فاطمة السليم

نظمت أسرة الأدباء والكتاب مساء الأحد بمقرها في منطقة الزنج حلقة حوارية حول أدب الطفل في البحرين، شملت كلا من د. مصطفى السيد ود. صفاء العلوي وأ. إبراهيم سند وأدار الحوار د. فهد حسين بحضور عدد كبير من الكتاب والمهتمين بأدب الطفل وعدد من طلبة جامعة البحرين للاستفادة من الحلقة الحوارية في مشروع جامعي سيقدم تصاميم و رسومات لقصص الأطفال.

واستهل د. فهد حسين القول بالتعريف بمفهوم أدب الطفل الذي يرى الكثير أنه أدب سهل، ولكنه في الحقيقة يعد من أصعب أنواع الأدب.

وأضاف د. حسين أننا في البحرين فخورون بأن هنالك عددا من الكتاب في أدب الطفل ومنهم علي شرقاوي وإبراهيم سند ويوسف عبد الغفار و فريده خنجي وعبدالقادر عقيل وحمد النعيمي وندى فردان وزكريا خنجي وهو نسبيا عدد جيد.

وحول مفهوم أدب الطفل عند الكاتب قال د. مصطفى السيد أنه يستغل القصص والألوان لتوصيل فكرة معينة ومحددة لتحبيب الأطفال في القراءة وللوصول إلى الأهداف التي يضعها الكاتب من الكتابة.

وأكد السيد أن الطفل ليس بآلة أو جهاز يتحرك فقط بل هو إحساس وتفاعل مع من حوله ومع بيئته التي تحيط به وذو ذكاء ويجب علينا أن نصقله ونؤهله و العائلة هي من يقع على عاتقها الدور الكبير بزرع حب الخير داخل أطفالها.

ومن جهتها، قالت د. صفاء العلوي أنه يجب على كتاب أدب الطفل أن يكون لديهم حس عال للشعور بهم وفن الوصول إلى عالمهم وتفاصيلهم.

وتطرقت العلوي إلى مصطلحات وتعريف الأدب بأنه فن أكثر من علم؛ لأن العلم شامل، أما الفن فمتخصص، لافتة أن الكتابة للطفل فن وإبداع وموهبة.

وأكدت العلوي أن أدب الطفل خرج من المجتمع العربي منذ أيام القدم وقصص الجدات، موضحة أن أول كتاب وقع في يدها عام 1983 وهي طفلة، صادر عن دار الثقافة بدبي سنة 1977 وهو "من سرق قلم ندى" للكاتب عبد القادر عقيل، منبهة أنها لازالت تحتفظ به وتتذكر إلى اليوم تفاصيل هذه القصة.

أما أ. إبراهيم سند فبين أن أدب الأطفال في البحرين مازال بخير بفعل الالتفات إليه في الآونة الأخيرة.

وأوضح أنه يشمل جميع الأعمال الفنية التي تقدم للأطفال ومنها المسرح والموسيقى والقصة والشعر والسينما، مؤكدا أن مفهوم أدب الطفل يختلف من مجتمع إلى آخر، حسب الفلسفة التي يمارسها المجتمع وكل مجتمع لديه فلسفه خاصة، والفلسفة هنا تعني العادات والتقاليد والقيم التي يستمد منها الأطفال العلم والمعرفة والمجتمع البحريني يركز على الشعر والكتابة وفي الدول المقدمة فلسفتهم لأدب الأطفال مختلفة إذ أصبح يوظف الأدب في فنون إبداعيه كثيرة ومختلفة.

وتطرق د. فهد حسين للتحدث عن الكتابة في أدب الطفل بالمفهوم الخاص للكتابة وتساءل إن كان لديكم مفاهيم خاصة للكتابة في أدب الطفل.

