حوار أجراه جعفر الديري:
احتفت أسرة الأدباء والكتاب بتجربة الشاعرة السودانية روضة الحاج، خلال أمسية أحيتها الأحد الماضي، وسط لفيف من محبي الشعر والأدب.
وألقت الشاعرة مجموعة من قصائدها الجديدة والقديمة، حظيت باستحسان المستمعين، وتفاعلهم.
وأعربت الحاج -في حوار مع ملحق فضاءات أدبية، على هامش الأمسية- عن شكرها وتقديرها أسرة الأدباء والكتاب على حفاوة الاستقبال، مشيدة بعراقة وتنوع المشهد الثقافي في البحرين.
وأكدت أن وضع المرأة المبدعة في السودان أفضل بكثير من نظيراتها، "فالمجتمع السوداني المحافظ متقبل بطبعه لإبداع المرأة، إلا أن الشاعر السوداني كان حظه أوفر من الشاعرة في الوصول إلى القارئ العربي والعالمي".
وعبرت الحاج عن إيمانها بالقصيدة غير المعقدة غير الموغلة في "الغرائبية" والفلسفة، مرجعة من جانب آخر قلة نتاجها الموجه للطفل، إلى الصعوبة الكبيرة، التي تتطلب تحضيراً نفسياً عالياً ومراناً لغوياً صعباً و"نية" مسبقة.
* أشرتي في بداية أمسيتك إلى أسرة الأدباء والكتاب، بوصفها جمعية ثقافية نشطة في المشهد الثقافي في البحرين.. فكيف يبدو لك هذا المشهد؟
- أعتقد أنه مشهد متنوع وثري وأظن أنه قد كان كذلك دائماً، وما احتفال أسرة الأدباء بعيدها الخمسين إلا دليل على عتاقة وعراقة الثقافة والإبداع في المجتمع البحريني.
مجتمع السودان متقبل لإبداع المرأة
* يحضر السودان الشقيق بوصفه بلداً عريقاً في ثقافته وإبداعه.. ماذا عن المجتمع هل يحمل نظرة قاصرة تجاه إبداع المرأة؟
- على العكس تماماً، أعتقد أن وضع المرأة المبدعة في السودان أفضل بكثير من نظيراتها وذلك لأسباب موضوعية جدا في تقديري، وهي اجتهادات مني لتفسير سرعة تقبل المجتمع السوداني المحافظ بطبعه لإبداع المرأة. لقد خلصت إلى أن المجتمعات التقليدية في السودان قديما قد عرفت المرأة الشاعرة كزعيمة سياسية وقبلية مثل الحاكمات في دارفور أو مثل "بنونة بت الملك نمر، ومهيرة بت عبود وشغبة المرغوماببة" كنماذج. وهن بنات زعماء قبائلهن أو نساء لهن حضور اجتماعي عال. وقد أسهمن بالشعر في محاربة المستعمر وفي حروب قبائلهن. كذلك نجد المرأة الشاعرة في أغاني "البنينة" وهي خاصة بالأعراس أو المناحات وهي خاصة بالوفيات كما هو واضح، أو "اللولاي" وهو هدهدة الأطفال، كذلك عرفت الساردة عبر "الحجا" وهي حكايات شعبية خيالية تسردها السيدات الكبيرات أو الجدات لأطفال العائلة، وأعتقد أن كل ذلك مهد لهذا التقبل العالي لإبداع المرأة.
أستسلم لسلاسة بحر اللغة
* تبدو قصائدك بسيطة في بنائها قريبة في معانيها، ذات جرس موسيقي واضح النبرات.. هل تكتب روضة الحاج لقاريء أو مستمع دائم الحضور في ذهنها؟
- أنا أؤمن بهذه القصيدة غير المعقدة غير الموغلة في "الغرائبية" والفلسفة، مع استخدامي لكل الأدوات البنائية اللازمة لبناء نص شاهق. أستسلم لسلاسة بحر اللغة بكامل اختياري، وأنتقي كلماتي من مألوف ما يسمع الناس ولا أتعمد شيئاً البتة.
* لديك كتابان.. "شاعرات من السودان" و"كاتبات من السودان".. لكن ليس هناك كتاب عن شعراء من السودان ولا عن كتاب من السودان.. لماذا؟
- أعتقد أن الشاعر السوداني كان حظه أوفر من الشاعرة في الوصول إلى القاريء العربي والعالمي، لذلك أخترت أن أبشر بالشاعرات والكاتبات.
منفتحة على أشكال القراءات والتمثلات
* هل نستطيع القول أن روضة الحاج ابنة موروث صوفي وأن للقرآن الكريم ألقى بظلاله على روح قصيدتها؟ ماذا عن البادية والليل والقمر والنجوم؟ ماذا عن القصص والحكايات وأشباح العالم الغرائبي؟
- معظم السودانيين تقريباً متصوفة، فبشكل أو آخر أسهم التصوف في بنية الشخصية السودانية البسيطة التواضعة الأمينة الزاهدة الخ. ذلك مما يمنحه هذا الطريق من معان. لكني منفتحة ثقافياً على كل أشكال القراءات والتمثلات. وأظن أن هذه الإسقاطات التي أشرت إليها حاضرة في بعض نصوصي خصوصاً الأخيرة.
* لماذا اكتفيت بمجموعة واحدة للطفل "أغنيات الفتى البنفسجي"؟ ألا يستحق منك اهتماماً أكبر؟
- بلى يستحق. لكن لا أخفيك سراً أن الكتابة للأطفال عمل غاية في الصعوبة يتطلب تحضيراً نفسياً عالياً ومراناً لغوياً صعباً و"نية" مسبقة، لكنني سأجتهد لطباعة هذا العمل، فهو لايزال مخطوطاً، وسأعمل على إضافة المزيد إن شاء الله.