أكد نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي د.الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة، أنه في ضوء التطورات التقنية المتعاقبة التي يشهدها عالمنا اليوم، وتأثيرها على أساليب الاتصال ونقل المعلومات والبناء المعرفي، أصبح من الضرورة التحول في آليات التعليم بعالمنا العربي نحو الابتكار والإبداع المعتمد على التفاعل الذكي في بيئة إلكترونية رقمية متكاملة، وهي أمور نسعى إلى تكريسها في مؤسساتنا وتبنيها من قبل صناع القرار.

جاء ذلك خلال افتتاح أعمال النسخة الثامنة من ندوة تحالف عاصفة الفكر والتي ينظمها مركز عيسى الثقافي بالتعاون مع تحالف مراكز البحوث العربية والمعنونة بـ"مستقبل التعليم والبحث العلمي في العالم العربي" في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية الشقيقة، وذلك بالتزامن مئوية التعليم في مملكة البحرين.

حضر الافتتاح مستشار جلالة ملك مملكة البحرين لشؤون الإعلام المستشار نبيل بن يعقوب الحمر، ومدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية د. جمال السويدي ، وعميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود بالمملكة العربية السعودية د. الأمير سعد بن سعود آل سعود، ومحافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة، وحشد من وزراء التعليم السابقين والمسؤولين والمفكرين والخبراء والباحثين في مجال التربية والتعليم على مستوى الوطن العربي.

وقال د. الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة في كلمته: مئة عام مضت على تأسيس التعليم النظامي في مملكة البحرين، تاريخ رائد، ألهمنا لنجدد معكم اللقاء الثامن من ندوة تحالف عاصفة الفكر بعنوان "مستقبل التعليم والبحث العلمي في العالم العربي"، مشيرا إلى أن مركز عيسى الثقافي حرص على إقامة فعاليات هذه الندوة في مدينة شرم الشيخ، تأكيدا لعمق العلاقات البحرينية المصرية التي تربط البلدين الشقيقين والتي تعززت بفضل حرص جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى وأخيه الرئيس المصري عبدالفتاح السياسي على توطيد أواصر هذه العلاقات والارتقاء بها إلى آفاق أرحب من أجل خدمة مصلحة الشعبين الشقيقين.

وتساءل خلال كلمته عما حققه التعليم في العالم العربي بعد مسيرة امتدت إلى أكثر من 100 عام، مشددا على أن اللقاء هو محطة جديدة بين محطات عدة، على طريق مليء بالأمل والرغبة في إيجاد صيغة مبتكرة لفهم احتياجاتنا حول مستقبل التعليم والبحث العلمي العربي، في أطر فكرية وثقافية واجتماعية وأخرى متخصصة، لنصل بذلك إلى جعل التعليم كمهمة نبيلة لها أبعادها في رسم المستقبل، ويكون الجميع، دون استثناء، مساهما في تلوينه.

ودعا نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي المشاركين في الندوة إلى مناقشة مكانة التعليم والبحث كقوة دفع لتنمية المجتمع العربي، ومعادلات الربط بين مخرجات التعليم والثورات الصناعية والرقمية، وماهية مناهج المستقبل، وتأثير مفاهيم المدارس الذكية والعولمة التعليمية على تشكيل قيم وملامح مجتمعاتنا العربية ومستقبل أجيالها.

وأعرب د.الشيخ خالد بن خليفة عن شكره إلى رئيس مجلس أمناء تحالف مراكز البحوث العربية د. جمال السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، على دعمه المتواصل لديمومة وتماسك التحالف المبارك، والمراكز الأعضاء في التحالف (مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ومنتدى الفكر العربي بالمملكة الأردنية الهاشمية، ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بجمهورية مصر العربية، والمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية بالمملكة المغربية، وهيئة الصحفيين السعوديين).

وأعرب نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي عن تقديره إلى اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء على رحابة صدره وقبول استضافة الندوة في مدينة شرم الشيخ، وإلى جميع المتحدثين والمشاركين والمنظمين، موضحا أن المشاركين على ثقة بأن تكون مخرجاتها محل اعتبار لدى متخذي القرار في عالمنا العربي.

ومن جهته أكد محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة أن الندوة تناقش قضية مستقبل التعليم والبحث العلمي وهي من أهم القضايا التي تشغل الوطن العربي من أجل مواكبة الاتجاهات العالمية الحديثة بما يتوافق مع الحاجات الاقليمية والمحلية بالوطن العربي، لافتا إلى ضرورة تكوين شخصية الفرد العربي وإعداد العنصر البشري من سن مبكرة مع اكتشاف العناصر المتميزة وتدريبها وإعدادها الإعداد اللازم لخلق كوادر مؤهلة علميا وعمليا وأخلاقيا وقادرة على التعاون والتفاعل مع البيئة المحيطة والمشاركة الفعالة التي تؤدي بالفعل إلى إحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتنا.

وقال إن التعليم هو اللبنة الأولى لتقدم أي أمة من الأمم، وإن أرادت الدولة التقدم والنهوض فعليها أولا أن تبدأ بمنظومة التعليم فهو الطريق الصحيح الذي تسلكه الدول المتقدم من أجل تحقيق والتقدم والرقي والنهوض بالشعوب.

ووجه محافظ جنوب سيناء الشكر إلى مركز عيسى الثقافي ومركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية على إقامة الندوة بمدينة شرم الشيخ.