وقالت د. صفاء العلوي أن أدب الطفل الجميل صعب وأن الكتابة في أدب الطفل تقسم حسب المراحل العمرية للطفل، وهو عبارة عن كيفية صقل المجموعات اللغوية والمواقف والظروف والمكان والزمان والعادات والتقاليد والقيم التربوية والاجتماعية والأخلاقية لنشكلها في قالب يصل الى الطفل بكل بساطة وإيضاح وذكرت أن بهذه المفاهيم والقيم نصقل شخصية الطفل.

وأوضح د. مصطفى السيد أنه في بداية كتاباته اشترى عددا من الكتب من أماكن مختلفة، تخص قيما ومبادئ وقواعد تربية الأطفال، ووجدها كتباً في غاية التعقيد ولا يستطيع من خلالها الوصول إلى تفكير الطفل، ويجب أخذ منحنى آخر لإيصال الأفكار بشكل مبسط يخترق الطفل بشغف الخيال والمغامرة والاكتشاف سواء بمجتمع الطفل الداخلي كأسرته أو البيئة المحيطة به كالمدرسة والأهل والأصدقاء أو البيئة الطبيعية عن طريق زرع غرست الخير في الطفل منذ الصغر وأكد على ضرورة غرس مبادئ الخير والحب والبعد عن الكراهية والعنصرية لتكوين شخصية الطفل.

وعن تساؤل فهد حسين عن موقع الطفل البحريني في ظل الثورة و المحتوى الإلكتروني والمعلوماتية الحديثة، قال إبراهيم سند أن الثورة الإلكترونية سرقت الطفل من أهم مصدر للثقافة وهم الأدب والقراءة، منبها أن الأجهزة الحديثة جعلت من الأطفال مجرد أجهزة وهذه الأجهزة التي يقال عنها أجهزة ذكية لم تسهم في نماء ذكاء الأطفال وبين أن الأجيال السابقة يتميز بذكاء أكثر من ما هو موجود حاليا، وابتعد الأطفال عن الاحتكاك المباشر بالكتاب والقراءة وصب تركيزه على الأجهزة الإلكترونية.

وأضاف أن المجتمعات المتطورة وضعت حدودا لهذه الأجهزة وهي تعمل على تخريب الذهن وتحبيط الهمة وتسهم في كسل الأطفال جسديا وعقليا، وقال إننا دول مستهلكة وليس منتجه فنحن نستهلك الأجهزة دون دراية ومعرفة المضار والمخاطر التي تسببها.

فيما أكدت صفاء أن الثورة المعلوماتية والإلكترونية أبعدت الأطفال عن الحياة التفاعلية التشاركية الاجتماعية، وأصبح الطفل أكثر عزلة وأكثر انفعالا. فهذه الأجهزة حرمت الآباء من لغة التواصل معهم وأبعدتهم عن وسائل المعرفة التي تربينا عليها، مشبهة الكتاب للطفل كالفيتامينات التي تغذيه في جوانب مختلفة، مهنئة أولياء الأمور الذين مازالوا مستمرين على حكاية ما قبل النوم التي تعطي رسائل دافئة للأطفال و التي تترك اثر في قلوبهم. فيما تطرق إبراهيم سند إلى أساليب الكتابة للطفل بحيث إنها تختلف من كاتب إلى أخر وهي تميز الكاتب وإبداعاته للوصول للطفل.

وحين تطرق فهد حسين إلى محور أدب الطفل والسياق الاجتماعي، ذكرت في هذا الجانب العلوي أن الطفل في الوقت الحالي واع لدرجة كبيرة، ويقع على الوالدين عاتق مكثف لتنمية القراءة لدى الأطفال وأضافت آن الطفل يحتاج إلى كتب شيقة تملؤها الرسوم والصور.

وأضافت أن مناهج رياض الأطفال تحتاج إلى تطوير وصقل وهي قائمة على تطوير هي أهم مرحلة يجب استثمار القصة فيها، على الرغم أن أصعب مرحلة يواجها كاتب أدب الطفل مشروع مناهج رياض الأطفال، وبينت مرحلة دون الست سنوات التي تدخل ضمن مرحلة رياض الأطفال إلى جانب أنها أكثر مرحلة يتلقى فيها الطفل الأسس والمبادئ التعليمية والقيمية والكاتب هنا لابد أن يتفاعل مع الأطفال ويزور المدارس لاستيعاب التغيرات التي تطرأ على الأطفال من حين إلى آخر .

