أشاد الدكتور فريد بن يعقوب المفتاح وكيل الوزارة للشؤون الإسلامية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بصدور وثيقة مكة المكرمة في مؤتمر رابطة العالم الإسلامي.

وقال إن الوثيقة تعد حدثا تاريخيا لا يقل أهمية عن حدث صدور وثيقة المدينة المنورة قبل أربعة عشر قرنا من الزمان، مثمنا الجهود الكبيرة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية في جمع قادة الأمتين العربية والإسلامية في الرحاب الطاهرة وفي شهر رمضان الفضيل، للوقوف على التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية والعربية، وتوحيد الجهود وتنسيق المواقف بهذا الخصوص، حيث تزامن صدور وثيقة مكة المكرمة مع قمم ثلاث لقادة العالم الإسلامي (قمة مجلس التعاون الخليجي، قمة جامعة الدول العربية، وقمة منظمة العالم الإسلامي)، ما يدل دلالة واضحة على حجم التحديات، وضرورة توحيد المواقف تجاهها.

جاء ذلك بعد مشاركة وكيل الشؤون الإسلامية في مؤتمر رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، والذي حظي بمشاركة 1200 من علماء الأمة الإسلامية، مشيداً في الوقت ذاته بالدور الكبير لرابطة العالم الإسلامي، ونهجها الذي استشرف حاجة الأمة في هذا الوقت لصدور وثيقة مكة المكرمة، لتكون عنوانًا كبيرا لعلاقات إنسانية سوية وانفتاح وتعايش مع سائر الأمم والشعوب معبرا عن امتنانه للرابطة والقائمين عليها على هذا التوجه الإنساني الحضاري الشامل، والذي يُعد حاجة ماسة للأمة في ظل التحديات التي تواجهها، وقال: إن الحاجة لصدور وثيقة مكة المكرمة لا تقل أهمية عن حاجة الأمة للأمن والسلام والاستقرار، فمبادئ الإسلام السامية التي اشتملت عليها وثيقة مكة المكرمة تترجم جوهر الإسلام، وتجسد هوية الأمة الإسلامية، وترد على الفكر المتطرف وتعري زيفه.

واستطرد المفتاح إن الوثيقة تعمل على بناء جسور المحبة والوئام بين البشرية، وتؤكد وحدة الإنسانية، وتتصدى لممارسات الظلم والصدام وسلبيات الكراهية والصراعات التي أنهكت كاهل البشرية مضيفًا أن الوثيقة اعتمدت أصل وحدة الإنسانية منطلقًا، وكرامة بني البشر قاعدة لترسيخ واقعية الاختلاف بين الأمم في معتقداتهم وثقافاتهم وطبائعهم، وطرق تفكيرهم، معتبرة ذلك قدرًا إلهيًا قضت به حكمة الله البالغة، يجب الإقرار به والتعامل معه بمنطق العقل والحكمة، وصولاً إلى تعارف إنساني يؤدي إلى الحوار الحضاري ويحقق السلام العالمي لافتًا إلى أن التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يبرر الصراع والصدام، بل يستدعي إقامة شراكة حضارية إيجابية، وتعايشا وتواصلا فاعلا يجعل من التنوع جسرا للحوار والتفاهم، وهذا ما أقرته وثيقة مكة المكرمة، وجعلت منه قاعدة ترتكز عليها أصول الحوار الحضاري الداعي إلى بناء دولة المواطنة الشاملة المبنية على القيم والعدل والحريات المشروعة والاحترام المتبادل، ومحبة الخير للجميع.

كما أشاد وكيل الشؤون الإسلامية بما تضمنته وثيقة مكة المكرمة من اعتبار الحوار الحضاري أفضل السُبل إلى التفاهم مع الآخر، والتعرف على المشتركات معها لتجاوز معوقات التعايش، وأن الأديان والثقافات مبرأتان من مجازفات معتنقيها ومدعيها.

وأشار إلى أن الوثيقة دعت إلى سن التشريعات الرادعة لمروجي الكراهية والمحرضين على العنف والإرهاب، كما دعت إلى مكافحة الإرهاب والظلم والقهر ورفض استغلال مقدرات الشعوب، كما أكدت على ترسيخ قيم التسامح والتعاون والتكامل بين شعوب العالم، مشيدًا بما أصَّلته الوثيقة من ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول، وتأكيدها على ضرورة وقف الاعتداء على دور العبادة والتصدي للطائفية البغيضة مضيفا بأن الوثيقة اشتملت أيضا على الاهتمام بكل شرائح المجتمع، فدعت إلى التمكين المشروع للمرأة وعدم تهميش دورها، كما دعت إلى العناية بالطفل في كافة جوانب رعايته، وتعزيز هوية الشباب المسلم بركائزها الخمس (الدين، الوطن، الثقافة، التاريخ، واللغة). كما إن أهم ما تضمنته وثيقة مكة المكرمة التأكيد على الانتقال والتحول الواقعي من الطرح النظري والشعارات إلى الفاعلية والتطبيق العملي، إلى جانب تأكيدها على أن لا يتدخل في شأن الأمة الإسلامية ولا يتحدث باسمها في أمر دينها إلا علماؤها الراسخون في العلم من خلال مجامع فقهية كجمع مؤتمر هذه الوثيقة

واختتم وكيل الشؤون الإسلامية تعليقه على الوثيقة، قائلاً: إننا أمام فرصة تاريخية لنعبر بهذه الوثيقة نحو عالم اليوم المعاصر بمبادئ الإسلام الحضارية الخالدة، لنعبر بصدق عن جوهرية الإسلام وبريق حضارته وثقافته الراسخة.