مريم بوجيري

في مناقشة عامة استمرت لمدة 3 ساعات، استفاض فيها نواب المجلس بإبداء رأيهم في تمويل التقاعد الاختياري من صندوق التأمين ضد التعطل لتكون جلسة محتدمة في موضوع اعتبر حساساً في الآونة الأخيرة بالنسبة للشارع البحريني، ليخرج مشروع القانون بشأن التأمين ضد التعطل بالموافقة الأغلبية من 25 نائباً ورفض 11 آخرين.

وكان وزير المالية والاقتصاد الوطني الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة كشف خلال مداخلته أثناء جلسة الأمس، أن المبلغ الذي قدر بنحو 225 مليون دينار والذي سيتم سحبه من صندوق التأمين بدل التعطل لتمويل التقاعد الاختياري سيكون لتغطية إجمالي 5 دفعات من البرنامج لمرة واحدة فقط، حيث تم عرض حجم التمويل على لجنة الخدمات بالمجلس.

وأشار إلى أن هناك تقدير بسيط لـ 15 جهة حكومية تختلف عن الوزارات منها الأمانة العامة لمجلس النواب وغيرها لم يتم إدخالها ضمن البرنامج لكن تكل الأرقام موجودة بالتفصيل لدى ديوان الخدمة المدنية.

وقال الوزير: "في أي مشروع أو مبادرة يتم وضعها هناك خيارات تمويلية لابد أن يتم دراستها ووضع الإيجابيات والسلبيات الخاصة بها، وتم مراعاة وضع الخيارات التي تجنب زيادة الدين العام أو العجز"، وأردف: "الأموال جاءت من الناس وستذهب لهم، ولدي قناعة على استطاعة المواطن البحريني للابتكار والإنجاز، وبالتالي فإن برنامج التقاعد الاختياري يعطي الموظف الحكومي هذه الفرصة ويعطي حركة اقتصادية جيدة للدولة".

وبين أن المبالغ التي قدرت هي التي تغطي جميع الدفعات في برنامج التقاعد الاختياري التي تم خروجهم والدفعات القادمة باعتبارها على مراحل، نظراً لمراعاة خروج بعض الجهات في تواريخ متأخرة مشيراً إلى عدم وجود أي شيء إضافي وهو لمرة واحدة فقط.

من جانبه كشف وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب غانم البوعينين أن مقدار الوفر من رواتب التقاعد الاختياري في ميزانية 2019-2020 تعادل 127 مليون دينار سنوياً، مشيراً إلى أنه لأول مرة ينخفض البند الأول من باب الرواتب في الميزانية بهذه النسبة، كما أن برنامج التقاعد الاختياري لن يطرح مرة أخرى، مبيناً أن تمويل التقاعد الاختياري من ميزانية التامين ضد التعطل لا تشوبه شبهة عدم دستورية ولا حتى مخالفة للدستور.

وتساءل البوعينين بقوله: "لماذا لا يستفيد من عوائد الصندوق من ساهم فيه من العاملين بالقطاع العام؟ "، كما بين أن خروج المتقاعدين اختيارياً سيكون على دفعات مراعاةً للمصلحة العامة.

وكان وكيل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية صباح الدوسري أكد في مداخلته، أن نظام التأمين ضد التعطل كان بمثابة تكافل اجتماعي وساهم في استقرار في الشارع خاصة للباحين عن عمل، مشيراً إلى أن النظام أعان الشركات الخاصة في وقت الأزمة المالية وهي تعد مبادرة تضم حزمة من المبادرات لتنشيط الاقتصاد.

من جانبه أشار النائب فاضل السواد إلى أن الحكومة لها الحق في استرداد أموالها من صندوق التعطل وإدارته، وفكرة استيلاء الحكومة على أموال الصندوق تعد ناقصة على حد تعبيره، مبيناً ضرورة الوقوف معها وإبداء حسن النية في المشروع.

واتجه النائب الثاني لرئيس المجلس علي زايد إلى دعوة النواب للموافقة على المقترح باعتباره سيصب في مصلحة المواطن، فيما قال: "تتحمل الحكومة اللغط في الشارع ولو أنها وضحت المشروع مسبقاً كان أفضل، نحن ندعم الاستثمار في الصندوق بما يحقق القضاء على البطالة وبحرنة الوظائف"، مشيراً إلى أنه سيزيد من الحد الأدنى لبدل التعطل للمؤهلين وغيرهم وهناك إيجابيات كثيرة ستنعكس في المقابل على المواطن.