فيما ركزت على موضوع الكتاب الإلكتروني في وقت نحن نحتاج فيه إلى مواكبة التطور الرهيب، ففي كل الأحوال يجب تعزيز حب الكتاب الورقي لدى أطفالنا وأن نجعلهم أصدقاء للورق فهناك علاقة حميمة بين القارئ والكتاب .

وقال إبراهيم سند إن الجميع ليس باستطاعته الكتابة في أدب الطفل، وهي تعد من أصعب أنواع الكتابة ولا يعتمد على الموهبة فقط بل يعتمد على الموهبة والعلم والاحتكاك المباشر مع الأطفال والاستعداد النفسي والاجتماعي والثقافي بأن يكون المبدع في مستوى تفكير الأطفال ويرتفع بهم من خلال المشروع الإبداعي وأن يشبع حاجاتهم بإعطائهم دروس مفيدة وتكمن الصعوبة ليس بالكتابة فقط بل الرسومات والزخرفة والصور وإن كان الشخص يجهل استراتيجيات خاصة بالتربية والتثقيف من الصعب أن يصل كاتب إلى النجاح.

وأكد أن الأطفال أكثر فئة في المجتمع بحاجة إلى التثقيف والتربية والمجتمعات لا تقام ولا تطور إلا من خلال الاهتمام بهم وبالذات أطفال المرحلة الأولى من اليوم الأول إلى ست سنوات و الطفل البحريني لا يختلف عن طفل البلدان الأخيرة بل يختلف بطريقة تغذية فكره وتقديم المادة التربوية بطريقة سلسة وواضحة ومفهومه للطفل، مبينا أن الطفل البحريني مبدع وعلينا المحافظة عليها حتى يغدو كبيرا لأنه سيعطي الشيء الكبير في المجتمع إذا اهتممنا به خلال سنواته الأولى.

وطالب بالتكاتف بين جميع الجهات و دور الكتاب والمربين و المهتمين بالثقافة العامة و جمعية تنمية الطفولة و هيئة الثقافة ووزارة الإعلام و التربية والتعليم و دور أسرة الأدباء والكتاب وإذ اجتمعا معا وتكاتفنا نستطيع تقديم شيء مميز للأطفال.

وأضاف أننا في البحرين نفتقر للمسابقات التي تقدم للطفل من جميع الأعمال الفنية وفي حاجه إلى الدعم المعنوي أكثر من المادي لتحفيز والتشجيع للأطفا.

وقال إن مشروع محمد بن راشد للقراءة يعد من أكبر الإنجازات التي نفخر بها ومدرسة الإيمان التي فازت مرتين، وحازت على المركز الثالث والأول والطالبة آلاء البقالي من مدرسة جدحفص التي حققت المركز الثالث على مستوى الوطن العربي، وكان المشاركون ما يقارب 3 ملايين مشارك، مطالبا بدعم المسابقات الموجودة للالتحاق بها.

وذكر مصطفى السيد أن الحوار ألقى الضوء على فئة تعد أساس المجتمع عن طريق كيفية تنمية الطفل من قبل الأسرة من حيث زرع الحب والتسامح والخير وكيف يحافظ الأطفال على أنفسهم من أضرار المجتمع وأهمية الكتاب كوسيلة أدبية لنقل الأفكار للأطفال وتعليمهم سبل الكرامة الإنسانية فيما ختمت د. العلوي بأن الأم هي الأول والأخير لتقريب الكتاب والقصة لطفلها ومن واجباتها اليومية كباقي الواجبات والتي يجب آن تؤديها بحب و تقضي مع أطفالها ساعة قراءة في اليوم.