أوصى المنتدى العربي للبيئة والتنمية في مؤتمره السنوي الحادي عشر الذي اختتمت أعماله الأحد في بيروت بعد مناقشة "تمويل التنمية المستدامة في البلدان العربية” بوضع استراتيجيات وخطط متكاملة واقعية وقابلة للتنفيذ، مع تحديد أولويات واضحة ومتسلسلة لأهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي، وفقاً لجدول زمني محدد للتنفيذ، مدعوم بدراسات جدوى معدّة بشكل جيد، على أن يقترن ذلك باعتماد الإطار التشريعي والتنظيمي الملائم مما يضمن ثقة الجهات المانحة .

وشاركت جامعة الخليج العربي في المؤتمر الذي شارك به نحو 420 مندوباً و50 متحدثاً من 36 بلداً، يمثلون الهيئات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات الإقليمية والدولية ومراكز الأبحاث والمجتمع المدني والأكاديميين والطلاب، إذ أكد المشاركون في الجلسة الختامية أهمية الالتزام باتفاقية باريس المناخية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة اللذان يتطلبان استثمارات ضخمة، تحتاج بدورها إلى آليات تمويل مبتكرة.

وقال أستاذ الموارد المائية بكلية الدراسات العليا بجامعة الخليج العربي وليد زباري أن موضوع "تمويل التنمية المستدامة في البلدان العربية” من أهم الموضوعات المعاصرة التي لا يجب الإغفال عنها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، موضحا أن كلية الدراسات العليا تحرص بشكل سنوي على مشاركة طلبة الماجستير والدكتوراه في التخصصات ذات العلاقة بالموارد الطبيعية والبيئة في هذا المؤتمر الهام ليكونوا ملمين بقضايا البيئة والتنمية الرئيسة في العالم العربي وبناء الشبكات مع المتخصصين الفاعلين في العالم العربي، بالإضافة إلى تطوير مهاراتهم القيادية عبر النقاش والاطلاع على الأجندة والأبحاث البيئية في المنطقة العربية وعلى مستوى العالم

هذا، وأكد المشاركون "أن الحكومات وحدها لا تستطيع تلبية كل الاحتياجات، لذا فإن منظمات العون وصناديق التنمية والشركات والقطاع المصرفي مدعوة بشكل متزايد إلى المساهمة، مشددين على ضرورة وضع القوانين والتشريعات الضرورية لاجتذاب المساعدات والاستثمارات، ووقف الهدر والفساد، إلى جانب تعديل أنظمة دعم الأسعار لإدارة الموارد الطبيعية بكفاءة، خاصة الطاقة والمياه، وتطوير أنظمة الضرائب لتعزيز مصادر الدخل مع تأمين توزيع عادل للثروة .

وفي هذا السياق، أظهر قرير "أفد” حول تمويل التنمية المستدامة في البلدان العربية الذي نوقش في المؤتمر أن المنطقة العربية تحتاج إلى أكثر من 230 بليون دولار سنوياً مخصصة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. أما الفجوة التمويلية السنوية فقُدِّرت بأكثر من 100 بليون دولار. كما بيّن أن الخسائر في النشاط الاقتصادي بسبب الحروب والصراعات في المنطقة العربية منذ العام 2011 بلغت نحو 900 بليون دولار، وهذا سيعيق تنفيذ أهداف التنمية، لتداخلها مع متطلبات إعادة الإعمار. كما بيّن أن الفساد تسبب بخسارة توازي المبالغ المطلوبة لسد فجوة الاستثمار في التنمية، والمقدرة بمئة بليون دولار سنوياً .

ولفت التقرير إلى انحسار مصادر التمويل العامة والخاصة في المنطقة العربية. "ففي مقابل كل دولار يدخل من خلال تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، يتم إعادة استثمار نحو 1.8 دولار فعلياً في الخارج، إما بواسطة تدفقات الاستثمار المباشر إلى الخارج، أو من خلال تحويل الأرباح التي يحققها المستثمرون الأجانب".

وفي الوقت نفسه، تظل المنطقة مقرضة للبنوك الأجنبية، حيث كانت ودائع العملاء العرب لدى البنوك الدولية الرئيسية أعلى باستمرار من القروض المقابلة للعملاء العرب من هذه البنوك. ودعا إلى العمل على عكس اتجاه الاستثمارات إلى المنطقة العربية، ما يستدعي إصلاح السياسات المالية والنظام الضريبي ومكافحة الفساد وإعطاء حوافز وتسهيلات لتشجيع الاستثمار واستخدام الموارد بكفاءة .