سماهر سيف اليزل

تتسبب المشاكل السكنية بمشاكل صحية ونفسية للأفراد وللأسر ، فحين يفتقد الفرد لشعور الأمان في وطنه الصغير يفتقد لشعور الراحة وتزداد همومه ، مما ينعكس على نفسيته وبالتالي يؤثر على صحته ، يعاني عدد من المواطنين البحرينيين من عدة مشاكل في شقق الإيجار ، ولكنهم لا يملكون شيئاً وعليهم تحمل هذا الوضع من تكدس حشرات ، وروائح ، ومبانٍ أيلة للسقوط تنعدم فيها أبسط مقومات السلامة والعيش الرغيد ، فإلى من يلجأ هؤلاء ، وأين هو دور الجهات المعنية ..؟

قصص المواطنين من مستوى الوضع الصحي للشقق، ووجود إجارات متدنية المستوى يقابله ارتفاع في أسعار الإيجارات عامة، يجعل المواطن أمام مأزق بين مطرقة الإيجار وسندان الراحة.



تقول أم محمد صاحبة شقة تعاني الكثير : أنا أم لأربع أبناء أسكن بالإيجار في شقة بمنطقة عالي ، والمبنى الذي نسكنه مليء بالحشرات ، وأعاني أنا وأسرتي من هذه المشكلة ، حيث إن بيوض الحشرات معشعشة بالشقة ، كما أن الحشرات انتشرت ووصلت حتى الملابس والأسرة والغسالة والثلاجة ، وحدثت في إحدى المرات إن دخلت الحشرات في أذن أحد أبنائي مما جعلني أخذه للمستشفى بسبب ذلك ، تحدثت مع صاحب العمارة وقام بالرش مره واحدة فقط ، ولكن دون جدوى فالحشرات عادت مرة أخرى ، واحتجت أن أقوم بطلب شركات الرش على نفقتي الخاصة ، ولكن الأمر أصبح مكلفاً ، وزوجي مريض ، ولدي طفلان يعانيان من تأخر النطق وأقوم بمعالجتهما ، قمت بمراجعة الإسكان وقدمت طلباً لإسكان مؤقت لكن دون رد ، واتجهت لوزارة الصحة وأتى موظفون لمعاينة حال الشقة وقاموا برشة ثلاث مرات وكذلك دون جدوى ، وأنا لا أستطيع الخروج من الشقة بسبب غلاء الإيجارات وضيق الحال ، ولكن هذه الحالة لا تطاق وتسبب لي ولأسرتي التعب النفسي والجسدي ، فأنا أقوم بالتنظيف على مدار اليوم متناسية أغلب المهام الأخرى . وأنا أناشد وزارة الإسكان بالرأفة على حالتي ، وإعطائي سكن مؤقت وإخراجي وأسرتي من هذه الحالة التي يصعب على تحملها والعيش فيها .

الإسكان المؤقت



وصاحبة الشكوى الثانية تقول: أنا أسكن في شقة قديمة جداً بها سلم آيل للسقوط وأحياناً يكون بدون إضاءة ، وتصريفات المياه سيئة جداً بالشقة ، كما أنني أسكن وأسرتي ووالدتي الكبيرة في السن والمريضة التي تحتاج لعلاج ورعاية وذهاب للمستشفى من وقت لآخر ، قمت بتقديم أوراق بطلب شقة أرضية منذ 2016 ولم يتم الرد علي حتى الآن . وتكمل صاحبة الشكوى أنها كانت تسكن في السابق بغرفة في بيت أهل زوجها وأعطيت هذه الشقة كسكن مؤقت حتى حصولها على طلب وحدتها السكنية المقدم في 2007، ولكن مع مرور السنين وعدم اهتمام مختصين الصيانة بعملهم ساء حال البناية وأصبحت التوصيلات ضعيفة جداً لدرجة أن بعض الأجهزة الكهربائية تعطلت ، وبالبناية ثلاث طوابق و12 شقة يسكن منها 5 شقق فقط ، وشقتي في الدور الثالث ويصعب علينا جدا رفع الأشياء وإيصال المياه وهذا الأمر تسبب بإصابة زوجي بضيقة في النفس وتسبب لنا بمشاكل في الظهر ونحن الاثنين نقوم بعلاج طبيعي لعلاجها . كما أن هناك روائح تفوح من البناية ومن تحت الدرج خصوصاً بسبب قيام البعض بقضاء حاجتهم تحته، وقد قمنا بمكالمة صيانة الإسكان عدة مرات لحل هذا الأمر لكن لا يتم الرد علينا ، كما حاولت كثيراً التواصل مع النائب التابع للمنطقة بدون فائدة ، وأكثر ما يسبب لي المعاناة النفسية هو حال والدتي الكبيرة التي تحتاج للذهاب للمستشفى ولا تستطيع النزول على الدرج وأتعب جداً حتى أصل بها للطابق الأرضي والعودة بها للشقة وفي مرات كثيرة نضطر لطلب أللإسعاف لحملها وهي أيضاً تعاني من ضيق التنفس ولينة في العظام وزادت حالتها سوءاً بسبب صعود السلم ونزوله . وتقول صاحبة الشكوى أنه لولا ظروفها المادية الصعبة التي تعوقها من الانتقال لا ما بقيت ساعة واحدة في هذه الشقة غير الصالحة للسكن ولكن أنا لا أعمل وزوجي مجرد مكنيكي يعول أسرتنا المكونة من 5 أفراد وبالإضافة لمعانتنا من ضيق الشقة نعاني أيضاً من تلوث البناية وقذارتها وكثرة الحشرات وسوء حالة الدرج الذي أصبحت أخاف على أبنائي ووالدتي المسنة منه . وكل ما أطلبة هو شقة أرضيه في إسكان مؤقت أفضل وضعاً من الذي نحن به وأن تتم مراعاة الحالة النفسية والصحية لنا جميعاً ولوالدتي المسنة بالأخص .

