تحتفل مملكة البحرين ودول العالم العربي 22 مارس بالذكرى الرابعة والسبعين لتأسيس جامعة الدول العربية، حيث تم في مثل هذا اليوم من العام 1945 التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية، وجاء إنشاؤها إثباتاً للصلات الوثيقة والروابط العديدة التي تربط بين البلاد العربية جمعاء، وحرصاً على توطيد هذه الروابط وتدعيمها وتوجيهها إلى ما فيه خير البلاد العربية قاطبة وصلاح أحوالها وتأمين مستقبلها وتحقيق أمانيها وآمالها، واستجابة للرأي العام العربي في جميع الأقطار العربية.
ووضعت جامعة الدول العربية في مقدمة أهدافها توثيق الصلات بين الدول العربية، والحفاظ على استقلال الدول الأعضاء، وتنسيق الخطط والسياسات بين الدول الأعضاء، وتحقيق التعاون في الشؤون الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والصحية، وحماية المصالح العربية، والتعاون مع الهيئات الدولية لكفالة الأمن والسلام وتنظيم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية.وتعتز مملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى بحقيقة وأهمية انتمائها العربي، وتفاعلها الكبير مع قضايا الأمة العربية وهمومها وحقوقها، ودعم قضاياها المصيرية، وتفعيل وتطوير آليات العمل العربي المشترك والمنظمات الإقليمية وفي مقدمتها جامعة الدول العربية، كضرورة قومية ملحة تفرضها التحديات الراهنة.
انضمت مملكة البحرين إلى الجامعة العربية بعد استقلالها في 11 سبتمبر 1971، وساهمت منذ هذا التاريخ وعلى مدى عقود بفعالية في أعمال الجامعة مع التزامها الأكيد بميثاقها ومبادئها، فقد ترأست المملكة القمة العربية الخامسة عشرة في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية الشقيقة خلال شهر مارس 2003، وترأست العديد من اجتماعات مجلس الجامعة على المستوى الوزاري، وأثناء ترأسها لهذه الدورات فهي تترأس أيضاً لعدد من المجالس الوزارية المتخصصة.وتتفاعل مملكة البحرين مع مختلف الهيئات التابعة لجامعة الدول العربية على كافة الأصعدة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، ولهذا استضافت عددا من اجتماعاتها. فقد إستضافت الدورة الثالثة لمنتدى التعاون العربي الصيني على المستوى الوزاري في شهر مايو 2008، كما استضافت فعاليات أخرى في إطار منتدى التعاون العربي الصيني في وقت لاحق. واستضافت كذلك الدورة الأولى لمنتدى التعاون العربي الهندي في يناير 2016. كما عززت مملكة البحرين دورها البناء في مسيرة العمل العربي المشترك من أجل الدفاع عن أهم القضايا العربية الراهنة، خاصة القضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط.
إن الحفاظ على جامعة الدول العربية باعتبارها تشكل إطاراً عربياً، معبراً عن رغبة الأمة وشعوبها في الوحدة والتضامن، وتطوير آلياتها وأدواتها بما يجعلها أكثر قدرة على الدفاع عن المصالح العربية المشتركة" هي أولوية أولى لمملكة البحرين للدفع بالعمل العربي المشترك قدماً إلى الأمام.إن التاريخ يشهد لمملكة البحرين دفاعها عن عروبتها وكونها جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية العظيمة، عندما أكد شعب البحرين تمسكه بعروبته وقوميته في الاستفتاء الذي أجرته الأمم المتحدة عام 1971، كما يشهد على ذلك وقوفها بقوة إلى جانب الحق العربي ودفاعها المستميت عن القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ومواقف البحرين الداعمة والمساندة للتضامن العربي في مختلف المجالات وتعزيز التكامل والتنسيق العربي وما تتخذه بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى، من مبادرات لتدعيم وتطوير العمل العربي المشترك، ومواقفها المشرفة في الدفاع عن مصالح الدول والشعوب العربية.
