".
ويختم حديثه: الجميع يقدر حرص الجهات المسؤولة في التعليم العالي على الاهتمام بالدراسة عن بعد لإتاحة الفرصة لمن تحول ظروفهم دون الدراسة النظامية المعتادة، والجميع مع كافة الإجراءات التي تضمن سلامة ونزاهة الحصول على الشهادات العلمية بكل مصداقية وأمانة، ولكن ألا تكون هناك رؤية مستقبلية لإعادة النظر في معادلة وتقويم بعض الشهادات الجامعية التي تمنحها مؤسسات التعليم الأجنبية بطريقة الانتساب وفق شروط ومعايير تضمن الجودة والمخرجات العلمية.
فهل تعود الحياة إلى التعليم المفتوح من خلال دراسة كل المشاكل العالقة، ووضع ضوابط ومعايير خاصة، تضمن كفاءة التعليم النظامي وجودة مخرجاته، لاسيما أن بعض الجامعات العربية عن بُعد توجهت إلى نظام التعليم المدمج الجديد الذي يجمع بين نظام التعليم الافتراضى والإلكتروني، اللذين يعتمدان على المحاضرات والفصول الدراسية فضلاً عن استخدام شبكة الإنترنت وشبكة معلومات الجامعة، بتخصيص موقع إلكترونى تتوافر فيه كل المعلومات التى يحتاجها الطالب وتسمح له بالتواصل مع القائمين على تنظيم العملية التعليمية إدارياً وأكاديمياً؟.