لا يقتصر العيد على الأحياء فقط فهناك فقيد في كل أسرة ، إما أبا ، أو أما، أو قد يكون جدا أو جدة ، أو ربما ابن أو ابنة ، تختلف المسميات وصلة القرابة لكن يظل الفقد فقدا، ولأول أيام العيد خصوصية مختلفة حيث يحظى المتوفون بنصيبهم من العيد بالدموع والدعاء و المعايدة كذلك بزيارة المقابر بعد صلاة العيد، وهذا المشهد حاضر في قرى ومناطق البحرين المختلفة فأغلب المصلين يتوجهون لقبور أحبتهم بعد الانتهاء من صلاة العيد للترحم عليهم و" معايدتهم " ، وإشراكهم في العيد وبهذا يكون العيد ليس للأحياء فقط.
يقول صالح محمد: أنا حريص جدا على زيارة قبري عمي ووالدي في كل عيد سواء كان عيد الفطر أو عيد الأضحى، وأتجه إلى مقابر الحنينية بعد الصلاة مباشرة وهي عادة أخذتها من والدي فقد كان يصحبني معه ويقول لي إن زيارة المقابر تؤدب النفس وتهذبها.
ويؤكد أحمد يوسف أن الهدف من زيارة المقابر يكمن في تهذيب النفس وجعلها مرتبطة مع ربها الذي خلق كل شيء ، لذلك أنا أقوم بزيارة المقابر بعد أداء الصلاة وأخذ أبنائي معي لغرز هذه العادة بهم منذ الصغر ، نترحم على الموتى ونقرأ لهم وردا من القرآن ونوزع العيادي على العاملين والأطفال .
ويقول موسى بن عمر الطارقي عضو الهيئة الإدارية بمعهد جامع عيسى للدراسات الإسلامية: لقد شرع الإسلام زيارة القبور وهي تعتبر سنة وردت في عدة أحاديث عن النبي ،كما أنه أمر بزيارتها صلى الله عليه وسلم : فعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا) وفي لفظ عند الترمذي (فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ ).
وذكر ابن عبد البر في كتابه التمهيد معلقاً على هذا الحديث أن "هذا الحديث من الفقه: إباحة الخروج إلى المقابر وزيارة القبور وهذا أمر مجتمع عليه للرجال ، ومختلف فيه للنساء". فعن النبي: كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت كلما كانت ليلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في آخر الليل إلى البقيع فيقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا وإياكم متواعدون غدا أو مواكلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد). رواه النسائي وصححه الألباني.
وفي حديث طويل قال فيه جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: ( إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم). رواه مسلم، ويضيف : نستنج مما سبق بأن زيارة القبول أمر مشروع سنه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتضح من الأحاديث أن لزيارة القبور هدفين اثنين هما الأول منهما: تذكر الآخرة: ليحسن الإنسان عمله في الدنيا فإنه منتقل إلى الدار الآخرة لا محالة، والثاني: الاستغفار و الدعاء للميت: لأنه في أمس الحاجة إلى الدعاء حيث أنقطع عمله من الدنيا، ولا شك بأن العادة المنتشرة في البحرين في زيارة أهل الميت موتاهم يوم العيد أمر محمود إلا أن الواجب عليهم أن يكون هذا الذكر دائماً ولا يقتصر على يوم العيد فقط لأن حاجة الميت للدعاء والاستغفار عليه لا تقتصر على موعد محدد.