وانطلاقا من ثوابتها عززت مملكة البحرين دورها البناء في مسيرة العمل العربي المشترك وعملية السلام في الشرق الأوسط من خلال عضويتها الهامة في لجنة مبادرة السلام العربية منذ تأسيسها بحيث لعبت دوراً هاماً وبارزاً في الحراك العربي نحو سلام عادل والتي تضمنت كافة متطلبات السلام في المنطقة.وساندت مملكة البحرين القضايا العربية الهامة وعلى رأسها جهود مكافحة الإرهاب والقرصنة وغيرها. كما تمارس المملكة دوراً مشهوداً في الدفاع عن الدول العربية في مواجهة التدخلات الإيرانية السافرة في شؤونها الداخلية من خلال عضويتها في اللجنة الرباعية العربية المعنية بالتصدي لهذه التدخلات.
وعلى الصعيد الاقتصادي، لعبت مملكة البحرين دوراً بارزاً وفعالاً خلال أول قمة اقتصادية تنموية عقدت في دولة الكويت الشقيقة يناير 2009 والتي هدفت إلى دعم العمل العربي الاقتصادي المشترك ودعم الاستثمار والمشاريع العربية المشتركة والانفتاح على الاقتصاد العالمي ومنظمة التجارة العالمية وجذب الاستثمارات.وفي إطار التعاون العربي الإقليمي استضافت مملكة البحرين الدورة الثالثة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني في مايو2007، وكان لهذه الدورة إثر هام في دفع مسيرة التعاون العربي مع الصين. كما كانت مملكة البحرين عضواً مؤسساً لمنطقة التجارة الحرة العربية والتي انطلقت في الأول من يناير 1998 وأوفت بكافة التزاماتها تجاه قيامها من أجل الوصول إلى هدف السوق العربية المشتركة.
وفي إطار دعمها للتكامل العربي، طرحت مملكة البحرين العديد من المبادرات لتطوير وتوثيق العمل العربي المشترك ومنها على المستوى الحقوقي مبادرة جلالة الملك المفدى بإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، وعلى المستوى الاقتصادي مبادرة جلالة الملك المفدى، باحتضان مملكة البحرين لمشروع البورصة العربية المشتركة، وعلى المستوى الاجتماعي مبادرة المشروعات المنزلية وغيرها العديد من المبادرات، كما استضافت مملكة البحرين العديد من الاجتماعات العربية ومنها اجتماع المجلس الوزاري العربي للسياحة ومجلس محافظي صندوق النقد العربي واجتماعات منظمة المرأة العربية والبرلمان العربي وغيرها.وإيمانا منها بأهمية الاتفاقيات المشتركة في دعم الوحدة بين الدول العربية صادقت المملكة على معظم الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الصادرة عن جامعة الدول العربية، ومنها الميثاق العربي لحقوق الإنسان، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد 2016، واتفاقيات العمل العربية "الميثاق العربي للعمل، ميثاق العمل الاقتصادي العربي، اتفاقية إنشاء المنظمة العربية للتنمية الزراعية والاتفاقية العربية بشأن السلامة والصحة المهنية والاتفاقية العربية بشأن تأهيل وتشغيل المعوقين والاتفاقية العربية بشأن عمل الأحداث، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب 2002، اتفاقية تسليم المجرمين بين دول الجامعة العربية، الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، اتفاقية إنشاء منظمة المرأة العربية، اتفاقية المنظمة العربية للمواصفات والمقاييس بجامعة الدول العربية وغيرها الكثير من الاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الاخرى التي لا يتسع المجال هنا لذكرها.
وترحب مملكة البحرين دائماً باستضافة أي مؤسسة عربية تدفع باتجاه تعزيز العمل العربي، ومن ذلك استضافتها الشركة العربية لبناء وإصلاح السفن (أسري) التابعة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) وهي من المنظمات المتخصصة التابعة لجامعة الدول العربية.وتتعاون مملكة البحرين مع آليات الجامعة العربية، وعلى سبيل المثال قامت بتقديم تقريرها الأول إلى لجنة حقوق الإنسان العربية التابعة لجامعة الدول العربية (لجنة الميثاق) في عام 2012، وأعقب ذلك مناقشته في عام 2013، ثم إصدار ملاحظات وتوصيات اللجنة بخصوصه في العام ذاته، كما قدمت البحرين تقريرها الدوري الأول إلى اللجنة في شهر يوليو 2016 وكذلك قدمت ملحقا تكميليا محدثا له تم مناقشته العام الماضي وإجراء حوار تفاعلي بشأن مضمونه.