شروط معدومة

يقول مدرب تطوير الذات وكتشنج العلاقات الأسرية عبد الله القرني : هناك شروط يجب أن تتوفر في المنازل سواء كانت شقق أو وحدات سكنية ( بيوت ) ، لكنها معدومة ، مما يتسبب بعدة مشاكل يجب الانتباه لها ومراعاتها مثل ...

١- السلامة الصحية :

من نظافة أو تجمع المياه الراكدة الجالبة للحشرات الضارة ومنها البعوض الناقل لحمى الضنك أو تصاعد الروائح الكريهة والضارة ..

وقد يعود ذلك لعدة أسباب منها :

١- قلة الوعي بالأضرار .

٢- ضيق المعيشة والحاجة .

٣- عدم اهتمام الملاك بالصيانة والتجديد .

٤- العمالة الوافدة الغير مهتمة .

٥- ضعف إمكانات الجهات المختصة .

ولا بد من تكاتف الجهود من الجميع المؤجر والمستأجر والجهات المختصة للوقوف على ذلك وإيجاد الحلول المناسبة ومنها :-

١- نشر الوعي والتثقيف .

٢- إلزام الملاك بعمل الصيانة المناسبة للمباني .

٣- تغريم المستأجرين والساكنين عند أي إتلاف للمبنى بإصلاحه .

٤- تفعيل لجان ( اتحاد الملاك ) للإشراف والصيانة وفق مبلغ مالي مناسب من المستأجرين .

٥- إيجاد نظام إلي يحفظ الحقوق لكل من المالك والمستأجر في حالة إخراج المستأجر من المنزل دون سبب أو إهمال المستأجر في المحافظة على المنزل .

٦- توفير وش المبيدات وعدم تجمع المياه أو رمي المخلفات أو النفايات في غير الأماكن المخصصة .

٧- وضع غرامات لكل من لم يلتزم بآداب النظافة العامة .



ومن الايجابيات الناتجة عن العمل بهذه الحلول :-

١- المحافظة على الذوق العام والمظهر اللائق .

٢- قلة انتشار الأمراض والأوبئة .

٣- تقليل التكلفة من الرعاية الصحية .

بين الضيق والتلوث

ومن جانب أخر تقول الأخصائية الاجتماعية دلال العطاوي: بعد التطور العمراني الذي تشده مملكة البحرين والانفتاح الموجود من ناحية تزايد مختلف الثقافات في مملكتنا الغالية، أصبحت العوائل البحرينية تنطلق لطلب منازل الإسكان والابتعاد عن الأحياء(الفرجان) القديمة الصغيرة التي كانت المساكن الأساسية لأجدادنا البحرينيين .

وتحولت الكثير من هذه المساكن القديمة إلى عمارات كبيرة، لكي تضم أعداداً هائلة من العوائل ذات الدخل المحدود التي لم تحصل على فرصة الحصول على منزل جديد ،تتوفر فيه كل ما تحلم به الأسرة .

فالجدير بالذكر أن هذه العمارات المصممة في أماكن ضيقة لا تتوفر فيها شروط السلامة الصحيحة من ناحية نفسيه واجتماعية ،فالبعض منها ممتلئ بالقاذورات والحشرات والروائح الكريهه ، فجميع ما ذكر من سلبيات هذه العمارات له تأثير كبير من ناحية اجتماعية على الأسرة البحرينية ذات الدخل المحدود التي لا تستطيع الانطلاق إلى أماكن أكثر سلامة وصحة نظراً لضعف الحالة المادية.

ومن هذا المنطلق أن الأماكن ألضيقه وغير السليمة لها تأثير كبير على سلوك الفرد وعلى أسرته فهي تشكل أيضاً جزءاً من شخصيته وعاداته وتقاليده .

