حوراء الصباغ

يهيج الحنين لأحضان الوطن مع حلول شهر رمضان الفضيل الذي ما إن أقبل حتى حلت معه ذكريات الألفة الأسرية والعادات الجميلة لتجول في عقول وقلوب من أنهكتهم الغربة. "الوطن" استطلعت آراء الطلاب المغتربين البحرينيين في الخارج والذين اختلفوا في التعبير عن واقع حالهم في شهر رمضان المبارك، إلا أنهم اتفقوا على أن الغربة امتحان صبر على جوع الحنين لالتفاف الأهل وجوع ساعات الصيام الطويلة في بلدان الغربة، فنجد أن البعض منهم قد أسسوا من الليالي الرمضانية في بلاد الغربة مجالس مع زملاء المغترب تحاكي الألفة الأسرية ليستعيدوا بتجمعاتهم تجليات وروحانيات الشهر الفضيل التي أضحوا يفتقدونها بين غياهب الغربة، أما آخرون فتبعدهم مسافات عن زملائهم تحول بينهم للالتقاء مما يجعلهم يقضون الليالي وحيدين مع كتبهم، إلا أن ذلك لا يبعد بعضهم عن الانخراط والانجذاب في تجمعات المسلمين.

لا وجود للروحانيات

الطالب أيمن المناعي أحد الشباب المغترب، يقضي شهر رمضان للعام الرابع على التوالي في بريطانيا عبر عن مرارة الحنين لأحضان الوطن، قائلا: جميعنا نتفق بأن شهر رمضان المبارك ما هو إلا شهر خير ورحمة على الجميع في أي بقعة من بقاع الأرض، إلا أن الصعوبات التي نواجهها في طول عدد ساعات الصيام التي تقارب الـ18 ساعة جعلت الشهر الفضيل بالنسبة لنا عبارة عن امتحان صبر على الجوع والعطش، فضلا عن امتحان الصبر على الاشتياق لروحانيات الشهر الفضيل الغائبة ومواجهتنا لاختلافات عيشنا في بلاد غير مسلمة.

وتابع "نحن لا نسمع صوت الأذان، ويصعب علينا معرفة أوقات الصلاة والإمساك والإفطار. كما نخوض امتحان صبر على الاشتياق للسفرة الرمضانية المنزلية الدافئة التي تضج بأصوات الأهل وما لذ وطاب والتي وجه مقارنة لها مع الإفطار وحيدا في الشقة".

وأضاف: نحن كمغتربين نعيش الشهر الفضيل ما بين مكتبة الجامعة والسكن، فغالبا ما يتزامن الشهر مع فترة الامتحانات وتسليم المشاريع فلا نعود للسكن إلا للإفطار والنوم فقط. أما بالنسبة للجامعة فلا يمكنهم مراعاتنا ولا يمكننا لومهم ففترة الصيام طويلة جدا، فهم مجبرون على مواصلة ما بدأوه ونحن مجبرون على التعايش. وفي كل الأحوال نحمد المولى ونسأله أن يعيننا على صيامه وقيامه في بلاد الغربة.

21 ساعة صيام

الطالبة حوراء العريض المغتربة في روسيا وتحديدا في موسكو عبرت عن صعوبة قضاء الشهر الفضيل عبر صيام 21 ساعة يوميا، ووصفت يومها في شهر رمضان بالمرهق، إذ يبدأ منذ الصباح الباكر وحتى الساعة السادسة مساء، وحرارة الجو وعدم وجود مكيفات إلى جانب ضيق الوقت والالتزامات الدراسية الصعبة كونها طالبة طب بشري إلا أنها تسعى لعيش الأجواء الرمضانية مع زميلاتها البحرينيات عبر التسابق على ختم القرآن وتخصيص وقت يومي لقراءة القرآن وإحياء ليلة القدر بالروحانيات، إلى جانب القيام بالتجمعات في نهاية كل أسبوع والتعاون على تحضير الأطباق الرمضانية.. مكالمات "الفيديو" لتخفيف وطأة الغربة.

أما الطالبة زينب المحفوظ المغتربة في المملكة الأردنية الهاشمية والتي تقضي عامها الخامس في الشهر الفضيل بعيدا عن صحبة الأهل فأشارت إلى أن شهر رمضان المبارك بشكل عام له أجواء مميزة تختلف عن بقية العام، كما أنها تختلف باختلاف البلدان، إلا أنه من الجميل أن يجرب المغترب في بلاد مسلمة تجربة جديدة ومميزة يكتشف بها عادات وثقافات البلاد الرمضانية ويستشعر الروحانيات رغم اختلاف الأجواء العبادية، لافتة إلى أن الغربة بشكل عام يشوبها إحساس الوحدة والذي يزداد بشكل كبير خلال الشهر الفضيل واختلافات ملموسة لا يمكن مقارنتها مع التواجد في أحضان الوطن مع الأهل رغم محاولة خلق الأجواء الرمضانية، فلا يخفف من وطأة الغربة في رمضان سوى مكالمات "الفيديو" بينها وبين الأهل خلال التجمعات والتي تشعرها ولو قليلا بتواجدها معهم.

افتقاد المجالس

أما الطالب عيسى الماضي المغترب في عامه الخامس بالإمارات العربية المتحدة فوصف الاختلافات في البيئة بأنها بسيطة كونها دولة خليجية مماثلة تقريبا للعادات والتقاليد البحرينية، إلا أنه لا توجد هناك مجالس كما اعتاد التردد عليها في البحرين، فضلا عن افتقاد التجمعات العائلية رغم وجود رفقاء الغربة، ولكنهم لا يعوضون عن وجود الأهل، إلى جانب أن عبء الدراسة والانشغال بالامتحانات تجعله في غالبية الأوقات يفطر على طعام المطاعم الذي مهما كان لذيذا ومماثلا لما يوجد في البحرين ولكنه لا يوازي مائدة المنزل التي أعدت بحب.