سماهر سيف اليزل
رمضان يسرق منا.. ليس بالخفاء بل بالعلن وعلى الملأ، يسرق من قبل شركات الإنتاج التلفزيوني، ومن مروجي برامج الترفيه، ونسرقه نحن من أنفسنا كذلك بانسياقنا خلفهم وتخصيص وقت لمتابعة المسلسلات والبرامج أكثر من وقت العبادة.
تتسابق الشركات لتقديم كم هائل من المسلسلات الرمضانية التي تبدأ حملتها الإعلانية قبل أسابيع من حلول الضيف الكريم، متجاهلين إرادة الإسلام في جعل رمضان شهرا للصيام والعبادة وتلاوة القرآن،"روِّحوا القلوب ساعة بعد ساعة ، فإنها إن كلَّت عَميتْ" هذه دعوة واضحة وصريحة تدل على ضرورة الترفية على النفس فالإسلام لا يرفض الترفيه، ولكن لابد أن تكون هناك موازنة في المسألة وخصوصا في هذا الشهر .
تقول لبنى إبراهيم: لم يعد رمضان كالسابق، فأبنائنا اليوم يسهرون أمام الشاشات حتى طلوع الشمس، وينامون حتى وقت المغرب ويقومون للإفطار فقط ليعودوا من جديد لمشاهدة المسلسلات والبرامج غير مصغين وغير مهتمين بعظمة الشهر وعظيم ثواب العبادات فيه، فرمضان سابقا هو شهر الطاعة والعبادة وقيام الليل وختم القرآن، وهم اليوم يضعون جدولا للمسلسلات بدلا من وضع جدول لختم كتاب الله.
ويوافقها ناصر عيسى قائلا: أرى الشباب في غياب تام عن ترويض النفس واغتنام الشهر ، فهم يسهرون دون جدوى وينامون في وقت العمل والطاعة ، معتبرين الشهر شهر ترفيه لا شهر عبادة.
بين مشاهد ومقاطع
أما ليلى صلاح فترى أنه رغم عدد المسلسلات التي تطرح وتعرض إلا أنني أسعى للاختيار المناسب للمشاهدة ولا أزيد وقت التلفاز عن ساعتين إلى ثلاث يوميا، لما يحمله هذا الشهر من فضل و اجر في العبادات.
وتقول هزار أبو عبيدة: أمتنع عن مشاهدة التلفاز تماما في شهر رمضان، فكل الأمور مؤجلة، ولكن العمل والعبادة في رمضان لا يؤجلان، ولا يدري الإنسان إذا كان سيبلغ رمضان التالي بصحته وعافيته أو لا.
وتذكر أن عددا كبيرا من زميلاتي وصديقاتي يقضون أغلب الوقت في متابعة المسلسلات واحد تلو الآخر حتى انقضاء اليوم مبررين ذلك بأنه يساعد على نسيان الجوع والعطش ويجعل اليوم يكون سريعا.
ويقول هشام الرميثي مدير المعهد الديني وخطيب جامع البوفلاسة: أمن الله علينا بهذا الشهر الكريم، وجمع أمهات العبادات كلها به، وهو شهر القرآن، وشهر العطاء وكان الصحابة يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، وإذا جاء رمضان عملوا فيه، وبعد انتهائه يدعون الله ستة أشهر أخرى أن يتقبل اللهم عملهم وهذا يدل على عظمة الأجر الذي يكون في رمضان، والدين الإسلامي دين سعة وقال عز وجل "ولا تنسى نصيبك من الدنيا"، لذلك فعلى الفرد الموازنة بين الأمرين فقسط من العبادة يتمثل في الترويح على النفس، وقضاء بعض الوقت في اللعب مع الأسرة، أو عمل أي نشاط يضفي التغير والمتعة.
وأضاف أنه ليس هناك مانع من متابعة الناس للمسلسلات ويفضل أن تكون بعد رمضان، كما أن هناك وسائل جديدة مختلفة تتيح للفرد حفظ ما يريد مشاهدته ورؤيته في وقت آخر ، ويمكن استخدامها في ترتيب الوقت، مؤكدا أنه يجب ألا يكون شهر رمضان شهرا للأكل أو النوم أو مشاهدة التلفاز ، معتقدا أن كل عاقل ينادي بهذا الأمر حتى وان لم يكن مسلما فالاعتدال في كافة الأمور .
ويضيف أن استغلال الأوقات في طاعة الله هي عبادة محضة، ونحن بحاجة لذكر نعمة الله علينا، وهذا الزمن هو زمن الفتن لذلك يجب أن يتقي الفرد شر الوقوع فيها، فرمضان لم يجعل إلا لترويض النفس وتدريبها، وليس هناك عذر لأي مسلم فهم مسؤولون عن أعمالهم ، ويجب اغتنام نعمة الصحة والمال والشباب ووقت الفراغ في طاعة الله عز وجل وأداء كل فرائض رمضان كما يجب مشاهدة ما به فائدة، وما هو مباح، وتجنب كل ما هو مرفوض ومكروه وبه معصية، وأن يغض جوارحه ويصون نفسه ليخرج من الشهر بأكبر قدر من الفائدة والأجر .