هدى حسين
هل هناك من يعتكف اليوم؟ سؤال تباينت حوله آراء الناس، فبين من يحرص على تعويد أبنائه على الاعتكاف وبين من يزور المسجد للصلاة فقط، ثمة فروق كبيرة في التعامل مع ليالي رمضان.
سالم محمد يقول إنه لم يبت قط في المسجد، بل يكتفي بقضاء ساعات الليل لقراءة القرآن في رمضان، بينما يحرص عبدالله محمد هو وأبنائه الشباب على قضاء ليلة أو اثنتين في العشر الأواخر في أحد المساجد القريبة من بيته، إلا أنه يرى أن السواد الأعظم من الناس لا يعتكفون للعبادة.
الاعتكاف عبادة عظيمة، نص الله جلَّ وعلا عليه في كتابه الكريم، في قوله تعالى لخليله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام "وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" (سورة الحج: آية 26)، ومنها قوله تعالى "وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ في الْمَسَاجِدِ" (سورة البقرة: آية 187)، وهو من سنة النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه.
وكان عليه الصلاة والسلام يعتكف في العشرة الأوسط من رمضان طلبًا لليلة القدر، ثم في آخر حياته صلى الله عليه وسلم "صار يعتكف في العشر الأواخر من رمضان "؛ لما تبين له أن ليلة القدر ترجى في العشر الأواخر، واعتكفت معه نساؤه عليه الصلاة والسلام.
يقول الشيخ صلاح الجودر إن الاعتكاف في اللغة هو لزوم الشيء، أما في الشرع هو الانقطاع عن الخارج للاستزادة من أجل الإيمان، ويكون داخل المسجد أو الجامع أو دار العبادة، حتى لا يكون هناك من يشغل الذهن وفكر الإنسان بأمور الحياة، وأجد أن الاعتكاف يكون أكثر في شهر رمضان لأن الإنسان يكون قلبه منشرحا بالإيمان ومقبلا للعبادة وعلى طاعة الرحمان عز وجل، كذلك هي فترة مراجعة للانقطاع والابتعاد عن الله، ولزوم المسجد هي لتقييم الحياة لمدة عام كامل، وجاء ذكرها في القران الكريم: "وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ"، فأشار المولى سبحان وتعالى بأن هناك أنواعا كثيرة من البشر تؤدي أنواع كثيرة من العبادات ولكن هناك من يرغب بالاعتكاف عن الحياة الدنيوية والتفرغ لله وعبادته .
وأضاف أن الاعتكاف سنة مؤكدة ، أكد عليها الرسول (ص) ممارستها في شهر رمضان وطوال شهر رمضان و الأوجب أن تكون في العشر الأواخر ، والأحاديث النبوية الشريفة تؤكد على هذا الجانب.
وأكد على أن الاعتكاف ليس له فترة محددة، ممكن أن يعتكف الإنسان المسلم شهر رمضان كامل، وممكن أن يعتكف 10 أيام، وممكن حتى يوم واحد فقط، وبعض العلماء يوضح فيها ممكن حتى أن تكون بضع ساعات، يجلس فيها المسلم بين الصلاتين الظهر والعصر مثلا، ويعتكف بالمسجد، ولكن على العموم المتعارف فيه أننا نعتكف في العشر الأواخر من شهر رمضان مع ليلة القدر، والإكثار من العبادة وقراءة القرآن للتقرب إلى الله سبحان وتعالى.
وبحكم أن شهر رمضان هو شهر القرآن ويتوجه المسلم لقراءة القرآن، وقراءة المصحف، فيلتزم المسلم بقراءة القرآن قراءة صحيحة، وهي من العبادات الملازمة للاعتكاف في المسجد، سواء قراءة القرآن والدعاء والذكر والتفكر في آيات الله سبحان وتعالى، حيث أن قراءة القرآن ترفع الدرجات للإنسان المسلم، ويجب أن نصرف أوقاتنا لقراءة المصحف الشريف وهي عادة جدا جميلة في شهر رمضان والأشهر الباقية.