وأسهمت الكفاءات البحرينية في الدفع بالعمل العربي المشترك حيث تولت مملكة البحرين العديد من المناصب منذ انضمامها للجامعة العربية، حيث شغلت المناصب التالية: السفير عبد النبي مسيب/ رئيس بعثة جامعة العربية في برلين بألمانيا سابقًا، الدكتور عبد العزيز النجدي/مستشار الأمين العام لجامعة الدول العربية سابقًا، الأستاذة فائقة سعيد الصالح/مستشار الأمين العام لجامعة الدول العربية سابقًا.وهناك العديد من المناصب الهامة التي يتبوؤها بحرينيون في جامعة الدول العربية في الوقت الحالي، مما يؤكد حرص مملكة البحرين الدائم على أن يشارك أبناؤها في جهود الجامعة، حيث يتولى سعادة السفير خليل إبراهيم الذوادي منصب الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون العربية والأمن القومي، ويتولى سعادة النائب عادل العسومي منصب نائب رئيس البرلمان العربي، وكذلك يتولي المستشار محمد جمعة فزيع رئاسة لجنة حقوق الإنسان العربية (لجنة الميثاق)، ويعمل السيد أحمد المرشد خبيراً إعلامياً بمكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية ، وغيرهم.
وفي المقابل كانت الجامعة العربية، السند والداعم لمملكة البحرين، فقد أعلنت الجامعة العربية أكثر من مرة تضامنها الكامل مع مملكة البحرين، حكومة وشعباً، في مواجهة الأعمال والنشاطات الإرهابية التي تستهدف زعزعة أمنها واستقرارها، والمساندة القوية للجهود التي تبذلها السلطات البحرينية من أجل استئصال خطر الإرهاب من ربوع البحرين، وخلال أحداث عام 2011 المؤسفة وقفت الجامعة بقوة مع مملكة البحرين وأصدر مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته (136) بيانا أكد فيه التزامه بدعم واستقرار مملكة البحرين وتأييده ومساندته للخطوات الحكيمة التي اتخذها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين لإعادة الأمن والاستقرار للبلاد، مشيدًا بخطوات جلالته في إجراء الانتخابات التكميلية وإطلاق حوار التوافق الوطني ومبادرة جلالته بتشكيل اللجنة الملكية المستقلة لتقصي الحقائق.وأعربت الجامعة في جميع بياناتها عن قلقها الشديد من التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، ومساندتها للإرهاب وتدريب الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمتفجرات وإثارة النعرات الطائفية، ومواصلة التصريحات على مختلف المستويات لزعزعة الأمن والنظام والاستقرار، وتأسيسها جماعات إرهابية بمملكة البحرين ممولة ومدربة من الحرس الثوري الإيراني وذراعيه كتائب عصائب أهل الحق الإرهابية وحزب الله الإرهابي.
ومن مظاهر دعم جامعة الدول العربية لمملكة البحرين، دعم مجلس الجامعة العربية ترشيحات البحرين لعدد من المناصب في الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة وهي: مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية "UN-HABITAT" التابع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لدى الأمم المتحدة للفترة 2020-2023، والمجلس التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي / صندوق الأمم المتحدة للسكان/مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع "UNDP/UNFPA/UNOPS" التابع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لدى الأمم المتحدة للفترة 2023-2025، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي لدى الأمم المتحدة "ECOSOC" للفترة 2023-2025.لقد كان تأسيس جامعة الدول العربية واحدة من الخطوات المهمة في إطار توحيد الجهود العربية في مواجهة التحديات التي تستهدف الكيان العربي في أساسه ووحدته وأمنه وازدهاره. وهي أقدم وأعرق منظمة إقليمية ودولية، راسخة وثابتة ومستمرة بيتا لكل العرب، يجتمعون تحت سقفه، ويتحاورون بين أروقته وقاعاته ضمن رؤية عربية واحدة لصيانة المصالح العربية. وتعد ذكرى تأسيس الجامعة الـ 74 فرصة لتقييم الظروف والإمكانيات، وتقييم الأداء والدور المطلوب في خضم هذه الأوضاع الاستثنائية التي تعيشها المنطقة، سعيًا لتمكين الجامعة لترتقي بعملها إلى المستوى الذي تتطلع إليه الشعوب العربية.