فيما أشار النائب أحمد العامر بقوله: "كنت أحد المعارضين للفكرة، لكن عند التفكير في المصلحة العامة والتأكد من الجهات الرسمية وبعد الحصول على تطمينات المسؤولين في الدولة، أدعوا لأخذ الموضوع بإيجابية"، بينما قال نائب رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية أحمد العامر أن المشروع سيحقق رؤية التوازن المالي، نظراً لوجود فائض سيتحول لمنفعة المواطنين أنفسهم، معتبراً أن القطاع الخاص كان مستفيداً طوال الفترة الماضية من الصندوق بالرغم من مساهمة القطاعين فيه لكنه سيحول لأول مره للقطاع العام للاستفادة منه.

وارتأى النائب محمد العباسي أن المشروع جاء في "قمة التضليل"، فيما أبدى استغرابه من إقحام التقاعد الاختياري في المشروع، متسائلاً عن الخطة التي وضعت لخروج عدد كبير من العاملين بالقطاع العام ليكون هناك ميزانية مرصودة، وقال: "يجب على الحكومة توضيح التفاصيل المتعلقة بصندوق بدل التعطل وطريقة التعاطي مع الأموال الموجودة فيه"، مبيناً أن المجلس سيوافق على المشروع إذا كان سيغطي حق جميع المساهمين في الصندوق أو تقديم مبادرات أخرى لإدارة أموال الصندوق.

بينما اعتبر النائب باسم المالي أن المساس بأموال العاطلين سوف يؤثر على صندوق بدل التعطل الذي أسس من أجل مساعدة فئة محددة لا غيرهم، معتبراً أنه لا يجب طرحه بصفة الاستعجال بهذا الشكل، مبدياً رفضه المساس بأموال التعطل لتمويل التقاعد الاختياري.

واعترض النائب الأول لرئيس المجلس عبدالنبي سلمان على المشروع معتبراً أنه وضع الشارع البحريني في حيرة، مستغرباً من تقديم الحكومة مشاريع "استفزازية"، وبين أنه لا يمكن القبول بإقحام التأمين ضد التعطل في التقاعد الاختياري، وقال: "نحن مع تعويض المتقاعدين والعاطلين، لماذا لا ننشأ مشاريع استثمارية للعاطلين، هناك 830 مليون دينار إيرادات الصندوق لا ندري أين توظف وهو مبلغ ضخم يمكن استثماره في مشاريع ضخمة وتوظف آلاف البحرينيين"، معتبراً أنه من الأولى عمل مشاريع استثمارية تدر الأموال لسد النقص بدلا من حل مشكلة وخلق أخرى.

وبين سلمان أن هناك تجارب مسبقة مع الحكومة جعلت الشارع يتكلم، مشيراً إلى أنها تتجه للخصخصه دون دراسة.

بينما ارتأى النائب محمود البحراني أن الاقتراض الداخلي حق مشروع والوضع لا يستحمل الاقتراض خارجياً، وعلق رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية علي اسحاقي أنه عند طرح برنامج التقاعد الاختياري كان يجب الانتباه إلى وجود تبعات مالية يجب توفيرها، معتبراً أن الاقتراض سيرفع الدين العام، وأقل الأضرار هي مبالغ موجودة في الصناديق لا يتم استخدامها بل هي أموال المواطن الذي ساهم مسبقاً في الصندوق، وقال: "من الخاطئ التعامل مع الحكومة كخصم لابد من التفكير بعقلانية دون استدراج الشارع وكسب تعاطفه".

وكان رئيس لجنة الخدمات النائب عمار قمبر اعتبر أنه من الأولى فتح صفحة جديدة مع الحكومة خصوصاً أن وزير المالية والاقتصاد الوطني يقوم بعمل جبار لتحقيق التوازن المالي، وقال: "لماذا ندفع الحكومة للاقتراض الخارجي في حين أن المبلغ موجود وسيذهب للمواطن والمتقاعد سيكون متعطلاً، مشيراً إلى أن القطاع الخاص هو أكثر قطاع يستفيد من تأمين التعطل، بينما تتمحور فكرة إنشاء الصندوق ليدعم التكافل الاجتماعي، مشيراً إلى أنه يجب التفكير في المصلحة العامة لصالح الوطن والمواطن.

وكان النائب إبراهيم النفيعي اقترح أن يتم التصويت على مقترحه الأبعد برفض تمويل التقاعد الاختياري من أموال صندوق التأمين ضد التعطل لكن ذلك تم رفضه من قبل 22 نائباً، بينما مرر المجلس مقترحاً للنائب يوسف زينل يقضي بأن يكون مبلغ التمويل محدداً ولمرة واحدة فقط ويلزم الحكومة بتعويضه في حالة تحسن الأوضاع.