د. صفاء إبراهيم العلوي

إن أدب الطفل بما فيه من نصوص إبداعية ما هو إلا فن موجه للأطفال من أجل تسليتهم أولا، ومن ثم تربية وتوجيه شخصيتهم الجمالية والنفسية والاجتماعية والتربوية والعلمية والفكرية والخيالية.

نحن نعيش زمنا الطفل فيه لا يقرأ، وهو يدور اليوم ومنذ نعومة أظفاره في فضاء الثورة التقنية التي أصبح مولعاً بعالمها وبأجهزتها الذكية بمحتواها الأجنبي، فكيف لنا أن نوجه اهتمامه نحو القصة والمسرح والشعر والقراءة؟ إن من دواعي عدم قراءة الأطفال للقصص كونها حتى اليوم مازالت مكتنزة بالقوانين والآداب كآداب الأكل والحديث وغيرها من الأمور البعيدة عن خياله وعالمه، فبالتالي ينفر الطفل من القراءة.

إذاً نحن بحاجة الى توجيه البوصلة نحو اهتماماته تماشيا مع جيله وزمنه فكثيرا ما نسمع من الكتاب أن الكتابة للصغار أصعب من الكتابة للكبار، ولكن الجميل أن مع دخول الألفية الثانية نشطت حركة الكتابة في مجال أدب الطفل وأصبح له حضور على الساحة الأدبية، ولكن هل كل ما يكتب يستحق أن يقرأه أطفالنا؟ إن هذه الحركة النشيطة في الكتابة يوازيها خمول كبير في مجال تقييم تلك الأعمال ونقدها، فهل هناك عالم نقدي لأدب الأطفال في عالمنا العربي؟

اهتم النقد العربي بنقد أدب الكبار، وليس أدب الأطفال وللأسف لا توجد معايير محددة لنقد أدب الطفل، بل عموميات في المضمون والشكل لا تصلح أن تكون معايير وأسسا، كما أن تخصص النقد في أدب الطفل بالجامعات نادر والكتب والدراسات النقدية حول أدب الطفل في المجتمعات العربية تكاد أن تكون شحيحة جدا إن لم تكن نادرة. لقد جاءت كتب أدب الأطفال العلمية للأسف في أغلبها كدراسات تعريفية بهذا الأدب ومدى ملاءمة تلك الأعمال مع أعمارهم، في وقت نحن بحاجة إلى العناية بهذا الأدب من أجل تطويره نحو أسلوب مغاير في الكتابة وغير تقليدي بهدف جذب الأطفال له وكل هذا لا يتأتى إلا بالنقد البناء، فعلينا الالتفات إلى هذا النوع من النقد.

يجب أن يكون لدينا وعي ومعرفة وعدم الاستخفاف بمفهوم أدب الطفل وتناوله من ناحية التفكير النقدي، الذي يجب أن يكون حاضراً في كل قراءة، خصوصا في هذا الوقت، فهم بحاجة ماسة إلى عملية نقدية موازية للأعمال التي تقدم لهم والارتقاء بالكتابات والإبداعات المنتمية إلى أدبهم من خلال تحليلها وتفنيدها، والوقوف على جمالياتها وخصائص بنائها. نحن نحتاج اليوم إلى كتاب متخصصين يوجهون أقلامهم بجدية نحو مقاييس نقدية موزونة، فما من فن من فنون الأدب يرتقي ويتطور دون نقد بناء يضع تلك الأعمال على الطريق الصحيح وحان الأوان لتوجيه بوصلة النقد الأدبي العلمي الرصين نحو النهوض بأدب الطفل.