واقع التعليم العالي

عقب الجلسة الافتتاحية للندوة أقيمت جلستين حواريتين الأولى بعنوان "التعليم العالي والبحث العلمي قوة دفع المجتمعات العربية نحو المستقبل" أدارتها عضو مجلس الشورى جميلة علي سلمان وتحدث فيها عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود بالمملكة العربية السعودية الأمير د. سعد بن سعود آل سعود، وأستاذ العلاقات الدولية المشارك رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الإمارات د. محمد بن هويدن الكتبي.

وقال عميد كلية الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الأمير د. سعد بن سعود بن محمد آل سعود إن واقع التعليم العالي والأبحاث العربية بحسب إحصائيات عام 2019 يشير إلى أن الجامعات العربية غابت عن المراكز الـ 200 الأولى على مستوى العالم ، وأن عدد حملة الشهادات العليا من العرب المهاجرين إلى الغرب يفوق النصف مليون، وأن نسبة 12% من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي يستخدمونها في الأبعاد التعليمية والتدريبية، وهو يؤهلها لتكون وسيلة للتطوير بالمجالات التعليمية والبحثية، لافتا إلى أن أستاذ الجامعة يخصص نسبة 1.2% ممن وقته للبحث العلمي وباقي النسبة لساعات التدريس التي تغرقه فيها إدارة جامعته.

إسهامات ضعيفة

وكشف الأمير د. سعد بن سعود آل سعود عن أن نسبة الإنفاق على البحث العلمي لا تتجاوز ملياري دولار سنويا في أفضل الدول العربية حاليا وهو مبلغ قد يعادل ما تنفقه جامعة واحدة مهمة في أمريكا، كاشفا عن أن نسبة الباحثين العرب لم تصل إلى نسبة 2% من عدد الباحثين حول العالم ، وأن نسبة الإسهامات العلمية العالمية لا تزيد عن نسبة 2,45% ، وأن براءات الاختراعات لا تشكل سوى أقل من نصف بالمائة على المستوى العالمي.

وشدد عميد كلية الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود على ضرورة التعاون الوثيق بين الحكومة والقطاع الخاص والجامعات بالداخل والخارج وتطوير قنوات جديدة ومبتكرة تدعم مدى الحياة وعلى الجامعات إعادة التفكير بالتعليم ودورها في المجتمع الاكبر وحماية القيم التقليدية.

فيما أكد د. محمد بن هويدن أن مهام التعليم العالي الرئيسية هي خلق قوى عاملة قادرة على النجاح في الاقتصاد العالمي ودعم سوق العمل وإجراء الأبحاث العلمية، مشددا على أهمية تطوير التعليم المدرسي ليكون أكثر إبداعا وابتكارا ووضع برامج علمية جامعية قادرة على خلق مواطن عربي قادر على المنافسة في الاقتصاد العالمي، ومسايرة برامج التعليم العالمي لسوق العمل وخاصة ما يقدمه القطاع الخاص باعتبار أن القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية في الدول والدفع نحو جعل الجامعات مراكز للبحث العالمي وليس مراكز للتدريس فقط.

مناهج المستقبل

أما الجلسة الثانية، فتناولت محور التربية والتعليم ومناهج المستقبل والتي أدراها وزير الإعلام المصري السابق أسامة هيكل وتحدث خلالها أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية بجامعة الإمارات د. خليفة السويدي، وأستاذ التخطيط الاجتماعي بكلية العلوم الاجتماية بجامعة الكويت د. سهام القبندي.

واستعرضت د.سهام القبندي من دولة الكويت مكونات استراتيجية التعليم العام في دولة الكويت (2005-2025 )، موضحة أن أهداف هذه الاستراتيجية تقوم على تعزيز المساهمة في تحقيق التفاعل مع العصر الحالي بما يطلبه من حرية فكر، التجاوب مع ديناميكية التغيير دون تعارض مع الخصوصية الثقافية للمجتمع وإعادة تقييم المسيرة التعليمية في دولة الكويت.

وشددت القبندي على أنه لا مكان في المستقبل لطالب يحفظ دون أن يفكر ومعلم يشعر بأنه موظف لا صاحب رسالة، وإدارة مدرسية لا تقدر عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها، ومسؤول يكبل نفسه بقيود ادارية منتهية الصلاحية دون السعي إلى تغييرها ، و اسرة تعتقد بأن التعليم مسؤولية الحكومة وحدها وتشريعات تسيس التعليم لا تطوره، ورقابة تركز على القشور وتتجاهل الجوهر والمضمون.

التعليم الإبداعي

من جانبه أكد د.خليفة السويدي أن منظومة التعليم 2030 لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الصادرة في 2018م ترتكز على المعارف والمهارات والقيم والسلوكيات، مشيرا إلى أن مستقبل سوق العمل يوضح أن نسبة 47% من أنشطة العمل قابلة للأتمتة بالتكنولوجيا، وأن نسبة 65% ممن يدخلون المدرسة اليوم سوف يعملون في وظائف جديدة في المستقبل، وحث على تنمية التعليم الإبداعي.



ومن المقرر أن تناقش الندوة في يومها الثاني–الاربعاء- محورين آخرين الأول بعنوان " الثورة الصناعية الرابعة ..مسيرة تشكيل مستقبل عالمي مشترك "، أما المحور الثاني فيناقش " التعليم العالمي والمدارس الذكية ..التحولات في منظومة القيم "، كما سيتضمن اليوم الثانية الجلسة الختامية قراءة البيان الختامي وتوصيات الندوة.