سماهر سيف اليزل

كلنا صائمون.. ولكن ثمة فرق بين صائم وآخر.. وهذا الفرق يتأتى في كيفية التعاطي مع أركان مثلث الحياة الرمضانية، فبين تفاصيل الشهر الكرم، والعبادات التي تثقل الميزان، وبين متنافسين لا يضيعون اللحظة من أجل التقرب إلى الله، ثمة اختلافات بين الناس.

هناك من يصوم عن الطعام دون صلاة، وهناك من يصوم ويصلي ولا يقرأ القرآن ، وهناك من يمتنع عن صلاة التراويح، وهناك من يؤذي الناس بقوله وفعله، وهناك من يفطر نهار رمضان علنا مجاهرا بالمعصية وهو من أكبر الآثام، فصيام الفرد لا يكتمل دون اكتمال كل أركان وآداب الصيام وأخلاق الشهر الفضيل، فشهر رمضان شهر سماحة يجب أن نظهر فيه أخلاق الإسلام وندعو للهداية، ويجب الأخذ بالكلمة الطيبة واللين وتقديم النصح لكل عاصٍ أو مقصر، ونحن مطالبون بإظهار روح الدين والإسلام والجانب الحضاري لها للعالم كله، فلا تدعو الشهر يمر دون عبادة كاملة، وصدقة، وقراءة للقرآن أو قيام الليل.


يقول الشيخ هشام الرميثي: شهر رمضان هو شهر العطاء والتواصل، تجبل فيه القلوب وتخشع لبارئها، رمضان شهر الصيام، ليس فقط الصيام عن الطعام بل الصيام عن كل المعاصي والذنوب، وكف الألسنة، والبصر وكل الجوارح، شهر يتساوى به الفقير والغني يعرف الغني حاجة الفقير ويقدر الفقير نعمة ربه عليه، وهو شهر يجب أن يغتنم بكل أيامه وساعاته ولياليه، مشددا على أن نعلم أبناءنا مدى عظمته وأجر العبادات فيه، والسعيد هو من يغتنم كل دقيقة بأداء العبادات، وهو الشهر النموذجي الذي يجب على الفرد اغتنامه في الطاعة، والإقبال على الله، حيث إن النفس تنشرح وتكون راغبة إلى ربها متسابقة للعمل الصالح.

وأضاف الرميثي أن العبادات الرمضانية لا تختلف عن سائر الشهور، وإنما تكون لها خصوصية، ولما به من أجور مضاعفة في كل عبادة يفضل معظم الناس أن يزيدوا أعمال الخير في هذا الشهر من صدقات وزكاة ومساعدة للغير و إطعام مساكين وصلة للرحم وذكر الله و الاستغفار ، لافتا أن أجمل ما قيل عن هذا الشهر قول "جابر" رضي الله عنهُ : "إذا صُمت فليصُم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك سكينة ووقار يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء".

ويخص رمضان بصلاة التراويح ويقول صلى الله عليه وسلم "من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتبت له قيام ليلة " وبرمضان ليلة القدر العظيمة التي تعادل ألف شهر تنزل فيها الملائكة ويغفر فيها الله ذنوب عبادة وما أوفر حظا من تصادفه هذه الليلة التي يستجاب فيها كل الدعاء وتتغير أقدار الناس ، و هو شهر ينزل الله عز وجل في كل لياليه ليتفقد حال عبادة فكم يكون جميلا أن يرانا نركع ونسجد ونتعبد طالبين عفوه ورضاه، ومن فضل هذا الشهر كذلك أنه قسم لثلاث أثلاث ليتاح للفرد التعويض فإذا قصر في العشر الأوائل يعوض في العشر الثواني وإن لم يفلح اغتنم العشر الأواخر وبها صلاة قيام الليل ذات الفضل الكبير.

ويختم قائلا: "رمضان هو شهر الرحمة و المغفرة، شهر الطاعة و العبادة، شهر تعتق فيه الرقاب من النار، وتتصافى فيه القلوب، تخمد فيه نيران الشهوات وتفتح أبواب الجنان فيه ، أنه شهر رباني و رحماني شهر رمضان هو هدية الله لعباده، وخص رمضان بالعبادات والطاعات دون غيره من الشهور حيث تمسك فيه النفس من المعاصي ، و تكثر فيه الصدقات ، وتلاوة القرآن ولصلاة والذكر والاعتكاف وقيام الليل لما به من أجر وثواب ، فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن و في هذا الشهر تفتح أبواب الرحمة، وتغلق أبواب النيران وتصفد الشياطين، فتكون النفوس المؤمنة مقبلة على طاعة ربها ، معرضة عن معاصيه".