فالعديد من العوائل التي تعيش في هذه الأماكن تتأثر من الضيق الموجود بينها وبين بقية الأسر والأصوات المتقاربة التي تدخل بين شققهم الصغيرة مما يدفعهم يعيشون تلوثاً سمعياً وبصرياً ومعرضين أكثر للمشاحنات والصراع بينهم وبين بقية الأسر التي تعيش حولهم

بالإضافة إلى ذلك أن الأماكن ألضيقه بين عمارات شقق الإيجار ، والشقق المتقاربة أيضاً، باعتبارها مكاناً خفياً وضيقاً تعتبر ملجأ لكثير من المجرمين الذي يمارسون سلوكياتهم المنحرفة سواء من تعاطي المخدرات أو سرقات أو تحرش ، فيعتبر المجرمون هذه الأماكن مكان أمان بسبب عدم توفر أمور السلامة وعدم مرور كثير من الناس في هذه الأماكن ألضيقه بسبب الروائح الكريهة وتزايد الحشرات فيها ، مما يساهم إلى وقوع الكثير من المشاكل للأسرة التي تعيشها في تلك الأماكن وأيضا وقوع أبنائهم مع تلك الجماعات ألمجرمه في انحرافات سلوكيه أو أخلاقيه فيؤدي لدخول الأسرة لمتاهات هي في غنى عنها .

فهناك الكثير من الدراسات النفسية والاجتماعية تربط بين تأثير المساكن أو البناءات ألضيقه على وجود الجريمة وارتباطها بالأطفال الأحداث .

بالإضافة إلى ذلك إن وجود الشقق ألصغيره التي تؤجر على الأسرة محدودة الدخل تولد الكثير من الأمراض الصحية بسبب ضيق المكان وانعدام دخول الهواء بالشكل الصحيح ، مما يجعل الأسر معرضة للعديد من الاضطرابات الصحية والنفسية والاجتماعية نظراً لعدم توفر شروط السلامة الصحيحة لسكن .

فتعتبر تلك التأثيرات الاجتماعية لها تأثير نفسي على الفرد وسلوكه كما ذكرنا سابقاً، فهي لها دور كبير بتحريك كل ما يشعر به من أحاسيس ومشكلات بسبب ما يعيشه من وضع سكني .

ويعتبر الإنسان بطبيعته الشاملة للحواس الأنفية والبصرية وغيرها من بقية الحواس ، يتأثر بجميع الروائح التي يشمتها سواء كانت طيبة او مكروهة ، فعند وجود الفرد في مناطق ممتلئة بروائح كريهة مثل المناطق السكنية الضيقة ترتبط لديه مشاعر الخوف والقلق كما يذكر الباحثون النفسيون ، نظراً لارتباط حاسة الشم بالمركز العاطفي لدماغ ، مما يساهم بتزايد كثير من المشكلات النفسية لديه .

ويتأثر الإنسان بطبيعته البصرية بمناظر القاذورات الموجودة حوله في المنطقة السكنية الذي يعيش بها مما تنعكس كثيراً على نفسيته وتولد له طاقة سلبية بسبب عدم توفر الأماكن النظيفة والجميلة التي يحب أن يراها كل إنسان .

فالجدير بالذكر أن الأماكن ألضيقه وشقق الإيجار التي يعيشون بها الأسر ذات الدخول المحدود لها تأثير كبير من نواحي اجتماعيه وصحية ونفسية .



خدمات البلدية مجانية



من جانبه قال عضو مجلس بلدي الجنوبية مال الله شاهين أن دور شركات النظافة لا يشمل تنظيف داخل المنازل والمباني ولا يمكن السيطرة من الناحية البلدية على تجاوز بعض المستأجرين لحدود الجيرة برمي القاذورات وانبعاث روائح كريهة من منازلهم، و انتشار الحشرات والقوارض نتيجة عدم اهتمامه بنظافة مسكنه، وما ينظم حدود الجيرة بين المستأجرين في العمارات السكنية هو صاحب العقار الذي يملك شروطاً محددة للمستأجرين ويستطيع تسوية هذا الأمر.

وأشار إلى أن البلدية تقدم خدمة بتزويد المتضرر مبيدات حشرية دون مقابل مادي، وكذلك يمكن الاستعانة بوزارة الصحة التي تقدم كذلك خدمة مجانية برش المنطقة بالمبيدات للتخلص من الحشرات وكذلك القضاء على القوارض، مؤكداً في الوقت نفسه بأن المتضرر يمكن أن يلجأ للجهات الأمنية لتسوية مشكلته ولا يوجد أي خيار بيد المجالس البلدية لمعالجة مشكلة إهمال أي صاحب عقار أو مستأجر للنظافة في منزله.