الأدب وعاء ثقافي تتخلق فيه مكونات المجتمع الإبداعية في مشهد تتناغـم فيه مفاصل الأدب متناسلة في كينونات شعرية وسردية مكتنزة بالهموم الفكرية، ولتشخيص الواقع الأدبي لا بـد من تسليط الضـوء على أدب الطفل، إذ إنه يمثل العتبة الأولى في البناء القيمي للإنسان لتأصيل الذات المبدعة في شتى مناحي الحياة.

إن إضافة مفردة أدب إلى الطفل تشكل تخصصا في هذا المجال يضفي عليه مسؤولية غاية في الأهمية من حيث البناء اللغوي والمضمون الإدراكي لما يحتويه هذا المنتج الإبداعي من تداخل علوم شتى كعلم النفس وعلم الاجتمـاع السلوكي.

ولإنتـاج أدب يختص بالطفولة لا بد مـن مراعاة بعض الخصـائص التي تقوم عليها تلك الكتابة، ولعل من أهمها تخـير الألفاظ المباشرة في التعبير عن المفاهيم الموجهة للأطفال الخالية من الإيحاءات المغلقة، وذلك لشحذ خيال الطفل بما يتناسب مع مستوى إدراكه لاستيعاب المضمون الفني والقيمي للحكاية أو النص الشعري.

وينبغـي النظـر إلى أدب الطفل من منظور تربوي يعمل على توضيح الصـورة النمطية، وخلق المقاربات الخيالية، واستكشاف واقع الحياة بما يحمل من قيم وعـادات وأفكار من خلال بسط خـبرات الآخرين، بغـية رفد خبرات الطفل الشخصية، وتعميق مداركه العاطفية والانفعالية.

إن أدب الطفل عمل إبداعي تتـداعى له شتى فنون المعرفة لتحدث متعة فنية وذهـنية تساعد على صقل حس الطفل الفني والسـمو بذوقه، ولا بد لإحـداث ذلك الأثر من التصدي لهذا الفن من خلال أدباء مبدعـين خبراء في أدب الأطفال يمتاز إنتاجهم بجودة المادة والأسلوب والملاءمة لمستوى نضج وإدراك الفئة المستهدفة في عالم الطفولة، إذ إن أدب الأطفال لا يختلف عـن أدب الكبار من حيث التقنية الإبداعية الشعرية والسردية والصور الإيحائية الملازمة للنص الحكائي.

من هـنا نـرى أن الاشـتغال بأدب الطفل يمثل مهمة وطنية وقومية لابـد من تعضـيدها لخلق مجتمع منتج سوي في ظل الثورة المعلوماتية في وسـائل الإعلام الجديد.